استنتاجات الموجز:
- تونس تشهد صراع صلاحيات وانقلابًا ناعمًا على الدستور بقيادة "سعيّد" إثر إقحام المؤسسات الأمنية في التجاذبات السياسيّة
- فئة الأعيان في المغرب تخترق البنيان التنظيمي للأحزاب لإزاحة "العدالة والتنمية" من المشهد السياسي
- محاولة لتعويم نظام "تبون" دبلوماسيًا وسط حراك إقليمي لبلورة المقاربات للقضايا الأفريقية المحيطة
ما زالت الأزمة التونسية تتفاقم حتى تحولت العلاقة بين أطراف الحكم إلى ما يشبه "لعبة الشطرنج"؛ حيث يحاول كل طرف دفع الآخر للاستسلام. كما يزداد المشهد استعصاءً وضبابية في ظل حالة الجذب المتواصلة، لا سيما من جهة رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، في خطوة ليست جديدة لحجب أي محاولة لحلحلة الأزمة، وذلك من خلال إعلانه توليه رئاسة قوات الأمن الداخلي بمناسبة الذكرى الـ65 لتأسيسها. وأمام هذا الواقع، لم يكن متوقعًا أن يعلن "سعيّد" أن رئيس الجمهورية ليس القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية فقط، وإنما القائد الأعلى لبقية القوات المسلحة، الشرطة والجمارك، والتي تخضع منذ عقود لإمرة الحكومة.
بدوره، رد رئيس الحكومة، هشام المشيشي، على تصريحات "سعيّد"، معتبرًا أنّها ''خارج السياق وفاتحة للانقضاض على دولة القانون، وأنّه لا موجب للقراءات الشاذة للدستور، مشددًا على أن هذه التصريحات تعطي الأولوية القصوى لتشكيل المحكمة الدستورية، والتي تمثّل الهيكل الوحيد للبت فيها. من جانبها، اتهمت "حركة النهضة" "سعيّد" بخرق الدستور واعتباره وثيقة لتبرير نزوعه نحو الحكم الفردي، و"التعدي" على النظام السياسي وصلاحيات رئيس الحكومة.
ومع تراجع حظوظ الحوار الوطني، أكد المتحدث الرسمي باسم "النهضة"، فتحي العيادي، وجود مشاورات أطلقتها الحركه لحلحلة الأزمة، مشددًا على أهمية الحوار حول توسيع أو تغيير الحكومة بحكومة كفاءات وطنية، بشرط الاحتفاظ برئيسها "المشيشي"، إضافةً للقيام بالإصلاحات في المجال الاقتصادي والاجتماعي.
في الأثناء، لم يفلح البرلمان في تجاوز أزمة المحكمة الدستورية التي تزداد تعقيدًا؛ إذ يبدو أن البرلمان لم يعد عاجزًا فقط عن جمع الثلثين للانتخابات، بل أصبح عاجزًا عن جمع الأغلبية المعززة للتصويت، فلم يجد حلولًا سوى تأجيل الجلسة الانتخابية وإرجاء مناقشة رد "سعيّد" على تعديلات القانون المنظم للمحكمة.
في سياقٍ منفصل، أعلن المدير العام لوكالة الأنباء الرسمية، كمال بن يونس، استقالته من منصبه عقب احتجاجات الصحفيين لتعيينه وتهديدهم بالإضراب العام، احتجاجًا على اقتحام الشرطة المقر لفرض تنصيب "بن يونس"، معتبرين أنه يهدف لسيطرة الحكومة على الوكالة ويهدد استقلاليتها. بموازاة ذلك، يدفع المواطن ثمن حالة عدم الاستقرار وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث أضرم المواطن "كمال عبادلية" النار في نفسه، أمام مقر محافظة بوزيد، وذلك بعدما عانى إثر تعرضه لإصابات خلال الاحتجاجات، ومن وضعة الاجتماعي الصعب.
في شؤون داخلية متفرقة، أصدر المحكمة الابتدائية قرارًا بفرض غرامة مالية بقيمة ستة ملايين يورو بحق "نبيل القروي" في قضايا تتعلق بتبييض أموال، وبعدم التصريح الجمركي بعائدات مالية في عمليات التصدير. وفي الشأن الأمني، كشف تقرير الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب عن تفاقم التعذيب داخل السجون، مشيرًا إلى أن ظروف الموقوفين غير مطابقة للمعايير الدولية. وأوضح التقرير أنّ تكريس سياسة الإفلات من العقاب بالنسبة لعناصر الأمن يفاقم الظاهرة. إلى ذلك، تمكّن الحرس البحري بمحافظة صفاقس من انتشال 20 جثة لمهاجرين غير شرعيين من جنسيات مختلفة، متجهين نحو السواحل الإيطالية.
