استنتاجات الموجز:
- الأزمات والخلافات بين الأحزاب والكتل السياسية بتونس تدل على عجز البرلمان عن إنجاز مهامه الدستورية
- السلطة السياسية الجزائرية تبدو متعجلة في إنجاز الانتخابات وإنشاء مؤسسة برلمانية تسند الرئاسة في خطة الإصلاح السياسي التي يطرحها "تبون"
- اتساع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية بالمغرب وارتفاع نسبة الفقر والبطالة ينذر بتصاعد الفلتان الأمني
ألقت الأزمة السياسية المتفاقمة والصراع الدائر بين القيادات السياسية التونسية بظلالهما على البرلمان، الذي ازدادت حدّة الانقسام فيه، حيث انعكس ذلك على أعماله بتعطّل الملفات الكبرى لاسيما حسم الاستحقاقات التشريعية الملحة، وفي مقدمتها استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية والهيئات المستقلة، وتأجيل 102 مشروع قانون للنظر فيها. من جهتها، وصفت منظمة "البوصلة" المختصة في مراقبة عمل البرلمان بأن أداءه التشريعي ضعيف.
وفي جلسة مخصصة لإعادة التصويت على مشروع قانون "المحكمة الدستورية"، تحوّل البرلمان إلى مسرح للتراشق، حيث هاجم عدد من نواب "ائتلاف الكرامة" رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، واتهموه بممارسة انقلاب على الطريقة "القذافية"، بينما رد نواب "الكتلة الديمقراطية" على اتهامهم بممارسة أعمال "إرهابية". توازيًّا، شرعت لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية بمناقشات مقترحات تعديل القانون الانتخابي، وتتعلق التعديلات بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية وسير العملية الانتخابية. كما تتضمن التعديلات المقدمة من الهيئات الدستورية والقضائية والأحزاب البرلمانية إجراء تغييرات، على مستوى عمليات التسجيل ووسائل التصويت عن بعد في الخارج، إضافةً لشروط الترشح تتعلق بضمان خلو المرشحين من السوابق وتضارب المصالح والفساد المالي.
في الأثناء، تقدمت كتلة "ائتلاف الكرامة" بمبادرة لسحب صلاحية دعوة الناخبين للمشاركة في الانتخابات من "سعيد"، وذلك لتنقيح فصلين في قانون الانتخابات، حيث يتم العمل على "الفصل 101" والذي يتعلّق بدعوة الناخبين، على أن يصبح من صلاحيات "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"، إضافة لـ"الفصل 107" والمتعلقة بالعتبة الانتخابية، على أن تكون في مستوى 3% على المستوى الوطني و5% على المستوى الجهوي، ما يعني أن النائب لن يكون بعد الانتخابات عضوًا في المجالس الجهوية ويتفرغ لوظيفته كمشرّع وطني.
إلى ذلك، شكل عيد العمّال مناسبة لبعث رسائل سياسية، حيث حذّر "سعيد" من محاولة بعض الأطراف ضرب الدولة من الداخل، فيما دعا رئيس الحكومة، هشام المشيشي، إلى عودة الحوار بين الفرقاء السياسيين والمنظمات الكبرى، في وقت حذر فيه أمين عام اتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، من العبث بالدولة، متهمًا جميع الأطراف بتعطيل الحوار الوطني.
في سياقٍ منفصل، تحولت حادثة قتل الشرطية الفرنسية على يد تونسي إلى مادة للاتهامات السياسية، بعدما صرّحت النائبة "الكتلة الديمقراطية"، ليلى الحداد، أنه ''تمّ إثبات أنّ القاتل من مساندي "ائتلاف الكرامة"، معتبرةً أنّ هذه الحادثة تضرّ بسمعة تونس بالخارج. وأمام هذا الجدل، توجّه النّائب، ياسين العياري، بمراسلات لكلّ من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، ومدير الأمن الرئاسي، خالد اليحياوي، مطالبًا بتوضيح لمدى صحة الأقوال وتواريخ زيارات "القاتل" للمجلس، وقائمة اسميّة للنواب الذين استقبلوه والإجراءات الأمنية المتخذة.
قضائيًا، تواجه رئيسة الحزب "الدستوري الحر"، عبير موسي، تبعات قضائية، يعود بعضها إلى فترة حكم "بن علي"، بشبهات فساد مالي عندما كُلفت كمستشارة لدى الحكومة، حيث قبضت من خزينة الدولة مبالغ مالية بمقتضى أمر رئاسي بطريقة سرية مخالفةً للقانون، وبتكليف من وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية، انطلقت إجراءات التتبع الجزائي ضد "موسي".
