استنتاجات الموجز:
- الأوساط السياسيه المغربية تسعى لتحييد حزب "العدالة والتنمية" من اللعبة السياسية وإضعافه
- أحزاب المعارضة الجزائرية تحاول رفع أسهمها في أوساط الحراك الشعبي بإعلانها مقاطعة الانتخابات
- تفاقم الأزمة السياسيّة التونسيّة إثر دعوات من مؤيديين للرئيس بإجراء انتخابات مبكرة مقابل إصرار باقي الأطراف على مواقفها
يُقبل المغرب على انتخابات تشريعية بخريف 2021 تطرح حولها العديد من التساؤلات والتوقعات، بعد عراقيل قانونية وغير قانونية وُضعت أمام حزب "العدالة والتنمية" في محاولة لإقصائه من المشهد السياسي وتحجيم قوته. بدوره، جدَّد الحزب رفضه "اعتماد القاسم الانتخابي"، معتبًرا أنه يشكل مساسًا بالعملية الديمقراطية، مؤكّدًا رفضه إلغاء "العتبة الانتخابية" لأنه يصعب بناء تحالفات منسجمة، ما يؤدي إلى تعطيل حقوق المواطنين ومشاريع التنمية. كما لوّح "الحزب" بلجوئه إلى "المحكمة الدستورية"، معبّرًا عن أسفه لعدم التوافق حول تفعيل تمثيل المهاجرين المغاربة.
بموازاة ذلك، أجرى الملك المغربي، محمد السادس، تعيينات على رأس أربع مؤسسات دستورية، حيث عيّن "محمد عبد النباوي" رئيسًا أول لمحكمة النقض ورئيسًا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، و"الحسن الداكي" وكيلًا عامًا للملك لدى محكمة النقض ورئيسًا للنيابة العامة، و"زينب العدوي" رئيسًا أول للمجلس الأعلى للحسابات الاقتصادية والمالية، و"أحمد رحو" رئيسًا لمجلس المنافسة وتحقيق في المخالفات المالية والإدارية. وأعطى الملك توجيهاته بالحرص على قيام المؤسسات بمهامها الدستورية، لا سيما في مراقبة المالية العمومية، لتوضيح "الارتباك الناجم عن القرارات المتضاربة لمجلس المنافسة"، بشأن مخالفات في قطاع المحروقات.
في سياقٍ منفصل، احتج "اتحاد الشغل" على تدهور الحالة الاقتصادية وتزايد حدة الفوارق الطبقية وانتشار الفقر والإقصاء الاجتماعي، مطالبًا بإلغاء "الفصل 210" من القانون الجنائي الذي يُجيز اعتقال النقابيين والعمال، ومستنكرًا "الحملة الممنهجة" على ممارسة الحريات النقابية، والإغلاق المنظم "للمعامل وتشريد العمال".
خارجيًا، أعلن وزير الخارجية، ناصر بوريطة، عقب لقائه وزير الشؤون الخارجية الغيني، إبراهيم كابا، أنّ "بلاده غير معنية وغير مهتمة" بالبيان الصادر عن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي حول قضية إقليم الصحراء الغربيّة، بعد أن طالب المجلس بإجراء مفاوضات مباشرة بين المغرب و"جبهة البوليساريو".
في الشأن الجزائري، انتقدت الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة وجود عدة مشكلات سياسية وتقنية تعيق سير العملية الانتخابية، وسط مخاوف من أن تسهم العوائق في عرقلة "عملية سحب استمارات الاكتتاب والترشيحات"، رغم التعهدات التي أعلنها الرئيس، عبدالمجيد تبون، بضمان إجراء انتخابات نزيهة، حيث أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن هناك ألف قائمة مرشحة سحبت استمارات الترشح واكتتاب التوقيعات.
في التفاصيل، أعلن رئيس الهيئة الوطنية، محمد شرفي، تخفيض عدد مقاعد البرلمان من 462 مقعدًا إلى 407، رغم رفع عدد المحافظات من 48 إلى 58 محافظة، مؤكدًا عزم "الهيئة" على "تنظيم انتخابات تشريعية تصان فيها أصوات الناخبين"، "وإنجاح الاستحقاق الانتخابي". لكن الثقة التي صدرت عن "الهيئة" لم تجد صدى لدى غالبية القوى السياسية، التي بدأت تعبر عن استيائها من جملة عراقيل قد تمس بسلامة المسار الانتخابي. فمن جهتها، أعلنت الأمينة العامة لـ"حزب العمال"، لوزيوة حنون، أن الحزب لن يشارك في الانتخابات، لأنّ الأجواء غير مساعدة لإقامة الانتخابات وأنها ستكون محسومة مسبقًا. بالمقابل، أعلنت الأحزاب الإسلامية عن مشاركتها في الانتخابات وعلى رأسها "حركة مجتمع السلم"، التي تدافع بشدة عن خيار المشاركة بالانتخابات، كما أعلنت كل من "حركة الإصلاح الوطني" وحركة "البناء الوطني" و"حركة النهضة" مشاركتها.
