استنتاجات الموجز:
- قلقٌ "إسرائيلي" من السياسة الخاطئة المتبعة تجاه "حماس" ومؤشرات جديدة على دخول "إسرائيل" حالة من الفوضى
- استخلاصات "إسرائيلية" من إغلاق قناة السويس والسلاح "الإسرائيلي" ساهم في انتصار أذربيجان أمام أرمينيا
شهد الأسبوع الأول من أيار/ مايو العديد من التطورات الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" داخليًا وخارجيًا، وذلك على صعيد المواجهة الأخيرة مع حركة "حماس" في غزة، وصولًا إلى تزايد المعطيات عن حالة الفوضى التي تعيشها "إسرائيل" بسبب انسداد الأفق السياسي، مرورًا بالمتابعة "الإسرائيلية" الحثيثة للنتائج الأمنية والعسكرية لحادثة إغلاق قناة السويس بسبب السفينة العملاقة، وانتهاءً بتعزيز العلاقات الثنائية بين أذربيجان و"إسرائيلط، عقب المواجهة الأخيرة مع أرمينيا ودور السلاح الإسرائيلي فيها.
في التفاصيل، وبعد جولة التصعيد الأخيرة في غزة، خرجت انتقادات "إسرائيلية" تجاه السياسة التي تتبعها الحكومة في التعامل مع "حماس"، لأنه على مدار الأعوام الـ16 الماضية، أي منذ الانسحاب من غزة، ترتكب تل أبيب خطأ استراتيجيًا خطيرًا، والنتيجة أن "حماس" باتت تملك القدرة على إدارة نظام الضغط عليها في كل مرة، وأصبحت مقتنعة بأن "إسرائيل" لا تفهم سوى القوة. وأشارت الأوساط العسكرية "الإسرائيلية" إلى أنه عندما لا يكون لدى الحكومة إدارة منظمة، فإن الحركة تسجل نصرًا استراتيجيًا، وتفهم أن الإنجازات تؤخذ بالقوة، لذلك فإن الأحداث الأمنية الأخيرة تؤكد غياب الكفاءة عن تل أبيب في إدارة عملية عسكرية أو حرب واسعة.
وقد أثبت التصعيد الأمني في القدس وغزة أن الحكومة "الإسرائيلية" لا تنتهج استراتيجية عسكرية ودبلوماسية منظمة في الساحة الفلسطينية، فقد كشف هذا التصعيد حجم المشكلات الاستراتيجية لدى "إسرائيل"، وفيما تمارس "حماس" الضغط على "إسرائيل" بالقوة، تنتهج الأخيرة سياسة إطفاء الحرائق حتى التصعيد التالي، ورغم عودة الهدوء إلى غزة، لكن "الإسرائيليين" مدعوون بالفعل إلى انتظار الجولة المقبلة. في المحصلة، أظهرت السياسة الحكومية "الإسرائيلية" أنها غير قادرة على شن عملية أو حرب في غزة، وأكدت الأزمات الحكومية المتتالية والتسريبات الأمنية، أن لديها "دمًا فاسدًا" ساهم في تقزيم مجلس الوزراء في 2021، وجعله غير قادر على الصمود في الاختبار أمام "حماس".
كما إن اللافت أن الاستنتاج "الإسرائيلي" من أحداث غزة الأخيرة أن "إسرائيل" أعطت "حماس" الجائزة"مضطرةً"؛ ففي السنوات الأخيرة أوقفت مرارًا التصعيد في القطاع، لكن القناعة "الإسرائيلية" مفادها أن أي هدوء يتحضر لعملية كبيرة أو جولة من التصعيد، وحينها ستعود للنقطة ذاتها.
في الداخل "الإسرائيلي"، تزايدت الانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بسبب تمسكه بالسلطة، ما قد يؤدي لانتخابات خامسة ويجعله العقبة الوحيدة أمام تشكيل حكومة يمينية مستقرة. بل إنه "يحرق" النادي من أجل البقاء فيه، وسيحكم التاريخ كيف يمكن أن يؤدي صراع (الأنا) إلى انتخابات خامسة، والنتيجة أنه يقود "إسرائيل" إلى الفوضى. فمن جانبهم، يعتقد "الإسرائيليون" أنه لا يوجد تعريف آخر لما يقوم به "نتنياهو" سوى الفوضى؛ فلا توجد حكومة عاملة، والمناقشات في مجلس الوزراء غير منظمة، والكنيست بالكاد يعمل، وهم على الأرجح في طريقهم إلى انتخابات خامسة، لأنهم أمام رجل متهم بثلاث لوائح اتهام خطيرة، ويسعى للحصول على حصانة فورية أو عفو عنه.
