استنتاجات الموجز:
- ارتفاع الدولار "الجنوني" تزامنًا مع انقطاع الكهرباء وأزمة المحروقات وغلاء الأسعار مؤشرات على تردي الأوضاع نحو الانهيار
- دخول الأحزاب على خط الاحتجاجات يسهم في إضعاف التحركات واستغلالها في المعارك السياسية
- حركة الموفدين تدل على أن موقف "بكركي" لا يزال ضمن سقوف التفاهم مع "حزب الله" بعيدًا عن المس بالسلاح.
فجّر وصول الدولار إلى عتبة 10000 ليرة تزامنًا مع استمرار انقطاع الكهرباء وأزمة المحروقات وغلاء الأسعار، موجة احتجاجية جديدة، وسط تحذيرات جديّة مما قد تؤول إليه الأوضاع خلال الأسابيع المقبلة، لا سيما وأن قطع الطرق والاعتصامات شمل قطع طرق في أكثر من ستين نقطة في عموم لبنان.
في التفاصيل، كان سعي المصارف الدؤوب لجمع الدولار من الأسواق لتحقيق السيولة التي طلبها منها مصرف لبنان بنسبة 3% من ودائعها بالعملات الأجنبية، ضمن مهلة انتهت نهاية شباط/ فبراير الماضي، عاملًا أساسيًا في تنامي الطلب على الدولار، ليحتلّ لبنان مرتبة متدنّية جدًا في قائمة الحدّ الأدنى للأجور الذي أصبح يساوي 68 دولارًا، وسط أزمة مستفحلة في تأمين المحروقات انعكست إقفالًا في العديد من محطات الوقود، ورفًعا لتعرفة النقل العام بنسبة 30%.
في غضون ذلك، تقترب العتمة الكاملة أكثر فأكثر، مع انتهاء عقد الشركة المشغلة لمعملي "دير عمار" و"الزهراني" اللذين ينتجان 55 % من الطاقة الكهربائية الإنتاجية في لبنان، تعتزم الباخرتان التركيتان "فاطمة غول" و"أورهان باي" المنتجتان للكهرباء، للانسحاب من لبنان بعد تنامي مستحقاتهما مع الدولة.
في الأثناء لم تتضح صورة التحركات الاحتجاجية التي لامست مناطق لم تشهد احتجاجات منذ 17 تشرين 2019، كما حصل في الجنوب والضاحية الجنوبية (حركة أمل) وبعض مناطق الجبل (أنصار جنبلاط) ومناطق جل الديب والدورة وغزير(القوات اللبنانية) ومناطق بيروت والبقاع وطرابلس (تيار المستقبل)، ليكتمل المشهد المتناقض في ساحة الشهداء ببيروت التي شهدت تجمعات لمجموعات "ثورية" وأحزاب وأفراد.
على المستوى السياسي، اتجهت الأنظار نحو "بكركي" التي شهدت تجمعات شعبية مؤيدة لمواقف البطريريك الماروني، بشارة الراعي، الداعية إلى "الحياد النشط"، والمؤتمر الدولي برعاية الأمم المتحدة لإنقاذ لبنان. وذلك بالتوازي مع قنوات فتحت بين "بكركي" و"حزب الله" لتهدئة الأجواء وإحياء الحوار حيث جرى التواصل بين عضوي اللجنة المشتركة للحوار بين "بكركي" وحارة حريك أبو سعيد الخنساء (عن الحزب)، وحارث شهاب (بكركي)، في حين حمل النائب "فريد الخازن" رسالة طمأنة للحزب بأن المؤتمر الدولي الذي دعا إليه "الراعي" لا علاقة له بمجلس الأمن أو الفصل السابع. وذلك مقابل رسالة من الحزب عبر مدير عام الأمن العام، عباس إبراهيم، ركزت على إمكانية تنظيم حوار وطني لحماية الدستور دون إثارة ملف السلاح، فضلًا عن التمني على "الراعي" عدم السماح لأي طرف من زوار "بكركي" بإطلاق مواقف تهاجم رئيس الجمهورية وتدعوه للاستقالة.
