استنتاجات الموجز:
- "التحذير الأخير" الذي أطلقه قائد القسام بشأن أحداث الشيخ جراح يؤكد أن الأيام المقبلة ستشهد تصعيدًا واسعًا في حال واصل الاحتلال عدوانه
- قرار "عباس" بتأجيل الانتخابات يخصم من رصيده الشعبي ويؤثر على علاقاته الدولية لا سيما في ظل استياء واسع عبر عنه عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين
تشهد الأيام الأخيرة من شهر رمضان تصعيدًا ملحوظًا في القدس والضفة الغربية المحتلّتَين، وكذلك إرهاصات مواجهة مع قطاع غزة. ويبدو المشهد الفلسطيني مليئًا بعوامل التفجير، التي قد تقود لاشتداد حدة المواجهات، لا سيما في ظل تعنت الاحتلال ودعمه الواسع لقطعان المستوطنين. إزاء ذلك، وجه قائد هيئة الأركان في "كتائب القسام"، محمد الضيف، "تحذيرًا واضحًا وأخيرًا" للاحتلال والمستوطنين حول الوضع في مدينة القدس، مؤكدًا أن الكتائب "لن تقف مكتوفة الأيدي" تجاه العدوان على الفلسطينيين في حي الشيخ جراح. كما وجه "الضيف" التحية "لأهلنا الصامدين" في حي الشيخ جراح، محذرًا الاحتلال بأن "قيادة المقاومة والقسام ترقب ما يجري عن كثب"، وأن الاحتلال "سيدفع الثمن غاليًا" إذا لم يوقف عدوانه.
من جهتهم، يرى محللون أن الرسالة تحمل أبعادًا غاية في الأهمية من حيث المضمون والتوقيت، وتُعد تطورًا مهمًا في استراتيجية المقاومة لحماية الشعب الفلسطيني في مختلف المناطق. ودعا "المنسق" "الإسرائيلي" الأسبق ومحللون عسكريون للتعامل بجدية مع "تحذير الضيف".
في التفاصيل، يخوض أهالي حي الشيخ جراح مواجهات مستمرة مع قوات العدو، بعد إصدار الاحتلال أمرًا بطرد الفلسطينيين من بيوتهم وتسليمها للصهاينة، ولم تنل المواجهات اليومية من عزيمة المرابطين في الحي، في ظل الاستنفار الأمني لقوات الاحتلال والتنكيل الواسع المُمارس تجاه الأهالي. ويومًا بعد يوم، تتزايد الاتهامات للسلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية بالتقصير في ملف العائلات المقدسية، بعد تسليمها أوراقًا منقوصة تثبت عدم ملكية شركات استيطانية للأراضي المقام عليها حيّ الشيخ جراح، رغم إعلان وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الأسبوع الماضي، تسليم السلطة جميع الأوراق الثبوتية واستمرار البحث عن باقي الأوراق. وبحسب مصادر فلسطينية، فإن شخصيات أردنية وفلسطينية مقرّبة من السلطة متهمة بالتلاعب في قضية أهالي "الشيخ جراح"، وإن ما يجري اليوم جزء من تبعات عمليات تسريب الأراضي والعقارات في المدينة المقدسة، وهو أمر استمرّ منذ عقود وبانت وظهرت نتائجه بعد تأكّد المستوطنين من اختفاء جزء من الأوراق الثبوتية من الأرشيف الأردني. يذكر أن السلطة أعلنت، أخيرًا، عن إحالة ملف البيوت المستهدفة بالاستيلاء عليها في الشيخ جراح إلى محكمة الجنايات الدولية باعتبارها جريمة حرب.
وفي جنوب نابلس، استشهد الشاب "سعيد يوسف محمد علي" (16 عامًا) برصاص الاحتلال على مدخل قرية أودلا، كما أصيب شاب آخر بالرصاص الحي وتم نقله لمستشفى رفيديا في نابلس. وقبل أيام، استشهدت سيدة فلسطينية متأثرة بجروح حرجة أصيبت بها برصاص جيش الاحتلال جنوبي مدينة بيت لحم.
وسط هذه التطورات، أعلنت شرطة الاحتلال اعتقال "منتصر شلبي"، المتهم بتنفيذ عملية زعترة منتصف الأسبوع الجاري، التي قُتل فيها مستوطن وأصيب اثنان آخران. وقام الاحتلال خلال الأيام الماضية باستنفار عدد كبير من قواته واقتحم عدة قرى ومدن فلسطينية للوصول إلى "شلبي". وبعد عملية حاجز زعترة بأقلّ من ثلاث ساعات، ذكر موقع "والا" العبري أن عبوة ناسفة انفجرت عند شارع استيطاني قرب بلدة المغير شمال شرق رام الله، دون تفاصيل إضافية.
