استنتاجات الموجز:
سخط شعبي بعد فشل الحكومة في تنفيذ مطالب الثورة وتوفير الحياة الكريمة ومقومات العيش للمواطن وأهمها الكهرباء والمحروقات
خلافات محتدة بين طرفي الحكم العسكري والمدني وبين القوى الثورية تطفو على السطح وسط تبادل الاتهامات
مزادات علنية للعملة الصعبة من البنك المركزي أسبوعيًا لمحاولة إسعاف الجنيه وتقليص الفارق بين السعر الرسمي والموازي
تظاهر آلاف السودانيين بالخرطوم، الخميس، للمطالبة بالقصاص لقتلى الاحتجاجات، تزامنًا مع الذكرى الثانية لفض اعتصام القيادة العامة عام 2019. وطالب المتظاهرون، الذين يمثلون قوى سياسية وشعبية مختلفة، بإسقاط الحكومة واتهموها بالفشل في تنفيذ أهداف الثورة، خصوصًا فيما يتعلق بالعدالة الانتقالية ومحاربة الفساد ووقف التدهور الاقتصادي. بدوره، أعلن الجيش عن إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى مقر القيادة العامة للجيش اعتبارًا من صباح الخميس، تحسبًا للمظاهرات التي دعت لها قوى سياسية. وقال الجيش في بيان، إن القوات المسلحة تهيب بجميع المواطنين الابتعاد عن حرم القيادة العام للقوات المسلحة، ولم يحدد البيان موعدًا لاحقًا لإعادة فتح تلك الطرق.
من جهته، أشار مجلس الوزراء إلى أن الحكومة تفعل كل ما في وسعها لتحقيق العدالة، لكن العلاقة التي وصفها بالمعقدة مع الأجهزة الأمنية المتعددة، والتي وضعتها الوثيقة الدستورية تحت مسؤولية المكون العسكري، "تلعب دورًا أحيانًا في إبطاء عجلة العدالة وتأخير تقديم المعلومات المطلوبة للجان التحقيق والنيابة."
على صعيد آخر، جرى استئناف المفاوضات في جوبا بين وفدي حكومة السودان و"الحركة الشعبية شمال" بقيادة "عبدالعزيز الحلو"، وناقش المشاركون الملاحظات التي قدمتها الحكومة ردًا على ورقة قدمتها الحركة الشعبية لإنجاز اتفاق إطاري بين الجانبين. هذا، فيما أعلن ناطق باسم الوفد الحكومي أن المفاوضات تسير بروح إيجابية، وأن رد الحكومة على مقترح الاتفاق الإطاري استند إلى الوثيقة الدستورية لاتفاق سلام جوبا، وإعلان المبادئ الذي وقّعه رئيس مجلس السيادة، عبدالفتاح البرهان، ورئيس الحركة الشعبية شمال، عبدالعزيز الحلو.
يذكر أن الحركة قدمت ورقة في آذار/ مارس الماضي، تنص على أن تكون الدولة على مسافة واحدة من كل الأديان وتوفير حرية الاعتقاد لكل المواطنين. واعتمد مقترح الاتفاق الإطاري المبادئ فوق الدستورية التي تنص على اعتماد العلمانية واللامركزية في الحكم، واحترام التنوع وحقوق الإنسان وتحظر الانقلابات العسكرية، مع إعطاء حق تقرير المصير في حالة خرق المبادئ فوق الدستورية والتي يجب أن يتوافق معها أي دستور دائم للسودان. وأشار الاتفاق إلى ضرورة وجود فترة ستة أشهر قبل بداية الفترة الانتقالية، لإنشاء الآليات والمؤسسات المنصوص عليها في الاتفاق. كما يحدد الاتفاق الإطاري المقترح القضايا والمبادئ العامة للتفاوض، ويتضمن إعلان المبادئ الموقع بين الطرفين في آذار/ مارس الماضي، حيث أعلنا فيه عزمهما على إنهاء الخلافات بتسوية سلمية، وتكوين جيش واحد في البلاد، وتأسيس دولة تضمن حرية الدين والعبادات لكل الشعب.
داخليًا، حذر النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو "حميدتي" من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في البلاد، وذلك في تسجيل مصور نشره "حميدتي" في صفحته الرسمية على "فيسبوك"، حيث ظهر وهو يتحدث في الخرطوم خلال مراسم تأبين أحد قيادات حركة تحرير السودان، التي يقودها "مني أركو مناوي". وقال "حميدتي" إن "السودان في وضع مفصلي غير مريح؛ تفكك اجتماعي، وسياسيًا مضطرب تمامًا، وفي وضع أمني غير مريح، واقتصاديًا تأثر الفقير والغني"، مشيرًا إلى أن الأزمة المعيشية ألقت بظلالها السلبية على البلاد. كما أكد "حميدتي" أن التغيير الذي حدث في السودان في 11 نيسان/ أبريل 2019 هو مجرد عزل الرئيس السابق، عمر البشير، دون تغيير بقية الأوضاع، مضيفًا: "ما نغش روحنا، ليس هنالك أي تغيير، التغيير هو دخول عمر البشير وقيادات النظام السابق السجن، لا بد أن نكون واضحين في هذا الموضوع، ونحن من أدخلناهم".
