استنتاجات الموجز:
- تركيز "إسرائيلي" مفاجئ على "مروان عيسى" وسط حديث "إسرائيلي" عن السياسة القائمة تجاه "حماس"
- ستة دروس "إسرائيلية" في الذكرى العاشرة للثورة السورية وثلاث شكاوى أردنية ضد "إسرائيل"
استحوذ الحديث "الإسرائيلي" خلال الأسبوع الماضي على التطورات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية، بما فيها التركيز المفاجئ على شخصية "مروان عيسى"، نائب القائد العام لـ"كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، وأهم سماته الشخصية، فضلًا عن استعراض "إسرائيلي" لأهم محاور السياسة المتبعة تجاه "حماس" في غزة، ومراوحتها بين التصعيد والتهدئة، وصولًا إلى إحياء "إسرائيل" الذكرى السنوية العاشرة للثورة السورية، وأهم الاستخلاصات "الإسرائيلية" منها، مرورًا بالأزمة المتفاقمة مع الأردن، وأسباب نشوبها في هذا التوقيت بالذات.
في التفاصيل، سلّطت محافل عسكرية "إسرائيلية" الضوء على "مروان عيسى"، القيادي العسكري في "حماس"، ونائب قائد الجناح العسكري للحركة، محمد الضيف، والمقرب من زعيم الحركة في غزة، يحيى السنوار، والمسؤول عن تكثيف عملياتها الخاصة، ما جعله شخصية رئيسية في القطاع، وهدفًا متحركًا صعبًا بشكل خاص لقوات الأمن "الإسرائيلية".
ويظهر اسم "عيسى" دائمًا في حواسيب أجهزة الأمن "الإسرائيلية، ويدعى في غزة "أبو البراء"، وقد استغل الهدوء الوهمي في القطاع لبناء مركز قوة للتنظيم في السنوات الأخيرة، ويهوى العمل في الظل بعيدًا عن الأذرع الطويلة لجهاز الأمن العام والجيش "الإسرائيلي"، وهو من سيقود حملة "حماس" القادمة ضد الجيش "الإسرائيلي"، لأنه من يدير الذراع العسكرية فعليًا، ويتخذ جزءًا كبيرًا من القرارات، وهو "الوسيط" بين مختلف التيارات السياسية والعسكرية داخل "حماس"، الراديكاليين والبراغماتيين.
وقد برز اسم "مروان" بشكل جيد بوضع الأفكار العسكرية وتحويلها إلى أفعال على الأرض، نظرًا لما يحوز من قدرات على المناورة. وبعد حرب 2014، قفز بين المستويين الأمني والسياسي، وبات موفدًا للتفاوض في القاهرة مع "إسرائيل" بوساطة مصرية، ومن ضمن ذلك إمكانية إبرام صفقة تبادل أسرى، لكن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، حين كشفت "حماس" عن القوة "الإسرائيلية" الخاصة في خان يونس، ظهر انطباع بأنه سيتم القضاء على "مروان" في أي لحظة.
في الوقت ذاته، تحدثت أوساط أمنية "إسرائيلية" أن هناك تغييرًا كبيرًا تشهده الجبهة الجنوبية مع غزة في السنوات الأخيرة، من خلال دمج الجهود الدبلوماسية مع السلوك العسكري مع الوسطاء من مصر وقطر والأمم المتحدة، بجانب توجيه "إسرائيل" لضربات قوية على أهداف لـ"حماس" في غزة، تضمنت استهداف الأنفاق وأنظمة الإطلاق ومصانع الصواريخ، وتشديد العقوبات الاقتصادية على الحركة، ثم إدخال الوسطاء إلى القطاع.
من جهتها، تستدل هذه المحافل بمزاعمها تلك على أن عام 2020 انتهى بإطلاق 170 صاروخًا على مستوطنات غلاف غزة، مقارنةً بعام 2019 الذي شهد ألف عملية إطلاق، كما أنه حدث انخفاض في المحاولات الفلسطينية لعبور السياج الحدودي، ما يؤكد أن السياسة "الإسرائيلية" تجاه غزة تقتضي منع تكثيف السلاح فيها، باستمرار صيغة "المعركة بين الحروب"، ومواصلة مفعول الصفقة القائمة مع غزة التي تؤدي للتغيير في طبيعة الهجمات التي تستهدفها.