مغربيًا، تشهد الساحة الحزبية سباقًا لاستقطاب مرشحين يمتلكون قدرات تساعد على رسم الخريطة الانتخابية، بالاعتماد على المال والمكانة الاجتماعية. لذا، بدا لافتًا ارتفاع الطلب على "فئة الأعيان"، فيما احتفظت بعض الأحزاب بأعيان معروفين، وترشيحهم باعتبارهم "الأقدر" على منافسة حزب "العدالة والتنمية". كما تُراهن الأحزاب على حث الشباب للمشاركة في الاستحقاق بينما تراجع نسبة مشاركتهم بعدما تم إلغاء لائحة الشباب.
إلى ذلك، اتهم السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، الجزائر و"جبهة البوليساريو" بـ"مواصلة عرقلة العملية السياسية للأمم المتحدة في الصحراء"، معتبرًا أن رفضها يشكل "خرقًا للقرار رقم 2548". توازيًّا، تجدد التوتر بين الرباط و"منظمة العفو الدولية" عقب إصدارها تقريرًا حول أوضاع حقوق الإنسان، زاعمةً أن النشطاء الصحراويين يتعرضون للترهيب والقبض عليهم بسبب تعبيرهم السلمي. من جهتها، اعتبرت الرباط أن التقرير يفتقد للمعايير الموضوعية وكل الادعاءات غير مبررة الوقائع.
في أنباء متفرقة، أطلق الملك، محمد السادس، مشروع تعميم "الحماية الاجتماعية" الذي يساهم في تحسين ظروف عيش الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة، كالفلاحين وأصحاب الحرف التقليدية. هذا، فيما يقبل المغرب على شراء 13 طائرة دون طيار من طراز "بيرقدار TB2" التركية، إضافةً لحصوله على محطات القيادة المساعدة لتشغيل هذه الطائرات.
في الجزائر، وبمناسبة اليوم الوطني للعلم، دعا رئيس الجمهورية، عبدالمجيد تبون، جميع الجزائريين إلى "تغليب مصلحة الوطن على النزاعات الضيقة"، محذرًا من المساعي العدائية ومخططاتها للمساس بتماسك الشعب والوحدة الوطنية. وأكّد "تبون" على أنّ تثبيت دعائم السلم من الأهـداف العليا التي تتجسد بجهود مؤسسات الدولة والطبقة السياسية، وفعاليات المجتمع المدني.
بالمقابل، ما زال الحراك الشعبي مستمرًا؛ حيث خرجت مسيرات الـ113 من الحراك بعدة مدن، مطالبةً بالتغيير الجذري للنظام، بينما أعلنت الشرطة القضائية إيقاف "جماعة إجرامية"، متهمةً إياها "بتلقي تمويل" من سفارة دولة أجنبية، وأنّها تنشط تحت غطاء "جمعية ثقافية". وأعلنت الشرطة أنّ الجمعية استطاعت اقتناء تجهيزات تكنولوجية حديثة، استعملتها في إنتاج أفلام ووثائق استفزازية وإنجاز منشورات تدعو إلى التحريض خلال الحراك الشعبي.
خارجيًا، وصل وزير الخارجية، صبري بوقادوم، برفقة وزير الداخلية، كمال بلجود، ومدير المخابرات، نور الدين مقري، إلى ليبيا، حيث التقوا كبار المسؤولين، والمجلس الأعلى للدولة. وعقد الوفد لقاءين مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، ورئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، جرى خلالهما "التنسيق حول قضايا الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وتهريب المخدرات وتجارة الأسلحة والهجرة غير الشرعية"، إضافةً للتعاون في ملفات العناصر الجزائرية المقاتلة مع تنظيم "داعش" في السجون الليبية، التي تعتزم الجزائر استلامهم. وأكّد الوفد على دعم عملية التسوية السياسية للأزمة الليبية، وتقديم الدعم في مواجهة التحديات، لاسيما إجراء الانتخابات في موعدها.
خارجيًا أيضًا، أكدت وزارة الخارجية أنها تتابع تطورات الأحداث في تشاد إثر رحيل الرئيس، إدريس ديبي إيتنو، مجددةً تمسكها بالمبادئ الأساسية للاتحاد الأفريقي، رافضةً أي تغييرات غير دستورية. إلى ذلك، سارعت الجزائر وأنقرة إلى احتواء التسريبات عن علاقة أنقرة بحركة "رشاد"، واحتضان تركيا لقاءات بين ناشطين في الحركة ومسؤولين أتراك، واتهمت أنقرة "بالسعي لتحريك الخلايا النائمة للتنظيم"، الذي "استهدف جهاز المخابرات والجيش" في تظاهرات الحراك، ووصفها بأنها "قريبة من مرجعية الإرهاب". بدوره، دعا سفير الجزائر في أنقرة، مراد عجابي، رجال الأعمال الأتراك للاستثمار في بلاده، مؤكدًا أن الجزائر هي الشريك التجاري الثاني لتركيا في أفريقيا.