استنتاجات الموجز:
- رفضٌ واسع لقانون جهاز الأمن الداخلي المزعوم تأسيسه وتوقعات بالمواجهة ما لم تُقنَّن صلاحياته وسلطاته الواسعة
- نشاط عسكري روسي في "فلامنجو" يشير بوضوح للتوجه لإنشاء قاعدة روسية على الساحل الشرقي للبلاد
- تضخم مخيف وغلاء فاحش وهبوط للعملة المحلية أمام الحالة الاقتصادية المنهارة بعد شهرين من قرار تعويم الجنيه
أجاز مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء، في اجتماعهما المشترك، قانون الأمن الداخلي لعام 2021، الذي سيعمل تحت قيادة مجلس السيادة ويخضع للسلطات التنفيذية والإشراف المباشر لوزير الداخلية. ووفقًا لمنطوق المواد، فإن جهاز الأمن الداخلي سيساهم في تحقيق الأمن الداخلي والتعاون والتنسيق مع الأجهزة المختصة لتحقيق الأمن القومي. وستوكل للجهاز مهام من بينها: القيام بأعمال الأمن الداخلي، وحماية الممتلكات والأموال وتأمين الشخصيات الهامة ورموز المجتمع، وتأمين الآليات والمواقع والمعدات ووسائل الاتصال اللازمة بالتنسيق مع الأجهزة المختصة. كما منح القانون جهاز الأمن الداخلي سلطات مقيدة في الاستدعاء والحجز الاعتقال والتحفظ والتفتيش. يذكر أن الوثيقة الدستورية كانت قد نزعت هذه السلطات من جهاز الأمن والمخابرات، وقصرت مهامه على جمع المعلومات وتحليلها بعد أن تحول اسم إلى "جهاز المخابرات العامة".
وتعقيبًا على ذلك، أعلن القيادي بقوى الحرية والتغيير ورئيس "الحزب الاتحادي الموحد"، عصمت محمود، رفضهم للقانون، لما وصفه أنه يكرس لممارسات النظام البائد التي استمرت ثلاثين عامًا، واعتبر أنه لا يختلف كثيرًا عن قانون جهاز الأمن في عهد "البشير". كما شنّ "الحزب الشيوعي" أيضًا هجومًا لاذعًا على مسودة مشروع القانون المتداولة على الوسائط الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، رافضًا إياها من حيث الشكل و المضمون.
إقليميًا، اعتمد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، خطة دبلوماسية جديدة تقضي بزيارة عدد من دول أفريقيا، لشرح موقف الخرطوم من "سد النهضة" الإثيوبي. وقال وزير الري، ياسر عباس، إن السودان يتمسك بموقفه القائم من حماية أمنه المائي، ومقاضاة الحكومة الإثيوبية والشركة المنفذة لأعمال السد، متهمًا أديس أبابا بالمراوغة لجعل تعبئة السد أمرًا واقعًا.
بالمقابل، قال وزير المياه والري الإثيوبي، سيليشي بقلي، إنه "أصبح من الواضح أن هناك مؤامرة لإفشال جهود بلاده، وتقويض الوجود الإثيوبي". بدورها، تصر إثيوبيا على تشغيل السد لتوليد الكهرباء وتحقيق نهضة تنموية في البلاد، بينما ترى دولتا المصب، مصر والسودان، أن السد يشكل خطرًا على أمنهما المائي، وتطالبان بتسوية تضمن حقوق جميع الأطراف.
عسكريًا، قالت مصادر عسكرية مطلعة إن الأسابيع الماضية شهدت حضورًا روسيًا عسكريًا ملحوظًا، في قاعدة "فلامينغو" على البحر الأحمر شمال مدينة بورتسودان. في هذا الإطار، وقعت كل من الخرطوم وموسكو على مسودة اتفاق لإقامة مركز لوجستي للبحرية الروسية في السودان، يمكن أن يضم سفنًا نووية. وتفيد المصادر نفسها بأن نحو 70 من أفراد البحرية الروسية، منهم عشرة ضباط، يقيمون بصفة دائمة في القاعدة، وأن تلك القوات جلبت تعزيزات شملت منصات إطلاق صواريخ، وناقلات جنود، ونصبت رادارًا، ومنعت القوات السودانية من الاقتراب من مناطق تمركزها.