بالمقابل، نفى كل من المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة، العميد الطاهر أبو هاجة، والناطق باسم قوات الدعم السريع، العميد جمال جمعة آدم، في بيانين منفصلين وجود توتر عسكري بين الجيش والدعم السريع. وكانت مواقع إلكترونية سودانية ذكرت أن حدة التوتر تصاعدت بين قادة المكون العسكري، بعد أن رفعت قوات الدعم السريع وتيرة استعدادها القتالي داخل الخرطوم، كما نشرت تلك المواقع صورًا لسواتر ترابية حول القيادة العامة للجيش.
إلى ذلك، أدى رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، القسم بالقصر الرئاسي حاكمًا لأقليم دارفور، أمام رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، والنائب العام. يذكر أن "حمدوك" أصدر مطلع أيار/ مايو الماضي، قرارًا بتعيين "مناوي" حاكمًا لإقليم دارفور، حيث استند القرار إلى أحكام الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية، وبناءً على اتفاقية جوبا لسلام السودان بين الحكومة الانتقالية وأطراف العملية السلمية من الحركات المسلحة. وأقرت اتفاقية السلام بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة نظام حكم فدراليًا من ثمانية أقاليم بدلًا عن النظام الحالي (18 ولاية).
داخليًا أيضًا، أثارت صورة لطلاب سودانيين يدرسون تحت إضاءة مصابيح الشوارع جدلًا واسعًا على المنصات السودانية، حيث يشتكي كثيرون من انقطاع الكهرباء بصورة متكررة ساعات طويلة تصل إلى أكثر من 12 ساعة يوميًا، في ظل موجات الحر الصيفية والامتحانات النهائية للطلاب، ما يثير سخط واستياء المواطنين. هذا، بينما أخلت قوة تابعة للجنة إزالة التمكين منزل النائب الأسبق للرئيس المعزول، علي عثمان محمد طه، بضاحية المنشية بالقوة الجبرية.
في تطورات ملف "سد النهضة"، قالت مصر إن أي ملء للسد من قبل إثيوبيا دون التوصل لاتفاق عادل مع دول المصب فعل مرفوض. كما حذرت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، من "تعنت الطرف الآخر بشأن السد"، و"مما قد يجر المنطقة إلى مزالق لا تُحمد عقباها"، محذرةً من "تعنت إثيوبيا بشأن السد". بالمقابل، أكدت إثيوبيا أنه لا يمكن لأي قوة تغيير مواقفها حيال السد، فيما قال القائد العام للقوات الجوية الإثيوبية إن جيش بلاده مستعد لحماية وحراسة السد من أي عدوان.
في الشأن ذاته، أظهرت صور أقمار صناعية عالية الجودة عمليات بناء حديثة في السد، تمهيدًا للملء الثاني رغم التصاعد المستمر للأزمة بين إثيوبيا ومصر والسودان. كما تظهر الصور آثار عمليات صب الأسمنت في الممر الأوسط لرفع مستواه إلى 595م بحلول آب/ أغسطس المقبل، ليستطيع حجز 13.5 مليار متر مكعب المخطط لها في الملء الثاني للسد بعد نحو عام من الملء الأول. يأتي ذلك رغم رفض مصري سوداني، ومطالبة باتفاق قبلي، وتأكيد إثيوبي متكرر أنها لا تستهدف الإضرار بهما، وأنها ستسعى للاستفادة منه في مشروعات الطاقة وتوليد الكهرباء.
اقتصاديًا، قال بنك السودان المركزي إنه خصص 50 مليون دولار التي طرحها في ثالث مزاداته للنقد الأجنبي، وذكر متعاملون أن السياسة الجديدة تضيق على ما يبدو الفجوة بين الأسعار الرسمية ونظيرتها في السوق السوداء، والتي اتسعت خلال الأسابيع الأخيرة. وتهدف المزادات لتطبيق سياسة سعر الصرف "المرن المدار"، من خلال تزويد المستوردين بالدولارات عن طريق البنوك التجارية بالبلاد لأول مرة منذ سنوات، فيما أشار البنك المركزي إلى أنه من المقرر طرح مزاد أسبوعي رابع الأحد المقبل. وقال متعاملون إن السوق السوداء شهدت هزة بسبب المزادين الثاني والثالث، بعدما لم يكن هناك يقين في السابق إذا كانت الحكومة ستكون قادرة على ضخ دولارات في السوق، بينمات شنت قوات الأمن حملة وجرى ضبط تسعة من "مخربي الاقتصاد الوطني".