استنتاجات الموجز:
الرئيس التونسي يتجه لمزيد من العرقلة وتبديد أعمال "البرلمان" و"المحكمة الدستورية" وسط انسداد أفق الحل السياسي في المدى القريب
تصاعد حالة "التوتر الأمني" بالجزائر وسط اتهامات لأحزاب بارزة بخوض حملة انتخابية مناهضة للحراك الشعبي
تأزم سياسي حاد في العلاقات المغربية – الإسبانية في ظل ازدواجية موقف مدريد من قضية الأقاليم الغربية
تدخل أزمة المحكمة الدستورية في تونس طورًا جديدًا من النزاع بين السلطات، بعد أسابيع من ليّ الذراع بين رأس السلطة التنفيذية ممثلًا في رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، مع الأغلبية البرلمانية الممثلة بالسلطة التشريعية؛ فلا يمكن تنبؤ مصير "تعديلات قانون المحكمة الدستورية"، التي تحولت من أداة لتجاوز عقبة انتخاب أعضائها إلى مجال صراع بين الرئاسة الرافضة لها، وبين البرلمان المصرّ على تمريرها. فقد انتهت آجال الطعن في المحكمة الدستورية التي يمنحها القانون عشرة أيام للإقرار بدستورية النص حيث رفض "سعيد" ختم التعديلات وإصدار القانون، مؤكدًا أنه لن يضفي دستورية على مشروع قانون لا دستوري، وموضحًا أن المواقيت الدستورية تختلف عن المواقيت السياسية.
بدوره، اعتبر المقرر العام للدستور، الحبيب خضر، أن "سعيد" يواصل خرق الدستور بامتناعه عن ختم القانون، مشيرًا إلى أنه مدعو لإتمام واجبه والختم ونشر القانون في الجريدة الرسمية. توازيًّا، كشفت وثيقة مسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي، نادية عكاشة، تتحدث عن تدبير انقلاب تعده جهات بالرئاسة على حكومة "المشيشي"، مُشيرةً إلى أنّ خبراء "سعيد"، حثوه على تفعيل "الماده 80" من الدستور وإعلان الحالة الاستثنائية كأداة لتركيز جميع السلطات بيد رئيس الجمهورية. وأوضحت الوثيقة أنّه من التدابير الاستثنائيّة تكليف مدير الأمن الرئاسي، خالد اليحياوي، بالإشراف على وزارة الداخلية بالنيابة، علاوةً على مهامه كمدير عام للإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية.
في الأثناء، أثارت زيارة "المشيشي" إلى ليبيا، برفقة وفد حكومي و1200 رجل أعمال ولقائه كبار المسؤولين، ردود فعل متفاوتة؛ حيث رحب بها البعض، معتبرين أنها فرصة لاستعادة السوق الليبية التي تمنح الشركات التونسية المشاركة في إعادة الإعمار. بالمقابل، قلل آخرون من أهميتها، معتبرين أنها محاولة لـ"تسول" الاستثمارات الليبية لدعم الاقتصاد المتردي، خاصة أنها تأتي بعد الاتفاقيات الكبرى التي وقعتها ليبيا مع مصر وتركيا. وأثناء الزيارة، افتتح الوفد "المنتدى الليبي-التونسي"، بمشاركة 150 شركة في مجال البناء والتجارة والخدمات والبنوك، وتم توقيع اتفاقيات عدة في مجال النقل البري والجوي والبحري.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع انقاذ 100 مهاجر قبالة السواحل التونيسية من جنسيات أفريقية مختلفة، أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا بصورة غير شرعية، وتم تسليمهم لوحدات الحرس الوطني بصفاقس لاتخاذ الاجراءات القانونية.
في الجزائر، ركزت أحزاب سياسية بارزة خطاب حملتها الانتخابية على مهاجمة الحراك الشعبي، الذي يستمر في خيار التظاهر ورفض المسار الانتخابي. فمن جهته، استغل الأمين العام لـ"حزب جبهة التحرير الوطني"، أبو الفضل بعجي، فرصة الحملة الانتخابية لمهاجمة الحراك، الذي رفع شعارات تطالب بحل الحزب، وحمّله مسؤولية النكبات التي شهدتها البلاد، منتقدًا الحراك الذي يرفض الانتخابات لتجديد مؤسسات الدولة. كما هاجم "التجمع الوطني الديمقراطي" مسيرات الحراك، ووصفها بـ"المظاهرات غير المسؤولة"، على خلفية الشعارات والطعن في الجيش.
