استنتاجات الموجز:
- أزمات الجزائر تتشعب إثر التوتر الأمني والاشتباكات بين الأمن والمتظاهرين وسط مساعي رئاسية للتهدئة
- ضغوط موجة "الاستقالات" المغربية أسهمت في تحريك مياة الخلاف البرلماني الراكد ضد "العدالة والتنمية" وإجباره لإنهاء خلاف "القاسم الانتخابي"
- إنهاء الخلاف الرئاسي التونسي لا يزال بعيد المنال رغم تحركات كثيرة لرأب الصدع بين رأسي السلطة التنفيذية
اتضحت خلال الأسبوع الماضي معالم جديدة حول الانتخابات التشريعية الجزائرية المرتقبة؛ حيث تم تفعيل العمل بمقتضيات الدستور، بعدما دخل مرسوم حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة رسميًّا حيز التنفيذ. وإثر ذلك، رجحت المحكمة الدستورية ثلاثة مواعيد لإجراءها الأقرب لها في 5 تموز/ يوليو المقبل. توازيًّا، تصاعدت مخاوف الإسلاميين من وجود خطط سياسية بدفع من "التيار العلماني" لفرض مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات رئاسية، يتم عبرها تحييد الرئيس "عبد المجيد تبون"، حيث اعتبر رئيس حركة "مجتمع السلم"، عبدالرزاق مقري، أن هناك مؤامرة يقودها "التيار العلماني" تستهدف فرض مرحلة انتقالية، منتقدًا الشعارات الراديكالية التي تستهدف الجيش في مظاهرات الحراك.
في غضون ذلك، شهد الشارع الجزائري مواجهات عنيفة بين متظاهرين وقوات الأمن، بعد خروج مظاهرات واحتجاجات كان أبرزها في مدينة "ورقلة" على خلفية الحكم بالسجن سبع سنوات للناشط "عامر قراش"، حيث تجمع عدد من النشطاء للاحتجاج على ما وصفوه بـ"الحكم القاسي". وقام المحتجون بقطع الطرق، ورفع شعارات مناوئة للمؤسسة العسكريّة، ورشق قوات الأمن بالحجارة، التي ردت باستخدام القنابل المسيلة للدموع، فيما ظهرت بعد المواجهات العنيفة دعوات للتهدئة والبدء بحوار وطني.
في الأثناء، وُجّهت تهمة إطلاق الشعارات المناوئه للمؤسسة العسكرية في الحراك، إلى "حركة رشاد" التي تقودها بعض القيادات السابقة في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، وتيارات تقدمية وحركة أمازيغية. وتسبب رفع هذه الشعارات بحصول انقسام في صفوف الحراك، بعدما رفض البعض منهم وصف أجهزة المخابرات بـ"المنظمة الإرهابية"، رافضين استهداف "الجنرالات"، والمطالبة باستبعاد الجيش عن دوائر اتخاذ القرار.
بدوره، نفى "تبون" وجود خلافات بينه وبين الجيش والجنرالات، مشددًا على عدم إرساله قوات الجيش إلى الساحل، واعتبر أن عودة مظاهرات الحراك لا تشكل إزعاجًا، ولن تشوّش على الانتخابات النيابية. وفي شأنٍ منفصل، انتخب أعضاء مجلس الأمة "صالح قوجيل" بالأغلبية رئيسًا لمجلس الأمة، الغرفة الثانية للبرلمان، ليصبح ثاني أهم شخصية في الدولة بعد رئيس الجمهورية.
أمنيًا، صرح رئيس أركان الجيش، السعيد شنقريحة، أن "القيادة العليا للجيش تعمل على توفير كافة العوامل لرفع الجاهزية العملياتية لتجهيزات القوات المسلحة"، مشددًا على ضرورة تطوير قدرات الجيش لناحية امتلاكه التكنولوجيا العسكرية، والارتقاء بمسار الإسناد اللوجستي للجيش لمواجهة التهديدات المرتبطة بنشاط الجماعات المسلحة في الأقاليم الغربية وعلى الحدود الليبية.
قضائيًّا، أصدر القضاء الجزائري أمرًا دوليًا بالقبض على مسؤول سابق بشركة النفط الحكومية "سوناطراك"، على علاقة بشبهات فساد في شراء أجهزة تصفية من إيطاليا. كما أعلنت وزارة العدل تنفيذ عفو رئاسي وإطلاق سراح نشطاء الحراك الشعبي ليصل عددهم إلى 59 ناشطًا.