كما كشفت ”القناة 12“ العبرية أن أمن السلطة الفلسطينية أبلغ الاحتلال بخطّ سير منفّذ العملية والمكان الذي ترك فيه مركبته، فيما وجّه مسؤول "إسرائيلي" انتقادًا للجيش بسبب تأخّره في الوصول للمنطقة التي توجد فيها سيارة المنفّذ، وهو ما أتاح للسكّان إحراقها لإخفاء الأدلّة، وسط عجز أربعة أفراد تابعين للأمن الفلسطيني عن منع ذلك. يُذكر أن أجهزة أمن السلطة سبقت الاحتلال في الوصول لسيارة المنفذ، والتحقيق مع أهله في بلدة ترمسعيا، وأن اقتحام أمن السلطة لمنزله في هذا الظرف الحساس أثار غضب المواطنين الذين طالبوا بتفسيرات لهذه الملاحقة، خاصةً وأن المطلوب هو حماية المطارد لا اقتحام منزله.
وفي مدينة القدس، حذَّرت شخصيات فلسطينية من الانسياق وراء الأخبار التي روّجت لها وسائل إعلام عبرية، بشأن منع دخول المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى، واعتبروا أن ذلك مجرد "خديعة إسرائيلية"، تمهد لتنفيذ اقتحام كبير يوم 28 رمضان، لإحياء ما يُسمى "يوم القدس“. فقد أعلنت جماعات يهودية متخصصة في التهويد عن اتفاقها مع شرطة الاحتلال على فتح أبواب المسجد الأقصى أمامهم لتنفيذ اقتحامات كبيرة يوم 28 رمضان، لإحياء ما يُسمى "يوم القدس"، الذي يوافق ذكرى النكسة واحتلال شرق القدس وفق التقويم العبري.
على الجانب الآخر، انطلقت عشرات المظاهرات الفلسطينية في الضفة وغزة، احتجاجًا على قرار رئيس السلطة، محمود عباس، تأجيل الانتخابات التشريعية، ومع صدور بيانات من معظم الفصائل الفلسطينية ترفض القرار، أعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، إيقاف العملية الانتخابية تمامًا. ويصف خبراء فلسطينيون قرار "عباس" بتأجيل الانتخابات بـ"انتكاسة"، والعودة إلى مربع الانقسام الأول. وبحسب الخبراء، فإن الحالة الفلسطينية ستشهد توترًا سياسيًا، وإن قرار التأجيل قد يعني إلغاء الانتخابات بشكل كامل.
دوليًا، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن القرار "أمر مخيب للآمال بشدة"، معربًا عن أسفه للقرار، وداعيًا لتحديد موعد جديد للانتخابات دون تأخير. وقال دبلوماسي أوروبي فضل عدم ذكر اسمه إن "العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية تعرضت لزلزال"، وإن الجانب الفلسطيني "تجاوز الكثير من التقاليد الدبلوماسية، وعلاقات الصداقة والشراكة، عندما حمّل الأوروبين جزءًا من فاتورة إلغاء الانتخابات".
من جانبه، أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، رفض الحركة شرط "عباس" الالتزام بالقرارات الدولية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد تأجيل الانتخابات الفلسطينية العامة التي كانت مقررة ابتداء من الشهر المقبل. كما أعلنت 22 قائمة انتخابية عن تشكيل مجلس تنسيقي لمناهضة قرار تأجيل الانتخابات، بينما استهدفت الأجهزة الأمنية الفلسطينية منزل المرشح عن كتلة الحرية والكرامة، نزار بنات، وأطلقوا النار عشوائيًا على المنزل ملحقين الضرر به ومروعين الأطفال والنساء.
إلى ذلك، أدخلت السلطات المختصة في غزة تخفيفات كبيرة على إجراءات الوقاية التي كانت متبعة، للحد من تفشي فيروس "كورونا"، وذلك بعد أكثر من شهرين على دخول القطاع في موجة جديدة، سجل خلالها نسب وفيات وإصابات عالية. وقالت وزيرة الصحة، مي الكيلة، إنه تم تسجيل 21 وفاة و815 إصابة جديدة و1979 حالة تعاف خلال الساعات الأخيرة، منها ست حالات وفاة و 612 إصابة في غزة.