استنتاجات الموجز:
- إجهاض الفرصة الجديدة لحل الأزمة التونسيّة وسط مزيد من التعطيل يُدلل على عجز القوى السياسيّة
- استمرار الأحزاب الجزائرية في مقاطعة الانتخابات وإصرار الرئاسة على إجرائها دون حوار سياسي مؤشرات على تعقيد المشهد السياسي ومزيد من التظاهرات
- تمهيد المغرب لاحتمال إقامة حوار مع الجزائر حول الأقاليم الغربية مؤشر على إمكانية بداية حل سياسي لأزمة الصحراء
بعدما سيطرت أجواء التفاؤول النسبي على الساحة التونسية بشأن إمكانية عقد حوار وطني، خصوصًا وأن المشاورات تمكنت من تحقيق نقاط تفاهم، أعاد رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، المشاورات إلى المربع الأول، واتجهت الأمور نحو مزيد من التأزم، خاصةً في ظل غموض العلاقة بين الرئاسات الثلاث، والتي زادتها مواقف "سعيّد" المتواترة والرافضة للحلول التي يقدمها البرلمان، وآخرها تعديل قانون المحكمة الدستورية.
وتحضيرًا لإقامة حوار وطني، بحث رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، مع أمين عام "اتحاد الشغل"، نور الدين الطبوبي، سبل تجاوز الأزمة، حيث ناقشا إقامة الحوار وشروطه والأطراف المشاركة. وعاد "الطبوبي" للحديث عن إمكانية تنظيمة للحوار، بعدما شكّل "غضب الاتحاد" من الموقف السابق لـ"سعيّد" نوعًا من الضغط عليه، ودفعه للقبول بمبادرة "الاتحاد".
بالمقابل، استمرت الشكوك حول جديّة الحوار، خاصةً بعدما فاجأ "سعيّد" البرلمان برسالة رفض فيها تعديلات "المحكمة الدستورية"، بحجة تجاوز البرلمان المهلة الدستورية لتشكليه، داعيًا لإعادة التصويت عليها في قراءة ثانية، حيث أثار رفضه تساؤلات حول التعطيلات المستمرة للقوانين وتحديدًا الرسائل التي يخطها بيده.
في غضون ذلك، أثارت دعوة الناطق باسم "اتحاد الشغل"، سامي الطاهري، لمحاسبة رجال الأعمال تراشقًا بين "اتحاد الشغل" و"اتحاد الصناعة والتجارة"، بعدما اتهم بعض رجال الأعمال بالاحتيال على القانون، وغلق المؤسسات الاقتصادية وطرد العمال، بعد حصولهم على قروض من الدولة. بدورها، استنكرت "منظمة الأعرف" تصريحات "الطاهري" واصفةً إياه بـ"اللا مسؤولة التي تنطوي على شيطنة أصحاب المؤسسات، وعدم إلمام بالواقع الاقتصادي والاجتماعي".
دبلوماسيًا، بحث رئيس الحكومة، هشام المشيشي، مع رئيس الحكومة القطري، خالد بن خليفة آل ثاني، سبل تطوير التعاون المشترك، مؤكّدًا على ضرورة العمل وتدعيمه لا سيما في مجالات التدريب والتكوين القضائي وتطوير التعاون الفني والاستفادة من الخبرات اليد العاملة التونسيّة.
من ناحيته، التقى "سعيد" رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، داعيًا إلى اعتماد مقاربة أكثر شمولية في ملف الهجرة غير النظامية، بحيث تتجاوز الحل الأمني لتعالج الأسباب العميقة ومنها الفقر والبطالة، معربًا عن تطلعه لتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد، لاسيما في مجالات الاقتصاد والتعليم والتكنولوجيات.
أمنيًا، أعلنت وحدات عسكرية وأمنية عن مقتل القيادي في "تنظيم جند الخلافة"، حمدي الذيب، حيث ثبت تورطه في عدة عمليات إرهابية استهدفت دوريات عسكرية والألغام التي تسببت في مقتل عشرات الجنود.
مغربيًا، تتجه الأنظار لموقف إدارة "بايدن" بشأن اعتراف إدارة "ترامب" بالسيادة المغربيّة على الصحراء الغربيّة. ورغم غموض العلاقات الثنائيّة بين البلدين، إلّا أنّ السفير الأمريكي بالرباط، ديفيد فيشر، وقّع الخريطة الرسمية الجديدة المعتمدة من قبل الحكومة الأمريكية للمغرب، وهذا يُعتبر ثاني قرار لتجسيد مرسوم الاعتراف بسيادة الرباط على الصحراء.
وفيما تراهن "جبهة البوليساريو" على دفع الإدارة الأمريكية نحو التراجع عن موقف "ترامب"، دعا وزير الخارجية، ناصر بوريطة، الجزائر إلى حوار مباشر لحل نزاع الصحراء، محمّلًا إياها مسؤولية استمراره. وجاء ذلك عقب افتتاح السنغال قنصلية لها بمدينة "الداخلة"، وفي معرض رده على اتهامات جزائريّة بـ"عرقلة" تعيين مبعوث أممي في قضيّة الصحراء، منتقدًا ما وصفها بـ"المناورات"، التي تقودها الدبلوماسية الجزائرية.
