استنتاجات الموجز:
اغتيال الناشط "نزار بنات" يُسهم في زيادة عزلة السلطة الفلسطينية وترسيخ حالة الغضب ضدها
امتداد "الإرباك الليلي" إلى مناطق جديدة في الضفة يجعل منه أسلوب مقاومة شعبية ثابتًا في مواجهة البؤر الاستيطانية
لاتزال الهدنة في قطاع غزة تتسم بالهشاشة في ظل تشدد الاحتلال وعجز الوسطاء عن تحقيق اختراق في الملفات العالقة
عمّت حالة من الغضب المدن الفلسطينية على خلفية مقتل الناشط والمعارض الفلسطيني، نزار بنات، في مدينة "دورا" جنوب غرب مدينة الخليل، بعد أن قامت أجهزة أمن السلطة باقتحام منزله واغتياله عن سبق إصرار وتعمد. في التفاصيل، تتّهم عائلة "بنات" أمن السلطة باغتياله عمدًا بعمل مدبّر؛ فوفق ما أفادت به، فإن قوة مشتركة من الأمن اقتحمت منزل أحد أقارب الناشط، وفجّرت بابه الرئيسي، ثمّ هاجم 25 عنصرًا "بنات" وانهالوا بالضرب على رأسه بالهراوات والقضبان الحديدية.
وقوبلت حادثة الاغتيال باستنكار محلي ودولي واسع وسط مطالبات بالتحقيق في ما جرى، حيث عبرت أغلب الفصائل الفلسطينية عن استنكارها لما حصل بأشد العبارات. ونددت الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بالجريمة. بالمقابل، اعتدت أجهزة أمن السلطة على المتظاهرين الذين خرجوا بمسيرات حاشدة في مدينتي الخليل ورام الله، احتجاجًا على الجريمة، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع، بعد وصول تظاهرة احتجاجية غاضبة إلى مشارف مقر الرئاسة الفلسطينية (المقاطعة).
وبرزت هتافات غير معتادة خلال التظاهرة التي بدأت باعتصام على دوار المنارة وسط رام الله، قبل اتخاذ المعتصمين قرارًا بالتوجه إلى مقر الرئاسة، حيث هتف المشاركون بهتافات تدعو إلى رحيل "محمود عباس"، وأخرى إلى حل السلطة الفلسطينية ورحيلها، وهتافات تطالب بإسقاط النظام، فضلًا عن الهتاف لـ"بنات" والمطالبة بتحقيق العدالة له ولعائلته.
وتأتى حادثة اغتيال "بنات" عقب حالة واسعة من الغضب عمت الشارع الفلسطيني بسبب صفقة تبادل اللقاحات مع الاحتلال، والتي تبين أنها صفقة فاسدة؛ حيث اضطرت السلطة لإلغاء اتفاق كان يقضى بتسلّم مليون جرعة من لقاح ”فايزر“، بعدما تبين لها أن هذه الجرعات ”غير مطابقة للمواصفات“. وانتشرت صور لعبوات لقاح قيل إنها من الدفعة الأولى التي وردت لمصلحة السلطة الفلسطينية، تظهر أن صلاحيتها تنتهي هذا الشهر.
من جانب آخر، تشير المعطيات السياسية إلى عدم وجود تقدم في أي ملف بين الفلسطينيين والاحتلال حتى الآن، وأن كل الملفات شبه مجمدة بسبب الخلافات الكبيرة، وتحديدًا في ملفات التهدئة وتبادل الأسرى. من جهتها، أوقفت المقاومة إرسال البالونات الحارقة من قطاع غزة تجاه مستوطنات الاحتلال القريبة، كما أوقفت الفعاليات الليلية على الحدود، لإعطاء فرصة لجهود الوسطاء في دفع اتفاق التهدئة للأمام.
وقالت مصادر فلسطينية، إن المقاومة استجابت لطلبات من مصر والأمم المتحدة وقطر، بإعطائهم فرصة للضغط على الاحتلال، وتابعت المصادر بأن ”الفصائل وافقت بشرط أن يكون ذلك محددًا بوقت قصير (من أسبوع إلى عشرة أيام)، مهددةً بأنها "ستصعّد عبر الأدوات الخشنة إذا لم تعد إسرائيل عن سياستها الحالية، وسترد على القصف بقصف حتى لو كلف مواجهة جديدة“.
هذا، فيما تزامنت زيارة مدير المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، إلى أمريكا، مع زيارة رئيس الأركان العامة لجيش الاحتلال، أفيف كوخافي، خاصةً أن كلا الزيارتين تطرقتا للشأن الغزي. وبعد ساعات من إعلان "كوخافي" خلال لقائه في واشنطن مع مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، أن "هناك فرصة معقولة لمواجهة عسكرية أخرى في غزة في المستقبل القريب“، صرح رئيس ”شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)“، بأن رئيس حركة ”حماس“ في غزة، يحيى السنوار، ”محكوم بالموت“.
