استنتاجات الموجز:
محاولات روسية لتعويم النظام السوري عبر توظيف المساعدات الدوليّة وحصر تدفقها وتوزيعها عن طريقه فقط
مؤشرات على تصعيد عسكري في إدلب إثر تكثيف هجمات النظام وروسيا والرد التركي على مصادر النيران
تتفاقم الأزمة الإنسانيّة في عموم سوريا خصوصًا بالشمال والشمال الغربي، لا سيما بعد افتعال النظام وروسيا أزمة المعابر بين مناطق النظام ومناطق المعارضة، حيث تحاول روسيا الضغط لحل أزمة النظام الاقتصاديّة عبر المعابر، وحصر توزيع جميع المساعدات الإنسانيّة بيده. هذا، فيما بدأت أمريكا تحركات دبلوماسية لتمديد العمل بآليات دولية لإدخال مساعدات إلى الشمال الغربي من سوريا. وفي خطوةٍ للسيطرة على جميع المعابر وحصر المساعدات الإنسانية بيد النظام، تعمل روسيا على مقايضة تركيا، عبر ربط فتح المعابر الداخلية بين مناطق النظام ومناطق المعارضة، مقابل الموافقة على تمرير مجلس الأمن الدولي قرارًا، بتجديد آلية التفويض بدخول المساعدات الإنسانيّة من معبر باب الهوى.
وقبل انتهاء التفويض الأممي بإدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق المعارضة عبر معبر باب الهوى مع تركيا، يطالب النظام بدعم من روسيا بإغلاق جميع المعابر ونقل المساعدات الدولية عبره فقط، ليكون المسؤول الوحيد عن توزيعها ليس فحسب في مناطق سيطرته، بل كذلك في مناطق المعارضة في الشمال السوري، ومناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) شرق البلاد. وتشتد المواجهة بين الأطراف الدولية ذات الصلة بالموضوع؛ حيث يحتاج تجديد التفويض موافقة تسعة من أعضاء مجلس الأمن الدولي، بما فيها الدول الخمس دائمة العضوية، لكن روسيا أكدت معارضتها تجديد التفويض، ما يهدد بوقوع مأساة إنسانية شمال سوريا، حيث يعتمد ملايين السوريين على هذه المساعدات.
في السياق، جدد بيان لوفد النظام الدائم لدى الأمم المتحدة، رفض تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الآلية الحالية، معتبرًا أنها "تمثل انتهاكًا للقانون الدولي ولحرمة الحدود والأراضي السورية وابتزازًا سياسيًا وإنسانيًا". بدورها، طالبت منظمات إنسانية وحقوقية في سوريا بالتصدي للجهود الروسية الرامية لإغلاق آخر شرايين الحياة عن الشمال السوري المتمثل بمعبر باب الهوى.
من جهتهما، شرع الجانبان التركي والروسي في محادثات جديدة حول الملف السوري، قد تفضي إلى تفاهمات تدفع موسكو للموافقة على تمرير قرار التجديد، لكن من الواضح أنها تبحث عن مكاسب على الأرض لصالح النظام مقابل موافقتها، وهو ما تناولته مشاورات جرت على مستوى الخبراء في مقر وزارة الخارجية الروسية. فقد بحث الجانبان الاستعدادات للاجتماع الدولي الـ16 حول سوريا بصيغة أستانة، كما تم تبادل الآراء في طرق المساعدة في تنشيط العملية السياسية السورية، بما في ذلك عمل "اللجنة الدستورية" وفق القرار الدولي رقم 2254. وتطالب موسكو بأن يتم توزيع المساعدات بآلية مراقبة متفق عليها بين الأمم المتحدة والنظام السوري، بذريعة "منع التلاعب أو إساءة توزيع المساعدات". وتريد موسكو من ذلك تمكين النظام من التحكم بالمساعدات الأممية، ليكسب حاضنة شعبية أكبر، خاصةً في صفوف الموالين له وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها مناطق سيطرته.