وأضافت المصادر أن سفينة استطلاع روسية ستصل إلى الميناء السوداني في الأيام المقبلة. بالمقابل، نفى مجلس الدفاع والأمن السوداني (أعلى هيئة أمنية في البلاد) قبل أسبوع، الأنباء المتداولة بشأن إنشاء قاعدة روسية في البلاد، وقال إنها معلومات غير دقيقة، غير أنه لم يقدم أي تفاصيل بهذا الشأن.
في شأن منفصل، تتوقع السلطات المحلية في ولاية غرب دارفور وصول طلائع اللاجئين التشاديين إلى نقطتين حدوديتين، في أول تأثيرات الأوضاع بعد مقتل الرئيس التشادي، إدريس ديبي، الثلاثاء الماضي أثناء مشاركته في معارك ضد متمردين. ومع توقعات اشتعال الحرب في تشاد بين حركات التمرد والجيش الحكومي، سيكون تحدي الحكومة السودانية السيطرة على نحو 1280كلم من الحدود المشتركة بين تشاد وولايات دارفور الثلاث.
داخليًا، أدان "التحالف الاقتصادي لقوى ثورة ديسمبر" استقدام رئيس الوزراء شركة أجنبية لتتولى ما تسميه الحكومة إصلاحًا إداريًا، وقال إن ذلك تفريط في أمن المعلومات والأمن الوطني. وقالت عضو اللجنة القيادية للتحالف، أساور آدم، إن ما تقوم به هذه الشركة تموله الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومثل هذه الوكالات تعمل بتنسيق مع المخابرات الأمريكية. وتابعت "آدم": "المقرر أن تتسلم هذ الشركة المعلومات التفصيلية الدقيقة عن كل الوزارات والوحدات والهيئات التابعة لها، بغرض إعادة صياغة العمل الإداري في السودان بما يخدم سيطرة الشركات الأمريكية مستقبلًا على موارد البلاد، ضمن ما أسموه قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص".
خارجيًا، بحث رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، بأنجمينا مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأوضاع في تشاد بعد مقتل الرئيس "ديبي" خلال معارك مع متمردين الإثنين الماضي. وأكد الجانبان السوداني والفرنسي على ضرورة التنسيق بين بلديهما لترسيخ الأمن والاستقرار فى المنطقة.
اقتصاديًا، تضع الحكومة الانتقالية آمالًا عريضة على مؤتمر باريس المخصص لمناقشة الاستثمار في السودان، الذي يكابد للخروج من أزمته الاقتصادية المتفاقمة، غير أن هناك بوادر خلافات تهدد فرص نجاح المؤتمر، الذي تسعى فيه الخرطوم لضمان دخول مستثمرين أوروبيين وشركات كبرى، لتحريك ركود المشروعات الحيوية والبنى التحتية. بموازاة ذلك، تواجه الصناعة في السودان شبح الانهيار، لعوامل من بينها ارتفاع تكلفة الإنتاج والانقطاع المستمر في الكهرباء، فضلًا عن زيادات كبيرة في الرسوم والضرائب، بينما يُسهم القطاع الصناعي بـ5% فقط من الإنتاج المحلي.
اقتصاديًا أيضًا، ظلت معدلات التضخم في ارتفاع منذ مطلع هذا العام، صاعدةً إلى أرقام قياسية تعكس حجم المعاناة التي يخلفها الارتفاع المضطرد في الأسعار على نحو شبه يومي، دون أن تتمكن الحكومة من كبح جماح السوق وإيقاف الزيادات، التي يراها كثيرون "غير مبررة" وأنها تعكس بقدر كبير جشع التجار وغياب رقابة الدولة.
هذا، بينما واصلت العملة المحلية رحلة التراجع أمام سلة العملات الأجنبية، تزامنًا مع شح المعروض وزيادة الطلب مقارنةً بالأيام الماضية. ومنذ الخميس الماضي بدأت العملة المحلية التراجع أمام العملات الأجنبية بعد استقرار دام لأكثر من شهرين، في أعقاب تخفيض قيمة الجنيه لنحو سبعة أضعاف. وبحسب متعاملين في الأسواق الموازية،فقد جرى تداول الدولار الواحد بسعر 395 جنيهًا للشراء مقابل 390 جنيهًا للبيع.