إلى ذلك، أبد المغرب انزعاجه من استقبال الرئيس الموريتاني لزعيم جبهة "البوليساريو"، البشير مصطفى السيد، المكلف بالشؤون السياسية، حيث أُرجأت زيارة وزير الخارجية الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، التي كان من المقرر أن يقوم بها إلى الرباط، للقاء نظيره المغربي، ناصر بوريطة.
في الأثناء، وبانتظار استماع مجلس الأمن حول عمل بعثة الأمم المتحدة "المينورسو" إلى الصحراء، طالب وزير خارجية "البوليساريو"، محمد السالك، بمنح "الجبهة" مقعدًا في الأمم المتحدة، متهمًا فرنسا وإسبانيا بعرقلة "استفتاء تقرير المصير". واحتج "السالك" على ما سماه "التأييد الأعم" الفرنسي للمغرب، كما اتهم إسبانيا بـ"خيانة" سكان الصحراء والتهرب من مسؤوليتها القانونية والسياسية".
بموازاة ذلك، ما زال التجاذب السياسي مستمرًا بشأن الانتخابات المقبلة؛ حيث أكد النائب عن "اتحاد اليسار الديمقراطي"، عمر بلافريج، الانسحاب من العمل السياسي وعدم خوض الانتخابات، مستنكرًا الاتهامات الموجهة إليه.
أمنيًا، قدمت الاستخبارات المغربيّة معلومات استخباريّة دقيقة لنظيرتها الفرنسيّة، حول سيدة فرنسية من أصل مغربي كانت بصدد تنفيذ عمل إرهابي وشيك كان يستهدف كنيسة بفرنسا، بتنسيق مع عناصر من تنظيم "داعش". وشملت المعلومات هوية المشتبه بها ومعطياتها التعريفية الإلكترونية، فضلًا عن المشروع الإرهابي، حيث استغلت الاستخبارات الفرنسية هذه المعلومات وباشرت عمليات توقيف وحجز مكنتها من تحييد مخاطر هذا المشروع.
جزائريًا، بات المشهد الانتخابي أكثر تعقيدًا بعد إعلان "جبهة القوى الاشتراكية" قرارها بمقاطعة الانتخابات، مع إصرار السلطة على إنجازها مهما بلغت نسبة التصويت ورفضها إجراء حوار سياسي، فيما تشهد الأحزاب الإسلامية تشتتًا في مواقفها بين تأييد ورفض المشاركة بعدما رفض حزب "مجتمع السلم" عروضًا لإقامة تحالف إنتخابي. توازيًّا، اتّهمت الأمينة العامة لـ"حزب العمال"، لويزة حنون، السلطة بالسعي لشق صفوفه وتشجيع كوادر الحزب على الانشقاق وإحداث انقلاب تنظيمي، تزامنًا مع بروز مشكلات تنظيميّة مماثلة داخل أحزاب سياسيّة أخرى، يُعتقد أنها بدافع من السلطة عقابًا لها على موقفها من الانتخابات المبكرة.
خارجيًا، تسعى الجزائر لتحسين وتوطيد علاقاتها الخارجيّة الأفريقيّة، حيث استقبل رئيس الجمهوريّة، عبدالمجيد تبون، وزير خارجية مالي، زيني مولاي، وبحثا سُبل تطوير العلاقات الثنائيّة. وسلّمه الأخير رسالة من الرئيس المالي، باه نداو، تؤكّد على قرار تعزيز العلاقات التي ترتكز على الأمن والاستقرار. كما قام وزير الخارجية، صبري بوقادوم، بزيارة إلى تونس أكّد خلالها على إرادة البلدين تطوير التنسيق بخصوص الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
في سياقٍ متصل، تشهد العلاقات الجزائرية الموريتانية تطورًا في العمق الأفريقي؛ فقد توجه وزير الداخلية، كمال بلجود، إلى نواكشوط حيث ناقش مع نظيره الموريتاني، محمد مرزوك، ملف التعاون السياسي والمعابر البرية وتنمية المناطق الحدودية، إضافةً لملف التنسيق الأمني وتأمين الحدود.
عسكريًا، أجرى الجيش الجزائري مناورة بالذخيرة الحية في المنطقة الحدودية مع النيجر، بإشراف رئيس الأركان، سعيد شنقريحة، تحت شعار "تحدي تيريرين 2021"، وبمشاركة القوات الجوية والبرية وطائرات مقاتلة وطائرات استطلاع، وعمليات إنزال جوي للمغاوير، كما تم تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود جوًا. وتهدف المناورة "لاختبار الجاهزية القتالية، وتدريب القادة والأركان على قيادة العمليات، وتطوير معارفهم في التخطيط وتنفيذ المعارك".
إلى ذلك، أمرت المحكمة الجزائية بإيداع 24 شخصًا بالحبس بتهمة "المساس بوحدة الوطن"، بعد اعتقالهم أثناء مشاركتهم في تظاهرة للحراك الشعبي.