استنتاجات الموجز:
أداء "بري" وبيان تأييد تكليف "الحريري" نيابيًا أفشل ما كان يراد من خلف إرسال رسالة الجمهورية إلى البرلمان
اهتمام أمريكي فرنسي بالجيش لتجنبيه تداعيات الأزمة الاقتصادية ومواصلة دوره في تثبيت الاستقرار الداخلي
ترقب حذر في طرابلس بعد الأحداث الأمنية الأخيرة والاستعراضات العسكرية تعيد استجلاب "الأمن الذاتي"
مرت جلسة قراءة الرسالة الرئاسية تحت قبة البرلمان بسلام بعدما قام رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بتنفيس الأجواء المحتقنة التي سبقت الجلسة، لا سيما بين تيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر"، لتخرج بنتيجة الجلسة دعوة للإسراع بتشكيل الحكومة وفق الأصول الدستورية بالاتفاق بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية.
ورغم أن كلمة رئيس "التيار الحر"، جبران باسيل، اتسمت بالتبريد عبر التأكيد على تكليف "الحريري"، كانت بالمقابل كلمة الرئيس المكلف نفسه، سعد الحريري، عالية السقف في محتواها؛ إذ حمّلت مسؤولية التعطيل كاملة لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي، متهمةً إياه بتعطيل الدستور والحياة السياسية في البلاد.
كما واكب الرسالة وما بعدها تنشيط لمبادرة "بري" القائمة على تأليف حكومة من 24 وزيرًا بلا ثلث معطّل لأي طرف، بعدما تلقت جرعة دعم خارجية مصرية، وداخلية عبر مباركة أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، لجهود الرئيس "بري" وتقاطعها مع دعوة البطريرك الماروني، بشارة الراعي، إلى "الحريري" لتقديم تشكيلة حكومية جديدة، ورمي الكرة في ملعب رئاسة الجمهورية. في الأثناء، كانت لافتة تصريحات رئيس "الحزب الاشتراكي"، وليد جنبلاط، التي أقر فيها بأن "السعودية لا تريد الحريري" في الوقت الحالي، داعيًا الأخير إلى التضحية والقيام بتسوية وتشكيل حكومة سريعًا. وعلى الموجة الحكومية ذاتها، وفي تطور لافت يعكس اهتمامًا روسيًا بالأزمة اللبنانية، استقبلت موسكو كلًا من الممثل الخاص لـ"الحريري"، جورج شعبان، ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية، أمل أبو زيد.
بالمقابل، بدا الاهتمام الأمريكي والفرنسي واضحًا بالحفاظ على مؤسسة الجيش ودورها في تثبيت الاستقرار الداخلي، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية؛ فعلى الصعيد الفرنسي، ناقش قائد الجيش، جوزيف عون، خلال لقائه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ووزير دفاعه في باريس، حاجات الجيش لا سيما من الأسلحة والمعدات المتخصصة في مراقبة الحدود. وقد كشفت معلومات أن فرنسا تعتزم تنظيم مؤتمر أممي خاص لمساعدة المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية، لتمكينها من مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية، مشيرًة إلى أن الجانب الفرنسي وعد بدراسة تقديم مساهمة مالية، تستخدم لدعم رواتب العسكريين لمدة زمنية محدودة.
أما أمريكيًا، فقد كشف مسؤول في "البنتاغون" عن رغبة واشنطن في تفعيل قدرات الجيش للتصدي لـ"حزب الله"، ومده بمساعدات "هامة" حتى آخر السنة الحالية، وفي موازنة مبيعات الأسلحة الخارجية لموازنة السنة المقبلة. وفي هذا الإطار، قدم مؤتمر مشترك بين وزارة الخارجية الأمريكية والجيش في بيروت تحت عنوان "موارد الدفاع"، منحة قيمتها 120 مليون دولار في شكل مساعدات تمويل عسكري خارجي للسنة المالية 2021، وتمت مناقشة احتياجات الجيش لا سيما في مجالي أمن الحدود ومكافة "الإرهاب". هذا، فيما تسلم الجيش عتادًا وذخائر كهبة أمريكية، تزامنًا مع هبة عراقية مقدارها ثلاثة ملايين دولار.
