استنتاجات الموجز:
- تفاقم أزمة النظام الاقتصادية وسط محاولات روسيّة مصريّة إماراتيّة لإعادة تعويمه وتقديم مساعدات مالية ورفع العقوبات
- النظام يواصل المماطلة في أعمال "اللجنة الدستورية" تمهيدًا لإجراء الانتخابات الرئاسيّة
- روسيا تسعي لتوسيع نفوذها بالبادية السورية عبر تحضيرها لشن عملية عسكرية ضد "داعش"
ما زالت الأزمة الاقتصاديّة المتفاقمة تعصف بمناطق النظام السوري، الذي عجز عن تقديم حلول اقتصادية وسياسيّة لأزمته الأخيرة رغم المحاولات الروسيّة والإيرانيّة لإعادة تعويمه، وفتح معابر مع مناطق المعارضة لتحسين الوضع الاقتصادي. وتشهد مناطق سيطرة النظام منذ أسابيع أزمة وقود خانقة أدت إلى شلل شبه كامل لحركة النقل داخل المدن وخارجها.
وأمام هذا الواقع، تتجه حكومة النظام لفرض مزيد من التشديد على الأسواق عبر مزيد من العقوبات المادية التي وصلت 10ملايين ليرة سورية، ورفع سنوات السجن للتجار المخالفين لقراراتها، بينما تستمر أجهزة الأمن في اعتقال المتعاملين بغير الليرة السورية، ومن يقومون بحوالات مالية خارج البنوك التي سمح بها النظام. بدوره، ناقش مجلس وزراء النظام مشروع صك تشريعي خاص بتعديل أحكام قانون حماية المستهلك رقم 14 لعام 2015، والذي يتضمن التشديد في عقوبات المخالفات الجسيمة المتعلقة بالاتجار بالمواد المدعومة والغش، وإضافة عقوبات مشددة بحق مخالفات الاحتكار، وبيع المواد مجهولة المصدر، والمتاجرة بالمواد المقدمة من خلال البطاقة الإلكترونية.
في الأثناء، وصلت مطار دمشق طائرة مساعدات إماراتيّة، تحمل مساعدات غذائية وطبيّة تتعلق بمواجهة فيروس "كورونا"، فيما تحدثت حكومة النظام عن انفراج قريب لأزمة الوقود مع وصول ناقلة نفط إيرانية لميناء بانياس على الساحل السوري. وجاءت المساعدات الإماراتية بعد توضيح من وزارة الخزانة الأمريكيّة بأن "قانون قيصر" الذي يعاقب النظام، لا يشمل السلع والمواد الغذائية والطبية. كما يأتي وصول الطائرة الإماراتية تزامنًا مع مطالب من الإمارات وبعض الأطراف العربية بعودة النظام إلى جامعة الدول العربية، وإعادة النظر في "قانون قيصر". وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إنه من الضروري عودة سوريا إلى الجامعة، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقب لقاء جمعه مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف.
من ناحية أخرى، تستخدم روسيا مسألة المعابر الإنسانية لإدخال مساعدات أممية إلى الداخل السوري، كورقة لتعزيز سلطة النظام وإنعاش اقتصاده، مع عرقلتها مساعي من قبل الأمم المتحدة لإعادة افتتاح ثلاثة معابر، كانت معتمدة لتخفيف معاناة ملايين السوريين الخارجين عن سيطرة النظام شمال وشمال شرق سوريا. وفي هذا السياق، بزر كلام لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فولكان بوزكير، خلال زيارته لولاية هاتاي التركية، مبديًا أمله في أن يُزيد مجلس الأمن عدد المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية للداخل السوري. وأضاف "بوزكير" أنّ لدى الأمم المتحدة بوابة واحدة مفتوحة من أصل أربعة لإيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سوريا، متمنيًّا أن يرفع مجلس الأمن عدد هذه البوابات في أقرب فرصة.
في غضون ذلك، التقى رئيس النظام، بشار الأسد، وكبار المسؤولين مع مبعوث الرئيس الروسي، ألكسندر لافرنتييف، لبحث آخر تطورات الملف السوري، وعلى رأسها العملية السياسية المتمثلة في "اللجنة الدستورية"، والعقوبات الأمريكية على النظام. واعتبر الطرفان أن الضغوط التي تمارسها أمريكا وبعض الدول الغربية تعرقل عمل اللجنة، فيما جدد الوفد الروسي دعم بلاده لوحدة الأراضي السورية، واستعادة النظام لكافة الأراضي الخارجة عن سيطرته، وعبّر عن رفض موسكو لأي خطوة أو إجراء يخرق سيادة سوريا، مؤكدًا عزم بلاده على القضاء على ما تبقى من وجود للتنظيمات الإرهابية.
