استنتاجات الموجز:
"تراقيا الغربية" تعود لتتصدر الخلافات بين تركيا واليونان على جانب الملفات الأخرى العالقة بين البلدين
المعارضة التركية تعتبر اكتشافات البترول التي أعلن عنها "أردوغان" مجرد دعاية لأهداف انتخابية
تصدرت قضية مسلمي "تراقيا الغربية" شرق اليونان الخلاف بين أنقرة وأثينا، حيث تعتبرهم الأولى أقلية عرقية تركية وتطالب بمنحهم حقوقًا كاملة، بينما تعتبرهم اليونان أقلية يونانية مسلمة، وتمارس كافة أشكال التضييق عليهم لمنعهم من إبراز أي طابع يتعلق بكونهم “أتراك". وبرزت القضية في الأسابيع الأخيرة إلى الواجهة بقوة، بعد اتهام أنقرة لأثينا بتصعيد انتهاكاتها ضد أتراك تراقيا، بما يتعارض مع وضعهم القانوني بموجب اتفاقية لوزان، التي باتت محل شك كبير بين البلدين، إلى جانب حزمة كبيرة من الخلافات المتصاعدة بين البلدين، لا سيما فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والتنقيب عن الموارد شرق المتوسط وقبرص والعداء التاريخي وملفات أخرى.
وفيما فُسّر على أنه رد تركي على المشادة الكلامية بأنقرة بين وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ونظيره اليوناني، استبق الوزير التركي زيارته المقررة إلى أثينا بزيارة تراقيا الغربية، ولقاء الأقلية التركية وممثليها. كما زار القنصلية التركية ومدارس وقبور سياسيين راحلين كانوا من أبرز المدافعين عن حقوق أتراك تراقيا، إلى جانب مفتين عينتهم تركيا ولا تعترف بهم اليونان، وهو ما أثار غضب أثينا.
إلى ذلك، جدد الرئيس "أردوغان" التأكيد على سعي بلاده لتحسين العلاقات مع مصر ودول الخليج على أساس الربح المتبادل، وذلك بعد أزمة دبلوماسية استمرت سنوات عدّة، حيث تقود أنقرة مؤخّرًا جهودًا دبلوماسية حثيثة لإصلاح علاقاتها مع كل من القاهرة والرياض وأبو ظبي، بدءًا بالأولى. من جهة أخرى، أدانت الخارجية التركية تصديق دولة الاحتلال على بناء 350 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة “بيت إيل”، بالضفة الغربية، مؤكدةً رفضها لهذه الممارسات غير الشرعية، وداعيةً لضرورة محاسبة "إسرائيل" على سياساتها وممارساتها التي تشكل انتهاكًا للقانون الدولي.
داخليًا، انقسمت آراء أحزاب المعارضة التركية حول إعلان "أردوغان" اكتشافات الغاز في البحر الأسود، ليكون بذلك ثالث إعلان في هذا الإطار في الأشهر القليلة الأخيرة، وسط إعلانات أخرى متفرقة عن اكتشافات أصغر للغاز والبترول في مناطق متفرقة، وتلميحات بإمكانية الإعلان عن اكتشاف جديد للغاز شرق المتوسط، حيث الصراع الإقليمي الكبير على الاحتياطات الهائلة هناك. ويرى مسؤولو الحكومة والحزب الحاكم هذه الاكتشافات بمثابة "ثورة" في قطاع الطاقة بتركيا، ونتيجة إيجابية تحسب لصالح "حزب العدالة والتنمية" وسياساته لتعزيز قوة البلاد في مجال الطاقة، ما سيعود بمكاسب اقتصادية كبيرة على البلاد، بينما ترى أحزاب المعارضة المختلفة أنها مجرد إعلانات دعائية لأهداف انتخابية.
كما افتتح "أردوغان" ميناء “فيليوس” على البحر الأسود في ولاية زونغولداق شمال غرب تركيا، حيث اعتبره “أحد المشاريع التي كان يحلم بها السلطان عبد الحميد منذ 150 عامًا”، لافتًا إلى أنه “سيصبح أحد أبرز المراكز التجارة البحرية بالمنطقة، إلى جانب كونه مركزًا لوجستيًا ضخمًا”، ويُتوقع أن يخدم الميناء مشاريع استخراج الغاز المكتشف من البحر الأسود. يذكر أن تركيا نجحت في إنتاج النفط من آبار مغلقة تم ردمها سابقًا، بحجة أنها لا تحتوي على نفط، وزادت إنتاجها من النفط بمقدار 6800 برميل يوميًا في الشهر الأخير، عبر الاكتشافات الجديدة سواء جنوب شرق البلاد أو في منطقة تراقيا (شمال غرب)، فيما تهدف لإنتاج 100 ألف برميل يوميًا بحلول 2023.
في هذا الإطار، تتهم المعارضة التركية عبر تصريحات لزعماء أحزاب مختلفة ونواب في البرلمان، الحكومة والحزب الحاكم بالقيام بعملية دعائية كبيرة، من خلال تضخيم أخبار اكتشافات الغاز والبترول لأهداف انتخابية، حيث ربط كثير منهم بين هذه الإعلانات والظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها البلاد في الأشهر الأخيرة، معتبرين أنها محاولة للقول للمواطنين إن الظروف الاقتصادية ستكون أفضل بفضل هذه الاكتشافات.
