استنتاجات الموجز:
- زيارة ظريف للعراق تعكس مباركة إيرانية للوساطة العراقية بين الرياض وطهران
- تسجيل مسرب لظريف يثير انتقادات المحافظين والغرض منه التأثير على مباحثات فيينا ويؤكد على أحادية القيادة لـ"خامنئي" في إيران
أجرى وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، زيارة إلى الدوحة، حيث سلّم رسالة شفهية من الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى أمير قطر، تميم بن حمد، كما أجرى مباحثات مع نظيره القطري، محمد بن عبد الرحمن، بحثا خلالها قضايا إقليمية ودولية. وفي المحطة الثانية من جولته الإقليمية، وصل "ظريف" إلى بغداد حيث أجرى محادثات مع نظيره العراقي، فؤاد حسين، ثم التقى الرئيس العراقي، برهم صالح.
وقال "ظريف" إنه تم التأكيد في هذه اللقاءات على أن دول الجوار أولوية بالنسبة لإيران، مضيفًا: "نرحب بالدور المحوري للعراق في المنطقة"، وثمّن الوزير الدور الذي تلعبه الحكومة العراقية "في تبني سياسة الحوار والتهدئة من أجل أمن واستقرار وسلام المنطقة، سواءً على مستوى العلاقة بين البلدين أو على مستوى الملفات الإقليمية بشكل أوسع". كما أعلن "ظريف" رفض إيران لأي تصرف أو سلوك يؤثر سلبًا على الأمن في العراق، وتابع: "سنعقد المزيد من اللقاءات اليوم في بغداد وأربيل". واستكمالًا لجولته، وصل "ظريف" إلى مسقط حيث سيلتقي، إضافةً للاجتماع مع نظيره العماني، مع مسؤولين عمانيين آخرين لمناقشة القضايا الثنائية والوضع في المنطقة.
في شأن ذي صلة، رحبت الخارجية الإيرانية بنبرة السعودية الجديدة، التي ظهرت خلال تصريحات ولي العهد، محمد بن سلمان، تجاه طهران، ورغبته في الحوار وإقامة علاقات جيدة بين البلدين. وعقب اختتام جولته الإقليمية، أكد "ظريف" على "تويتر" أن هناك مؤشرات على بوادر إيجابية تلوح في الأفق.
في سياق آخر، كشف حوار مسرب لـ"ظريف" عن حجم هيمنة قائد فيلق القدس الراحل، قاسم سليماني، واختفاء دور "ظريف" في بعض الأحيان. في التفاصيل، وفي تسجيل صوتي مسرب حصل عليه موقع "إيران إنترناشيونال"، ضمن مقابلة أُجريت مع الاقتصادي الموالي للحكومة، سعيد ليلاز، وكان ظريف يتحدث في جلسة تسجيلية استمرت ثلاث ساعات كجزء من توثيق شفوي لتاريخ الإدارة الحالية، قال "ظريف": "تمت التضحية بالدبلوماسية من أجل الميدان العسكري بدلًا من خدمة الميدان الدبلوماسي". وأضاف الوزير أن "سليماني" كان يهيمن على عمل وزارته، وكان تأثيره هو (ظريف) على السياسة الخارجية صفرًا في بعض الأحيان. وقال "ظريف" في المقطع المسرب أيضًا: "إن سليماني ضحى بالدبلوماسية من أجل العمليات الميدانية للحرس الثوري، ووصف استراتيجية النظام الإيراني بـالحرب الباردة". وأشار الوزير إلى زيارة "سليماني" لموسكو بعد وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي عام 2015، وكشف دورًا روسيًا "تخريبيًا" في المباحثات النووية آنذاك، واتهم موسكو بالسعي لإفشال هذه المباحثات، وأنها كانت تهدف لتدمير إنجاز الخارجية الإيرانية في إنجاح المفاوضات.
بالمقابل، هاجمت وسائل إعلام وكتاب مقربون من الحرس الثوري "ظريف" على خلفية التسريب، حيث قال الكاتب السياسي في وكالة أنباء "فارس"، محمد كاظم عنبرلوي، في ماقل له إن "ظريف الذي قال كل الأشياء السيئة عن قاسم سليماني وروسيا، لم يقل أربع كلمات ضد الولايات المتحدة وأصدقائه". وكتب آخر: "لم يكن خفيًا على أحد المواقف واختلافات ظريف مع التوجه العام للثورة الإيرانية، وبالطبع أصبحت أكثر وضوحًا بهذا التسريب الصوتي". كما علقت وكالة "تسنيم" بأنه لم يكن من المفترض نشر هذه المحادثة في الوقت الحالي، وتساءلت عن الجهة التي سربت التسجيل، محذرةً من أنه يمكن أن يسهم في تعكير الأجواء السياسية في البلاد.
