استنتاجات الموجز:
الأجواء الإيجابية بين تركيا والاتحاد الأوروبي لم تفلح في إحداث خرق في قرارات القمة الأوروبية التي كانت دون التوقعات
تدشين "أردوغان" للجسر الأولى في "قناة إسطنبول" يظهر فشل محاولات المعارضة لثنية عن المشروع
نجاح الجيش والاستخبارات في اغتيال قيادات بارزة من "العمال الكردستاني" يدل على اتباع استراتيجية جديدة للقضاء على التنظيم
لم تلفح الأجواء الإيجابية بين تركيا والاتحاد الأوروبي بعد تراجع التوتر شرق المتوسط، والأجواء الإيجابية التي شكلتها سلسلة قمم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع زعماء الاتحاد على هامش قمة "الناتو" الأسبوع الماضي، في إحداث خرق في قرارات القمة الأوروبية حول تحديث اتفاقية اللجوء الموقعة مع الاتحاد منذ عام 2016، وكذلك استئناف مباحثات انضمام تركيا إلى الاتحاد المتوقفة منذ سنوات، إذ اختزلت القمة التعاون في مجال الهجرة إلى البعد المالي ووافقت على تقديم ثلاثة مليارات دولار حتى 2024.
من جهتها، تنظر تركيا إلى نتائج قمة التكتل الأوروبية على أنها تكتيك مماطلة ونقص في الإرادة الأوروبية، وإساءة استخدام عضوية التكتل من قبل دولة أو دولتين من الدول الأعضاء، رغم إقرار الاتحاد الأوروبي بانخفاض التوتر شرق المتوسط، مؤكدةً أن تجنب التطرق إلى وضع عضوية أنقرة في الاتحاد يؤكد صحة رأي تركيا. كما دعت تركيا إلى مراجعة الاتفاق من جميع جوانبه وبنهج شمولي، بشكل يستجيب لاحتياجات اليوم والمصالح المشتركة، ومن أجل الحفاظ على الزخم الإيجابي وتعزيز العلاقات بين تركيا والاتحاد، من خلال “الأجندة الإيجابية”.
إلى ذلك، ترى أنقرة في إعادة مؤتمر برلين الذي عُقد في العاصمة الألمانية حول مستقبل الحل السياسي في ليبيا، وتناول مسألة الوجود العسكري التركي في البلد وتجديد الضغوط عليها من أطراف دولية مختلفة لسحب قواتها، خطوة على طريق محاولات بعض الأطراف الدولية للضغط على الحكومة الليبية لإلغاء مذكرة التفاهم العسكرية، وخطوة أولى على طريق إلغاء مذكرة ترسيم الحدود البحرية، وهو ما تعتبره أنقرة بمثابة نسف لكافة المكتسبات التي جرى تحقيقها خلال العام الأخير.
من جهة أخرى، بدأ الخلاف التركي الروسي يتصاعد شمال سوريا، حيث وسعت الثانية حملتها العسكرية التي تشنها مع النظام السوري وشملت مناطق جديدة، شمال وشمال غرب سوريا في ريف إدلب الشرقي وريف حلب الغربي، في محاولة لفتح شرايين الجغرافية السورية الرئيسية وعلى رأسها الطريق الدولي "إم-4" الذي يربط حلب باللاذقية، لاستعجال جني ثمار تدخلها في الملف السوري، وجعل محافظة إدلب جزيرة معزولة، بحيث تجبرها على الرضوخ. هذا، بينما يُستبعد أن يتطور هذا التصعيد إلى عمليات عسكرية كبيرة، وإنما يأتي في إطار المناورة والاستطلاع الناري لتقييم قدرة وجاهزية النقاط العسكرية التركية، بغرض الاستعداد لأي سيناريو مستقبلًا.
إلى ذلك، أدانت وزارة الخارجية التركية نقل هندوراس سفارتها من مدينة تل أبيب إلى القدس، وشددت على أن "هندوراس بهذه الخطوة قد انتهكت القانون الدولي وكذلك القرارات الأممية المتعلقة بوضع مدينة القدس"، مبينة أن ما قامت به هندوراس "أضر كذلك برؤية حل الدولتين، وبآمال السلام في المنطقة".
