استنتاجات الموجز:
- تحديد موعد الانتخابات الرئاسية من قبل النظام يُمثل إعلانًا منه عن تبديد أعمال "اللجنة الدستورية" وانسداد أفق الحل السياسي على المدى المنظور
- تصاعد حالة الفلتان الأمني شرق الفرات وسط عجز "قسد" أمام الأزمات الأمنية المتصاعدة
حسم النظام قراره بإجراء الانتخابات الرئاسية في 26 أيار/ مايو المقبل، وفق دستور وضعه عام 2012، ما يعني تبديد أعمال "اللجنة الدستورية" التي ماطل النظام في أعمالها لخمس جلسات خلال عام ونصف. ويمثل تحديد موعد الانتخابات الرئاسية إعلانًا من النظام وداعميه الروس والإيرانيين عن انسداد أفق الحل السياسي على المدى المنظور، وفشلًا من حلفاء النظام في تسويق مشاريعهم للحل. وكان مجلس الشعب السوري عقد جلسة استثنائية لتحديد موعد الانتخابات الرئاسيّة، وأعلن رئيس المجلس، حمودة الصباغ، عن موعد الانتخابات وفتح باب الترشح، داعيًّا الراغبين بالترشح إلى تقديم طلبات الترشيح إلى المحكمة الدستورية العليا.
ولا يشكل ترشح "الأسد" لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة حدثًا مفاجئًا، إذ ينظر السوريون، معارضين ومؤيدين ومعهم المجتمع الدولي، أن الانتخابات ليست سوى محطة للتجديد "للأسد" لولاية رئاسية رابعة مدتها سبعة أعوام. وأعلن "الصباغ" ترشح "الأسد"، مشيرًا إلى أنه "ورد إلى المجلس كتاب المحكمة الدستورية العليا رقم 6 والمتضمن الطلب المقدم من الأسد بترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية". ومنذ إعلان موعد الانتخابات وفتح باب الترشح ورد إلى مجلس الشعب عبر المحكمة الدستورية العليا، ستة طلبات للترشح، كان آخرها طلب "الأسد"، فيما لا يزال باب الترشح مفتوحًا. وبحسب الدستور الحالي، يتطلب أن يحصل طالب الترشيح على تأييد خطي من 35 عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، ولا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يمنح تأييده إلا لمرشح واحد.
إلى ذلك، خرجت تصريحات لاذعة من دول غربية معارضة للانتخابات، مشيرةً إلى عدم شرعيتها وشرعية نتائجها المستقبلية؛ حيث اتخذت أمريكا موقفًا حازمًا حيال الانتخابات يتطابق معه موقف أوروبي صارم، لا سيما من فرنسا وألمانيا ورئاسة الاتحاد الأوروبي، برفض الانتخابات ونتائجها المستقبلية، دون التوصل إلى حل سياسي شامل في البلاد، تكون مصدره الأروقة الأممية وطبقًا للقرارات الدولية وأولها القرار 2254.
في الأثناء، ترى المعارضة أنّ الإعلان عن إجراء الانتخابات ما هو إلا "مسرحية" و"مهزلة حقيقيّة" تعيد ما حدث عام 2014، مضيفةً أنّ النظام يمتلك أسوأ سجل في حقوق الإنسان، ولم يقم بإجراء أي عملية ديمقراطية نزيهة منذ استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري. من جانبها، كشفت مصادر في "الإدارة الذاتية" لشمال وشرق سوريا أن الأخيرة لن تسمح بوضع صناديق الانتخابات الرئاسية في المناطق التي تسيطر عليها قوات "قسد"، مُشيرةً إلى أنّ التقدير العام لدى الأحزاب الكرديّة يشير إلى عدم مشاركة الإدارة وأحزابها في الانتخابات.
في غضون ذلك، عقدت هيئة التفاوض عن وفد المعارضة اجتماعًا مع لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي، جرى خلاله بحث ملف الانتخابات والعقوبات ومسألة المعتقلين واللاجئين السوريين في الدانمارك. وأكّدت المعارضة على أهميّة وفعالية العقوبات التي تستهدف النظام دون المساس بالمساعدات الخاصة بجائحة "كورونا"، وضرورة استمرارها وتشديدها، موضحةً أنّ الموقف الأوروبي واضح بخصوص التطبيع مع النظام، وأنّه "دون حل سياسي وتطبيق القرار 2254 لن يكون هناك تطبيع أو إعادة إعمار في سوريا".
