استنتاجات الموجز:
- تبادل الاتهامات في أزمة "سد النهضة" بسبب فشل المفاوضات وعناد الأطراف دون التوصل لحل وإثيوبيا ماضية في التعبئة الثانية
- انخفاض السيطرة الأمنية بالبلاد منذ سقوط "البشير" وسط مشاهد دامية متكررة والحكومة تتعامل بسياسة "حقن التخدير"
- عودة الصفوف مجددًا على محطات الوقود وانعدام الغاز وقطع مجدول للكهرباء يزيد من معاناة المواطنين في رمضان
وجهت إثيوبيا انتقادات لكل من مصر والسودان على ضوء التطورات الأخيرة في أزمة "سد النهضة"، واعتبرت أنها قدمت أكثر ما يمكنها تقديمه لحل الخلاف، واستنكرت خارجيتها في بيان رفض السودان بدء المرحلة الثانية من ملء السد، مؤكدةً أنها عالجت جميع المخاوف التي تثير حفيظة الخرطوم. ويأتي البيان بعد رفض كل من السودان ومصر العرض الذي قدمته أديس أبابا، حيث دعت البلدين رسميًا إلى ترشيح مشغلي السدود لديهما، لتبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني للسد.
من جهتها، قالت وزارة الري السودانية إن الخرطوم ترى أن تبادل المعلومات إجراء ضروري، لكن العرض الإثيوبي لتبادل المعلومات بالطريقة التي أشارت إليها الرسالة ينطوي على انتقائية مريبة في التعامل مع ما تم الاتفاق عليه. أما وزارة الري المصرية فرفضت المقترح الإثيوبي، وقالت إن قبوله سيعد بمثابة إقرار بالتعبئة الثانية. وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن مصر تعول على روسيا لما لها من قدرة على التأثير للحيلولة دون اتخاذ إجراءات أحادية.
بالمقابل، تصر أديس أبابا على الملء الثاني للسد في تموز/ يوليو المقبل، حتى دون اتفاق، في حين تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل لاتفاق يحافظ على منشآتهما المائية، ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب لمصر، و18.5 مليارا للسودان. جاء ذلك بعد أن انتهت أحدث جولات التفاوض بشأن السد بالفشل في تحقيق أي تقدم، بعد أربعة أيام من الاجتماعات المتواصلة التي عقدت في كينشاسا عاصمة الكونغو، وهي الجولة التي وصفتها مصر بالفرصة الأخيرة. وسارعت الأطراف الثلاثة إلى تبادل الاتهامات بشأن المسؤولية عن فشل الجولة الجديدة من المفاوضات.
على صعيد التطبيع، وفي أحدث خطوة في هذا المسار، أجاز مجلس الوزراء مشروع قانون يلغي قانون مقاطعة "إسرائيل"، الذي أُقر عام 1958، وأصدر تعميمًا صحفيًا بذلك، مؤكدًا أن مشروع القانون سيعرض على جلسة مشتركة لمجلس الوزراء ومجلس السيادة للإجازة النهائية، حتى يدخل حيز التنفيذ. يذكر أن قانون مقاطعة "إسرائيل" يحظر على السودانيين عقد صفقات مع أشخاص يحملون الجنسية "الإسرائيلية"، أو شركات مملوكة لهم، كما يمنع التبادل التجاري مع "إسرائيل" واستيراد السلع المصنعة كليًا أو جزئيًا في "إسرائيل"، ويعاقب مخالفه بالسجن 10 سنوات مع الغرامة المالية.
بموازاة ذلك، يحتدم جدال ساخن في السودان بين مناهضي ومؤيدي التطبيع لكسب الأنصار لكل طرف، عن طريق التوقيعات الإلكترونية وملء الاستمارات، وهي معركة تقسّم السودانيين بين خندقين. وطرفا هذا السباق هما القوى الشعبية لمقاومة التطبيع "قاوم"، التي أعلنت تجاوز مليون توقيع إلكتروني رافض للتطبيع، وبين جمعية الصداقة الشعبية السودانية "الإسرائيلية"، التي أكدت أن أكثر من 157 ألف شخص ملأ استمارة عضويتها.
