استنتاجات الموجز:
- خيبة أمل "إسرائيلية" من عدم جدوى القبة الحديدية وسط مخاوف من تفاقم تهديد الطائرات المسيرة
- جهود استخبارية "إسرائيلية" لملاحقة النووي الإيراني مقابل الكشف عن نقاط ضعف "إسرائيل" في ذكرى تأسيسها
انشغلت الأوساط الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" بالعديد من التطورات التي شهدتها دولة الاحتلال في الأيام الأخيرة، لاسيما حالة القلق من تراجع جدوى وفعالية "القبة الحديدية" في الذكرى السنوية العاشرة لبدء إطلاقها. هذا، فيما كُشف النقاب عن مزيد من الجهود الاستخبارية التكنولوجية لمتابعة تطورات النووي الإيراني، وصولًا إلى تنامي المخاوف "الإسرائيلية" من تهديد الطائرات المسيرة التي تحوزها قوى المقاومة، وانتهاءً برصد أهم نقاط ضعف "إسرائيل" في الذكرى الـ73 لتأسيسها.
فمع مرور عقد كامل على بدء عمل منظومة "القبة الحديدية" للتصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، صدرت تقييمات "إسرائيلية" محبطة أثبتت عدم فعاليتها، وأظهرت عجزًا في قدرتها على إيقاف صواريخ المقاومة. في الوقت ذاته، يحظر الاعتماد فقط على نظام دفاع يعتمد على تكنولوجيا الصواريخ الاعتراضية، لتوفير استجابة فعالة للتهديدات الصاروخية، التي قد تلحق أضرارًا بالغة بالحرب المستقبلية في الجبهة الداخلية، ومنشآتها الاستراتيجية وقوات الجيش، وتشمل هذه التهديدات الطائرة وصواريخ وقذائف.
وفي حين دأبت قوى المقاومة على تهديد جبهة "إسرائيل" الداخلية، سواءً "حماس" في غزة أو "حزب الله" في لبنان وكذلك إيران، فإن "القبة الحديدية" لا توفر سوى رد جزئي قصير المدى مع "ثقوب" وبكميات محدودة، كما أن نظام "القبة الحديدية" له العديد من القيود، بما في ذلك نطاق الاعتراض الفعال للصاروخ قصير الاعتراض. وفي بعض الحالات يتم إطلاق صاروخين لاعتراض صاروخ فلسطيني واحد، ما يتطلب إعداد مخزون كاف لصواريخ المنظومة مع التهديد بمزيد من الصواريخ، وسيتطلب ذلك عدة مليارات من الدولارات. لذلك لن يتمكن الجيش من نشر عدد محدود فقط من الصواريخ التي ستكون كافية لتشغيل أنظمة القبة لفترة محدودة فقط، وسيستغرق إنتاج الصواريخ الجديدة فترة زمنية طويلة، وإلا ستفتقر خلالها دولة الاحتلال للدفاع عن نفسها.
بموازاة ذلك، كُشف النقاب عن أنشطة ضباط الاستخبارات التكنولوجية "الإسرائيلية" وهم يصفون العمليات الأكثر سرية، والمتخصصة في كشف تفاصيل المشروع النووي الإيراني، والتواجد العسكري الإيراني في سوريا، بما في ذلك سطو الموساد على الأرشيف النووي في طهران. في التفاصيل، يستدعي قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات جنود ساحة الاستخبارات التكنولوجية، المسؤولين عن التحقيق في التقنيات التي تمتلكها المنظمات المسلحة والدول المعادية، ويدرسون الصواريخ والطائرات بدون طيار والأسلحة الكيماوية والبيولوجية والبنية التحتية والشخصيات والمناطق الجغرافية في إيران وسوريا، وصولًا لاكتشاف الأسرار التكنولوجية للعدو الذي يهدد "إسرائيل"، لاسيما في مجال الأسلحة النووية في الشرق الأوسط والمشروع الإيراني، بتكديس مواد استخباراتية كافية.