بموازاة ذلك، شهدت محافظة إدلب تصعيدًا عسكريًّا من قبل قوات النظام وروسيا، بعدما كثّفت قوات النظام قصفها الصاروخي والمدفعي لقرى وبلدات بجبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، واستهدافها أطراف القواعد العسكرية التركيّة القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام. هذا، إضافةً للغارات الجوية الروسية، وهو ما أدى لمقتل مدنيين وإصابة آخرين بجروح، كما شهدت سماء المحافظة حركة كثيفة لطائرات الاستطلاع الروسية والإيرانية بهدف رصد أهداف. وكان لافتًا قيام مدفعية الجيش التركي المتمركزة في إدلب بالرد على مصدر قذائف سقطت على قرى بريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، من معسكر جورين التابع لقوات النظام، لكونه المصدر الرئيسي لأغلب القذائف الصاروخية على مناطق المعارضة بريف إدلب الغربي.
إلى ذلك، شهدت قرى وبلدات بجبل الزاوية وعدة مناطق في سهل الغاب غرب محافظة حماة، حركة نزوح جديدة للمدنيين إلى المناطق الشمالية والغربية من محافظة إدلب القريبة من الحدود "السورية-التركية"، نتيجة تصعيد النظام وروسيا.
في الأثناء، شنّ تنظيم "داعش" هجمات عدّة على مواقع وأرتال تابعة لقوات النظام والمجموعات الإيرانيّة بريفي الرقة وحمص، أسفرت عن مقتل خمسة من قوات النظام وإصابة تسعة آخرين بجروح متفاوتة. كما قُتل وجرح ستة عناصر من المجموعات الإيرانية إثر انفجار لغم أرضي بآلية تقلهم ببادية حمص الشرقية. توازيًّا، تجددت هجمات "داعش" في بادية خناصر جنوبي حلب، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام، وذلك بعدما استهدفت نقاطًا عسكريّة تابعة لقوات "النمر" المدعومة من روسيا، فيما شنت الطائرات الحربية الروسية أكثر من سبع غارات جوية على المنطقة عقب الهجوم. كما هاجم التنظيم نقاطًا عسكريّة تابعة لـ"لواء الباقر" المدعوم إيرانيًّا، واشتبك المهاجمون مع عناصر اللواء ما أدى لمقتل خمسة بينهم القائد العسكري للواء في المنطقة "الحاج محسن الشمالي".
وفي الشمال الشرقي، تجددت المواجهات والقصف المدفعي المتبادل بين "قسد" من جهة والجيش التركي وفصائل المعارضة من جهة أخرى، حيث طال القصف مخيم "عين عيسى" وقرية معلق والطريق الدولي "إم-4" شمال عين عيسى، وسط اشتباكات ومحاولات من القوات التركية للتقدم والوصول إلى الطريق الدولي حلب الحسكة.
في غضون ذلك، أجرى الجيش الروسي تدريبات ومناورات عسكرية مشتركة مع قوات النظام تحاكي معارك، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسيّة عن تدريبات مشتركة تحاكي هجومًا بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة من البحر، بمحافظة اللاذقية، واستهدف خلاله عناصر من الجيش الروسي وقوات النظام "أهدافًا مفترضة معادية" قادمة من البحر. كما أجرت تدريبات لطائرات حربية روسية في قصف إحدى القرى السورية، وطائرات مروحية من نوع "MI- 8" في عمليات الرصد والملاحقة والإسناد وإنزال القوات الخاصة، وتدريبات لمجموعة تعرف بـ"صائدي الدواعش".
في شأنٍ منفصل، اعتقل النظام السوري رجلًا واثنين من أطفاله، إثر حملة دهم واعتقالات شنها فرع "الأمن العسكري" التابع للنظام، استهدفت منازل المدنيين في بلدة عتمان شمال محافظة درعا. وتأتي حملة النظام على خلفية اغتيال رئيس بلدية عتمان برصاص مجهولين.
في خضم ذلك، شنّ "سلاح الجو الإسرائيلي" غارات متتالية على مواقع وثكنات عسكريّة تابعة للدفاع الجوي، ومواقع تابعة للمجموعات الإيرانيّة، أبرزها في محيط مطار دمشق الدولي وبمحافظة حمص، حيث أدى القصف لانفجار مستودع للذخيرة تابع للمجوعات الإيرانيّة، ما أسفر عن مقتل خمسة جنود سوريين وثلاثة مقاتلين آخرين موالين للنظام تابعين لـ"الدفاع الوطني".