استنتاجات الموجز:
- ملف الأمير حمزة ما زال مربكًا لصانع القرار وما زالت سيناريوهات مستقبل الأمير ودوره وخطره على ولاية العهد حاضرة ومفتوحة على كل الاحتمالات
- قراءات عدة لمستقبل الحالة الأردنية في صالونات السياسيين على رأسها توقعات بانفراجات سياسية ستجبر عليها الدولة على تنفيس حالة الإعجاب بالأمير حمزة المنافس
لا تزال قضية الأمير "حمزة" مسيطرة بالكامل على اهتمامات وأحاديث الأردنيين، وزاد الاهتمام بعد تشكيل أول هيئة دفاع عن المعتقلين على خلفية القضية التي اتُّهم أصحابها بزعزعة الأمن والاستقرار في الأردن. وكان لافتًا ظهور أسماء سبعة من المحامين وقعوا على أول بيان للهيئة؛ منهم المحامي الشهير، سميح خريس، ( قومي مناصر للأسد) وهو محام قوي أقرب إلى المعارضة. ومن بين الأسماء أيضًا "عاصم العمري"، ناشط حقوقي مهم قريب من أوساط ورموز المعارضة وله بصمة في الاشتباك مع أزمة نقابة المعلمين.
في الشأن ذاته، وبينما تطلق السلطات اسم “الفتنة أو المخطط” على الملف، يطلق المحامون بهيئة الدفاع تعبيرًا مثيرًا وجاذبًا وهو “المعتقلون في قضية الأمير حمزة ". ويسرد أعضاء هيئة الدفاع ما حصل في وجبة اشتباك أولى مع نيابة محكمة أمن الدولة؛ حيث تمكنوا من مقابلة خمسة من الموقوفين على ذمة القضية وهم: "صخر الفايز"، ناشط عشائري مقرب من الأمير "حمزة"، و"مصطفى أبو عنيز"، الذي سبق له العمل مع الأمير، و"فراس العكور" و"فؤاد الربابعة" وكلاهما وُصفا بأنهما مقربان من موظفين عملوا مع الأمير، إلى جانب "حتمل السرحان"، الذي أقام مأدبة دعا إليها الأمير وفقًا لأصول الضيافة العربية. وتصر هيئة الدفاع على نسف الرواية الرسمية بوجود تحرك فتنة أو انقلاب، وأن ما جرى يقع ضمن العلاقات الاجتماعية مع غياب كامل لاي ركن مادي أو معنوي للجريمة.
في سياق متصل، قال رئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، إن الأمير "حمزة" هو الذي رأى أن لا يتحدث علنًا حتى لو على الهاتف بعد أن وقع بيان الولاء وهذا قراره، إضافةً إلى أن الاتفاق الذي تم بينه وبين عمه، الأمير الحسن بن طلال، اتفق فيه أن يبتعد الأمير عن الأضواء الآن لحين الانتهاء من القضية.
في هذا الإطار، كشفت النيابة العامة لمحكمة “أمن الدولة” عن توقيف 18 متهمًا، كحصيلة نهائية للموقوفين في القضية. وكانت الحكومة أعلنت إبان حملة الاعتقالات التي جرت في الثالث من الشهر الجاري، أنه جرى توقيف ما بين 14 إلى 16 شخصًا، إضافةً إلى رئيس الديوان الملكي السابق، باسم عوض الله، وأحد الأشراف يدعى "حسن بن زيد".
لكن بعيدًا عن التحقيق في إطاره الأمني أو حتى القانوني، طُرحت أسئلة مبكرة لا تتعلق الإجابة عليها حصريًا بشغف الرأي العام بمعرفة التفاصيل ولا بمسار الأحداث نفسها، لكنها تتعلق بكلفة وتداعيات وتدحرج التفاصيل السياسية، خصوصًا فيما يتعلق بتأثيرها على علاقات الأردن الإقليمية أو الجوار أو حتى العلاقات الدولية. ففي هذا السياق، تتكاثر التساؤلات حول الكلفة السياسية، وأغلب التقدير أن جهات التحقيق حتى في أعلى مستوى النيابة، لا تزال في حالة بحث عن الطريقة الأفضل لتجاوز مطب تعريف الجهات الخارجية. وهنا تحديدًا يبدو الموقف معقدًا قليلًا، رغم طلب العديد من أعضاء مجلس النواب بالكشف عنها، لكن مصلحة أو شبكة مصالح البلاد السياسية والإقليمية قد تدفع باتجاه حسابات أكثر دقة، عندما يتعلق الأمر بتعريف وتحديد ماهية وملامح تلك الجهات الخارجية.
