استنتاجات الموجز:
"سعيد" يحاول تغيير "النظام السياسي" بتونس لتشكيل "نظام رئاسي" يمثله في استحقاقات الحل السياسي
خيبة أمل لأحزاب المعارضة الجزائرية وسط تحذيرات من تقويض الديمقراطية الناشئة والدعوة لإنشاء حكومة توافقية
خسارة نقابة المهنيين لـ"حزب العدالة والتنمية" في المغرب ليس تعثرًا لكنه سقوط وعقاب سياسي للحزب
تتصاعد حدّة الاشتباك السياسي في تونس، تزامنًا مع لجوء رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، إلى تكتيك جديد يلعب على "نوعية النظام السياسي"، وذلك بعدما كشف عن رغبته بالعودة إلى "دستور 1959" مع إدخال بعض التعديلات عليه، وعرضه على الاستفتاء العام. فخلال لقاء "سعيّد" برئيس اتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، أكد الأول أن "التجربة أثبتت أن التنظيم السياسي الحالي وطريقة الاقتراع المعتمدة قادا للانقسام وتعطل السير لعمل الدولة، مشيرًا إلى ضرورة تعديل الدستور الحالي الذي أثبت أنه غير ملائم للبلاد ما يلزم العودة إلى "دستور 1959".
ورغم أن "سعيّد" لم يوضح النوايا من تصريحاته، إلا أن فكرة العودة إلى "دستور الاستقلال" أثارت جدلًا في الأوساط السياسية، لاستحالتها واقعيًا ودستوريًا ولأنها خروج عن الشرعية التي تحكم البلاد، بينما عبّرت المعارضة عن تمسكها بـ”الشرعية الدستورية”، معتبرةً أن الرئيس مراده تكريس النظام الرئاسي. وفي لقاء جمعه بالقيادي في "حركة النهضة"، لطفي زيتون، لتنسيق لقاء مع رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، نفى الرئيس دعوته لعودة النظام الرئاسي، وتشكيل “لجان شعبية” على "الطريقة القذافية"، منتقدًا "الطبوبي" باتهامه بالانقلاب على الشرعيّة.
بموازاة ذلك، لم يستبعد المستشار السياسي لرئيس "حركة النهضة"، رياض الشعيبي، التحالف مع "الحزب الدستوري الحر"، مؤكدًا إعلان "الحركة" تأييدها مقترح "إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة" إذا تعطل إجراء حوار للخروج من الأزمة السياسية، كما أكد على تمسُك "الحركة" بمصادقة "سعيّد" على قانون المحكمة الدستورية.
في الأثناء، أثارت قضية رفع الحصانة على نوابٍ لديهم ملاحقات قضائية وشبهات فساد جدلًا، خاصةً بعد تصريح وزير الدفاع، إبراهيم البرتاجي، أنّ 25 طلب رفع حصانة أرسلتها وزارة العدل إلى مجلس النواب، لم يتم النظر فيها، ملاحظًا أنّ بعض النواب ''موجودون في حالة تلبس وفرار". بدورها، أجازت وزيرة العدل بالنيابة، حسناء بن سليمان، لمحكمة الاستئناف فتح تحقيق في محاولة اغتيال "سعيّد"، مطالبةً تطبيق أحكام "الفصل 23 من الإجراءات الجزائية".
في الشأن الجزائري، لا تزال نتائج الانتخابات الأخيرة تثير جدلًا بين الأوساط السياسية لاعتبارها مفصلية على صعيد ثبيت خيارات السلطة، حيث اعتبرت بعض الأحزاب المعارضة أن تدني نسبة المشاركة "ضربة قاصمة"، ووصفت الأوضاع التي تعيشها البلاد بأنها الأسوأ، لا سيما في مجال الحريات، وأن "انتخابات الأمر الواقع لن تكسب النظام الشرعية". من جهتها، أعلنت حركة “البناء الوطني” دعمها تشكيل حكومة سياسية توافقية، تحت قيادة الرئيس، عبد المجيد تبون، وتشكيل فريق عمل سياسي لإخراج البلاد من أزمتها السياسية والاقتصادية.
في غضون ذلك، كشف رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش، عن انتهاء الآجال القانونية لتقديم الطعون، وإعطاء المجلس مهلة عشرة أيام للإعلان عن النتائج النهائية، معلنًا عن تلقي أكثر من 400 طعن، والسماح بعقد أول جلسة للبرلمان متوقعة في الثالث من الشهر القادم.
في شأنٍ آخر، خلت غالبية المدن من مسيرات الحراك الشعبي، بينما أبقت السلطات على انتشار التعزيزات الأمنية المشددة، بعد قرار وزارة الداخلية منع المسيرات غير المرخصة، لكن مدن منطقة القبائل استمرت في احتضان التظاهرات واعتبر المتظاهرون أن النواب الذين أُعلن انتخابهم لا يمثلون الولاية.
