استنتاجات الموجز:
- المقاومة الفلسطينية تُثبت قدرتها العالية على إدارة المعركة ميدانيًا في ظل تخبط الاحتلال ونفاد "بنك أهدافه"
- نجاح المساعي الإقليمية والدولية لخفض حدة التصعيد والتوصل لـ"تهدئة" اعتُبرت نجاحًا كبيرًا للمقاومة
- تواصل زخم الحراك الشعبي الفلسطيني رغم جهود الاحتلال الكبيرة لكبحه عبر حملات الاعتقال واستعمال القوة المفرطة
بعد هدوء صوت القصف الذي كان أقوى من صوت التهدئة على مدار أكثر من عشرة أيام، تخطت خلاله أعداد الضحايا في غزة 200 شهيد بينهم 65 طفلًا و39 إمرأة و17 مسنًا؛ ورغم دعوات التهدئة وقبيل تطبيقها على الأرض، شهد القطاع ليلة متواصلة من القصف البحري والجوي، حيث استمرت الزوارق الحربية "الإسرائيلية" في القصف طوال الليل مستهدفةً منازل المدنيين. بالمقابل، واصلت المقاومة رسم المعادلات في معركتها ضد العدو؛ حيث أقرت بالصواريخ والنار معادلة قصف الأبراج يقابلها قصف مدينة تل أبيب، وقصف البيوت الآمنة يقابلها قصف بئر السبع وعسقلان وأسدود. وكان أغلب هذه الصواريخ موجّهًا لأهداف محددة، مثل مطار بن غوريون في اللد، وميناء أسدود، والقواعد العسكرية في بئر السبع.
وفي تطور جديد، استخدم العدو في قصفه على غزة صواريخ موجهة أطلقها من شرق القطاع إلى وسطه، وبذلك يكون استخدم أغلب ما في ترسانته ضد أبناء غزة. لكن ورغم كل الدمار والموت، لا تزال غزة مستمرة في تلقين العدو درسًا لن ينساه قريبًا، إذ فرض قائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، على سكان تل أبيب حظر تجول، وحدد الساعة التي ستقصف فيها المدينة، وشاهد العالم على البث المباشر كيف حاولت صواريخ القبة الحديدية اعتراض الصواريخ.
من جهة أخرى، أدخلت المقاومة إلى ساحة المعركة أسلحة جديدة؛ فبحسب وسائل إعلام عبرية استهدفت المقاومة بغواصات مسيرة منصة النفط المقابلة لمدينة غزة، ورغم كثافة الغارات التي يشنها العدو، لم تتوقف صواريخ المقاومة عن الانهمار فوق المدن والبلدات المحتلة. وفي هذا السياق، اعترف العدو بسقوط مايزيد عن أربعة آلاف صاروخ على المستوطنات منذ بداية العدوان على غزة، وهي أعلى وتيرة صاروخية يتعرض لها الكيان في تاريخه. كما أعلنت "كتائب القسام" أنها استهدفت حافلة نقل جنود "إسرائيلية" قرب قاعدة “زكيم” العسكرية، المحاذية لحدود شمال القطاع بصاروخ موجّه، مؤكدةً أنها “قصفت محيط الحافلة المستهدفة بقذائف الهاون".
في السياق أيضًا، ركزت المقاومة خلال الأيام الماضية القصف على مستوطنات ”نتيفوت" و“نير عوز“ و“يا مردخاي“، ومواقع ”كرم أبو سالم" و“صوفا“ و“ناحل عوز“، إضافةً لاستمرار الرشقات الصاروخية على أسدود وعسقلان وبئر السبع و“سديروت“. كما استهدفت قواعد ”رعيم“ و“8200“ و“حتسور“ و“تسليم" أيضًا.ولم تنحصر أهداف المقاومة بالبر فقط، حيث كشف العدو، بعدما سمحت الرقابة العسكرية بذلك، أن ”كتائب القسام“ حاولت استهداف منشأة ”تمار" الخاصة باستخراج الغاز من البحر، التي تقع قبالة عسقلان، على بعد 20كلم من غزة بالصواريخ، دون أن تُصبيها، وفق ادعائه، مشيرًا إلى أن الاستهداف تسبب بوقف العمل فيها. وفي تطور لافت، أُطلقت مجموعةٌ من الصواريخ من منطقة صور في الجنوب، باتجاه منطقة الجليل الغربي في فلسطين المحتلة. وبعد سقوط الصواريخ، قامت مدفعية جيش العدو بقصف المنطقة التي يفترض أنها خرجت منها. وهذه هي المرة الثالثة، في أقلّ من أسبوع، التي تُطلق من جنوب لبنان، صواريخ باتجاه فلسطين المحتلة.
