استنتاجات الموجز:
مظاهرات واسعة وإغلاق شوارع واعتداءات وعمليات نهب وتخريب بسبب غلاء الأسعار ورفع الدعم عن المحروقات
مرونة جديدة من السودان في ملف "سد النهضة" تجنبًا للتوتر المحتمل وبسبب ضعف الأوراق التي بين يديه
حراكٌ شبابي ضد التطبيع يعيد للشارع السوداني زخم اللاءات الثلاث التي ضيعتها صعوبة العيش
في مشهد يعيد للشارع السوداني زخم الاحتجاجات، قام محتجون بإغلاق عدد من الطرق الرئيسية في الخرطوم، احتجاجًا على قرار الحكومة بإنهاء دعم الوقود، ما أدى لزيادة أسعاره، وذلك في إطار إصلاحات اقتصادية يدعمها صندوق النقد الدولي، ما ضاعف الأسعار وسط أزمة اقتصادية عميقة. في التفاصيل، ارتفعت أسعار البنزين من 150 جنيهًا إلى 290 جنيهًا للتر الواحد، فيما ارتفع سعر الديزل بنحو 128%، ليزيد من 125 جنيهًا إلى 285 جنيهًا.
وإضافةً إلى الخرطوم، شهدت مدن سودانية أخرى احتجاجات مماثلة على تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، فيما اتهم المتظاهرون الحكومة الانتقالية، برئاسة "عبد الله حمدوك"، بالفشل في تسيير دَفة الحكم في البلاد. كما أعلنت تنظيمات الجبهة الثورية تأييدها لقرار الحكومة الخاص بتحرير أسعار الوقود بالكامل، رغم الرفض الشعبي الواسع لها.
بدورها، وضعت قوات الشرطة بالخرطوم جميع عناصرها في حالة الاستعداد الشامل، فيما بدأت السُّلطات إزالة الحجارة الثقيلة "المتاريس" من الطرقات العامة، وذلك بعد أعمال نهب واسعة شهدتها المدينة على مدى يومين. كما امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوى من حالات فوضى واعتداء واسعة، صاحبت إغلاق الطرق في الاحتجاجات المناوئة لقرار تحرير أسعار الوقود.
من جهة أخرى، وفي محاولة لإعادة الزخم لمناصرة القضية الفلسطينية بالسودان، أطلق مناهضو التطبيع "الرابطة السودانية لمقاومة التطبيع"، كذراع وسط الطلاب والشباب في بلد "تكاد تصرفه معاناته الداخلية عن قضية الأقصى"، على حد تعبير مؤسسي الرابطة. يذكر أن السودان وقّع مع الولايات المتحدة في كانون الثاني/ يناير الماضي "اتفاقات أبراهام"، الخاصة بتطبيع علاقات دول عربية مع "إسرائيل". وبدأ نشاط "الرابطة" بولاية الخرطوم حيث العاصمة الاتحادية، بإعلان المكتب التنفيذي في مؤتمر صحفي عُقد بالمركز العام للإخوان المسلمين بالخرطوم.
في الشأن ذاته، أُعلن أن الخطوة القادمة للرابطة تتمثل في استراتيجية مقاومة التطبيع، التي ستعتمد على مسارين؛ الأول المقاومة الإعلامية والإسفيرية لتفنيد الأكاذيب "الإسرائيلية" على منصات التواصل الاجتماعي. من جانبه، أشار المتحدث باسم القوى الشعبية لمناهضة التطبيع إلى إن الرابطة ستعمل داخل الجامعات السودانية، بناء على اتفاقات مع مديري هذه الجامعات، وأن لديها الآن اتصالات مباشرة مع فصائل المقاومة الفلسطينية، مضيفًا أن "المسار الآخر هو المقاومة المسلحة باعتبارها واجبًا على كل مسلم".