في الجزائر، ورغم الوعود السياسية التي قدمها الرئيس، عبدالمجيد تبون، بضمان نزاهة الانتخابات، إلا أنّ بعض الأحزاب كشفت عن وجود تعثر في الإيفاء بتعهداته؛ إذ انتقدت الأحزاب تدخل جهات رسمية لصالح قوائم معينة، وبدأت تطرح شكوكًا حول نوايا السلطات في إنجاز الانتخابات. بدوره، اتهم رئيس "حركة مجتمع السلم"، عبدالرزاق مقري، بعض القوى الإدارية والأمنية بالتورط في تشكيل القوائم المستقلة، مشيرًا إلى أنّ الغاية منها السعي "لتكريس هيمنة القوائم الحرة كبديل للأحزاب السياسية، وهدفها رفع نسبتها في المؤسسة التشريعية التي تعمد إلى دعم البرنامج الوطني للسلطة".
من ناحيتها، حذرت حركة "البناء الوطني" من "تلاعب يهدد الانتخابات تمارسه بعض الدوائر"، كاشفةً عن "تسجيل محاولات فرض جهات وقوائم انتخابية"، وذلك بإسناد سياسي للائتلاف المدني الموالي للسلطة، خاصةً "نداء الوطن" و"الحصن المتين". بالمقابل، صرح المتحدث باسم الحكومة، عمار بلحيمر، أن "الانتخابات البرلمانية ستُجرى في موعدها، رغم المخاوف من "عزوف انتخابي" نتيجة احتقان اجتماعي والاضرابات العمالية، ما دفع أطرافًا سياسية إلى الانحياز لخيار إرجائها. كما أبلغت سلطات الانتخابات عددًا من الأحزاب والقوائم رفضها لعدد من المرشحين، تحت مبررات مختلفة أمنية وقضائية ولشبهات التورط في المال الفاسد.
بموازاة ذلك، يتزايد القلق إزاء تشدد السلطات في التعامل مع المظاهرات والحركات العمالية، وتتصاعد التحذيرات من تداعيات التعاطي الأمني، بعدما تصدت قوات الأمن للمسيرات واعتقلت 230 من الناشطين وقادة الحراك الطلابي، في تعاطٍ لافت مع المظاهرات، كما منعت الشرطة وسائل إعلام محلية وأجنبية من تغطية الأحداث.
من ناحية أخرى، اتهمت وزارة الدفاع أوساطًا وصفتها بالتخريبية باستغلال الحركات الاحتجاجية، من خلال تحريض موظفي القطاعات على شن إضرابات ظاهرها المطالبة بالحقوق وباطنها إفشال الانتخابات المقبلة، لإدخال البلاد في "متاهات بالغنى عنها". هذا، فيما أعلنت القوات العسكرية اعتقال مواطن ينتمي إلى "إحدى التنظيمات الإرهابية" في منطقة الساحل، يُدعى "أ. ملوكي".
مغربيًا، تواجه حكومة "العثماني" انتقادات لـ"سياسة التسويف والمماطلة" التي تنتهجها، وما نتج عنها من انتكاسة في المكتسبات الحقوقية للعمال، بوصفها "تعيش على الهامش". وقد استنكرت النقابات العمالية "استغلال الحكومة الأزمات الصحية" والتي تقف في وضع المتفرج تجاه خروق القوانين، داعيةً إلى استئناف الحوار بين النقابات والحكومة واتحاد الشركات.
بدورها، صرحت جماعة "العدل والإحسان" أن الأقاليم الشمالية تعيش على وقع محاولات غير مسبوقة للهجرة الجماعية، مؤكدةً فشل المشروع التنموي بالأقاليم وتجاهل السلطات للمطالب، وتعاملها بعقلية أمنية غارقة في السلطوية. ومع اقتراب الانتخابات التشريعية، تجدَّدت التحذيرات من الاستغلال الانتخابي "للعمل الإحساني" الذي تقوم به بعض الجمعيات، واحتدم النقاش حول نشاط مؤسسة تدعى "جود للتنمية"، مقربة من حزب "التجمع الوطني للأحرار" بتوزع مساعدات، ما اعتبره البعض "استغلالًا في الدعاية الانتخابية".
دبلوماسيًا، بحث وزير الخارجية، ناصر بوريطة، ونظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال اتصال هاتفي ملفات أبرزها تطورات الوضع في ليبيا والساحل الأفريقي، وتحسين العلاقات بين الرباط و"تل أبيب" وملفات التنمية الاقتصادية.
أمنيًا، ألقت الشرطة القبض على شخص للاشتباه في ارتباطه بشبكة إجرامية، تنشط في ارتكاب جرائم الاختطاف والمطالبة بفدية مالية والقتل العمد مع التمثيل بجثة، في إطار شبكة إجرامية تضم مواطنين مغاربة وجزائريين.