استنتاجات الموجز:
بدايةٌ متزامنة لجلسات الإصلاح مع جلسات "قضية الفتنة" والنتائج غامضة ومبهمة في الملفين وشراءٌ للوقت لحين زيارة الملك إلى واشنطن والتي تمثل كلمة السر
رغم البرود السياسي وإلغاء مشروع قناة البحرين والاقتحامات المتواصلة بالأقصى، شراكة أردنية أمنية غير مسبوقة مع جيش الاحتلال لضبط الحدود
عاد الانشغال مجددًا وبصورة كبيرة في الأردن لملف ما بات يعرف بـ"الفتنة" المرتبط بقضية "الأمير حمزة"؛ حيث شهدت الأيام الماضية أجواء ملتهبة ومرتبكة، مع استمرار محاكمة رجل الملك والدولة ورئيس الديوان الملكي السابق، باسم عوض الله، إضافةً إلى "الشريف حسن بن زيد"، أحد اقارب الملك والصديق القريب لـ"الأمير حمزة"، في محاكمة سرية غير مسموح للإعلام تداولها.
ففي الجلسة الثانية للمحكمة والتي عقدت سريًا، برزت مفارقات بالجملة بدت في بعض تفاصيلها؛ الأولى منها برزت عندما تقدمت هيئة المحكمة بأول إفصاح إعلامي عمليًا، أعربت فيه عن حرصها على "سرعة الفصل" مع تحديد المراكز القانونية للمتهمين، لكن لم يعرف بعد لماذا تتحدث المحكمة عن سرعة الفصل في القضية مع أن الجلسات تعقد سرًا.
والمفارقة الثانية هي استدعاء وافديْن من السودان، قال محامي "عوض الله"، محمد العفيف (رئيس محكمة أمن الدولة سابقًا) إنهما يعملان في منزل "عوض الله"، في استقبال الضيوف وتقديم الطعام والشراب. ولا يعلم أحد ما هي المعلومات التي يمكن أن يقدمها الرجلان لمحكمة تتعلق بـ"مشروع فتنة وزعزعة أمن واستقرار الأردن".
أما المفارقة الثالثة فهي أن المتهميْن، عوض الله والشريف بن زيد، أُحضرا للمحكمة بسيارة سوداء فارهة ومحاطين بالحراسات، وليس بسيارة السجن المعهودة للأردنيين فيمن تجري محاكمته في أمن الدولة. كما إن ثمة مفارقة كبيرة في الملف؛ حيث كان الحديث في البداية عن انقلاب ثم تحول الأمر إلى مؤامرة ولاحقًا إلى فتنة، ثم بالمعنى القانوني والسياسي مخطط لزعزعة الأمن والاستقرار. ويفتح الإصرار على انعقاد جلسات المحاكمة سرًا وليس علنًا شهية الفضوليين والمراقبين والرأي العام أيضًا للتكهنات والتوقعات، والتي تراوح الآن ما بين اعتبارات قانونية مهنية وأخرى سياسية حمّالة أوجه.
من جهتها، اعتبرت "الملكة نور" زوجة الراحل "الملك حسين"، أن ما يتعرض له ابنها ولي العهد السابق، الأمير حمزة، في قضية "الفتنة" عبارة عن عملية "اغتيال شخصية وطنية من خلال تضليل إعلامي". وشاركت الملكة تغريدةً للإعلامي، علي يونس، كتب فيها: "استمعت اليوم إلى تسجيلات مسربة للأمير حمزة وبن زيد. يبدو أنه تم تسريبها من قبل المخابرات الأردنية. تم تقطيع التسجيلات وخياطتها لإظهار (المؤامرة). لا أستطيع أن أرى كيف يمكن لشخصين يتحدثان بعبارات عامة وبدون جيش أن يطيحا بنظام قوي".
في سياق موازٍ لبدء جلسات ونقاشات مسار لجنة الإصلاح التي شكلها الملك، برزت على نحو مفاجىء وثيقة نُشرت، وُصفت بأنها "التقرير الاستراتيجي الأول" لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، وهو عمليًا المركز الأبرز المعني بالأبحاث الاستراتيجية، وهو ما دفع للتساؤل إذا كان نشرها مقصودًا لا يخلو من الخبث أم مجرد صدفة. واللافت في خلاصة الوثيقة أنها كانت حاسمة وصارمة، حيث تقترح بالنص أنه من الصعب إجراء إصلاح سياسي حقيقي في الأردن إذا لم يحصل الفلسطينيون على حقهم في "هوية مصونة". وترى الخلاصة نفسها أن الهوية الوطنية الأردنية مع تلك الوطنية الفلسطينية في حالة "تطور ونمو"، حيث لا يمكن التعامل مع الهوية الأردنية خارج سياق تكون فيه الفلسطينية مصونة، وهو ما يمكن أن يفجر الحوارات الإصلاحية قبل إقلاعها، خصوصًا ما نُصّ عليه بعبارة "أن تعقيدات الوضع الجيوسياسي تجعل تنفيذ مشاريع الإصلاح الكبرى أمرًا غير ممكن"، وقد يؤدي في حال تجاهل مفردة "مصونة" إلى زعزعة الاستقرار إذ تفترض أن هناك تمايزًا حتميًا بين الأردنيين من جهة الأصول.
