استنتاجات الموجز:
- رسالة غير مباشرة من "سعيد" إلى "المشيشي" و"الغنوشي" بعد تعطّل لغة الحوار بينهم بأنّ الحل يكمن بيد البرلمان والحكومة
- تحركات رئاسة أركان الجيش تدلّ أن الجزائر لن تكون في المدى القريب مسرحًا لعمليات عسكرية غير مدروسة
- منعطفٌ مغربيٌ حاسم في الخلاف بين "العدالة والتنمية" ومنافسيه حول "القاسم الانتخابي" بعد إقراره في المحكمة الدستورية
رغم أن الأزمة التونيسية تدور تحت غطاء دستوري وتُخاض بأدوات دستورية، إلّا أنّ عمقها السياسي هو المحدد إطارًا ومسارًا؛ إذ لا تلوح في الأفق القريب بوادر انفراج سياسي يؤسس لحل دائم بعدما تحولت إلى جدل سياسي حول ما يُسمى "حكومة الرئيس" و"حكومة البرلمان، فيما تجسّد حل الأزمة من منظور رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، برسم كاريكاتوري.
في التفاصيل، وبمناسبة "عيد الشهداء"، أطلع "سعيّد" كلًا من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة، هشام المشيشي، على "صورة كاريكاتورية" تصوّر امرأة على فراش المرض ترمز إلى ''تونس''، وبجانبها طبيب يحمل "وصفة" كُتب عليها "برلمان وطني محترم وزارة كاملة ومسؤولة"، بعد لقاء الرؤساء الثلاثة بروتوكوليًا، لأول مرة بعد الأزمة الوزارية.
خارجيًا، وفي ظل هذا التصاعد السياسي، التقى"سعيّد" بنظيره المصري، عبدالفتاح السيسي، خلال زيارة أجراها للقاهرة تهدف لربط جسور التواصل والتنسيق بين البلدين، حيث بحث الطرفان سُبل تعزيز التعاون الثنائي، لا سيما على الصعيد الأمني وتبادل المعلومات على رأسها مكافحة الإرهاب، إضافةً لمجالات الاقتصاد والتجارة وتبادل الاستثمار. ولاقت الزيارة جدلًا؛ حيث اعتبر الرئيس التونسي السابق، منصف المرزوقي، أنها "اصطفافًا" من قبل "سعيّد" ضمن المحور المصري - السعودي - الإماراتي. كما اتهمت "حركة النهضة" "سعيد" بنقل صراعات الحكم الداخلية للخارج، مشيرةً إلى أن زيارته "لم تكن مدروسة" وتم إنجازها بعجالة، بحثًا عن أوراق ضغط في مواجهة "المعارضة الداخلية"، المتمثلة في الحركة التي باتت تقف عقبة أمام سياساته.
خارجيًا أيضًا، وقّع "المشيشي" مع السفير الأمريكي، دونالد بلوم، مذكرة تفاهم حول "استراتيجية المساعدة الأمنية المشتركة" التي تتعلق بتطوير التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب، ومواصلة تطوير قدرات تونس على إنفاذ القانون والرفع من جاهزيتها في تأمين الحدود، وتوسيع جهود مكافحة التطرف العنيف والاستقطاب، إضافةً لتوطيد علاقات التعاون في مجالات اختصاص وزارتي الداخلية بالبلدين.
في سياقٍ خارجي آخر، صرح سفير تونس الجديد في موريتانيا، صبري الشعباني، بأنه "نقل للرئيس الموريتاني، محمد ولد الغزواني، تطلع تونس لمشاركته في الاستحقاقات الدولية القادمة خصوصًا القمة الفرانكفونية، والدورة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي".
في الشأن الجزائري، أعلن حزب "جيل جديد" عن مشاركته في الانتخابات البرلمانية المقبلة، لكنه حذّر من إمكانية "إعطاب الانتخابات والتشويش عليها" من قبل "رجالات نظام بوتفليقة" الموجودين في الإدارات بالتواطؤ مع أحزاب السلطة. كما هاجم رئيس الحزب، سفيان جيلالي، أحزاب الكتلة الديمقراطية التي قررت مقاطعة الانتخابات.
في الأثناء، خرج متظاهرون في عدة مدن في أكبر مظاهرات الجمعة 112 من الحراك الشعبي المطالب بالتغيير الجذري للنظام، فيما رُفعت شعارات رافضة لإقامة الانتخابات النيابية المبكرة. بدورها، أمرت المحكمة الجنائية بإيداع خمسة من ناشطي الحراك المناهض للنظام بالحبس المؤقت، في إطار تحقيق يجريه بتعرّض قاصر للتعذيب أثناء التحقيق معه.
