استنتاجات الموجز:
- تقدير إسرائيلي بفوز "حماس" في الانتخابات القادمة وأجندة عسكرية مزدحمة للفترة المقبلة
- قلق "إسرائيلي" من الأزمة القائمة مع الأردن مقابل نذر مواجهة بحرية "إسرائيلية" إيرانية
شهدت الأيام الماضية جملة من الأحداث الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية"، تركزت في متابعة الانتخابات الفلسطينية وتوقع فوز حركة "حماس"، رغم الاستطلاعات غير الدقيقة التي ترجح فوز حركة "فتح"، في حين تناول تقدير عسكري "إسرائيلي" مستقبل التوتر القائم في المنطقة، مع نشوب مخاوف من اندلاع مواجهات عسكرية في أكثر من جبهة. هذا، فضلًا عن الأزمة المفاجئة التي نشبت مع الأردن، رغم استمرار التنسيق الأمني بينهما، بجانب تكرار حوادث الاستهداف المتبادل بين إيران و"إسرائيل" في المياه الإقليمية.
فقد أكدت أوساط أمنية "إسرائيلية" أن التحدي الرئيسي الذي يواجهها في الانتخابات الفلسطينية، هو رغبة "حماس" في السيطرة على الضفة الغربية مع تصاعد فرص فوزها، وأن التقديرات التي تعطي الحركة 40% من الأصوات، و"فتح" 60%، تعيد إلى الأذهان التقديرات الخاطئة في الانتخابات التشريعية 2006، ولذلك ففي هذه المرة ستكون هناك مفاجأة. وترى المحافل الأمنية أنه في ظل نفور الجمهور الفلسطيني عن السلطة الفلسطينية، وانقسامات "فتح" والأجهزة الأمنية، فإن ذلك يمنح "حماس" أغلبية بين الفلسطينيين، فضلًا عن كونها حركة منظمة، ولديها أهداف واضحة، مع أن "أبو مازن" الذي يبلغ 86 عامًا، رغم إدراكه لهذه الحقائق، لا يريد أن يذكر أنه خسر غزة، فهو منشغل بإرثه، ويريد إرضاء الإدارة الأمريكية الجديدة التي تدعم الانتخابات، إضافةً لكونه غير متصل بالأحداث الميدانية.
بدورها، تتحسب "إسرائيل" لسيناريو فوز "حماس" في الانتخابات، بما في ذلك احتمال زيادة الهجمات المسلحة في الضفة الغربية، فلا ترى وضعًا تستمر فيه بالالتزام بالاتفاقات مع السلطة الفلسطينية في حال سيطرت عليها "حماس"، وإذا حدث ذلك فلن يكون هناك تنسيق أمني. في الوقت ذاته، تترقب الأوساط "الإسرائيلية" إنجاز الانتخابات المقبلة وتشكيل حكومة مستقرة، حتى يتعين على صانعي القرار الانخراط في سلسلة طويلة من التحديات الأمنية، التي تم إهمالها بسبب الأزمات السياسية المتلاحقة، ومنها إقرار التهدئة مع "حماس" في غزة، التي تبدو الأكثر احتمالًا للتصعيد العسكري. وإذا كنا قد اعتدنا في السنوات الأخيرة على عدوان كل بضع سنوات ضد "حماس"، فإن المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" حددت خطًا أكثر براغماتية تجاه الحركة.
من جهة أخرى، يتصدر البرنامج النووي الإيراني القلق "الإسرائيلي"؛ حيث سيُطلب من الحكومة القادمة صياغة سياسة واضحة فيما يتعلق بإمكانية استئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، ودمج مصالح "إسرائيل" الواضحة في الاتفاقية. وعلى المستوى السياسي سيطلب منها الشروع في حوار مع الأمريكيين، وتحديد الاتفاق النووي المناسب لها، ومحاولة التأثير عليه من خلال المناقشات معهم، لأن الهدف الرئيسي هو منع صفقة نووية مع إيران، عبر اتفاق أفضل بكثير من سابقه.
وفيما يتعلق بسوريا و"حزب الله"، ففي السنوات الأخيرة أضر الجيش بإيران ومليشياتها في سوريا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، فضلًا عن استهداف "الحزب"، خاصةً فيما يتعلق بالصواريخ الدقيقة والحصول على أنظمة دفاع جوي متطورة. وحققت سياسة "إسرائيل" هذه في السنوات الأخيرة آثارًا ملموسة، لكن بعد سنوات منها يمكن ملاحظة أن نتائجها محدودة أيضًا. في المحصلة تعتقد المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" أن مستوى التهديد الحالي يتطلب تغيير السياسة، ومهاجمة الأهداف في لبنان. ومن الواضح أن هذه القضية ستحتل مركز الصدارة مع استمرار "حزب الله" في دفع المشروع إلى الأمام.
