استنتاجات الموجز:
تقسيم السودان إلى دويلات وأقاليم يجري على قدم وساق تحت غطاء تطبيق الحكم الفيدرالي واتفاق السلام
وعود وتصريحات الإصلاح بالجملة استباقًا لـ30 يونيو لامتصاص غضبة الشارع بسبب الأوضاع الراهنة
غلاء فاحش في الأسعار بسبب تصريحات بإلغاء الدولار الجمركي ضمن سياسات وزارة المالية "الإصلاحية"
أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، مرسومًا دستوريًا يمنح منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حكمًا ذاتيًا وفقًا لاتفاق سلام جوبا، الموقّع في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وبحسب نص القرار، فإن التعيين يأتي عملًا بأحكام الوثيقة الدستورية لسنة 2019، وبناءً على اتفاق جوبا للسلام بالسودان بين الحكومة الانتقالية وأطراف العملية السلمية، حيث أقرت الاتفاقية عودة نظام الحكم الفدرالي في البلاد القائم على ثمانية أقاليم بدلًا من 18 ولاية.
محليًا، حذّر رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، من مخاطر الفوضى والحرب الأهلية التي تهدد البلاد، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية الذي أتاح الفرصة لتسلل "أعداء الثورة وأنصار النظام البائد"، وذلك في خطاب أذاعه التلفزيون بعد أيام من قيام شبان يحملون القضبان الحديدية والعصي بإغلاق الشوارع في الخرطوم، بعد رفع الدعم عن الوقود. وذكرت الحكومة أن الشرطة والنيابة العامة ستواجهان "العصابات الضالعة في إغلاق الطرق"، لكن كان باديًا أن وجود الشرطة ضعيفًا في الشوارع. ورغم أن السودان نال استحسانًا دوليًا بعد الإصلاحات الاقتصادية التي أجريت منذ سقوط "البشير"، وبعد أن أحرز تقدمًا نحو التخفيف من عبء الديون، إلا أن كثيرًا من السودانيين يواجهون أزمات غذاء أو يكابدون لتدبير احتياجات معيشتهم، بعد أن ارتفعت الأسعار خلال العام الماضي، وبلغ معدل التضخم 397% في أيار/ مايو الماضي، وأصبح انقطاع الكهرباء أو المياه يوميًا.
بدوره، أكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، جبريل إبراهيم، أن سبب رفع الدعم عن الدولار والمحروقات يرجع إلى الارتفاع العالمي لأسعار النفط وشحّ الدولار في السوق السودانية، مضيفًا أن "الإصلاح الاقتصادي يحتاج لمزيد من الوقت، ولا يمكن أن يتم في يوم وليلة، خصوصًا أن السودان شهد فسادًا هائلًا استمر عقودًا"، وأوضح أن الحكومة تعمل على إعادة هيكلة الأجور لكن بصورة طفيفة للسيطرة على التضخم. وإزاء التطبيع مع "إسرائيل"، أشار الوزير إلى أن الاتفاق الذي تم لم يحقق أي نتائج مباشرة تعود بالنفع على السودان، مستدركًا أنه يكون شكّل عاملًا مساعدًا في رفع العقوبات عن السودان ورفع اسمه من الدول الراعية للإرهاب، وإعادة الاعتراف به في المحافل الدولية بحكم العلاقات القوية التي تربط "إسرائيل" بالولايات المتحدة، على حدّ إشارته.
في شأن داخلي آخر، قالت متحدثة باسم "الحرية والتغيير" إنهم بصدد نقاش دمج قوات الدعم السريع في الجيش، حيث تحدثت الوثيقة الدستورية عن وجود جيش واحد. من جهتها، اشترطت الحركة الشعبية-شمال، في التفاوض الذي تجريه معها الحكومة، دمج جميع القوات التي تحمل السلاح في الجيش قبل دمج الجيش الشعبي في القوات المسلحة، مشيرةً إلى أن الوثيقة الدستورية، التي تحكم فترة الانتقال، نصت على "تكوين جيش واحد بعقيدة وطنية". بدوره، انتقد "المجلس الرئاسي للجبهة الثورية" التلكؤ في تنفيذ اتفاق "مسار شرق السودان"، واعتبره خرقًا لاتفاق السلام، كما رفض بشدة تحركات تحالف "نداء السودان" الأخيرة قائلًا إنها تخدم أعداء الثورة وتربك المشهد.