دبلوماسيًا، أثارت الاضطرابات في العلاقة بين فرنسا والجزائر جدلًا على خليفة إلغاء زيارة وفد فرنسي يتقدمه رئيس الوزراء، جان كاستيكس، وجاء ذلك بطلب من الجزائر، وما اعتبِر "استفزازًا" فرنسيًا في ملف الصحراء الغربية ودعم الصحافة الفرنسية للحراك الجزائري، ما يؤكد عمق الفجوة بين البلدين. من جهتها، نفت السفارة الفرنسية بالجزائر أن يكون هناك أي تدخل للسفير، فرونسوا غوييت، في الشؤون السياسية الداخلية للبلاد.
أمنيًا، استقبل رئيس أركان الجيش، سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيوش الفرنسية، فرانسوا لوكوانتر، في زيارة تهدف لبحث التعاون العسكري الثنائي وتبادل الآراء حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، حيث طالب الأول بتسليم بلاده خرائط حول أماكن التجارب النووية التي أُجريت بصحراء الجزائر، لتطهير المنطقة من الإشعاعات، طالبًا دعم فرنسا خلال انعقاد الدورة 17 للفوج المختلط الجزائري - الفرنسي في أيار/ مايو المقبل، والتي تهدف إلى "التكفل النهائي بعمليات إعادة تأهيل موقعي ران وإن إكر، وتأمين الخرائط الطبوغرافية لتحديد مناطق دفن النفايات الكيماوية غير المكتشفة".
إلى ذلك، دعت الجزائر الأمم المتحدة لتقديم إثباتات كافية بخصوص حقيقة حمل المقاتلين السابقين في صفوف تنظيم "داعش" وعائلاتهم، الذين يتواجدون بقبضة قوات النظام السوري، للجنسية الجزائرية.
مغربيًا، نقل حزب "العدالة والتنمية" حربه لإسقاط تعديل القاسم الانتخابي على أساس المسجلين إلى المحكمة الدستورية، بعد أن تقدّم رئيس الكتله النيابية للحزب، مصطفى الإبراهيمي، بطعن على المادة 84 من مشروع القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب، المتعلقة بتعديل القاسم الانتخابي، تتضمن مقتضيات غير دستورية قبل أن يتبعها بمذكرة طعن أخرى.
بالمقابل، أجهضت المحكمة الدستورية آمال الحزب في إسقاط التعديل، بعدما قضت بدستورية مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب. وخلُصت المحكمة إلى أن القانون التنظيمي رقم 04.21 يعمل على تتميم القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، وأنه ليس فيه ما يخالف الدستور. وتعليقًا على قرار المحكمة الدستورية، اعتبر رئيس الحكومة، سعدالدين العثماني، أن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية "غير ديمقراطي"، معلنًا أنّ موقف حزبه الرافض لهذا الأمر لا يزال ثابتًا، وأضاف أن النضال مستمر والحزب باق على موقفه.
توازيًّا، طالب "العدالة والتنمية" رئيس مجلس النواب بمراسلة المحكمة الدستورية في شأن تجريد النائب، عبداللطيف الناصري، من عضوية المجلس، بعد أن قدَّم استقالته من الحزب، والذي كان ترشح باسمه في الانتخابات التشريعية، ثم التحق بحزب "التجمع الوطني للأحرار". واستند الحزب في مراسلته على المادة 90 من القانون التنظيمي لمجلس النواب.
في الأثناء، يسابق "العدالة والتنمية" كل التحركات التي تسعى لإقرار مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة "للقنب الهندي"، قبل انتهاء الدورة التشريعية الحالية، ويراهن على عامل الوقت، وعلى خطة تقوم على طلب آراء مؤسسات دستورية، وتشكيل مهام استطلاعية لمحاصرة المشروع وتداعياته على الصعيد الداخلي وعلى صورة الحزب لدى الرأي العام.
أمنيًا، أعلنت "وزارة الدفاع في الجمهورية الصحراوية" "استشهاد قائد سلاح الدرك، ألداه البندير، في مهمة عسكرية شمال الصحراء الخاضعة لسيطرة "جبهة البوليساريو". وأكد مسؤول عسكري صحراوي كبير أن "البندير" قُتل في هجوم شنته طائرة مسيّرة مغربية، مضيفًا أنه قُتل أثناء مشاركته في هجوم بمنطقة "بير حلو" ضد "الجدار" الرملي الذي يفصل بين المعسكرين.