داخليًا، قال "سليمان الغوث"، القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، إن تأخر تعيين أعضاء المجلس التشريعي يعود لخلافات في أوساط تنسيقيات لجان المقاومة بالولايات. هذا، فيما تشهد مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور غرب السودان اشتباكات مسلحة، بين عناصر قبلية راح ضحيتها أكثر من 130 قتيلًا وأكثر من 200 جريح. وتعتبر هذه الاشتباكات الأحدث منذ توقيع اتفاق السلام، فيما أعلن مجلس الدفاع السوداني حال الطوارئ في الولاية وأرسل قوات أمن إلى المنطقة. كما تظاهر العشرات في الخرطوم أمام مقر الأمم المتحدة، رافعين لافتات كتب عليها "أوقفوا نزيف الدم في الجنينة، انزعوا سلاح المليشيات".
في شأن منفصل، قال عضو مجلس السيادة الانتقالي، مالك عقار، إن "الإمارات التي تقع خلف البحار تريد توزيع وتقسيم أرض السودان مناصفة مع إثيوبيا". وخلال ندوة في الخرطوم، وجّه "عقار" انتقادات شديدة اللهجة للمبادرة الإماراتية لحل قضية الخلاف الحدودي بين السودان وإثيوبيا. يذكر أن الحكومة السودانية لم تكشف حتى الآن عن مضمون المبادرة الإماراتية الخاصة بالأزمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا. وتستولي جماعات إثيوبية على أراضي مزارعين سودانيين في "الفشقة" بعد طردهم منها بقوة السلاح، وتتهم الخرطوم الجيش الإثيوبي بدعم هذه "العصابات"، لكن أديس أبابا تنفي ذلك.
داخليًا أيضًا، خرجت مظاهرات في الخرطوم بمناسبة الذكرى الثانية لانطلاق "اعتصام القيادة العامة" في السادس من نيسان/ أبريل 2019. وأظهرت صور وتسجيلات متداولة مواجهات مع الشرطة، التي فرقت المتظاهرين بقنابل الغاز، كما أظهرت ترديد المحتجين شعارات مناوئة للحكومة ومطالبة بإسقاط النظام، كما طالب المحتجون بالقصاص لضحايا الثورة.
في شأن داخلي آخر، عقد رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، اجتماعًا مطولًا مع وزير الطاقة والنفط، جادين علي عبيد، ووكيل الوزارة، وليد عصام الدين الأسد، لمناقشة أزمة الكهرباء والنقص في المشتقات البترولية. وقال وزير النفط والطاقة بعد الاجتماع إنه أطلع رئيس الوزراء على الجهود المبذولة لحل الأزمة في ظرف ثلاثة أيام، مضيفًا أن الوزارة دخلت في اجتماعات مطولة مع كل الجهات ذات الصلة بملف البنزين والجازولين لمعالجة المشاكل، وأن هناك خمس بواخر ستفرغ شحناتها البترولية في ظرف 24 ساعة، كما سيتضاعف إنتاج المصفاة بأكثر من الضعف. وعن حل مشكلة الكهرباء، قال "جادين" إن العجز في الإمداد الكهربائي سينخفض انخفاضًا كبيرًا، ويستقر الإمداد خلال أيام قليلة بدخول ما بين 700 إلى 800 ميجاواط للشبكة القومية.
اقتصاديًا، أعلنت الحكومة زيادة جديدة في أسعار الوقود؛ حيث ارتفع سعر لتر البنزين إلى 250 جنيه للتر بدلًا من 128 جنيه، والجازولين بنسبة تصل إلى 230 جنيه للتر بدلًا من 120 جنيه. وتواصل وزارة الطاقة السودانية تفرض أسعارا جديدة للوقود من وقت لآخر، حتى تصل بالسعر وفقًا للأسعار العالمية. وفي بنك السودان المركزي، زاد سعر الدولار إلى 382.00 جنيهًا للشراء و384.00 جنيهًا للبيع.