بموازاة ذلك، وفي خضم بحث صانع القرار عن حبكة إخراج لمشهد القضية، أكد مصدر دبلوماسي غربي أن ترتيبات جديدة إدارية وأمنية تعصف بمكاتب الديوان الملكي حاليًا؛ حيث شُكلت خليتان للأزمة بعد الإعلان عن القضية على مستوى مجلس السياسات، والثانية تحاول تتبع وملاحقة الهجمة الإلكترونية العنيفة على الأردن.
من جهته، ورغم غضبه، ظهر الملك بعد إعلان رسالته وبعد احتفال بسيط بمناسبة مئوية الدولة، ظهر الأحد، في نشاط عام حيث زار سوقًا للمواد الغذائية يتبع الجيش ويحمل اسم “أسواق السلام”، وكان ذلك النشاط العام الوحيد الذي ظهر فيه بعد الإعلان عن "مخطط فتنة".
لكن على مساحة أبعد، يقترح مستشارون كبار العودة في نظام وهيكلة أنشطة أفراد العائلة المالكة كلها إلى ما كان عليه الأمر في السبعينيات، كأن يحد من تحركات أفراد العائلة الذين زاد عددهم خارج السياق الدستوري. وقال سياسيون كبار إن ما حصل مؤخرًا قد يضعف مؤسسة ولاية العهد، والأهم أن شؤون العائلة المالكة بالعادة لم تكن عرضة للتجاذب والنقاش بين أوساط الجمهور، أو حتى على مستوى الصحافة والإعلام في الخارج كما كانت عليه الأمور خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
في سياق قريب، نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالًا للأستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة تيمبل الأمريكية، شين يوم، خصصه للوضع في الأردن، واختار عنوانًا لمقالته: “الأردن أصبح مملكة موز”، وحذر فيه من أن البلد ينهار أمام سمع ونظر أمريكا. وقال الباحث إن البريطانيين قاموا برسم المملكة في 1921 ونصّبوا عليها الهاشميين عبر رعاية وحماية العشائر، وتحديدًا بعد موجات اللاجئين من فلسطين عامي 1948 و1967. وكانت الصفقة مع العشائر “الخبز مقابل الولاء”. ومنذ وصول الملك "عبد الله الثاني" إلى الحكم في 1999 رأى قادة العشائر أن الكثير من الوظائف والخدمات قد اختفت، ودخل الأمير "حمزة" إلى داخل هذه العلاقة المتوترة بين الملكية والعشائر.
ويستطرد "يوم" بالقول إن الأردن تحول إلى “ملكية موز”؛ باتت شرعيته ممزقة وتحتاج للدعم والسلاح من واشنطن للنجاة. ويضيف الكاتب: "في حالة الأردن، حافظت الحكومة على سيادة أمريكا بالمنطقة وحمت "إسرائيل" وتجاهلت في الوقت نفسه مشاكل الشعب. وحكام كهؤلاء يستسلمون لأسوأ أنواع الاستبداد المفرط ويثرون أنفسهم وينفرون مجتمعهم منهم. ويتجاهلون الإشارات عن الثورة القادمة على اعتقاد منهم أن أمريكا ستنقذهم ولكنها لا تفعل."
خارجيًا، وفي ملف العلاقة مع تل أبيب، أفاد مصدر مسؤول بأنه “لا صحة لتقارير صحفية زعمت أن الاردن طلب مساعدات طبية من تل أبيب"، وذلك ردًا على مصادر قالت إن "إسرائيل" ستنقل قريبًا مساعدة طبية واسعة لمساعدة المملكة على التصدي لتفشي وباء "كورونا"، وستحوّل هذه المساعدة بناء على طلب من الأردن.
أمنيًا، أعلن الجيش إصابة أحد ضباطه ومقتل متسلل، أثناء إحباط محاولة تهريب مواد مخدرة من سوريا، حيث تم ضبط كميات كبيرة من مادة الحشيش والمواد المخدرة الأخرى.