بالانتقال إلى الأزمة الأردنية "الإسرائيلية"، التي كشفت صعوبة تصديق فشلهما بحل خلافهما بشأن الترتيبات الأمنية لزيارة ولي العهد الأردني إلى القدس المحتلة، لكن الحقيقة أن العلاقة بين تل أبيب وعمّان على وشك الغليان أيضًا. فقد جرت العادة "الإسرائيلية" أنه قبل أيام فقط من الانتخابات، يكون الوقت مناسبًا لنزهة خارجية لكسب المزيد من الأصوات، لكن ما كان تحت الرادار فجأة بات مكشوفًا. وهذه الرحلة السرية المقررة إلى الإمارات وجدت طريقها إلى العناوين الرئيسية، لكن الخطوة الأخيرة كانت غير عادية، وتمثلت في أزمة متفاقمة مع الأردن.
في هذا الإطار، جاء الخبر الحكومي "الإسرائيلي" بصيغة أن الأردنيين لا يسمحون لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالتحليق فوق أراضيهم متجهًا للإمارات، كي يدفّعوه ثمن عدم إتمام زيارة الأمير "حسين بن عبد الله" إلى القدس، التي ألغيت في اليوم التالي، رغم أن أدق التفاصيل كانت منسقة؛ من يرافقه في الحرم، وكيف يؤمن موكبه. لكن المسألة الأكثر إثارةً للحيرة تمثلت في الخلافات بشأن الوفد الأمني المرافق للأمير؛ إذ يحول الأردنيون مسارهم الرسمي في "إسرائيل"، ولو قدمت بعض التنازلات لأمكنها ذلك، ومنعت حدوث توتر بين تل أبيب وعمّان، لكن الحقيقة أن العلاقات مع الأردن وصلت إلى نقطة الغليان منذ وقت طويل، على الأقل وفق التقدير "الإسرائيلي".
ويمكن التدرج في مؤشرات توتر تلك العلاقة التي بدأت بأحداث البوابات الإلكترونية في القدس في تموز/ يوليو 2017، لكنها بلغت ذروتها بإطلاق النار على حارس الأمن في السفارة "الإسرائيلية" في عمّان، وعناق "نتنياهو" لمن أطلقوا النار وقتلوا مدنيين أردنيين، حيث اعتبره الأردن سلوكًا شائنًا. ورغم اعتذار "إسرائيل" ودفعها تعويضات، إلا أن الأضرار تجاوزت علاقاتهما وصولًا إلى عدم تمديد شرط عقد إيجار مناطقهما الحدودية في تشرين الثاني/ أكتوبر 2018.
في الإقليم المشتعل ذاته، فإن الهجوم على السفينة الإيرانية في عمق الخليج العربي، والاتهامات في طهران بأن "إسرائيل" مسؤولة عنها، يتطلب من الأخيرة القيام بجملة من الإجراءات استعدادًا لأي أحداث مشابهة، مع أنها تحركت خلال العامين الماضيين ضد سفن الشحن وناقلات النفط التي غادرت إيران إلى سوريا، لدعم الأسلحة والنفط في نظام الأسد و"حزب الله". ومن الواضح أن الصمت "الإسرائيلي" على استهداف السفن الإيرانية كان مبنيًا على معرفة أوسع بالساحة، وما يحدث في المنطقة، وحقيقة وضع الإيرانيين. لذلك ربما يعود صمت تل أبيب إلى أنها ستستمر في إيذاء الإيرانيين، الذين قد يكون لديهم ما يثير الغضب، رغم أنه يمكن لأطقم الرحلات البحرية السباحة بسهولة إلى السفينة عندما تكون في الميناء وعدم اكتشافها.
وتؤكد هذه الأحداث البحرية المتلاحقة أن "إسرائيل" تقاتل طهران على جبهة بحرية سرية منذ 2019، فقد هاجمت 12 سفينة إيرانية بما فيها قرب لبنان، أو نقلت النفط أو الأسلحة من إيران إلى سوريا، بهدف إحباط تحركات إيران في البحر، وتعطيل عمليات نقل الأسلحة من إيران، والأمور المتعلقة بالأسلحة والقدرات العسكرية في الجو والبحر والبر.