بموازاة ذلك، أرسل المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، مقترحًا لجدول أعمال الجولة السادسة من اجتماعات "اللجنة الدستورية"، ساعيًا للتوسط لكسر حالة عدم التوافق بين النظام والمعارضة. وقدم "بيدرسون" منهجية سير الجولة السادسة، وطلب الاتفاق على أجندة الجولة التي تليها قبل نهاية الجولة السادسة، كما يُقدم المقترح تصورًا حول دور الرئيسين المشتركين للجنة، هادي البحرة و"أحمد الكزبري، خلال الجولة لـ"تعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية".
في سياقٍ آخر، جردت الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، سوريا من حقوق التصويت في المنظمة، بعدما تبين أن قوات النظام استخدمت مرارًا غازات سامة ضد المدنيين السوريين. وأيّدت أغلبية الدول خلال التصويت قرارًا بإلغاء حق سوريا في التصويت في المنظمة على الفور. بدوره، رحّب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بتقرير المنظمة وأيّد نتائجه، معتبرًا أنها تؤكد فشل حكومة النظام في الامتثال لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، بعد أكثر من سبع سنوات من اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2118.
توازيًّا، تسعى جبهة سياسية معارضة تضم تيارات عربية وكردية وآشورية شمال شرق سوريا، لفرض نفسها لاعبًا رئيسيًا في المنطقة التي يسيطر عليها حزب "الاتحاد الديمقراطي". وأعلنت "جبهة السلام والحرية" أنها عقدت اجتماعًا لـ"استكمال التداول في الشأن التنظيمي الداخلي، ومناقشة اللوائح الداخلية وعمل المكاتب المتخصصة"، إضافةً لإجراء بعض التعديلات على اللوائح الداخلية التي أعدتها اللجنة التحضيرية، ومن شأنها تطوير آليات العمل داخل الجبهة". واعتبرت الجبهة نفسها "نواة وطنية سورية، جاءت تلبية لمشروع وطني يضمن حقوق جميع المكونات العرقية والدينية، التي تجاهلت الدساتير السورية السابقة حقوقها ومورست بحقها إجراءات عنصرية"، آملةً أن تكون "مشروعًا وطنيًا يجسّد ثقافة الحوار، ومظلة لمختلف القوى السياسية الوطنية".
عسكريًا، شهدت عدّة مناطق شمال غرب وشمال شرق سوريا اشتباكات عسكريّة بين قوات المعارضة وقوات النظام، إضافةً لاشتباكات عنيفة بالبادية السوريّة بين تنظيم "داعش" وقوات النظام. وقصفت قوات النظام مناطق متعددة في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وسط تحليق للطائرات الحربية الروسية في أجواء ريفي حلب الشمالي والشرقي، بينما رّدت قوات المعارضة بقصف مراكز قوات النظام، ما أدى لقتل وجرح عدد منها، كما استهدفت قوات النظام بالرشاشات الثقيلة محاور التماس في العنكاوي شمال غرب حماة.
وفي البادية أيضًا، شكك كثيرون في الرواية الروسية عن مقتل عدد كبير غير مسبوق من عناصر "داعش" بقصف جوي، ويضعونها في سياق محاولات موسكو توظيف الصراع مع التنظيم سياسيًا، وتعزيز وجودها العسكري في البادية. من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ سلاح الجو قتل ما يقارب 200 "مسلح إرهابي"، إثر استهداف معسكر تدريبي في محيط مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، وتدمير 24 سيارة رباعية الدفع محملة برشاشات من العيار الثقيل. كما شنّ الطيران الروسي مئات الغارات الجوية على مواقع يُعتقد أنها تتبع لـ"داعش" في البادية.
أمنيًا، لا يزال الفلتان الأمني السمة الأبرز في مناطق سيطرة "قسد"، خصوصًا في الرقة ودير الزور، اللتين تكثر فيهما حوادث القتل ومحاولات الاغتيال التي تطال وجهاء؛ فقد وقعت محاولة اغتيال أحد وجهاء الريف الغربي للرقة أثناء وجوده في مدينة الطبقة، حين أطلق مجهولون النار عليه. ويبدو الوضع يريف دير الشرقي أكثر صعوبة، مع وجود ما يُعتقد أنها خلايا لـ"داعش" تنفذ عمليات اغتيال وقتل على نطاق واسع في هذا الريف.