وعليه، ستكون الأيام القادمة حاسمة باتجاه معرفة مسار الأمور في القطاع، بعد أن عاد الوسطاء المصريون لتقديم “خارطة طريق” لإنهاء أزمة الحصار والقيود المشددة على معابر غزة، التي أثرت كثيرًا على حياة السكان، بعد فشل الوسيط الدولي، الذي تتهمه "حماس" بالتحيز للاحتلال، في مهمة الوساطة باتجاه تطبيق تفاهمات وقف إطلاق النار.
من جهته، وصف "السنوار" لقاءه مع منسق الأمم المتحدة الخاص لـ“عملية السلام“ في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، في غزة، بأنه كان ”سلبيًا.. ولا يحمل أيّ بوادر تشير إلى حلّ الأزمة الإنسانية في القطاع“. وبعد مهلة المقاومة للوسطاء لتخفيف الحصار المفروض على غزة أو العودة للعمليات العسكرية، أعلنت وحدة تنسيق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق المحتلة توسيع مساحة الصيد في القطاع المحاصر إلى تسعة أميال بحرية، بدلًا من ستة وإدخال مواد خام للمعامل الحيوية في القطاع.
وفي ظل استمرار الخلاف بين حكومة "اشتية" و"حماس" على ملف إعمار غزة، رفضت الأخيرة قرار الحكومة بتشكيل لجنة للإشراف على الملف، ودفع ذلك وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، التي تديرها "حماس"، للاستقالة من اللجنة الحكومية.
على خطّ موازٍ، وبعد أشهر من عرقلة رئيس السلطة، محمود عباس، إجراء الانتخابات التشريعية، عيّنت "حماس" لجنة جديدة لإدارة الشأن الحكومي في القطاع. وصادق المجلس التشريعي في غزة على تشكيلة وبرنامج "لجنة متابعة العمل الحكومي" في القطاع، برئاسة عضو المكتب السياسي لـ“حماس"، عصام الدعاليس.
على جانب آخر، تجددت المواجهات في بلدة سلوان في القدس المحتلة، كما تتواصل فعاليات ”الإرباك الليلي“ في قرية بيت دجن وعلى جبل صبيح في بلدة بيتا جنوب نابلس، حيث يواصل الشبان إشعال الإطارات المطاطية مطالبين بإزالة مستعمرة "أفيتار" المقامة هناك. ويتظاهر المئات في بلدة بيتا جنوبيّ نابلس منذ أسابيع، في مشهد بدا مفاجئًا للمستوطنين. واللافت أن قرية بيت دجن شرقيّ نابلس استلهمت هي الأخرى تجربة بيتا، حيث تستمرّ الفعاليات الليلية فيها، وتبعتهما قرية يتما التي تشهد أطرافها فعاليات مماثلة، في مشهد يشي باحتمالية امتداد ”الإرباك الليلي“ إلى مناطق أخرى في الضفة.
بدورها، صادقت حكومة الاحتلال على سلسلة من مشاريع البناء الجديدة في المستوطنات في الضفة الغربية، في أول قرار لها من هذا النوع، فيما اجتمعت اللجنة الفرعية العليا لتخطيط الإدارة المدنية لمناقشة 33 مشروعًا، لكن تمت الموافقة في نهاية المطاف على 31، شملت بناء مركز تسوق في ميشور أدوميم، ومدرسة متخصصة في إلكانا، ومعابد يهودية ومدارس دينية في كارني شومرون وكفار أدوميم، ووحدات سكنية جديدة في مستوطنة يتسهار.
كما تجددت اعتداءات قوات العدو في حي الشيـخ جراح باقتحامها المنازل، عقب محاولات المستوطنين استفزاز أهله من خلال العبور في شوارعه. وقد أبى أهالي الحي، بدورهم، أن يرضخوا أمام الاحتلال ومستوطنيه، كما فعلوا خلال الحملة الممنهجة المستمرة منذ أكثر من شهرين، في محاولة العدو الاستيلاء على منازلهم وأرضهم.
في ملف الأسرى، لا يزال الأسرى الفلسطينيين الثلاثة، الغضنفر أبو عطوان وعدنان خضر وجمال الطويل، يواصلون معركتهم ضد السجان "الإسرائيلي" لنيل حريتهم بأمعائهم الخاوية، ورفضًا لاعتقالهم الإداري، رغم التدهور الخطير الذي طرأ على حياة الأول.
إلى ذلك، استقبل الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية. وجرى اللقاء بقصر الرئاسة في العاصمة نواكشوط، بحضور وفد من الحركة، وفق وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية، حيث وصل "هنية" إلى نواكشوط تلبية لدعوة رسمية.