استنتاجات الموجز:
"أردوغان" يستثمر قمة "الناتو" في إخماد حرائق تراجع العلاقات مع الغرب والعمل على تعزيز العلاقات وملفات التعاون
بوادر توتر تركي – روسي عقب تلميح تركيا بإقامة قواعد عسكرية في أذربيجان في إطار إعلان "شوشة"
خلافات قيادات "حزب السعادة" ترهن مصير توجه الحزب في خارطة التحالفات السياسية التركية بنتائج المؤتمر العام القادم
تركزت جهود الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ووفده الرفيع خلال لقاءاته على هامش قمة حلف الشمال الأطلسي "الناتو" مع زعماء كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا اليونان، على إخماد حرائق تراجع العلاقات بين بلاده والمعسكر الغربي، الذي انعكس بالسلب على تركيا في ملفات كثيرة. وحظيت القمم الثنائية على زخم غير مسبوق، فيما تعوّل تركيا على نتائجها في حصر الكثير من الخلافات وتعزيز العلاقات وملفات التعاون مع الغرب، الذي اتهم أنقرة في السنوات الأخيرة بالابتعاد عنه تدريجيًا بسبب تقاربها مع روسيا.
في السياق، اتجهت الأنظار للقاء الأهم بين "أردوغان" ونظيره الأمريكي، جو بايدن، والذي استمر لمدة 45 دقيقة قبيل لقاء آخر انضم إليه وفدا البلدين من كبار الوزراء والمستشارين، حيث جرى الاتفاق خلال اللقاء على "أسس إيجاد حلول لجميع القضايا العالقة والتباينات في وجهات النظر". واتفق الطرفان على تحييد الخلافات جانبًا في الملفات التي لم يتم التوافق عليها، كملف منظومة "إس400" الروسية، والمقاتلة "إف-35"، وتركها للمباحثات عبر لقاءات قادمة.
كما التقى "أردوغان" ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لأول مرة منذ تفجر الخلافات بين البلدين حول ليبيا وشرق المتوسط والإسلاموفوبيا، واستمر اللقاء لمدة 52 دقيقة، ناقشا خلاله ضرورة العمل المشترك لحل المشاكل في سوريا وليبيا. وفي قمة أخرى، التقى "أردوغان" بالمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، حيث سعى للتأكيد على رغبة بلاده في تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، ودعم الجهود الألمانية في خفض التصعيد بين تركيا واليونان. وفي لقاء لا يقل أهمية عن سابقيه، اجتمع "أردوغان" لأكثر من ساعة مع رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، لأول مرة منذ وصول التصعيد ذروته بين البلدين عام 2020 بسبب الخلافات الكبيرة، حول ملف شرق المتوسط والحدود البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة وملف قبرص والمناورات العسكرية، التي كادت أن تتحول إلى مواجهة عسكرية كارثية بين البلدين.
مقابل التهدئة مع الغرب، تلوح في الأفق بوادر أزمة بين تركيا وروسيا على خلفية تلميح "أردوغان" لإقامة قواعد عسكرية تركية بأذربيجان، في إطار "إعلان شوشة" الذي وقّعه مع رئيسها، إلهام علييف؛ حيث تضمن الإعلان أنه في حال تعرض أي من الطرفين لاعتداء أو تهديد من دولة أو دول أخرى، يمس استقلالها أو سيادتها أو وحدة أراضيها أو يهدد أمنها أو حدودها المعترف بها دوليًا، يعقد الطرفان مشاورات ويتخذان الخطوات اللازمة لمنع هذا الاعتداء أو التهديد، بما يتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة. بدوره، قال الكرملين إن موسكو تراقب عن كثب احتمال بناء قاعدة عسكرية تركية في أذربيجان، في تحرك قد يستلزم من روسيا اتخاذ خطوات لضمان أمنها ومصالحها.
سياسيًا، احتضنت مدينة أنطاليا التركية "منتدى أنطاليا الدبلوماسي" الذي ناقش عددًا كبيرًا من الملفات، بينها شرق المتوسط وليبيا والعراق وإيران، في محاولة لإحداث تغيير واسع في الدبلوماسية الدولية، فيما عُقدت لقاءات ثنائية بين "أردوغان" وعدد من رؤساء الدول المشاركين في المنتدى، وكذلك بين وزير الخارجية، جاويش أوغلو، ونظرائه.
داخليًا، ومع اقتراب المؤتمر العام لـ"حزب السعادة"، بدأت تطفو على السطح خلافات داخلية بين الزعيم الروحي لـ"ملي قروش"، أوغوزخان أصل تورك، رئيس المجلس الاستشاري الأعلى للحزب، ورئيس الحزب الحالي، تمل كارامولا أوغلو، لتباين وجهات نظرهما حول سياسة الحزب، حيث يسعى الأول للتحالف مع "حزب العدالة والتنمية"، فيما يرغب الأخير بمواصلة التحالف مع حزبي "الشعب الجمهوري" و"الجيد". ويتجه "أصل تورك" من خلال انتقادات وجهها لـ"تمل كارامولا أوغلو" إلى العمل على تغيير رئيس الحزب الحالي، والتوجه لدعم رئيس يتبنى وجهة نظره في التحالف مع الحزب الحاكم، وإجراء تغيير جذري في الحزب.