داخليًا، دشن الرئيس "أردوغان" المرحلة الأولى في مشروع "قناة إسطنبول" المائي بعد عشر سنوات على طرح المشروع والحديث عنه للمرة الأولى، وما رافق ذلك من جدل بعد إعلان المعارضة التركية رفضها للمشروع، لأسباب مختلفة؛ حيث تقود المعارضة التركية اليسارية واليمينية حراكًا مضادًا للمشروع، ويتصدر هذه المعارضة رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، لكن كل ذلك لم يقف أمام رغبة الحكومة في السير في المشروع، الذي من المتوقع أن يبقى محور جدل على مدار سنوات تنفيذه، وأن يتحوّل ورقة في الحملات الانتخابية المقبلة، خصوصًا الرئاسية والنيابية المقررة عام 2023.
يذكر أن تكلفة مشروع القناة تبلغ 15 مليار دولار، وتهدف الحكومة التركية من خلاله إلى تخفيف الضغط عن مضيق البوسفور المزدحم، وسيستغرق تنفيذه ست سنوات، وتمتد القناة إلى 45 كيلومترًا بعرض 275 مترًا وبعمق 21 مترًا. وسيتم إنشاء مدينة جديدة على طرفي القناة تتسع لـ500 ألف نسمة من سكان إسطنبول، وتبلغ تكلفة إنجازها قرابة 15 مليار دولار بحسب تصريح للرئيس "أردوغان"، فيما ترى المعارضة أنها ستكلف أكثر من 60 مليار دولار.
داخليًا أيضًا، عقد "أردوغان" اجتماعًا مع رؤساء البلديات عن "حزب العدالة والتنمية" في المجمع الرئاسي، وذلك لتعزيز الإدارات المحلية عبر الإصلاحات التي نفذتها في السنوات الـ19 الماضية، حيث بيّن أن النجاح والخدمات والجهود المميزة للإدارات المحلية، هي التي أبقت الحزب في سدة الحكم طوال 19 عامًا، وأن جزءًا كبيرًا من الخدمات التي تمس حياة المواطنين ما تزال تقدمها بلديات "العدالة والتنمية"، داعيًا رؤساء البلديات لمواصلة إخلاصهم وتواضعهم عند تقديم الخدمات للناس.
إلى ذلك، تستعد تركيا لرفع ما تبقى من القيود التي فرضتها على مدار أكثر من عام في عموم البلاد، لمكافحة انتشار فيروس "كورونا"، وذلك مع التقدم الكبير الذي حققته في عمليات التطعيم والتي تجاوزت معدل 1.5 مليون جرعة يوميًا، وسط آمال بإتمام عملية تطعيم كل من هم فوق 18 عامًا خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
في شؤون عسكرية وأمنية، حقق الجيش والاستخبارات التركية نجاحًا في اغتيال قيادات بارزة بالصف الأول والثاني لتنظيم "حزب العمال الكردستاني"، داخل وخارج البلاد من المدرجين على اللوائح الدولية للمطلوبين، وذلك في تطور يظهر مدى التغير الذي شهدته استراتيجية تركيا في الحرب على التنظيم، إلا أنه لا يمكن معرفة نجاح الاستراتيجية الجديدة في القضاء على التنظيم، أو إنهاء خطر هجماته المتواصلة منذ عقود، لكن الاغتيالات التي طالت عددًا كبيرًا من قيادات الصف الأول والثاني والقيادات الميدانية، إلى جانب الهجمات المركزة التي تستهدف تحركات العناصر الفاعلة التي تكون على وشك شن هجمات، ساهمت بشكل كبير في إحباط الكثير من الهجمات وإضعاف قدرة التنظيم على المبادرة والتحرك، إضافةً لحالة الإرباك والتخبط التي تقول تركيا إنها انتشرت في صفوف التنظيم في الأسابيع الأخيرة.
وتلعب الاستخبارات التركية دورًا فاعلًا في الاستراتيجية الجديدة، المبنية على توفير المعلومات الدقيقة ومتابعة تحركات القيادات المطلوبة، وذلك من خلال الوسائل الاستخبارية المختلفة التي تعتمد على تقنيات متنوعة، أبرزها المراقبة الجوية والاختراقات الإلكترونية إلى جانب جمع المعلومات الاستخبارية، من خلال عناصر استخبارات فاعلة على الأرض.
أمنيا أيضًا، قامت قوات الأمن التركية بضبط أسلحة وكمية كبيرة من الذخائر في أوكار لتنظيم "حزب العمال الكردستاني"، من بينها مدفع مضاد للطيران وألفي طلقة من عيار 23ملم، وثلاثة آلاف طلقة مضادة للطيران من عيار 12.7ملم، وخمسة آلاف طلقة من عيار 7.62ملم لبندقية كلاشينكوف، وسبع قذائف مضادة للدبابات، وعدد من المستلزمات المعيشية في كهوف وملاجئ بولاية هكاري.