على الصعيد الأمني، يسود جدل واسع في السودان حول إعلان مجلس السيادة إنشاء قوات مشتركة لحفظ الأمن الداخلي، أُعطيت صلاحية العمل قبل سن تشريع قانوني يُحدد سلطاتها. ويتخوف كثيرون من أن تنتهك هذه القوة الحقوق المدنية للمواطنين أثناء تنفيذ مهام حفظ الأمن الداخلي، لكونها تضم قوات قتالية مثل الجيش وقوات الدعم السريع. من جانبه، قرر مجلس السيادة تكليف الفريق "ياسر العطا" بمهام تكوين القوة المشتركة لتنفيذ مهام حفظ الأمن وفرض هيبة الدولة في العاصمة والولايات، كما منح حق مخاطبة وزارة العدل لإصدار تشريع قانوني لعمل هذه القوات. ورغم عدم وجود تشريع قانوني ينظم عمل القوات المشتركة إلا أن القرار نص على "أن تبدأ أعمالها بصورة فورية".
في ملف "سد النهضة"، اقترح مسؤول في الاتحاد الأوروبي على السودان ومصر وإثيوبيا توقيع اتفاق مرحلي لعملية الملء الثاني، فيما أبدى السودان قبوله بتوقيع اتفاق مرحلي للملء الثاني، بشرط التوقيع على البنود المتفق عليها في مسودة اتفاق الملء والتشغيل، ووجود ضمان لاستمرار التفاوض بعد المرحلة الأولى وفق جدول زمني. من ناحيتها، تعمل إثيوبيا على ملء السد في تموز/ يوليو القادم، وقد بدأت في تعلية الممر الأوسط للسد، والذي سيمنع تدفق مياه الأمطار إلى السودان ومصر إلا بعد وصولها مستوى البحيرة، حيث يُقدر أن يأخذ الملء الثاني لبحيرة السد 13.5 مليار متر مكعب من المياه.
في سياق متصل، خلصت محادثات عسكرية رفيعة المستوى بين السودان وإثيوبيا إلى الاتفاق على تهدئة الأوضاع الأمنية على الشريط الحدودي، بإبقاء الوضع على حاله الراهن وترحيل خلافات الحدود إلى القيادة السياسية للبلدين. وقالت مصادر إن الاجتماع الذي امتد لساعات طويلة ناقش المهددات الأمنية على الجانبين، وخرج بتفاهمات للحد من التوتر الشديد الذي سيطر على حدود البلدين خلال الأشهر الستة الماضية.
اقتصاديًا، كشف تجمع الصيادلة المهنيين عن ارتفاع جديد في أسعار الأدوية، وقال إنه يأتي "استمرارًا لتنفيذ سياسة الحكومة غير المعلنة لتحرير سعر الدواء"، بينما قال "حمدوك" إن حكومته مستمرة في دعم أربع سلع أساسية منها الدواء. بالمقابل، وصف التجمع هذه التصريحات بـ“الكاذبة"، مشيرًا إلى أن أسعار الأدوية "ظلت في ارتفاع مستمر بعلم ومباركة رئيس الوزراء، حيث بلغت نسبة الزيادة في أقل من عام أكثر من 1000% في المتوسط".
من جهته، أكد وزير التجارة والتموين استعادة الوزارة صلاحيتها ومهامها في مجال التسعير وضبط الأسواق، عبر الآليات والأجهزة المختلفة، بينما تشهد الأسواق فوضى ملحوظة في تسعير السلع، بسبب تذبذب سعر الصرف وارتفاع حجم المضاربات، فضلًا عن زيادة معدل التضخم السنوي الذي وصل إلى 378.79% في أيار/ مايو الماضي. بدوره، أعلن البنك المركزي عن قيام مزاد النقد الأجنبي الخامس بمقر البنك إنفاذًا لسياسات بنك السودان لعام 2021، بتطبيق سياسة سعر الصرف المرن المدار وفي إطار الجهود المبذولة لاستقرار سعر صرف الجنيه. يذكر أن سعر الصرف الرسمي للدولار ارتفع إلى 441 جنيهًا في البنوك، بينما بلغ في السوق الموازي 474 جنيهًا.
اقتصاديًا أيضًا، أجرى السودان وجنوب السودان محادثات حول تطوير التعاون الفني في مجال النفط، بينما تعهدت الخرطوم بتقديم الدعم اللوجستي لزيادة الإنتاج النفطي في الدولة الجارة. وفي بيان أصدره الاتحاد الأوروبي، أعلنت الحكومة السودانية والاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية عن مشروع لزيادة إنتاج وتحسين جودة الصمغ العربي السوداني، عبر التركيز على رفع دخل المنتجين. وأشار البيان إلى أن المشروع يهدف إلى "تعزيز الفرص الاقتصادية للشباب والنساء وتقوية صمود حزام الصمغ العربي"، مضيفًا أن السودان يُعد أكبر منتج ومصدر للصمغ العربي الخام في العالم، بإنتاج سنوي يعادل 70% من صادرات العالم من الصمغ.