استنتاجات الموجز:
- معركة "سيف القدس" تنسف مساعي إصلاح العلاقات التركية مع دولة الاحتلال وتفجر الخلافات بين "أردوغان" و"بايدن"
- عزم بولندا شراء طائرات تركية مسيرة يفتح الباب أمام تحولات استراتيجية وارتدادات شديدة في روسيا و"الناتو" وأوروبا
- حزب جديد من رحم "الشعب الجمهوري" المعارض سيسهم في تشكيل الخارطة السياسية للأحزاب التركية
نسفت معركة "سيف القدس" بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال "الإسرائيلي"، الجهود الدبلوماسية التي كانت تبدل من تحت الطاولة من عدة أطراف لتحسين علاقات تركيا مع دولة الاحتلال. فقد كانت ردود الفعل التركية الأشد ضد الاحتلال دوليًا وعربيًا؛ حيث هاجم الرئيس "أردوغان" وكبار المسؤولين الأتراك دولة الاحتلال، في سلسلة تصريحات أجمعوا فيها على وصفها بدولة “إرهابية وعنصرية وفاشية".
بالتوازي مع ذلك، تفجرت الخلافات ين أنقرة وواشنطن؛ فبعد اتصالات واسعة ومساعٍ حثيثة لفتح قنوات اتصال بين "أردوغان" وإدارة "بايدن"، في محاولة لبناء أرضية لتحسين العلاقات بين الجانبين وتحييد حزمة كبيرة من ملفات الخلاف المعقدة، فرض العدوان "الإسرائيلي" على فلسطين نفسه بقوة، ليفجر خلافات جديدة قد تنسف كافة الجهود التي بذلت، وتصعب أي جهود يمكن أن تتجدد في الأسابيع والأشهر المقبلة.
فمن جانبه، هاجم "أردوغان" بقوة صمت الإدارة الأمريكية على الجرائم "الإسرائيلية"، ووصف "بايدن" بأن “يديه ملطختان بدماء الشعب الفلسطيني“، ما دفع إدارته للتصعيد واعتبار انتقادات "أردوغان" لـ"إسرائيل" “معادية للسامية وتشجع على العنف”. وهو ما ولّد ردود فعل تركية غير مسبوقة تجاه إدارة "بايدن"، أعادت كافة مساعي تحسين العلاقات إلى نقطة الصفر.
من جهة أخرى، كشف وزير الدفاع البولندي، ماريوس بلاشزاك، عزم بلاده توقيع صفقة مع تركيا لشراء 24 طائرة مسيرة قتالية من طراز "بيرقدار"، لتكون أول دولة في الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو" تخطو هذه الخطوة، التي تحمل في طياتها رسائل كصيرة وارتدادات، وتكشف حجم التحولات في هذا السياق. إضافةً لذلك، فإن بولندا مجاورة لروسيا، وهو ما يتوقع أن يؤدي لارتدادات وردود فعل وحسابات في كل من روسيا والاتحاد الأوروبي و"الناتو"، ويجعل منها صفقة دفاعية غير عادية تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية هامة.
فعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، سيفتح تفضيل بولندا لاقتناء المسيرات التركية على دول الاتحاد الأوروبي التي تنتج مسيرات قتالية، الباب أمام نقاشات عميقة داخل أطر الاتحاد الذي وجّه انتقادات حادة لاستخدام المسيرات التركية في ليبيا وسوريا وقره باغ. كما أنها ستعتبر نقطة تحول استراتيجية لأن دولة من الاتحاد الأوروبي، الذي ما زال يلوّح بفرض عقوبات على تركيا ووقف تصدير الأسلحة إليها، باتت بحاجة لأسلحة تركية متطورة أثبتت تفوقها في ميادين مختلفة. كما امتدت ارتدادات الصفقة إلى روسيا، التي كانت تعتبر بولندا أحد أبرز حلفائها في الاتحاد السوفيتي قبل أن تتحول إلى المعسكر الغربي، وتعتبر دولة حدودية بشكل غير مباشر (تفصل بينهما بيلاروسيا) ومن شأن اقتنائها أسلحة متطورة أن يشكل ازعاجًا كبيرًا لروسيا.
داخليًا، شهدت أنقرة ميلاد حزب جديد بزعامة المرشح الرئاسي السابق، محرم إينجه، المستقيل من "حزب الشعب الجمهوري"، باسم حزب "البلد"، والذي يأتي تأسيسه تتويجًا لمسيرة بدأها "إينجه" قبل أشهر، وجال بعدها في الولايات التركية ملتقيًا كافة الفئات الشعبية، ليستقيل لاحقًا من الحزب، ومعه عدد من النواب البرلمانيين ومئات من أعضاء الحزب، الذين أعلنوا انضمامهم لحركته السياسية، ما سيسهم في إضعاف "الشعب الجمهوري" وزيادة الانقسامات الداخلية، وإعادة تشكيل الخارطة السياسية للأحزاب التركية قبيل موعد الانتخابات المقررة في 2023.