في هذا الإطار، تعتبر هذه الأوساط "الإسرائيلية" أن اشتباك "حماس" مع القوة الخاصة بخان يونس في 2018، هو الأصعب بالنسبة لها حتى الآن، لأنه تم الكشف عن أفرادها وإنقاذهم من قلب الجحيم، وتفادي كارثة أشد بكثير، ونتيجة هذه الكارثة الأمنية العسكرية لا يمكن تصور آثارها على "إسرائيل"، لأنها اعتُبرت ذات أهمية عملياتية واستخباراتية عالية.
بدورها، تعمل القيادة الجنوبية في الجيش "الإسرائيلي" بشكل مكثف ضد ما تبنيه "حماس"، خاصةً قوتها البحرية وطائراتها الشراعية والطائرات بدون طيار، والتركيز على مواقع إنتاج الصواريخ وممرات الأنفاق والمخابئ تحت الأرض. لكن السياسة "الإسرائيلية" الجديدة تجاه الحركة في غزة تسمى "ترسيم الحدود"، بيد أن أي خطة عسكرية ستؤدي لوقوع إصابات، وعمليات اختطاف للجنود، لأن "حماس" بنت شبكات أنفاق تحت غزة، وسكبت كميات من الخرسانة المصبوبة تحت الأرض.
على الصعيد الإقليمي، وبعد عقد من اندلاع الثورة السورية، استخلصت الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" جملة من الدروس، أولها أنه بعد فترة وجيزة من اندلاع الثورة تنبأت مخابراتها برحيل "الأسد" خلال فترة وجيزة، وأمهله كبار المسؤولين في "إسرائيل" بضعة أسابيع لحزم أمتعته، لكن بعد عقد كامل لا يزال موجودًا، ما يعتبر دليلًا على الفشل الاستخباراتي "الإسرائيلي". ويتمثل ثاني الدروس في فشل "أوباما" في إظهار القوة والتصميم في مواجهة استخدام "الأسد" للأسلحة الكيماوية، ما شكل نافذة واسعة جدًا لدخول روسيا للساحة السورية، تحقيقًا لطموحها في الوصول إلى "المياه الدافئة" للبحر المتوسط.
وكان الدرس الثالث هو تقوية "حزب الله" في لبنان وتأسيس الوجود الإيراني في سوريا، بينما كان الرابع هو أن المجتمع الدولي بات يرى "الأسد" جزءًا من الحل وليس المشكلة، ويتعامل مع مطلب رحيله بأنه غير واقعي. والدرس الخامس يشير إلى أن "الأسد" تخلى فعليًا عن السيطرة على حدود سوريا، وأصبحت 20% من حدودها البرية والبحرية تخضع لسيطرة جهات أجنبية. أما الدرس السادس فهو أن "إسرائيل"، على عكس كل اللاعبين الآخرين في سوريا، تفضل ألا يكون سلوكها مقتصرًا على مجرد هجمات عسكرية فقط، بل الاتصالات الدبلوماسية في القنوات الهادئة أيضًا.
إقليميًا أيضًا، لا زالت الأزمة الأردنية "الإسرائيلية" تلقي بظلالها على الطرفين، رغم أن أجهزتهما الأمنية تواصل العمل بشكل معتاد، لاسيما على طول الحدود، مع التركيز على أن الغضب الأردني من "إسرائيل" في السنوات الأخيرة يتناول ثلاثة مجالات رئيسية. فالشكوى الأولى المتكررة أنها خرقت وعدها المنصوص عليه في اتفاق قبل ست سنوات، بمد أنبوب لنقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت، والشكوى الثانية تتعلق بالوضع الخاص الممنوح للأردن في المسجد الأقصى بموجب اتفاق السلام عام 1994، حيث فشل الأردنيون في منع فقدان بعض نفوذهم في المؤسسات الوقفية المقدسية، كما أن عناصر أخرى، تعمل على تقليص سلطة الملك فيها.
أما الشكوى الثالثة فهي أعمق من سابقاتها، وتتعلق بأن دوائر واسعة في المملكة تتخوف من وجود توجه "إسرائيلي" بضم الضفتين الشرقية والغربية، لتكونا لاحقًا تحت الحكم الفلسطيني، حتى أن كل محاولات إقناع القيادة الأردنية بأن مثل هذه الخطة ليست في مكانها لم تؤت ثمارها. على هذه الخلفية، يعيش الأردن ضائقة اقتصادية كبيرة حتى قبل "كورونا"، ولا يتلقى مساعدة كبيرة من الدول النفطية في الخليج العربي. وهنا يخشى الأردنيون اليوم أن اتفاقية التطبيع بين "إسرائيل" والسعودية ستشمل منح الأخيرة موطئ قدم في القدس.