يذكر أن "ظريف" زعم في هذا التسجيل أيضًا أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، جون كيري، أطلعه على الغارات "الإسرائيلية" قبل حدوثها، ويصل عددها إلى 200 غارة تقريبًا. وردًا على ذلك، قال "كيري" إن ما جاء في التسريب "مجرد ادعاءات غير صحيحة ولم تحصل أبدا". كما ردت موسكو بشكل حاد لإيران إنه بدون مساعدتها "لم يكن للاتفاق النووي الإيراني أن يرى النور".
بدوره، طلب الرئيس "روحاني" فتح تحقيق في "مؤامرة" تسريب التسجيل الصوتي، فيما قال المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي: "نعتقد أن سرقة المستندات هي مؤامرة ضد الحكومة، والنظام (السياسي للجمهورية الإسلامية)، ونزاهة المؤسسات المحلية الفاعلة، وأيضًا مؤامرة على مصالحنا الوطنية". كما استدعت لجنة الأمن القومي بالبرلمان وزير الخارجية، لتقديم إفادة حول ما جاء في التسريب. من جانبه، هاجم المرشد الأعلى الإيراني،علي خامنئي، "ظريف" وقال: "قال بعض المسؤولين أشياء مؤسفة، وسائل الإعلام المعادية تنشر هذه الكلمات، وبعض هذا هو تكرار للكلمات الأمريكية". وحذّر "خامنئي" من تكرار مثل هذه الأخطاء، التي "تكرر ما يخرج من لسان الأمريكيين"، موضحًا أن وزارة الخارجية ليست هي التي تضع سياسات الدول، وإنما يقتصر دورها على المشاركة في صياغة بعض السياسات. وشدّد المرشد على أن "فيلق القدس" هو "العامل المؤثر في منع تحقيق الدبلوماسية المنفعلة في منطقة غرب آسيا، كما أنه حقق السياسة المستقلة والمشرفة في منطقة غرب آسيا".
وبعد خطاب "خامنئي"، نشر "ظريف" بيان اعتذار قائلًا إن "موضوع السياسة الخارجية يجب أن يكون للتلاحم والتماسك"، مؤكدًا على قول "خامنئي" إن "إدارتها يجب أن تكون من القيادة العليا وليس من الوزارة"، وأضاف: "أنا آسف جدًا لأن بعض الآراء الشخصية التي عبرت عنها من أجل النقل الصادق للتجارب، تم نشرها دون نية مني، واستغلالها بشكل انتقائي". واعتذر الوزير لأسرة "سليماني" التي ساءها التسريب، حيث نشرت "زينب سليماني" صورة تظهر يد والدها بعد اغتياله، معلِّقةً: "الكلفة (التي دفعها) الميدان من أجل الدبلوماسية".
في سياق متصل، تقدم "حسام الدين آشنا"، مستشار الرئيس "روحاني" ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية المرتبط بالرئاسة، باستقالته بعد تسريب الحوار مع "ظريف"، والذي أجري في المركز هذا، فيما منعت السلطة القضائية 15 شخصًا على صلة بتسجيل اللقاء المسرب من مغادرة البلاد حتى اكتمال التحقيقات.
أمنيًا، قال الجيش الأمريكي في بيان، إن ثلاثة زوارق تتبع للحرس الثوري الإيراني اقتربت من سفينة حربية أمريكية في مياه الخليج، مضيفًا أن السفينة الأمريكية أطلقت عيارات نارية تحذيرية دفعت الزوارق الإيرانية للتراجع. وذكر الجيش الأمريكي أن الزوارق الإيرانية لم تحترم المسافات الآمنة، التي يحددها القانون الدولي، معتبرًا أن تصرفات الحرس الثوري زادت من مخاطر سوء التقدير والاصطدام.
على صعيد المباحثات النووية، اختتم أطراف الاتفاق النووي الجولة الثالثة من مفاوضات فيينا، الهادفة لإحياء الاتفاق، وسط توقعات بالتوصل لنتائج إيجابية قبل الانتخابات الرئاسية في إيران منتصف حزيران/ يونيو المقبل. وقال مصدر دبلوماسي أوروبي إن "المحادثات النووية لم تحرز تقدمًا بالقدر المأمول"، مؤكدًا أنه "لا يوجد حتى الآن تفاهم بشأن أصعب القضايا".