استنتاجات الموجز:
- مؤشرات على انهيار سياسي واقتصادي بتونس وسط عجز حكومي عن معالجة الأزمة السياسيّة والاقتصاديّة وإبعاد خطر الإفلاس
- أزمة داخلية في الجزائر تهدد أكبر أحزاب السلطة بهزيمة قاسية في الانتخابات المقبلة
- حالة غليان غير معهودة بالساحة السياسية المغربية قبل شهور من الانتخابات البرلمانية ما يُضْعف التحالف الحكومي إثر خلافات بين مكوناته
تحوّلت أزمة الحكومة الممتدة في تونس إلى أزمة حكم مع بروز جملة من المظاهر، أبرزها نظام سياسي دستوري استُهلك بشكل تام وسط غياب المحكمة الدستورية، وأزمة اقتصادية واجتماعية حادة، عمقتها الأزمة السياسية المستعصية، وسط أنباء عن أن الدولة باتت في حالة إفلاس غير معلن وانهيار اقتصادي وشيك، قد يجعلها خلال أشهر عاجزة عن تغطية الأجور وسداد الديون الخارجية.
بدوره، كشف رئيس لجنة النظام الداخلي في البرلمان، ناجي الجمل، عن مبادرة تشريعية لتعديل القانون الانتخابي الذي سبب تشتتًا داخل مجلس النواب، مشيرًا إلى أن اللجنة تلقت مجموعة مقترحات لتعديل بعض الفصول اقترحتها هيئة الانتخابات، تتعلق ببعض الشروط للترشح وفض النزاعات ومراقبة الحملة الانتخابية، إلى جانب عدد من المقترحات الواردة من جهات أخرى سيتم دمجها في مبادرة تشريعية واحدة.
في الأثناء، شكك سياسيون في نتائج استطلاع رأي يزعم تصدر "الحزب الدستوري الحر" أي انتخابات برلمانية مقبلة، متهمين مؤسسة "سبر الآراء" التي أصدرته بـ"التواطؤ" مع الحزب الذي يضم عددًا كبيرًا من رموز نظام "بن علي". وأمام استفحال الأزمة السياسية، سجل الاقتصاد التونسي تراجعًا بنسبة 8.8%، بحسب بيانات المعهد التونسي، فيما جدد صندوق النقد الدولي توصياته للسلطات التونسية للتعجيل بإقرار "إصلاحات اقتصادية واجتماعية"، مطالبًا بمصارحة الشعب بحقيقة الواقع الاقتصادي.
بموازاة ذلك، أثارت تسريبات "الغرف المظلمة" جدلًا واسعًا؛ حيث تضمنت تسجيلًا لرئيس الكتلة الديمقراطية، محمد عمار، أكد فيه تدخل وزير مكافحة الفساد السابق، محمد عبو، في القضاء، وأنه من يقف وراء محاسبة القاضيين "الطيب راشد" و"البشير العكرمي"، وتدخل الرئيس، قيس سعيد، في القضاء، ما دفع عددًا من النواب للجوء إلى التراشق بالتهم، والمطالبة بفتح تحقيق بمضمون التسريبات.
في سياق منفصل، عبّرت وزارة الخارجية، عن استغرابها من التصريحات "غير المسؤولة"، من قبل المتحدث الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية، هشام المدب، الذي دعا لإغلاق الحدود مع ليبيا، معتبرةً أنّ تصريحاته "تمسّ بالعلاقات التونسية الليبية". بدورها، صرحت الرئاسة التونسية أن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، سيزور ليبيا، بعدما أدت حكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة اليمين، مشيرةً إلى أنّ الزيارة تندرج في إطار مساندة تونس للمسار الديمقراطي في ليبيا، وترسيخ التنسيق بين قيادتي البلدين وعلاقات الشراكة الاستراتيجية.
قضائيًا، ألغت محكمة الاستئناف، قرار الإفراج عن رئيس حزب "قلب تونس"، نبيل القروي، بعدما قرر القضاء الإفراج المؤقت عنه بكفالة مالية قيمتها 10 ملايين دينار. كما أصدر القضاء مذكرة بحث بحق "سامي الفهري"، مالك قناة تلفزيونية، بعدما حُكم عليه بالسجن ثمان سنوات وغرامة مالية قدرها 41 مليون دينار، في قضية اختلاس أموال عامة من قبل شركته في عهد "بن علي".
وفي الشأن الجزائري، انطلقت عملية المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية تمهيدًا للانتخابات التشريعية المبكرة، بعدما حدد الرئيس، عبدالمجيد تبون، 12 حزيران/ يونيو موعدًا لها. وقد انقسمت القوى السياسية بين مؤيد ومعارض للانتخابات كحل جذري للأزمة؛ إذ يعتقد المؤيدون أنه يجب إعطاء فرصة للسلطة لتثبت حسن نيتها في القطيعة مع النظام السابق، داعين إلى استمرار "تبون" في الحكم وعدم التشويش على قراراته، وما يقوم به من جهد في سبيل التغيير.