من جهته، بيّن "كارامولا أوغلو" أن استقالة رئيس "حزب المستقبل"، أحمد داوود أوغلو، ورئيس "حزب الديمقراطية والتقدم"، علي باباجان، لم تفلح في إحداث شرخ في صفوف "العدالة والتنمية"، لافتًا إلى أنه كان يتوقع أن يفقد الحزب بين 20 – 30% من أنصاره عقب استقالتهما، إلا أن ذلك لم يحصل. بدوره، هاجم "داود أوغلو" مشروع "قناة إسطنبول" التي كشف "أردوغان" مؤخرًا أن حجر الأساس لها سيوضع نهاية الشهر الجاري، حيث زعم الأول أن "المشروع ينذر بكارثة في اسطنبول"، وادعى أن "الأساس الذي سيبنى عليه المشروع يعتبر غير قانوني"، دون أن يوضح هذا الأساس.
من جهة أخرى، تظاهرت مئات من النساء في اسطنبول دفاعًا عن حقوق المرأة في البلاد، ولمطالبة الرئيس التركي بإلغاء قرار الانسحاب من معاهدة مكافحة العنف ضد المرأة، والمفترض أن يتم بداية تموز/ يوليو القادم.
اقتصاديًا، أبقى البنك المركزي التركي في اجتماعه الأخير معدل الفائدة عند 19% في عمليات إعادة الشراء "الريبو" لأجل أسبوع، ما انعكس بالسلب على سعر صرف الليرة، وخلق حالة من القلق لدى أصحاب رؤوس الأموال.
قضائياً، أوصى مقرر المحكمة الدستورية العليا، المحكمة بقبول مذكرة الادعاء العام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا لإغلاق "حزب الشعوب الديمقراطي" الكردي، وذلك بعد النظر في المذكرة المعاد إرسالها للمحكمة، عقب رفض المذكرة الأولى التي رفعت في آذار/ مارس الماضي بسبب نقص في الأصول. وتفيد التوصية الجديدة بقبول المذكرة وعدم حجز أموال وتجميد حسابات الحزب في الوقت الحالي، وطلب الحصول على مدافعة من الحزب.
أمنيًا، كشفت وزارة الدفاع عن تحييد 18.196 مطلوبًا خلال الأعوام الستة الأخيرة، فيما أطلقت قوات الأمن عملية أمنية متزامنة في 17 ولاية، لضبط 52 من الجنود الحاليين وطلاب عسكريين سابقين، للاشتباه بانتمائهم لمنظمة "غولن" داخل القوات المسلحة، بينهم ستة أشخاص برتب ضباط صف ورقباء، لا زالوا على رأس الخدمة، و46 طالبًا عسكريًا تم فصلهم من قبل الأكاديميات التي يدرسون بها للتهمة نفسها.
كما ضبطت فرق خفر السواحل تسعة أشخاص بينهم سبعة من أعضاء تنظيم "غولن" خلال محاولتهم الفرار إلى جزيرة ميدللي (ليسبوس) اليونانية، انطلاقًا من ولاية باليكسير، فيما قبضت الاستخبارات التركية على القيادي في تنظيم "داعش" والذي يعتبر "مسؤول تركيا" في التنظيم والمدرج ضمن اللائحة الحمراء "قاسم غولر"، شمال سوريا، حيث كان يعتزم تنفيذ عمليات مسلحة داخل تركيا. هذا، فيما قُتلت امرأة جراء هجوم مسلّح استهدف مقر "حزب الشعوب الديمقراطي" بمدينة إزمير، وألقي القبض على منفذ الهجوم.
عسكريًا، أعلن الرئيس "أردوغان" نجاح تجربة إطلاق أول صاروخ "أطمجه" مضاد للسفن من على متن سفينة "قنالي أدا"، حيث تمكّن الصاروخ من تسجيل نجاح كبير في اختباره الأخير، قبل دخول ترسانة القوات المسلحة، بإصابة سفينة حقيقية كهدف له، وهو أول صاروخ كروز بحري تركي، من إنتاج شركة "روكيتسان" التركية للصناعات الدفاعية. كما اختتمت القوات الخاصة التركية والكويتية تدريبات عسكرية مشتركة، لتطوير التعاون والتنسيق وتبادل المعرفة والخبرة، وجرى خلال التدريبات تنفيذ هبوط بالمروحيات وتمارين حول مكافحة الإرهاب.