كما إن مجموعة الوزراء المحيطين بـ"نتنياهو" مشاركون في الفوضى ذاتها لأنهم يتسترون عليه، وباتوا "خرافا" صامتة وفرقة من المشجعين، وأصبحوا متواطئين في جرائم ضد النظام السياسي، لأن ولاءهم لرئيس الوزراء يفوق ولاءهم للدولة، وبالتالي فإن بعضهم يكذب على نفسه، ويفهم تمامًا العملية الخطيرة التي يقوم بها، لكنهم ماضون في طريقهم المثير للاشمئزاز.
على الصعيد الإقليمي، تابعت المحافل الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" تبعات إغلاق السفينة العملاقة في قناة السويس، باعتبارها أحد الشرايين الرئيسية للتجارة، وما نجم من إضعاف سلسلة التوريد، رغم أي بديل "إسرائيلي" عن نقل البضائع من البحر الأحمر يجب أن يراعي المصلحة المصرية، حتى لا ينال من العلاقات الطيبة بين تل أبيب والقاهرة.
رغم ذلك، فإن أزمة إغلاق القناة أوضحت قدرة "إسرائيل" على تقديم جسر بري من إيلات إلى البحر المتوسط، وكشفت عن امتلاك "إسرائيل" القدرة على توفير البنية التحتية للتجارة العالمية من خلال نقل البضائع بين ميناء إيلات وموانئها في البحر المتوسط، ويتطلب تحقيق الفكرة تسريع مشروع إنشاء خط سكة حديد إلى إيلات، وزيادة طاقات الموانئ في "إسرائيل". ويشير النقل "الإسرائيلي" بالمرور بقناة السويس إلى تزايد حجم التجارة بشكل مطرد، وفيما تسمح القناة بالنقل المستمر، فإن النقل عبر "إسرائيل" يتطلب التفريغ والتحميل. ورغم أن الاختبارات التي أجريت للمشروع شككت في الجدوى الاقتصادية لخط القطار إلى إيلات، لأنه ينطوي على مخاطر بيئية، فإن "إسرائيل" تعتبره أحد الأصول الاستراتيجية الرابطة بين المدينة والمستوطنات الجنوبية، على طول خط السكة الحديد بوسط إسرائيل، والسماح لها بتقديم النقل العابر للقارات، حتى لو كان محدود النطاق.
في السياق أيضًا، استدعت حادثة القناة لفت الانتباه "الإسرائيلي" لثلاث قضايا، أولها التهديدات المسلحة؛ حيث سلط الضوء على ضعف نظام التجارة العالمي، والاعتماد على طرق التجارة الرئيسية. ويمكن للتنظيمات المسلحة، بما فيها "تنظيم الدولة"، استغلال هذا الضعف لإلحاق الضرر بالطرق التجارية، حيث يمر الكثير منها عبر مناطق استراتيجية حساسة، بما في ذلك مضيق هرمز والبوسفور.
في مجال العلاقات الخارجية، أعلنت أذربيجان عزمها فتح بعثات دبلوماسية في "إسرائيل"، لأن القرار نابع من المساعدة الأمنية التي تتلقاها منها، وساهمت بالانتصار على أرمينيا خلال المواجهة العسكرية الأخيرة بينهما. لذلك قررت باكو فتح مكتب للسياحة ووزارة التجارة في تل أبيب، ما يزيد من علاقاتهما الدبلوماسية وتعزيز اتصالاتهما الثنائية والتجارية.
جدير بالذكر أن أذربيجان حليف وصديق وأكبر مورد للطاقة لـ"إسرائيل"، وأنهما ستواصلان العمل لتطوير علاقات مهمة، وتوسيعها لتشمل مناطق جديدة، ما سيساعد على مواصلة تعافي الاقتصاد "الإسرائيلي" من أزمة "كورونا". لكن الغريب أن أذربيجان لا تملك سفارة في "إسرائيل" رغم إقامة العلاقات بينهما منذ 1992، وتعتبر الأخيرة أحد أكبر موردي الأسلحة لأذربيجان. وفي نظر الأذريين، ساهمت الأسلحة "الإسرائيلية" بشكل كبير في الانتصار في الحرب ضد أرمينيا في إقليم ناغورنو كاراباخ.
وفيما عرضت أذربيجان خدماتها للتوسط بين "إسرائيل" وتركيا، فإن السنوات الأخيرة شهدت تحول أذربيجان لوجهة سياحية مهمة لـ"الإسرائيليين"؛ حوالي 50 ألف سائح سنويًا، كما يشهد الطرفان مراحل متقدمة من توقيع اتفاقيات السياحة والطيران.