من جهتها، أعلنت الأمينة العامة لـ"حزب العمال"، لويزة حنون، عن مقاطعة الحزب للانتخابات، مؤكدةً أن النتائج محسومة وأن المنافسة الانتخابية مغلقة. وأشارت "حنون" إلى أن الدستور الجديد "يورط البرلمان في قرارات تسمح للجيش بالقيام بعمليات عسكرية خارج الحدود تحت مظلة الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي". بالمقابل، دعا رئيس "حركة البناء الوطني"، عبدالقادر بن قرينة، القوى السياسية المشاركة في الانتخابات، وإلى إقرار ميثاق الشرف الانتخابي للحفاظ على نزاهة الانتخابات، وتشكيل تحالف انتخابي يمتد إلى ائتلاف حكومي بعد الانتخابات.
وفي محاولة للقضاء على رأس المال السياسي، أقصى القانون ترشيح من ثبُتت صلتهم برؤوس أموال مشبوهة، أو تورطهم في تمويلات مشبوهة للحملات الانتخابية، مشددًا على أنّ العقوبات قد تصل إلى السجن لـ"كل من قام بتمويل أو استفاد من تمويل مخالف للقانون". من جانبهم، يستمر مناهضو السلطة في التظاهر السلمي، رافعين الشعارات الرافضة لبقاء أي من الأسماء التي نشطت في عهد "بوتفليقة"، متمسكين بمطالبهم في التغيير الجذري وعدم مرور الانتخابات التشريعية في ظل الظروف السياسية الراهنة.
خارجيًا، استقبل "تبون" نظيره المالي، باه نداو، واستعرض الطرفان العلاقات الثنائيّة وسبل تطويرها وتوطيد التعاون الأمني، وإنجاح مسار السلام في منطقة "برخان"، فيما أكّد "تبون" على استعداد بلاده لمساعدة مالي لاستعادة الاستقرار وتنظيم الانتخابات.
أمنيًا، كشفت مصادر صحفية أن الجيش الجزائري باشر عملية بسط نفوذه على الأراضي الحدودية مع المغرب، أمام صمت الحكومة المغربية؛ حيث أمهل المزارعين المغاربة في ضواحي "الفجيج" بإخلاء أراضيهم، مشيرةً إلى أن الجيش الجزائري بدء بناء قاعدة عسكريّة في المنطقة.
مغربيًا، وفي ظل استعداد القوى السياسيّة للانتخابات، استمر الخلاف والتراشق السياسي بين مختلف القوى السياسيّة، حيث تجدد النقاش حول عدد من القوانين الانتخابية، وعلى رأسها إلغاء "العتبة الانتخابيّة" وإقرار "القاسم الانتخابي" على أساس احتساب المسجلين في اللوائح الانتخابية. وفي حين لاقت هذه التعديلات ترحيبًا من الأحزاب السياسية، رفضها حزب "العدالة والتنمية"، متهمًا أحزاب المعارضة والأغلبية بـ"محاولة السيطرة على القوانين الانتخابية للتحكم القبْلي في نتائج الانتخابات".
توازيًا، علّق الأمين العام السابق لحزب "العدالة والتنمية"، عبدالإله بن كيران، عضويته في الحزب، على خلفية مصادقة الحكومة على قانون إجازة "حشيش القنب الهندي" وزراعته وتصنيعه لاستعماله في المجالات الطبية والصناعية، معترضًا على مصادقة مجلس المستشارين على مشروع القانون التنظيمي المتعلق باحتساب "القاسم الانتخابي".
قضائيًا، أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية "مدونة الأخلاقيات الخاصة بالقضاة"، التي تحدد قواعد النزاهة والحياد والتحفظ والاستقلالية، كما تقنن علاقتهم بوسائل الإعلام وبشبكات التواصل الاجتماعي. وفي شأنٍ منفصل، صادق مجلس الشيوخ الإسباني بـ"استثناء نواب حزب فوكس المتطرف"، على قرار مساهمة مدريد في "إيجاد حل لنزاع الصحراء الغربيّة وتبني موقف موحد يمثل الدولة الإسبانية"، علاوةً على ضرورة تجنب المواجهة بين مكونات المشهد السياسي. إلى ذلك، طالبت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، آنا بلاسيو، بضرورة قيام "الاتحاد الأوروبي" بدور فعال في المفاوضات بين المغرب و"جبهة البوليساريو، بعدما كانت "بلاسيو" من المتشددين في الدفاع عن تقرير المصير في الصحراء.