من جهتها، كشفت المتحدثة باسم الحزب، غايا أوسلار، التي استقالت قبل نحو شهر من "الشعب الجمهوري"، عن تأسيس الحزب بشكل رسمي؛ حيث تم تسليم طلب تأسيس الحزب لوزارة الداخلية، وموافقة الوزارة على الطلب المقدم، مبينةً أن الحزب سيكون ممثَّلًا أيضاً في البرلمان وسيعقد في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل مؤتمره التأسيسي العام، ويستكمل بذلك أجهزته التي تسمح له بالمشاركة في الانتخابات، ويتخذ "الحزب من كلمة "Mavı" (أزرق بالتركية) شعارًا له، حيث تشير الكلمة بأحرفها التركية إلى "اسم البلد والعدالة والوجدان والعمل، وبنفس الوقت البحر، أي الأمان والاستقرار والعدالة وكسب المستقبل"، وتتألف القائمة التأسيسية للحزب من 85 اسمًا مؤسسًا.
داخليًا أيضًا، أثار أحد كبار زعماء المافيا في تركيا، سادات بكر، في فيدهوات تجاوزت 25 مليون مشاهدة، حالة من الجدل في الشارع التركي بين داعم ومعارض لها، وأصبحت حديث الشارع التركي، لما تتضمنه من إدعاءات تطال كبار شخصيات في الدولة بينهم صهر الرئيس وزير المالية السابق، برات ألبيراق، ووزير الداخلية، سليمان صويلو، بينما توعد "أردوغان" بالكشف عن ملفات أخرى قريبًا.
حول تطورات جائحة "كورونا"، أبرمت تركيا عقودًا لشراء 270 مليون جرعة لقاحات متنوعة تعادل ثلاثة أضعاف عدد السكان، منها 100 مليون جرعة من لقاح "سينوفاك"، و120 مليون جرعة من لقاح "بيونتك/فايزر"، و50 مليون جرعة من لقاح "سبوتنيك - ڤي"، بينما تواصل العمل للوصول للقاح محلي، فيما بلغ إجمالي الجرعات المقدمة 27 مليونا و761 ألفا و989. يذكر أن تركيا سجلت 231 حالة وفاة، و8 آلاف و697 إصابة جديدة خلال آخر 24 ساعة، لترتفع حصيلة الوفيات إلى 46 ألفا و71، فيما بلغت الإصابات 5 ملايين و178 ألفًا و648، كما ارتفع إجمالي المتعافين إلى 5 ملايين و13 ألفًا و111، إثر شفاء 14 ألفا و472 مصابًا، خلال 24ساعة مؤخرًا.
أمنيًا، أوقفت قوات الأمن مشتبهين بالانتماء لتنظيم "داعش" في ولاية بولو، خلال عملية لقوات مكافحة الإرهاب، أوقفت خلالها مشتبهين عراقيين وآخر سوريًا. وسيدلي المتهمون بإفاداتهم أمام القضاء بعد الاشتباه بنشاطهم في صفوف التنظيم ببلدانهم. كما ضبطت قوات الأمن اثنين من منتسبي تنظيم "غولن" خلال محاولتهما العبور إلى اليونان بطرق غير قانونية.
عسكريًا، كشفت وزارة الدفاع ووسائل إعلام محلية تفاصيل جديدة عن عملية الاغتيال، التي نفذها الجيش التركي بحق “صوفي نور الدين” الذي تقول تركيا إنه الزعيم الأول لتنظيم "العمال الكردستاني" في سوريا، وذلك في عملية مشتركة جرت بالتنسيق بين الجيش والمخابرات، وأعطت زخمًا كبيرًا للحرب التي تخوضها تركيا منذ عقود ضد التنظيم، المصنف إرهابيًا داخل وخارج البلاد. وأعلن الرئيس أردوغان “تحييد” القيادي البارز في التنظيم والذي لم يتم الكشف عن اسمه الحقيقي واكتفت بالكشف عن اسمه التنظيمي “صوفي نور الدين” وجرى اغتياله بغارة جوية في مغارات التنظيم المنتشرة بالجبال الوعرة شمال العراق.
عسكريًا أيضًا، نفذت قوات تركية مناورات مشتركة مع نظيرتها في أذربيجان، بهدف تعزيز القدرات القتالية وتطوير التفاعل بين الوحدات العسكرية للبلدين. وجرت المناورات في إطار خطة العمل المشتركة بين الجانبين لعام 2021، وشملت تدريبات على اختراق دفاعات العدو والتسلل للسيطرة على مخافره ومنشآته العسكرية، والتدرب على تنظيم العمليات السرية، وتدمير المجموعات التخريبية، والتعامل مع استفزازات العدو وعمليات مكافحة الإرهاب.