في شأن منفصل، وعقب سنوات طويلة من التركيز على جبال قنديل التي تعتبرها تركيا مركز القيادة والتدريب والإعداد الأول لتنظيم "حزب العمال الكردستاني" شمال العراق، أثارت تركيا مؤخرًا قضية سنجار التي باتت تعتبرها “قنديل الثانية” وحاضنة جديدة للتنظيم المصنف إرهابيًا، وذلك قبل أن يطرح الرئيس "أردوغان" ملف مخيم مخمور شمال العراق، الذي وصفه بأنه “فراخة إرهابيين” مهددًا بتنفيذ عملية عسكرية ضده.
داخليًا، وفي الشأن الاقتصادي، تعرضت الليرة التركية لانتكاسة جديدة مقابل الدولار، عقب تصريحات "أردوغان" حول حاجة بلاده لخفض أسعار الفائدة، حيث تراجعت أكثر من 4% وهبطت إلى 8.88 ليرة مقابل الدولار. وحول تطورات "كورونا"، سُجلت 92 وفاة، و6 آلاف و126 إصابة، ليرتفع إجمالي الوفيات إلى 48 ألفًا و68، والإصابات إلى خمسة ملايين و282 ألفًا و594، بينما شفي 7 آلاف و161 شخصًا، لترتفع حصيلة المتعافين إلى خمسة ملايين و154 ألفًا و771 حالة. كما وصل إجمالي عمليات التطعيم ضد الفيروس إلى 30 مليونًا و441 ألفًا و896، وبلغ عدد متلقي الجرعة الأولى من اللقاحات 17 مليونًا و433 ألفًا و783، فيما بلغ متلقو الجرعتين 13 مليونًا و8 آلاف و113، وتعتمد المؤسسة التركية للأدوية والأجهزة الطبية ثلاثة لقاحات للاستخدام الطارئ، هي "سبوتنيك - ڤي" الروسي، و"سينوفاك" الصيني، و"بيونتيك - فايزر" الألماني الأمريكي.
أمنيًا، قامت فرق القوات الخاصة التابعة للدرك بتحييد ثلاثة عناصر من تنظيم "العمال الكردستاني" بريف قضاء "باش قلعة"، في إطار عمليات "أرن 1"، كما ضبطت عنصرًا من التنظيم حاول التسلل من سوريا إلى تركيا، فيما حيدت 81 من عناصر التنظيم و17 من "داعش" خلال أيار/ مايو الماضي، وتم توقيف 1696 مشتبهًا بالتواطؤ مع تنظيمات إرهابية، وتقديم المساعدة لها أو الانتماء إليها خلال عمليات الأمنية الشهر الماضي. كما ضبط حرس الحدود بقضاء إسبالا بولاية أدرنة شمال غرب تركيا أربعة أشخاص، أثناء محاولتهم العبور إلى اليونان بطريقة غير قانونية بينهم ثلاثة أعضاء في تنظيم "غولن". وألقى القبض على المطلوب العراقي (أ. ت. أ. أ) في ولاية بولو شمال غرب البلاد، للاشتباه في ضلوعه بأنشطة "داعش" بالعراق، والمطلوب أمنيًا من قبل سلطات بلاده.
قضائيًا، صدرت قرارات قضائية بحبس 235 من عناصر "بي كي كي" و"غولن" و"داعش" وتنظيمات يسارية متطرفة خلال الشهر الماضي. وعلى الصعيد العسكري، تسلمت قيادة القوات البرية مروحية "أتاك تي 129" محلية الصنع، والمزودة بأنظمة الحماية الذاتية للحرب الإلكترونية، ليرتفع إجمالي ما تملكه من هذا الطراز إلى 54 مروحية. وتتميز المروحية بقدرتها على حمل ثمانية صواريخ مضادة للدبابات بعيدة المدى من طراز "الرمح" محلية الصنع، و12 صاروخًا موجهًا محلي الصنع من طراز "جيريت"، إضافةً إلى أربعة صواريخ "ستينغر" (جو ـ جو)، و76 قذيفة، ومدفع رشاش من عيار 20ملم مثبت في المقدمة.
عسكريًا أيضًا، احتضنت العاصمة الأذربيجانية باكو، اجتماع الحوار العسكري رفيع المستوى الـ13 بين تركيا وأذربيجان، برئاسة نائب وزير الدفاع، الفريق كريم ولييف، والرئيس الثاني لأركان الجيش التركي، الفريق سلجوق بيرقدار أوغلو. وشهد الاجتماع مناقشة الوضع القائم للتعاون الثنائي بين البلدين في المجالات الأمنية والتقنية-العسكرية، والطب والتعليم والصناعة العسكرية، وغيرها من المجالات، ووجهات النظر المتعلقة بالتنمية في المجالات العسكرية والدفاعية.