استنتاجات الموجز:
- مؤشرات على تقدم الاتصالات بين تركيا ومصر رغم الخلافات السياسية بينهما وسط مؤشرات لمحاولة التوصل لاتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين
- تواصل الانشقاقات داخل الأحزاب السياسية التركية تنذر بتشكيل تحالفات جديدة خلال المرحلة المقبلة وتعقيد أكبر للتركيبات البرلمانية المقبلة
تزداد المؤشرات على وجود تقدم في الاتصالات التي باتت مؤكدة بين كل من مصر وتركيا رغم الخلافات السياسية، في محاولة للتوصل لاتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وإمكانية تحسين العلاقات السياسية بعد سنوات طويلة من الخلافات والقطيعة التي بدأت منذ الانقلاب على الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي. بالمقابل، لا يوجد تصور دقيق حول مستويات وطبيعة العلاقات، في ظل امتناع الجانبين عن التحدث بشكل دقيق حولها، إلا أن مؤشرات كثيرة أعطت صورة أقرب لما يحصل، في حين أعطت التصريحات الرسمية التركية مؤشرات شبه قطعية على وجود هذه الاتصالات بل واحتمال قرب التوصل إلى اتفاق.
في السياق، وقبل أيام أعلنت القاهرة مناقصة للبحث عن الطاقة الهيدروكربونية شرق المتوسط، حيث لوحظ من الخرائط المنشورة أن القاهرة أخذت بعين الاعتبار حدودًا للجرف القاري لتركيا بحسب الرؤية التركية، ولم تضم المناطق التي شملها اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع اليونان، وهي مناطق خلافية تؤكد أنقرة أحقيتها بها، في خطوة فتحت الباب واسعًا أمام تكهنات كثيرة. بدوره، عقّب وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، على ذلك بالتأكيد على أن القاهرة أبدت احترامًا للحدود الجنوبية للجرف القاري التركي، في الوقت الذي وقعت فيه اتفاقًا مع اليونان عام 2020، لافتًا إلى أن “مصر تواصل أنشطة الاستكشاف الزلزالي داخل جرفها القاري دون الدخول في الجرف القاري التركي”، وأضاف: “تواصل مصر احترام جرفنا القاري، ونحن نرحب بذلك".
وفي إطار توجه تركيا نحو تحسين علاقاتها الخارجية، أجرى الرئيس "أردوغان" مباحثات مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أكد خلالها على إمكانيات التعاون الكبيرة بين البلدين وتطبيع العلاقات، كما قام بإجراء مباحثات مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، تناول خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.
بالمقابل، أعربت لخارجية التركية عن رفضها المطلق لقرارات وزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية حيال تركيا، مشددةً على أن إصرار بعض الدول العربية على مواصلة اتهاماتها المعتادة ضد أنقرة، “للتغطية على أنشطتها الهدامة لا يحظى بالقبول من قبل الشعوب العربية الصديقة والشقيقة، وأعضاء الجامعة أيضًا يدركون ذلك جيدًا".
داخليًا، عمت حالة من الحزن في أرجاء تركيا على ضحايا المروحية المنكوبة، التي راح ضحيتها 11 قتيلًا بينهم جنرال. وأقيمت في أنقرة مراسم تشييع مهيبة بمشاركة "أردوغان"، الذي تمنى من الله الرحمة للضحايا والصبر والسلوان لذويهم، وتقدم لهم بالتعازي. كما شارك نائبه، فؤاد أوقطاي، ورئيس البرلمان، مصطفى شنطوب، ووزراء ورؤساء وممثلو الأحزاب إضافةً لبرلمانيين وقادة عسكريين وغيرهم.
داخليًا أيضًا، تتواصل حالة الانشقاقات التي انطلقت في صفوف الأحزاب السياسية التركية في الأشهر الأخيرة، ما شكل حالة غير مسبوقة وسط ظهور عدد كبير من الأحزاب السياسية الجديدة، التي ستسهم في إعادة رسم المشهد السياسي الداخلي في البلاد، وتجعل من التحالفات سمة جديدة للتركيبة السياسية التركية، بعدما ساد لسنوات طويلة تفرد حزب "العدالة والتنمية" بالحكم بمفرده.