إسرائيليًا، قالت قناة "كان" العبرية نقلًا عن مصادر أردنية، إن الأردن قرر بشكل نهائي التخلي عن مشروع "قناة البحرين" مع الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وبحسب المصادر لم تكن هناك رغبة حقيقية لدى الجانب "الإسرائيلي" في تنفيذ المشروع. بالمقابل، وضمن توثيق العلاقة الأمنية غير المعنية بتجاذبات السياسة بين تل أبيب وعمّان، أفادت صحيفة "معاريف" العبرية بأن جيش الاحتلال يعمل على توثيق تعاونه مع الجيش الأردني على طول الحدود. وأوضحت الصحيفة أنه سيتم إقامة غرفة إدارة عمليات مشتركة لكلا الجيشين، حيث يتقاسم الجانبان فيها صورة مراقبة متشابهة تتيح لهما استخدام لغة مشتركة، بواسطة استعمال وسائل الجيش "الإسرائيلي" ومن خلال نظام واحد للتحكم والمراقبة.
عربيًا، تبدو خيوط إعادة تأهيل نظام "الأسد" تسير على نحو متسارع؛ حيث بحث وزيرا النفط والكهرباء في النظام السوري في عمّان سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة، وذلك في إطار أوّل زيارة لوفد رسمي من النظام إلى المملكة منذ اندلاع الثورة في سوريا عام 2011. بدورها، أكدت الوزيرة "زواتي" خلال الاجتماع على "أهمية تفعيل التعاون بين البلدين في مجال الطاقة، انطلاقًا من روح العلاقة الأخوية وفي إطار سياسة تضع بالاعتبار التكامل الاقتصادي الذي، يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين."
في السياق العربي أيضًا لكن ضمن إطار الاحتجاج الشعبي الأردني على أحكام الإعدام بمصر، نفذ حزب "جبهة العمل الإسلامي" وقفة تضامنية منعت الأجهزة الامنية إقامتها أمام السفارة المصرية، حيث أكد أمين عام الحزب، مراد العضايلة، على "رفض الإعدامات السياسية، وما يقع من ظلم بحق الأحرار، ورجالات الفكر والسياسية والدعوة ورجالات الدولة، وأصحاب كلمة الحق في وجه نظام الانقلاب".
في سياق ذي صلة، وضمن إطار رفض التطبيع ومساعي إلغاء اتفاقية الغاز مع الاحتلال، قدمت "الحملة الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز" بلاغًا ثانيًا للنائب العام استكمالًا لإبلاغ سابق تم تقديمه نهاية عام 2019. وشمل البلاغ الجديد كل رؤساء الحكومات ووزرائها منذ عام 2014 حتى اليوم، وجميع أعضاء مجالس إدارات شركة الكهرباء والبوتاس، باعتبارهم جميعًا مسؤولين عن إبرام وتوقيع وتنفيذ اتفاقيّات الغاز مع العدوّ الصهيوني، المرتكب لجرائم بحق الأردن ومواطنيه ودعم الإرهاب من خلال عائدات صفقة الغاز.
محليًا، يمكن القول إن واحدًا من كل أربعة أردنيين أصبح عاطلًا عن العمل، ما يمثّل ارتفاعًا لمعدل البطالة في البلاد في الربع الأول من العام الحالي إلى حوالي 25% بسبب جائحة "كورونا"، التي أثرت سلبًا على أغلب قطاعات العمل. وقالت دائرة الإحصاءات العامة في بيان إن معدل البطالة ارتفع بمقدار5.7 نقاط مئوية عن الربع الأول من العام الماضي.
أمنيًا، أوقفت الأجهزة الأمنية المعلم، رامز البطران، بد قراره السير مشيًا على الأقدام من محافظة إربد حتى العاصمة عمّان رافعًا العلم الأردني، للتعريف بحجم الظلم الذي لحق بنقابة المعلمين، وللتعبير السلمي عن حقه بالاعتراض على سياسة القمع التي لحقت بالمعلمين بعد تضامنهم مع نقابتهم.