في الشأن الاقتصادي والمالي، كشف مصرف لبنان أنه سيبدأ بعد شهر دفع 50 ألف دولار لكلّ مودع، على أن يكون هذا المبلغ مقسّطًا ومقسّمًا إلى قسمين: الأوّل 25 ألف دولار نقدًا (فريش دولار)، والثاني 25 ألف دولار بالليرة.
في غضون ذلك، وفيما لا يزال النقاش دائرًا حول المصادر المحتملة لتمويلها، أرسلت الحكومة مشروع قانون البطاقة التمويلية إلى مجلس النواب لمناقشتهه، حيث يتضمن المشروع تقديم مساعدة مالية شهرية بمبلغ قيمته 137 دولار تغطي حوالى 750 ألف عائلة لبنانية. وعلى الصعيد ذاتهه، لا يزال العمل جاريًا لتجهيز لوائح 150 ألف عائلة ستستفيد، إلى جانب 50 ألف عائلة حاليًا، من برنامج البنك الدولي الذي خُصص له 246 مليون دولار.
بالتوازي مع ذلك، عمت الإضرابات من الاتحادات العمالية والنقابية وموظفي القطاع العام، الذين أقفلوا الإدارات والمؤسسات العامة احتجاجًا على الأوضاع المعيشية وتدني قيمة الرواتب، في حين تستمر أزمة الشحّ في المحروقات وانعكاساتها على إمدادات الكهرباء، التي بات مصدرها الوحيد مع توالي إقفال المعامل الكهربائية، شركات المولدات الخاصة التي أقفل العديد منها لانعدام المازوت. كما تتفاقم أزمة القطاع الصحي بكافة أطيافه من صيدليات ومختبرات ومشافي، في ظل انقطاع عدد كبير من الأدوية والمستلزمات الطبية، وستكون مرشحة للارتفاع بعد إعلان مصرف لبنان عدم قدرته على الاستمرار في توفير الدعم للفاتورة الطبية.
أمنيًا، تعيش طرابلس حالة من التوتر والاستنفار الشعبي والأمني والعسكري؛ حيث نفذ الجيش والقوى الأمنية إجراءات أمنية حول منطقة التماس "باب التبانة-القبة" وجبل محسن (موالون للأسد)، إثر تجدد عمليات إطلاق القنابل والرصاص بين المنطقتين على خلفيات استفزازية، تتصل بالانتخابات السورية من كلا الجانبين. كما شهدت طرابلس عمليات إحراق أقدم عليها موالون للنظام السوري، استهدفت مقر حزب "الكتائب" ومستوصفًا.
وغير بعيد عن حالة التوتر الأمني، شهد لبنان سلسلة من الاستعراضات الحزبية العسكرية، أولها استعراض سرايا المقاومة في سهل مرجعيون مقابل مستوطنة المطلة "الاسرائيلية"، واستعراض "الحزب القومي السوري" في شارع الحمرا وسط بيروت والذي تعالت فيه أصوات التوعد بقتل رئيس القوات اللبنانية، سمير جعجع ، والاستعراض الثالث كان لحركة "أمل".
من جهة أخرى، وتزامنًا مع كشف عملية تهريب أطنان من حشيشة الكيف كانت معدة للتهريب من مرفأ صيدا إلى مصر، عرض وزير الداخلية، محمد فهمي، خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع تقريره حول مكافحة التهريب، حيث جرى التأكيد على ضرورة الإسراع في تركيب أجهزة "سكانر" على طول المعابر البرية والبحرية، تزامنًا مع زيادة التنسيق بين الأجهزة الأمنية لتحقيق فعالية أكبر.
قضائيًا، تلوح أزمة في السلك القضائي قد تدخله في دوامة الشلل التام، وذلك مع انتهاء ولاية سبعة أعضاء من أصل 10 من مجلس القضاء الأعلى، ورفض رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، توقيع المرسوم المرفوع من وزيرة العدل، ماري نجم، بتعيين أربعة قضاة في المجلس، في ظل حكومة تصريف الأعمال.
في الأثناء، يواصل عداد "كورونا" التراجع؛ حيث أغلق عدد من المشافي أقسام "كورونا"، ورغم ذلك تتصاعد التحذيرات من شهرين مفصليين مع قدوم فصل الصيف ووصول عدد من المسافرين، في ظل امتثال منخفض من قبل غالبية الناس لإجراءات الوقاية.