في تطورات ملف "سد النهضة"، قالت إثيوبيا إنه لا يمكنها تفويت فرصة التعبئة الثانية للسد مع اقتراب موسم فيضان النيل الأزرق. بالمقابل، تتهمها مصر والسودان بالمماطلة في التفاوض وغياب الإرادة السياسية لتوقيع اتفاق ملزم. من جهته، قال وزير الري السوداني إن بلاده منفتحة على إبرام اتفاق جزئي مؤقت بخصوص السد، لكن بشروط محددة، تشمل "التوقيع على ما تم الاتفاق عليه في السابق، وضمان استمرارية التفاوض، وأن يكون التفاوض وفق سقف زمني."
بالمقابل، أكد رئيس الاستخبارات والأمن الوطني الإثيوبي أن التعبئة الثانية للسد ستتم بطريقة سلسة وآمنة، مؤكدًا أن "جميع المؤامرات التي استهدفت السد مِن قبل أعداء البلاد باءت بالفشل." كما أكد المسؤول الإثيوبي أن المؤسسة الأمنية قادرة على مواجهة تلك الجهات المعادية، التي تسعى لإلحاق الضرر بالمصالح الاستراتيجية لإثيوبيا.
محليًا، أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بإعفاء وتعيين ولاة بدارفور والنيل الأزرق، استنادًا إلى اتفاق السلام الموقع مع الجبهة الثورية في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. ومنحت الوثيقة الدستورية، التي تحكم الفترة الانتقالية، أربع ولايات لمرشحي تنظيمات الجبهة الثورية، ليتولوا حكم ولايات شمال وغرب ووسط دارفور والنيل الأزرق.
ميدانيًا، كشفت مصادر عسكرية عن حشود لقوات إثيوبية جديدة، تعد الثانية من نوعها خلال أيام على مقربة من الحدود السودانية ومقابل ذلك، قرر مجلس الأمن والدفاع بالسودان تعزيز الوجود الأمني بالفشقة. هذا، بينما استرد الجيش السوداني، ابتداءً من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أراضي الفشقة الخصيبة من مليشيات ومزارعين إثيوبيين ظلوا يستغلونها منذ عام 1995.وطبقًا للمصادر العسكرية، فإن الحشود الإثيوبية تأتي بغرض استعادة الأراضي الزراعية السودانية التي سيطر عليها الجيش السوداني، في مناطق حول محلية باسندة تقدر بنحو 30 ألف فدان.
إلى ذلك، غادرت سفينة الشحن الحربية الروسية "بي إم-138" ميناء بورتسودان بعد توقف فيه دام ثلاثة أيام. وقالت مصادر عسكرية سودانية لقناة "الجزيرة" إن القطعة البحرية جاءت لترحيل آخر دفعة من المعدات العسكرية الروسية، التي استُجلبت بغرض إنشاء قاعدة "فلامنغو" على البحر الأحمر في المياه السودانية.
في شأن منفصل، قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان إنه دعم محطة طاقة رياح قيد الإنشاء، كأول محطة لطاقة الرياح بالبلاد، لتوفير الكهرباء لـ14 ألف شخص. يشار إلى أن سكان السودان يعانون من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يوميًا، وهو أمر ظل يثير سخطًا واسعًا وسط المواطنين.
اقتصاديًا، كشفت الحكومة الانتقالية عن خطة لزيادة الإنتاج النفطي خلال عام، من 55 ألف برميل إلى 75 ألف برميل يوميًا، كمرحلة أولى لمقابلة الاكتفاء الذاتي للاستهلاك المحلي. من ناحيته، قال وزير المالية، جبريل إبراهيم، إن السودان يعمل على سنّ إجراءات للتخلص من الدولار الجمركي بصورة نهائية، في وقت أعلن فيه السودان تحرير أسعار الوقود (البنزين والسولار) بالكامل. وأشار الوزير إلى وجود دراسات تعمل عليها الحكومة لتوحيد سعر الصرف في كل المنافذ، والذي بلغ رسميًا في البنوك 435 جنيهًا للدولار، بينما بلغ في السوق الموازي 470 جنيهًا للدولار الواحد.