ففي أحدث الانشقاقات، أعلن النائب عن "الحزب الجيد"، أميت أوزداغ، استقالته، مؤكدًا أنه بصدد تشكيل حزب جديد، وهاجم قيادة الحزب الحالية. ويُتوقع أن يتبع ذلك استقالة نواب آخرين من الحزب، وربما من أحزاب أخرى للانضمام إلى الحزب الذي ينوي “أوزداغ” تشكيله قريبً. ورغم أن الانشقاقات وتشكيل أحزاب جديدة بتوجهات فكرية وسياسية مختلفة يعبر عن حالة ديمقراطية طبيعية، إلا أنها تنذر بأزمة حقيقية تواجه الأحزاب والحياة السياسية في البلاد، وذلك لما يمثله هذا من تشتيت لأصوات الناخبين وتعقيد أكبر للتركيبات البرلمانية المقبلة.
حول تطورات "كورونا"، بدأت تركيا تطبيق خطة واسعة لتخفيف القيود في عموم البلاد، ضمن استراتيجية جديدة أعلن عنها "أردوغان"، ولا يُعرف إن كانت ستقود فعلًا للعودة إلى الحياة الطبيعية، أم إنها جاءت كخطوة اضطرارية في ظل تعاظم الضغوط الشعبية والاقتصادية. وهو ما قد يؤدي لارتفاع كبير جديد في أعداد الوفيات والإصابات، الأمر الذي قد يقود البلاد مجددًا لسياسات إغلاق أكثر تشددًا. من جهتها، وجدت الحكومة التركية ضالتها في إعلان خطة مبنية بدرجة أساسية على تقييم وضع كل محافظة بشكل منفصل، بناءً على مجموعة من المعايير منها وضع تصنيف جديد من أربع فئات ليعبر عن وضع كل ولاية، بحيث يتم اتخاذ إجراءات خاصة لكل تصنيف من الأربعة.
وبحسب الإجراءات الجديدة، سيستمر حظر التجول اليومي من التاسعة مساءً حتى الخامسة صباحًا، لكن سيتم إلغاء حظر نهاية الأسبوع في الولايات ذات الخطر المنخفض والمتوسط، وتقليل حظر نهاية الأسبوع من يومين إلى يوم في الولايات ذات الخطر المرتفع والمرتفع جدًا، وستعمل المطاعم والمقاهي في معظم الولايات بنصف طاقتها لاستقبال الزبائن بين السابعة صباحًا والسابعة مساءً.
أمنيًا، كشفت وزارة الداخلية عن تحييد 78 شحصًا في شباط/ فبراير الماضي، بينهم 59 من تنظيم "حزب العمال الكردستاني" "بي كي كي" و18 من تنظيم "داعش" وواحد ينتمي لمنظمة يسارية، خلال عمليات أمنية نفذتها قوات الأمن داخل البلاد. كما نفذت السلطات 7 آلاف و32 عملية في مناطق ريفية و1583 عملية في المدن، فيما صدرت قرارات قضائية بحبس 490 شخصًا من أصل 3 آلاف و149 مشتبهًا بهم بالارتباط أو مساعدة التنظيمات الإرهابية، وتم تدمير 180 ملجأ ومغارة، وضبط 88 قطعة سلاح وكميات مختلفة من الذخائر خلال العمليات.
قضائيًا، رفضت محكمة تركية تحاكم غيابيًا 26 سعوديًا مشتبها في ضلوعهم في جريمة قتل الصحفي "جمال خاشقجي"، ضم التقرير الاستخباراتي الأمريكي الذي يفيد بأن ولي العهد السعودي “أجاز” العملية، إلى ملف قضية التحقيق.
عسكريًا، أشرف أركان الجيش على سير مناورات "الوطن الأزرق 2021" المتواصلة في البحر المتوسط وبحر إيجة. وتهدف المناورات لتقييم جاهزية القيادات والوحدات والسفن التابعة للقوات البحرية، واختبار قدرات الدعم المتبادل بينها، ويشارك فيها 87 سفينة حربية و27 طائرة و20 مروحية، من مختلف القوات البحرية والجوية والبرية، منها مروحيات هجومية تابعة لقيادة القوات البرية، ومقاتلات "إف 16" و "إف 4" تابعة للقوات الجوية.
عسكريًا أيضًا، وقّعت هيئة الأركان المشتركة التركية اتفاقية تعاون ثنائي مع القوات المسلحة القطرية، وتم التوقيع خلال اجتماع رئيس أركان القوات المسلحة القطرية، الفريق الركن طيار غانم بن شاهين الغانم، مع نظيره التركي، الفريق أول يشار غولر.