وقد ساهمت هذه الوحدة في الهجوم على المفاعل النووي في العراق 1981، وساهمت في فك الأسرار التكنولوجية للعدو، وآخرها وأكثرها دراماتيكية هو الكشف عن المفاعل النووي في سوريا 2007. ويعمل في الوحدة ضباط قضوا معظم سنواتهم في الجيش بوحدات سرية، مشغولين على مدار الساعة بأسئلة مثل: كيف يبدو البرنامج النووي الإيراني؟ وما مكوناته؟ ومتى سيكون لدى الإيرانيين قنبلة نووية؟
لكن نقطة تحول في تفكير شعبة المخابرات حصلت مع الكشف عن أرشيف الأسلحة النووية الإيراني في أوائل 2018، من خلال سرقة الصناديق التي تحتوي على وثائق وأقراص مدمجة كانت بمثابة أرشيف سري للغاية للإيرانيين من أراضيهم، وتم نقلها إلى "إسرائيل"، وتبين بعد فك رموز الوثائق وترجمتها أنه "ليس لدينا شك في أن إيران تعمل على تطوير أسلحة نووية".
في ظل كل هذه التطورات، كشف مراقب الدولة أن خطط حماية القواعد والمرافق من تهديد الطائرات بدون طيار لم يتم تنفيذها بالشكل المطلوب، ولم يتم الانتهاء من التنظيم في هذا المجال، وأن معظم طياري الطائرات الشراعية لا يحتاجون إلى تصاريح للطيران. وحذر تقرير المراقب أن "إسرائيل" غير مستعدة للتعامل مع تهديد الطائرات المسيرة، مشيرًا إلى أن حماية المنشآت الأمنية من هذا التهديد ليس كافيًا، خاصةً أن هذه الطائرات تحلق أحيانًا بعناصر مدنية، ويلاحظ أنه في كلا المجالين لم تنفذ الإجراءات على النحو المطلوب.
كما لاحظ تقرير المراقب أن التأهب "الإسرائيلي" للدفاع ضد تهديد الطائرات المسيرة ليس كما ينبغي، وبالتالي فقد باتت هذه الطائرة تصنف أنها تهديد أمني للطيران المدني "الإسرائيلي". ورغم أنه لا يوجد رد في "إسرائيل" على العلاج المناسب لمشكلة الطائرات المسيرة، إلا أن الشرطة وسلطة الطيران المدني لم يحسموا المشكلة كما هو مطلوب، ولم تقم الشرطة بصياغة قدرات للتعامل معها، في ظل التهديد الذي قد تشكله كجزء من الحوادث الأمنية المفاجئة.
ويكشف التقرير أيضًا أنه تم تجهيز الجيش "الإسرائيلي" بأنظمة مضادة للطائرات المسيرة، بأقل من ربع المبلغ المطلوب لحماية معسكرات ومنشآت الجيش مقارنةً بالحاجة المقدمة في قسم العمليات. ونتيجة لذلك، فإن هناك خوفًا من أنه في حالة تهديد الطائرة المسيرة لمعسكر أو منشأة تابعة للجيش، فلن تتمكن أطقم الأمن من الدفاع عن "إسرائيل" بشكل صحيح.
في الوقت نفسه، وفي الذكرى السنوية الـ73 لإعلان قيام "إسرائيل" لم تكن دولة الاحتلال ذات سياسة وطنية واستراتيجية واضحة وطويلة الأجل، رغم أن هذه المناسبة كشفت عن العديد من نقاط ضعفها، والتي يتمثل أهمها في عدم الاستقرار السياسي داخل الحكومة، والمركزية المفرطة، لاسيما الحكومة المركزية بمواجهة الحكومة المحلية، وانعدام الثقة بين المنتخبين والمهنيين، والتعاون غير المرضي بين الوزارات الحكومية.
وهناك المزيد من نقاط الضعف "الإسرائيلية"؛ تتركز في نظام تعليمي مركزي ومرهق يجد صعوبة في تخطيط وتنفيذ التغيير المطلوب. أما نظام التنمية لتدريب رأس المال البشري فلم يتم تطويره ورفع كفاءته بما يكفي، فضلًا عن فجوات عميقة في البنية التحتية في النقل والاتصالات والإسكان، وهذه معظم نقاط الضعف "الإسرائيلية" في الواقع قبل فترة طويلة من "كورونا"، وليست مرتبطة بهذه الأزمة.
وفي مواجهة هذا كله، هناك حاجة "إسرائيلية" إلى سياسة وطنية واستراتيجية وواضحة وطويلة الأمد، لكن هذا لم يكن موجودًا منذ سنوات عديدة، حتى خلال مرحلتي التأسيس والمأسسة للدولة، وكذلك في العقود التالية، رغم أن "ديفيد بن غوريون"، أول رئيس حكومة "إسرائيلية"، أكد أن الجهود الاستراتيجية الرئيسية للدولة تشمل تعزيز الأمن والهجرة والاستيطان.