في الشق العسكري والأمني، نفى رئيس أركان الجيش، سعيد شنقريحة، زيارة باريس “في مهمة سرية”، لبحث الوضع الأمني الجديد في منطقة الساحل، بعد انتهاء عملية “برخان” العسكرية الفرنسية ضد الجهاديين في المنطقة. وقام "شنقريحة" بزيارة إلى روسيا بدعوه من نظيره الروسي، سيرجي شويجو، للمشاركة في فعاليات الندوة التاسعة للأمن الدولي. وجرى الاتفاق على التعاون العسكري والتقني لرفع كفاءة الجيش الجزائري، وذلك تزامنًا مع تحرك قوات تابعة للجنرال الليبي، خليفة حفتر، تضم ميلشيات "فاغنر" الروسية على الحدود مع الجزائر.
على الصعيد ذاته، اعتقلت قوات الأمن أربعة ناشطين بتهمة الانتماء لتنظيم "رشاد" الإرهابي، وبث الرعب وخلق جو انعدام الأمن وجناية المساس بالوحدة الوطنية، حيث كشفت السلطات عن اتصالات بين الموقوفين للتخطيط للعبث بشرعية الانتخابات، والسعي لتنظيم المسيرات غير المرخصة. من ناحيتها، أعلنت وزارة العدل توقيف 35 شخصًا والحكم على بعضهم بالسجن النافذ، بتهمة التزوير والتلاعب بالنتائج والتشويش على الاستحقاق الانتخابي.
مغربيًا، وعلى نحو غير متوقع، تراجعت مكانة نقابة “الاتحاد الوطني للشغل” التابعة لحزب “العدالة والتنمية” خلال الانتخابات المهنية، من القطاعات الحيوية أهمها التعليم والصحة، بينما تصدر الاتحاد المغربي للشغل. وقد أثارت النتائج جدلًا حيث اعتبرت المعارضة أن تواجد "الاتحاد" لعشر سنوات حجرة عثرة، بعدما أجهز على أجور وحقوق الموظفين وتفرغ قادته للتمتع بمعاشات ريعية والتعويضات، وبرزت أصوات تطالب "التصويت العقابي" ضده.
بدورها، تعمد السلطات لتطبيق إجراءات مشددة في الانتخابات التشريعية والبلدية المقبلة لضمان شفافيتها واستبعاد الفساد؛ إذ أعلنت رئاسة النيابة العامة بالتعاون مع وزارة الداخلية، بشأن تطبيق الإجراءات المتعلقة بمشروع “الحملة التطهيرية” لتفعيل المحاسبة في مواجهة المسؤولين، وقد بدأت توقيف عدد من مسؤولي المجالس البلدية وإحالتهم إلى القضاء.
في سياق متصل، وفي ظل التنافس الشديد داخل الأحزاب للترشح للانتخابات المقبلة، ينصب النقاش حول أسماء وُصفت بكونها “رموزًا للشعبوية” ابتعدت عن الساحة السياسية، وعادت لحلبة الصراع الانتخابي، حيث لجئت القيادات الحزبية لمصطلح “الشعبوية” في خطابهم السياسي لتحقيق مكاسب انتخابية.
دبلوماسيًا، ونتيجةً للخلاف الدبلوماسي بين برلين والرباط، ذكرت مصادر أنه تم إلغاء مساعدات تنموية بحوالي مليار و400 مليون يورو تخصصها ألمانيا للمغرب، بما فيها المساعدات الصحية. وأضاف المصدر أن مصير التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين أصبح مجهولًا، كما أكدت وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية أن المشاريع مع المغرب متوقفة بشكل نهائي.
عسكريًا وأمنيًا، أعلنت وزارة الدفاع عن اختتام النسخة الـ17 من مناورات “الأسد الإفريقي 2021”، والتي شمل جزء منها إقليم الصحراء، بمشاركة تسع دول تمثل ثلاث قارات، معلنةً عن طائرة نفاثة مغربية من طراز ف16 شاركت في عرض اختتام المناورة. هذا، فيما قامت المخابرات بتفكيك خلية إرهابية لتنظيم “الدولة الإسلامية”، من أربعة متطرفين، خلال التدريب على صناعة عبوات متفجرة تقليدية الصنع وإعداد أسلحة بيضاء، لاستهداف منشآت حيوية ومقرات أمنية، وصادرت القوات أسلحة ومعدات معلوماتية وآلة للتلحيم ومواد كيميائية لإعداد العبوات الناسفة في مدينة مراكش.