استنتاجات الموجز:
تصاعد حدة الاشتباك السياسي وترجمتها في الشارع يشير إلى صعوبة تشكيل الحكومة في المدى المنظور
مشاركة أحزاب السلطة في احتجاجات الشارع وطلب بعض الدول ضبطها عبر مشاركة قدامى القوات المسلحة دليل على تخوف وقلق من انفلات الشارع
تحذير البنك الدولي وقائد الجيش من انهيار المؤسسة العسكرية مؤشر على وصول الأوضاع لدرجة فقدان القدرة العملياتية لضبط الشارع
تصاعدت خلال الأسبوع الماضي حدة الاشتباك السياسي في البلاد، تزامنًا مع تسارع عجلة الانهيار في كافة قطاعات البلاد التي شلّها إضراب عام شامل، في تحذير للداخل والخارج من أن "لبنان بات على شفا عتبة الانفجار". في التفاصيل، فجرت رئاسة الجمهورية ومن خلفها "التيار الوطني الحر" مبادرة رئيس مجلس النواب، نبيه بري، لحل الأزمة الحكومية، عبر بيان اتهمت فيه الأخير بالتدخل في عملية التأليف، ومخالفة المادة 53 من الدستور التي تحصرها بين الرئيس المكلّف، بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، ليأتي الرد المضاد بأن من حق "بري" أن يساعد الرئيس المكلف، نافيًا بالمقابل حق رئاسة الجمهورية بتسمية أي وزير في الحكومة.
وبينما تتوالى حرب البيانات بين الرئاستين، أرخى توتر العلاقة بين الطرفين ظلاله على العلاقة بين رئيس الجمهورية، ميشال عون، و"حزب الله" إلى حد وصول الأمر بتهديد أحد قيادي "التيار الوطني الحر" بالخروج من اتفاق "مار مخايل" مع "حزب الله".
في غضون ذلك، قدّم الرئيس "بري" دعمًا إضافيًا للرئيس المكلف، سعد الحريري، عبر استنكاره البحث عن بديل عنه، وفرملة خطواته نحو الاعتذار، وذلك في أعقاب نيل "الحريري" دعمًا سنيًا من المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى واتحاد العائلات البيروتية، ونادي رؤساء الحكومات السابقين، وحتى من النواب السنة الموالين لـ"حزب الله" في تمسكه بورقة التكليف والحفاظ على موقع رئاسة مجلس الوزراء وصلاحياتها.
وعلى وقع الاشتباك السياسي الحاد، شهد لبنان إضرابًا عامًا واسع النطاق دعا إليه "الاتحاد العمالي العام"، شل الحركة في عموم البلاد، فيما كان لافتًا تصدر التنسيق الكامل بين حركة "أمل" و"تيار المستقبل" في إنجاح الإضراب. من جانب آخر، دعا مصرف لبنان الحكومة إلى إقرار خطة لترشيد الدعم، مكررًا موقفه الرافض المس بالاحتياطي الإلزامي، فيما أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، العمل على دراسة إنشاء آلية مالية تضمن استمرار الخدمات العامة اللبنانية الرئيسية. بدوره، أعلن البنك الدولي استعداده لتحويل قيمة القروض للمشاريع غير المنفذة في لبنان، والبالغة 959 مليون دولار، إلى دعم شبكة الأمان الاجتماعي.
في الأثناء، اختفت عمليًا السلع الغذائية المدعومة من الأسواق لترتفع بذلك أسعار المواد الغذائية، تزامنًا مع رفع الدعم عن حليب الأطفال من (1-3 سنوات)، وإضراب الصيدليات التي تعاني نقصًا حادًا في الأدوية لا سيما أدوية الأمراض المزمنة. وفي قطاع المحروقات فيبدو أن رفع الدعم عن البنزين بات قريبًا، بعد تصريحات أثارت الجدل لوزير الطاقة، ريمون غجر، أكد فيها أن الدعم سينتهي عاجلًا أم آجلًا، مشيرًا إلى أن المواطن الذي لا يستطيع دفع سعر الصفيحة بسعر 200 ألف، فعليه أن يوقف سيارته جانبًا.
ووسط حالة الاضطراب في الشارع، حذرت أوساط أمنية غربية من مغبّة انفلات الشارع وما يمكن أن يحمله ذلك من فوضى وأحداث أمنية وفي هذا الإطار، فيما أجرى رئيس الجمهوريّة اتصالات بمسؤولي الأجهزة الأمنيّة بهدف حثّهم على منع قطع الطرقات، وتفعيل العمل الاستخباريّ من خلال "تتبّع" حركة من أسماهم "المحرّضين"، في حين كشفت أوساط متابعة أن دولًا كبرى طلبت من قادة الأجهزة العسكرية لتعاون والتنسيق مع قدامى القوات المسلحة (العسكريون المتقاعدون)، الذين تصدروا ساحات الاحتجاجات سابقًا للمساعدة في ضبط أي حراك في الشارع.
وفي خضم هذه التحذيرات، التي تقاطعت مع تحذير البنك الدولي من تأثير الأزمة الاقتصادية على القدرات العملياتية للجيش، وتحذير قائد الجيش من انهيار المؤسسة العسكرية وانكشاف البلد أمنيًا، تداعت نحو 20 دولة على رأسها أمريكا وفرنسا وإيطاليا إضافة للأمم المتحدة، إلى مؤتمر دعم الجيش اللبناني الذي نظمته باريس عبر آلية الفيديو، والذي طلبت خلاله وزيرة الدفاع، زينة عكر، مساعدة الجيش على الصعيد الغذائي والصحي واللوجستي في صيانة الآليات وتوفير قطع الغيار.
في غضون ذلك، قام الوسيط الأمريكي في ملف ترسيم الحدود البحرية، السفير جون ديروشيه، بزيارة خاطفة إلى كل من رئيس الجمهورية وقائد الجيش والوفد اللبناني المفاوض، دعا خلالها الجانب اللبناني للعودة إلى قواعد التفاوض الأولى حول 860 كلم مربع ، ليأتيه الرد بالمقابل أن لبنان مستعد للعودة للتفاوض، لكن من دون شروط أو تمسّك بسقوف محددة. من جهة أخرى، أبلغ قائد قوات "اليونيفيل" الأمم المتحدة بصعوبة تنفيذ مشروع كاميرات المراقبة في منطقة جنوبيّ الليطاني، لما يواجهه من صعوبات واعتراضات واسعة في المنطقة.
في شؤون أمنية متفرقة، وفيما تواصل وحدات الجيش في البقاع والشمال إحباط عمليات تهريب المحروقات إلى سوريا، أحبطت القوى الأمنية عملية تهريب ربع مليون حبّة كبتاغون من لبنان إلى السعودية، مخبأة داخل مضخات مياه كهربائية صغيرة الحجم، فيما أحبطت القوات البحرية عملية تهريب 11 شخصًا قبالة شواطىء طرابلس.
في ملف انفجار مرفأ بيروت، دعت 53 منظمة حقوقية ومحلية ودولية عاملة في لبنان، و62 من الناجين وعائلات الضحايا، مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء بعثة دولية مستقلّة للتحقيق في الانفجار.