دوليًا، واصل مجلس الأمن الدولي عقد الاجتماعات على مدار الأيام الماضية، لبحث القضية الفلسطينية، حيث جرى التوصل لتهدئة، بينما كان لافتًا في الحديث السياسي حول التهدئة، الشدّ والجذب الأمريكي ــ "الإسرائيلي"، بعدما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس "جو بايدن" هاتف "نتنياهو" للمرّة الرابعة خلال أسبوع، وقال له إن يَتوقّع خفضًا كبيرًا للتصعيد تمهيدً لوقف النار. لكن مصادر في ”حماس“ قالت إن المصريين تحدّثوا مع الحركة مرارًا وأخبروها بأن ”إسرائيل“ اقتربت من التهدئة، بينما ظلت ”حماس“ متمسّكة بشروطها المتعلّقة بمدينة القدس ووقف العدوان على غزة.
من جانب آخر، حقّقت المقاومة الفلسطينية، في غضون أيام، ما لم يستطع السياسيون الفلسطينيون تحقيقه منذ الانقسام الفلسطيني عام 2005، وهو توحيد الشعب الفلسطيني على كامل الأراضي الفلسطينية. وفي مشهد فلسطيني فريد من نوعه، أُغلقت المحال التجارية وعمّ الإضراب الشامل المدن الفلسطينية كافةً في الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة الغربية، تنديدًا بالعدوان على غزة ونصرةً للقدس والأقصى. وخرج المتظاهرون في الضفة للدفاع عن غزة ومقاومتها وعن القدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح. ولم يكن المشهد حكرًا على الضفة فقط، حيث اشتعل الداخل الفلسطيني والأراضي المحتلة. كما هاجم الفلسطينيون الصهاينة في المدن المختلطة، بسبب القمع الذي رأوه ضد سكان القدس والجرائم المرتكبة بحق أهل غزة، بينما تواطأت الشرطة مع المستوطنين وقامت بحمايتهم في هجماتهم التي شنوها ضد الفلسطينيين في يافا وعكا وحيفا واللد والرملة. كما ارتفعت حدة التوتر في مدينة أم الفحم بعد استشهاد الشاب "محمود كيوان"، متأثرًا بجراحه خلال مواجهات مع قوات الشرطة قرب مفرق ميعامي.
وامتد هذا المشهد إلى خارج فلسطين، حيث عادت دول الطوق إلى الواجهة؛ إذ توجّه عشرات الشبان من لبنان إلى الحدود الفلسطينية، وقطعوا السياج الفاصل ودخلوا إلى الأراضي المحتلة قبل أن يطلق العدو عليهم النار ويصيب شابًا في بطنه، كماتوجّه المئات في الأردن إلى الحدود.
في السياق ذاته، وفي تطوّر غير متوقّع، نفّذت سيّدة فلسطينية،عملية إطلاق نار ضدّ قوات الاحتلال في الخليل، تزامنًا مع استمرار المواجهات في عدد كبير من نقاط التماس في الضفةوالقدس والداخل المحتلّ عام 1948. وكان من أبرز ما شهدته الأراضي المحتلة خلال الأيام الماضية، عملية الدهس التي طالت شرطة العدو في مدخل حي الشيخ جراح، وأسفرت عن إصابة سبعة منهم، حالة اثنين منهم خطيرة، فيما استشهد منفّذ العملية برصاص الشرطة "الإسرائيلية". وفي هذا الإطار.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد مواطن متأثرًا بجروح بالغة أصيب بها في الرأس قبل يومين، خلال مواجهات مع جيش الاحتلال في مدينة جنين شمال الضفة. وبذلك يرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في الضفة الغربية وشرق القدس إلى 29 شهيداً بينهم أربعة أطفال وسيدة.
بدورها، تواصل قوات الاحتلال تصعيد عمليات الاعتقال في كافة أنحاء الضفة وداخل الخط الأخضر، حيث وصل عدد المعتقلين منذ بداية المواجهات إلى أكثر من 1800 مواطن، بينهم أطفال ونساء وجرحى ومرضى. كما اعتقل جيش الاحتلال 60 فلسطينيًا من مدن وبلدات في الضفة بما فيها مدينة القدس المحتلة، بينهم قيادات من "حماس"، بحسب نادي الأسير.