في الأثناء، انتقدت جبهة "العدالة والتنمية" عدم تنصيب "السلطة المستقلة للانتخابات للمندوبيات الولائية"، رغم مرور عشرة أيام منذ إعلان "تبون" عن تحديد تاريخ الانتخابات. وكان "حزب التجمع" لمّح لعدم المشاركة في الانتخابات، معتبرًا أن الرغبة في إعادة بناء الدولة على أنقاض النظام القديم لا يمكن أن تكون مرادفة لجزائر جديدة، ودعا إلى "حوار سياسي شامل" يساهم في صياغة خارطة للخروج من الأزمة.
وفيما يخص "جبهة القوى الاشتراكية"، فقد خلق لقاء قيادتها مع الرئيس "تبون" جدلًا؛ حيث اعتبر عضو الهيئة الرئاسي للجبهة، حكيم بلحسل، أن خطوتهم أزعجت "المدافعين عن الجمود السياسي"، مشددًا على أن الحوار "يجب أن يهم كل الأطراف لبناء تفاهم سياسي". وفي خضم هذه الأحداث، جدّدت مكونات الحراك الشعبي رفضها إجراء "انتخابات مبكرة" قبل تحقيق المطالب السياسية؛ حيث شارك آلاف المتظاهرين في الجمعة 109 للحراك، فيما رُفعت لافتات تطالب بتحقيق الحريات والديمقراطية واستقلالية العدالة.
أمنيًا، عين "تبون" "بومدين بن عتو" مستشارًا جديدًا مكلفًا بالشؤون المتصلة بالدفاع والأمن، كما أصدر القضاء مذكّرات توقيف دوليّة بحق أربعة من المعارضين، بتهم "المساس بأمن الدولة وتمويل مجموعة إرهابية وتبييض الأموال والقيام بأنشطة إجرامية"، أبرزهم الدبلوماسي، زيتوت العربي، والناشط، هشام عبود، وضابط سابق في جهاز المخابرات.
إلى ذلك، تلقى أهالي منطقة "الفيجيج" الحدودية أوامر من لجنة رفيعة المستوى، تتكون من 15 مسؤولًا عسكريًا ومدنيًا، بعدم دخول أراضيهم مقابل اعتقالهم، فيما حاولت السلطات المغربية التقليل من حدة التوتر، معتبرةً أنّ إجلاء السكان مؤقت.
تونسيًا، شكلت الذكرى "65 للاستقلال" مناسبة للدعوة إلى المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية، بينما تعيش البلاد أزمة سياسية متواصلة، فيما تساءل التونسيون حول غياب الرئيس، قيس سعيد، عن المناسبة التي تحظى باهتمام كبير. في غضون ذلك، أكد رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، أنه لا سبيل لحل البرلمان إلا إذا فشل في تزكية الحكومة، مشيرًا إلى أن البرلمان لا يتضمن "غرفًا مظلمة". ودعا "العنوشي" إلى "تعزيز الوحدة الوطنية"، مؤكدًا التزامه بـ"الدعوة للحوار"، ومتعهدًا بتطبيق القانون على جميع النواب المخالفين. وانتقد قيام رئيسه "الحزب الدستوري الحر"، عبير موسي، بتعطيل أعمال مكتب المجلس والاعتداء على النواب والموظفين والإعلامين داخل البرلمان. هذا، بينما دعا النائب "ياسين العياري" إلى إجراء اختبار تعاطي المخدرات لعدد من النواب.
وجاءت تصريحات "الغنوشي" بعدما تظاهر محتجين ومؤيدين لـ"سعيد"، حيث طالبوا بحل البرلمان وتطبيق الفصل 80 من الدستور. وتزامنت التظاهرات مع تصريحات الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، معلنًا أن استمرار الأزمة السياسية يستدعي إجراء انتخابات مبكرة، ومعتبرًا أن المؤسسات المنتخبة يجب أن تحترم إرادة الشعب وإلا فالبلاد ذاهبه للمجهول.
دبلوماسيًا، بحث وزير الخارجية، عثمان الجرندي، مع نظيره الفرنسي، جان إيف لودريان، عددًا من القضايا الإقليمية والدولية، مؤكدًا على عمق العلاقات التونسية الفرنسية وتميّزها على مختلف المستويات. وحرص الطرفان على مواصلة العمل لتعزيز التعاون وتطوير الشراكة الاقتصادية ودعم الاستثمارات الفرنسية بتونس.
إلى ذلك، أثارت زيارة "سعيد" المفاجئة إلى ليبيا جدلًا داخل الطبقة السياسية، حيث اعتبرها البعض أنها تمثل "عودة الرشد" للدبلوماسية التونسية، فيما وجد فيها آخرون محاولة لتسجيل "نقاط سياسية" في إطار الصراع المتواصل بين الرئاسات الثلاث.