في تطورات التشكيل، عرض الرئيس المكلف، سعد الحريري، مع السفير الروسي تشكيل الحكومة الجديدة، فيما تلقى رئيس تيار "المردة"، سليمان فرنجية، اتصالًا هاتفيًا من مساعد وزير الخارجية الروسي، وقامت السفيرة الفرنسية بزيارة رئيس "التيار الحر"، جبران باسيل. من جانب آخر، بدا لافتًا تصريح رئيس الحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، بعدم تمسكه بحكومة من 18 وزريرًا، فيما أكد "حزب الله" أنه لا مبرر لتأخير تأليف الحكومةالذي يتطلّب تنازلات متبادلة ممكنة ولا تمسّ بالجوهر.
يأتي ذلك في الوقت الذي تتواصل فيه عملية تصفية الحسابات السياسية؛ حيث أثار استهجان الرأي العام، لا سيما السنّي، حدثين متتالين: أولهما الإشكال بين محافظ الشمال (تيار عون)، رمزي نهرا، ورئيس بلدية طرابلس، رياض يمق، على خلفية التحقيق الإداري في أحداث طرابلس. وهو ما استدعى تكليف التفتيش المركزي فتح تحقيق بالأمر بناء على توجيهات من رئيس الحكومة ووزير الداخلية. أما الثاني فتمثل في استدعاء التحقيق العسكري، القاضي فادي صوان، مدير عام الأمن الداخلي، عماد عثمان، للاستماع إليه كـ"مدّعى عليه"، في ملف "حفر آبار ومنح رخص بناء" كان مجمّدًا منذ عامين، وهو ما تطلب موقفًا حادًا من تيار"المستقبل"، واعتبار وزير الداخلية، محمد فهمي، الأمر مساسًا بهيبة قوى الأمن.
على صعيد "كورونا"، لا تزال أرقام الإصابات تنذر بالخطر مع تجاوزها 3000 إصابة، وذلك في الوقت الذي لم يتجاوز فيه عدد من جرى تلقيحهم 50 ألفًا، حيث يحتاج لبنان نحو 30 ألف جرعة يوميًا للوصول إلى مناعة "القطيع" خلال عام. من جهتها، منحت وزارة الصحة سبع شركات خاصة حق استيراد لقاح "سينوفارم"، و11 أخرى باستيراد لقاح "سبوتنيك"، وشركتين باستيراد لقاح "أسترازينيكا"، في حين وصلت الدفعة الثالثة من لقاح فايزر 41300 جرعة، ومنحت الصين هبة تقدر بـ 50 ألف لقاح.
أمنيًا،أُخلي سبيل ثلاثة موقوفين في ملف أحداث طرابلس الأخيرة ليبقى 15 موقوفًا حتى الآن، فيما تسلّم ضابط جديد شعبة المعلومات بالأمن الداخلي في طرابلس، واستبدل عناصر ورتباء بآخرين جُدد. من جهة أخرى، يتم البحث في الآليات اللازمة لمنح عناصر الأجهزة الأمنية والعسكرية من ذوي الرواتب، التي تقل عن مليوني ليرة شهريًا، مساعدةً اجتماعية، وذلك بعدما رصد (الأمن العام والأمن الداخلي والجيش) فرار عناصر لأسباب اقتصادية عبر طلبهم أذونات للسفر.
على صعيد موازٍ، شكر وزير الداخلية الألباني مدير عام الأمن العام، عباس إبراهيم، على جهوده في إجلاء مواطنين ألبان من مخيمي "الهول" و"روج" (شمال شرق سوريا)، ليجري الاتفاق على مواصلة تلك الجهود لإجلاء النساء والأطفال الألبان من هناك. كما قُتل عنصر في شرطة بلدية "برج البراجنة" ببيروت على خلفيات ثأرية، فيما تمّ التوصّل إلى تسويّة مع عائلة "لقمان سليم" لتسليم هاتفه لمدعي عام التمييز، القاضي غسان عويدات، لمتابعة التحقيقات في ملف اغتياله.