ورغم إعلان النظام عن دعم أعمال "اللجنة الدستوريّة"، إلّا أنّه يتجه لمزيد من المماطلة، بهدف تمرير الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران/ يونيو المقبل وإعادة تنصيب "الأسد" رئيسًا لولاية جديدة، قبل عقد جولة جديدة من اجتماعات اللجنة. وذكرت مصادر مقربة من الرئيس المشترك "للجنة الدستورية" عن وفد النظام، أحمد الكزبري، أنّ الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة، لن تعقد قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأنّ المماطلة ستظل قائمة حتى انعقاد الانتخابات الرئاسية، مؤكدةً أن وفد النظام سيتذرع أمام المبعوث الأممي، غير بيدرسون، والدول الفاعلة لتأجيل عقد الجولة السادسة، بحلول شهر رمضان وصعوبة التنقل والتفاوض خلاله بأريحية.
بموازاة ذلك، دخلت ثلاث قوى سريانية في سوريا (حزب الاتحاد السرياني، والحزب الآشوري الديمقراطي، والمنظمة الآثورية الديمقراطي)، في حوار داخلي "سرياني - سرياني"، حيث تجري جلسات الحوار في القامشلي، بهدف التوحد تحت مظلة العامل "السرياني" وتمثيل السريان سياسيًا ودستوريًا في سوريا. ويسير الحوار السرياني في مساحة تتجاوز مساحة المشاكل والعقبات، وتفضي للالتقاء في عديد من النقاط ضمن تقاطع إيجابي، كما يسير وفق النهج المرسوم له وضمن رؤية مستقبلية واضحة لحد ما، بحسب هذه القوى. ويواجه الحوار السرياني مسألة التموضع السياسي، كون "المنظمة الآثورية الديمقراطية"، هي عضو في الائتلاف وهيئة التفاوض المعارضة، بينما حزب "الاتحاد السرياني" والحزب الآشوري هما أعضاء في "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد).
في الشأن العسكري والأمني، تحوّلت البادية السورية إلى مسرح عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد تنظيم "داعش"، حيث تسعى روسيا لبسط نفوذها بشكل أكبر بالبادية، عبر تجهيزها لشن عمليّة عسكريّة ضد "داعش"، الذي تعاظم نشاطه بكثرة في الآونة الأخيرة على امتداد البادية، موقعًا عشرات القتلى من خلال نصب الكمائن، واستهداف الأرتال العسكريّة القوافل النفطية التابعة للنظام. وبدأت المجموعات والفيالق التابعة لروسيا، إضافةً للفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري، بحشد قواتهم بمناطق السخنة وتدمر بريف حمص الشرقي، حيث أرسلت الفرقة الرابعة رتلًا عسكريًّا مؤلفًا من 35 آلية عسكريّة ومدافع ثقيلة ودبابات. كما شنت الطائرات الحربية الروسية وطائرات النظام أكثر من 18 غارة جوية بصواريخ شديدة الانفجار، استهدفت مواقع لخلايا التنظيم في مناطق جنوب دير الزور، وغرب محافظة الرقة، وشرق حماة، إضافةً لجنوب حلب، تزامنًا مع عمليات تمشيط برية تقوم بها قوات النظام، فيما لم ترد أية معلومات عن وقوع قتلى في صفوف التنظيم.
علاوةً على ذلك، تتخذ قوات النظام وأجهزته الأمنية من "داعش" ذريعة لمحاولة إخضاع كل مدن وبلدات محافظة درعا. وفي أحدث محاولات النظام لإخضاع بلدات الجنوب السوري، اجتمع ضباط في الشرطة العسكرية الروسية مع قياديين سابقين في فصائل المعارضة في مدينة جاسم، حيث حمل الجانب الروسي رسائل من النظام تزعم وجود خلايا من "داعش" في جاسم وبين أهلها، وتقوم باستهداف عناصر من قوات النظام وشخصيات مقرّبة من الشرطة الروسية.
في خضم هذه الأحداث، ما زالت إدلب مسرحًا للعمليات العسكريّة بين قوات النظام والمعارضة، رغم سحب حوالي 80% من القوات باتجاه البادية. وجدد الطيران الحربي الروسي قصفه لمنطقة حرش بسنقول بريف إدلب، قرب الطريق الدولي "إم-4"، ما أسفر عن أضرار مادية بالأراضي الزراعية، وإصابة عنصرين من فصائل المعارضة يتبعان "الجبهة الوطنية للتحرير".