ويتوافق خطاب الأحزاب مع الخطاب الذي تتبناه المؤسسات الأمنية والجيش، التي أشارت إلى وجود مؤامرة من قبل حركات انفصالية سيطرت على الحراك، لدفعه نحو التطرف بتوجيه من جهات أجنبية. فقد حذر رئيس أركان الجيش، سعيد شنقريحة، من سمّاهم "المغامرين" من محاولة المساس بالوحدة الوطنية، مؤكدًا أن البلاد تعيش مرحلة حساسة جراء ما تفرضه الأحداث، وأضاف أن الجيش يتصدى بحزم لمن يقوم بالعبث بمقومات البلاد.
بدورها، منعت السلطات تنظيم تظاهرات الحراك الشعبي بقرار من وزارة الداخلية، وشددت إغلاق مداخل العاصمة منعًا لوصول متظاهرين من الولايات الأخرى، لا سيما بعد أن زعمت مصالح الأمن رصد اتصالات بين ناشطين، تتضمن الدعوة للتوجه إلى العاصمة "لكسر الحصار الأمني وإسناد الناشطين"، كما عززت تواجدها في أماكن خروج المظاهرات. بالمقابل، أدانت هيئات حقوقية "القمع ضد التظاهرات"، ووصفت ذلك بأنه خرق للحقوق الدستورية بالتظاهر السلمي.
أمنيًا، تمكنت وزارة الدفاع من تفكيك شبكة "إجرامية" بولاية تلمسان الحدودية، كاشفةً أنّها تتكون من ستة أشخاص ضُبِط بحوزتهم مبلغ مالي يعادل 300 ألف دولار، منها 225 ألف دولار مزورة. وأوضحت الوزارة أن أعضاء الشبكة حاولوا إدخال المبلغ إلى البلاد وترويجه بالتواطؤ مع شبكات إجرامية مغربية.
أمنيًا أيضًا، قرّر مجلس الانضباط العسكري تجريد القائد السابق لجهاز المخابرات الداخلية، واسيني بوعزة، من رتبته وتنزيلها لجندي. ويتواجد "بوعزة" في السجن العسكري، حيث أدين في قضيتين بعقوبة ثمان سنوات تتعلق بالفساد والتربح غير المشروع والتزوير، وكذلك بـ16 سنة سجنًا في قضايا تتعلق بالتزوير ومحاولة التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها "تبون".
في الشأن المغربي، ومع اقتراب الانتخابات التشريعية في أيلول/ سبتمبر المقبل، ينشغل البرلمان بقضية استجواب الحكومة، ويدرس آلية لمراقبة عملها، حيث أنجز "دراسة لتطوير العمل التشريعي"، جرى عرضها مع وزير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد. وقد أثارت جلسات الاستجواب جدلًا في الأوساط السياسية، التي اعتبرت أن البرلمان يعيش حالة هروب النواب إلى دوائرهم لخوض حملات انتخابية، وأن أكثر من 75% تحولوا إلى منتخبين أشباح لا يحضرون الجلسات العمومية.
دبلوماسيًا، تصاعد التوتر الدبلوماسي بين السلطات المغربية والإسبانية على خلفية استقبال إسبانيا لزعيم "جبهة البوليساريو"، إبراهيم غالي، وما أعقبه من تدفق لآلاف من المواطنين المغاربة، بينهم مئات القاصرين، إلى جانب مهاجرين أفارقة إلى مدينة سبتة بعدما تم تخفيف القيود الأمنية، في رسالة موجهة لإسبانيا، حيث دخل سبتة حوالي ثمانية آلاف مهاجر ما استدعى حضور رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، إلى المدينة، حيث قوبل بهتافات غاضبة.
من ناحيتها، حذرت الرباط مدريد من تفاقم الأزمة في حال اختيارها إبعاد "غالي" بالغموض ذاته الذي دخل به، معتبرةً أنّ مدريد تختار تدهور العلاقات الثنائية. من ناحيته، اتهم وزير الخارجية، ناصر بوريطة، إسبانيا بمحاولة استغلال ما حدث في سبتة كـ"مطية للهروب من النقاش الحقيقي"، مستغربًا استقبال مدريد لـ"غالي" المتهم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
على صعيدٍ آخر، وجّه القائم بأعمال السفير "الإسرائيلي" بالمغرب، ديفيد غوفرين، انتقادات إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لتهنئته حركة "حماس" بالانتصار، معتبرًا أنه يدعم حلفاء إيران، التي تقوي نفوذها الإقليمي، وتؤيد "جبهة البوليساريو". وجاء ذلك، بعد أن شارك آلاف المغاربة في وقفات احتفالًا بانتصار الحركة، وتنديدًا بتطبيع العلاقات مع "تل أبيب"، وذلك استجابةً لدعوة من "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع".