استنتاجات الموجز:
- إغلاق السلطات السعودية المدارس التركية مؤشر على تعثر مساعي المصالحة بين أنقرة الرياض
- الحكومة تتجه للإغلاق الشامل عقب إخفاق الإجراءات الأخيرة في خفض أعداد إصابات "كورونا" استعدادًا لموسم السياحة
- العملية العسكرية شمال العراق تمهد الطريق للجيش التركي للوصول إلى معقل التنظيم الرئيسي في جبال قنديل.
أظهر قرار السلطات السعودية بإغلاق ثمان مدارس تركية نهاية العام الدراسي الجاري، أبرز وأحدث مؤشر على تعثر مساعي المصالحة القائمة بين أنقرة والرياض، رغم التصريحات التركية الإيجابية تجاه السعودية والتقدم اللافت الذي تحقق في مساعي المصالحة التركية مع الإمارات ومصر. ورغم وجود اتصالات ومساعي حثيثة، منها ما هو ما معلن وأخرى غير معلنة، لإصلاح العلاقات بين البلدين عقب تجاوز ملفات الخلاف الأساسية، إلا أن الأسابيع الأخيرة شهدت نوعًا من التباطؤ في هذه المساعي، مع عدم تحقيق أي تقدم ملموس على غرار ما جرى مع الإمارات ومصر. ولا تستبعد مصادر تركية أن يكون القرار السعودي محاولة للضغط على أنقرة، لتحريك بعض الملفات التي يجري التفاوض حولها، وهو ما يعني إمكانية تحقيق تقدم في وقت لاحق.
ورغم أن الجهات الرسمية التركية لم تعقب على القرار السعودي حتى الآن، إلا أنه أثار ردود فعل شعبية غاضبة على مواقع التواصل، واعتبر بمثابة “عمل انتقامي ومساس بحقوق المواطنين الأتراك في السعودية”. فبدورهم، عبر آلاف الأتراك عن رفضهم وغضبهم من القرار، في حين طالب آخرون بالرد بالمثل من خلال إغلاق المدارس والمصالح السعودية في تركيا. وكُتبت أكثر من عشرة آلاف تغريدة على "تويتر" تندد بالإجراء السعودي وتطالب بالرد عليه.
إلى ذلك، أعربت الخارجية التركية عن تعازيها للاحتلال "الإسرائيلي" في ضحايا حادثة التدافع التي أودت بحياة 44 شخصًا خلال احتفال ديني، بينما دعت وزارة الخارجية التركية حكومة الاحتلال لاحترام بنود اتفاقية أوسلو 1995، وإنهاء موقفها الذي يمنع الانتخابات الفلسطينية في القدس، وأعربت عن أسفها لتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية الفلسطينية، التي ستجري لأول مرة منذ عام 2006.
في سياق منفصل، بذلت تركيا جهود لوقف التصعيد بين قيرغيزيا وطاجيكستان، وذلك عبر تواصل وزير خارجيتها، مولود جاويش أوغلو، مع نظيريه في البلدين، ومطالبتهم بضبط النفس، ووقف كافة أشكال إطلاق النار، والجلوس إلى طاولة الحوار. كما رحب وزير الخارجية بتوصل الطرفين لاتفاق لوقف إطلاق النار، بعد توتر ساد بينهما بسبب نزاع حدودي.
داخليًا، دفع تزايد أعداد الإصابات بفيروس "كورونا" وإخفاق الإجراءات التي تم فرضها خلال الأسابيع الماضية من خفض عدد الإصابات والوفيات، الحكومة التركية إلى الإغلاق الكامل من 29 نيسان/ أبريل حتى 17 أيار/ مايو الجاري، وذلك للحد من أعداد الإصابات والوفيات. وذلك في إطار استعداد الحكومة لاستقبال موسم السياحة عقب شهر رمضان بأقل عدد من الإصابات، للمساهمة في إنعاش الاقتصاد.
بالمقابل، منحت الحكومة الإذن لبعض القطاعات بالعمل، كمؤسسات الإنتاج والغذاء والتنظيف والصحة، مع السماح لقطاع الطعام والشراب بمواصلة أعمالها عبر التوصيل المنزلي. كما منعت الحكومة السفر بين المدن وطلب إذن خاص مع شرط خفض عدد الركاب في الحافلات إلى النصف، وتعليق التعليم وجهًا لوجه في جميع المؤسسات وتأجل جميع الامتحانات، مع مواصلة سلسلة المتاجر عملها أثناء الإغلاق التام وفق الضوابط المحددة ما عدا أيام الأحد فقط.
هذا، بينما أثار قرار الحكومة حظر مبيعات المشروبات الكحولية خلال فترة حظر التجوال غضب بعض العلمانيين، الذين يرون ذلك مؤشرًا جديدًا على فرض الرئيس "أردوغان" طابعًا دينيًا على نمط حياة المجتمع. ودفع ذلك العلمانيين لتخزين المشروبات قبل بدء سريان الإجراءات، فيما عقبت الحكومة بأن الحظر يهدف لتجنب احتكار متاجر السوبر ماركت التي ستظل مفتوحة لمبيعات الكحوليات، ما يضر المتاجر الأصغر التي ستكون مضطرة للإغلاق. لكن هذا التفسير لم يقنع العلمانين، حيث يقول بعضهم إن الحظر ليس له علاقة بمكافحة الجائحة، وأشاروا إلى أن صلاة الجماعة في المساجد مستثناة من إجراءات الحظر.
قضائيًا، أمر الإدعاء التركي بالقبض على 532 شخصًا منهم 459 من أفراد القوات المسلحة، في عملية تستهدف من لهم صلات بتنظيم "غولن" الذي يقف وراء محاولة انقلاب عام 2016، وتشمل التحقيقات 62 محافظة في إطار حملة أمنية متواصلة على التنظيم.
أمنيًا، أحبطت فرق الأمن عملية لتنظيم "حزب العمال الكردستاني" في محطة حافلات إسطنبول، من خلال ضبط خمسة كيلوجرامات متفجرات، وضعت تحت إحدى المركبات، وتم إلقاء القبض على الشخصين الذين وضعا هذه المتفجرات.
عسكريًا، بدأ الجيش التركي انتهاج سياسية عسكرية جديدة في محاربته لتنظيم "حزب العمال الكردستاني"، من خلال إطلاق علمية "مخلب البرق والصاعقة" العسكرية الواسعة في منطقة "متينا" شمال العراق. وذلك بهدف تطهير المنطقة من عناصر التنظيم، وإقامة قاعدة عسكرية، وتمهيد الطريق للوصول برا وبشكل تدريجي إلى عمق جبال قنديل، المركز الاستراتيجي والقاعدة الأكبر للتنظيم الذي يخوض صراعًا مع تركيا منذ عقود.
وتتمتع المنطقة المستهدفة بأهمية استراتيجية وتعتبر أهم منطقة عسكريًا للجيش التركي، حيث كان التنظيم يستخدمها لتنفيذ هجمات على الحدود التركية، ومن شأن طرده منها أن يصبح وصوله إلى الحدود أصعب، لاسيما في ظل الصعوبات الكبيرة التي يواجهها عناصر التنظيم في الانتقال والتحرك في المناطق المذكورة، عقب الدور الكبير الذي باتت تلعبه المسيّرات التركية في ضرب أي أهداف متحركة للتنظيم شمال العراق.
هذا، بينما يتمثل الهدف الأكبر لهذه العملية في السيطرة على الطريق الواصل من جبال قنديل، نحو الكثير من المناطق القريبة من الحدود التركية، إلى جانب أن تأمين المنطقة وإقامة قاعدة عسكرية فيها سيساعد الجيش التركي في التقدم تدريجيًا، وتأمين مزيد من المناطق التي تمهد الطريق للتحرك برًا في وقت لاحق، نحو المركز الاستراتيجي والقاعدة الأولى للتنظيم في جبال قنديل، وهي العملية المنتظرة منذ سنوات في تركيا، حيث ينظر لها على أنها ستكون في حال تنفيذها "العملية الكبرى" و"المعركة الفاصلة" في الحرب ضد التنظيم.
عسكريًا أيضًا، دخلت الصناعات الدفاعية التركية في برامجها المختلفة للطائرات المسيرة القتالية، لا سيما طائرات “بيرقدار” و”أقنجي” و”أق صونغور”، في مرحلة جديدة من التطورات تتعلق بزيادة ساعات الطيران على ارتفاعات شاهقة، ورفع القدرة على حمل أوزان ثقيلة تمكنها من حمل صواريخ وقنابل ذكية، تجعلها تقوم بمعظم مهام الطائرات الحربية التقليدية. وهو ما فتح الباب واسعًا أمام التحليلات والتكهنات حول إذا كانت النسخ المطورة من هذه المسيرات، تعتبر بمثابة بديل كافٍ لتركيا عن الطائرات الحربية، لا سيما عقب إخراج أنقرة بشكل نهائي من برنامج طائرات "إف-35".