في الشأن المغربي، ما زالت أزمة الصحراء المغربيّة تتفاعل إثر الخلافات بين المغرب وألمانيا، نتيجة تعامل الأخيرة من الناحية التقنية والعسكريّة مع الجزائر الداعمة لـ"جبهة البوليساريو"، ومعارضتها مساعي فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي، لبلورة موقف مساند للسيادة المغربية على الصحراء لدعم الموقف الأمريكي، حيث كانت الرباط تنتظر موقفًا أوروبيًّا لصالح السيادة المغربيّة على الصحراء وإدانة هجمات "الجبهة". وبناءً على ذلك، أعلنت وزارة الخارجية المغربية قطع علاقاتها مع السفارة الألمانيّة بالرباط، التي تجمع الوزارات والمؤسسات الحكوميّة، إضافةً لقطع جميع العلاقات مع مؤسسات التعاون والجمعيات السياسيّة الألمانيّة، جراء "خلافات عميقة تهم قضايا مصيريّة".
بدورها، حثت الأمم المتحدة المغرب و"جبهة البوليساريو" على ضبط النفس، بعدما تبادل الطرفان إطلاق النار المتقطع عبر الجدار الرملي لمعبر الكركرات، وانتقدت "الجبهة" الأمم المتحدة وحملتها مسؤولية الوضع في الصحراء.
داخليًا، ظهرت نذر مواجهة برلمانية بين حزب "العدالة والتنمية" ومنافسيه، بعدما استبق الائتلاف الحكومي افتتاح الدورة الاستثنائية للبرلمان، للمصادقة على مشاريع القوانين لانتخابات 2021، بتهديده بالتصويت ضد مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، في حال تم اعتماد "القاسم الانتخابي"، على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة بدل الأصوات الصحيحة المعمول بها حاليًا".
في خضم ذلك، يعيش حزب "العدالة والتنمية" أزمة داخليّة منذ استئناف العلاقات بين المغرب و"إسرائيل"، وتسعى الأمانة العامة للحزب لتطويق تداعيات الأزمة السياسية والتنظيمية، التي يعيشها الحزب بعد توالي الاستقالات وتجميد عضوية بعض قياداته. ورفضت الأمانة العامة للحزب، خلال اجتماع استثنائي، استقالة رئيس المجلس الوطني للحزب، إدريس الأزمي، من رئاسة برلمان الحزب وعضوية الأمانة العامة. كما تراجع وزير حقوق الإنسان والقيادي في الحزب، مصطفى الرميد، عن استقالته، بعدما أثارت ردود فعل مختلفة في الأوساط السياسية، إثر تعرضه للتهديد ولحملة "التخوين".
قضائيًا، أعدّت وزارة الداخلية قائمة تضم أسماء رؤساء مجالس محلية منتخبة لإحالة ملفاتهم على المحاكم الإداري، بهدف تنفيذ إجراءات العزل في حقهم قبل الانتخابية البرلمانية والبلدية المقبلة، وذلك بعدما رصدت خروقات واختلالات مالية وإدارية خطيرة، مشيرةً إلى وجود ملفات أخرى أُحيلت على "المجلس الأعلى للحسابات" و"النيابة العامة" لتحريك المتابعات القضائية في حق الرؤساء المتورطين في خروقات تكتسي صبغة جنائية.
تونسيًا، انطلقت تظاهرات واسعة دعت لها "حركة النهضة" تحت شعار "الثبات والدفاع عن المؤسسات"، وسط توتر سياسي واشتداد الخلاف مع رئيس الجمهورية، قيس سعيد. وأثارت التظاهرات جدلًا واسعًا بين الأحزاب حيث بعثت رسائل عدة للطبقة السياسية، بدأت بإظهار تماسك الحركة الإسلامية مقابل تشتت خصومها السياسيين.
بموازاة ذلك، اعتبرت الأوساط السياسية أنّ الاتصال الهاتفي بين رئيس الوزراء، هشام المشيشي، والرئيس "سعيد"، خطوة إيجابيّة في الاتجاه الصحيح، مشددةً على أنّه لا يمكن إنهاء الخلاف إلا بالعودة للحوار وإعادة التوازن للمشهد السياسي في البلاد.
بالمقابل، حمّل حزب "قلب تونس" رئيس الجمهوريّة مسؤولية الأزمة السياسية، معتبرًا أنه اختار أن يكون "رئيسًا للمعارضة"، وأكّد أنّ لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، التي أعدتها أحزاب المعارضة داخل البرلمان، تحمل خلفيات أيديولوجية.
دبلوماسيًا، أكّد "سعيّد" خلال لقاءه مع رؤساء البعثات الدبلوماسية الأفريقية المقيمة في تونس، على وجوب إرساء علاقات تعاون واندماج بين الدول الأفريقية، مشيرًا إلى ضرورة تطوير آليات وفرص الشراكة الاقتصادية الإقليمية، بما يتيح الفرصة لمزيد من تعزيز دور القارة الأفريقية وتحقيق التنمية. وأعرب السفراء عن دعمهم واستعدادهم للوقوف إلى جانب تونس في جهودها لتجاوز الأزمة الاقتصادية.