استنتاجات الموجز:
دعوات "إسرائيلية" للمضي قدمًا في صفقة تبادل الأسرى وسط مخاوف من نقاط ضعف الجيش في المواجهة القادمة
تنامي تهديد الطائرات بدون طيار على الجبهة "الإسرائيلية" وتعاظم قوة الحركة الإسلامية داخل "إسرائيل" رغم حظرها
شهد هذا الأسبوع تطورات أمنية وعسكرية "إسرائيلية"؛ داخلية بدأت بعودة الحديث عن صفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس" وإمكانية حدوث حلحلة فيها، وصولًا إلى الكشف عن المزيد من نقاط الضعف العسكرية لجيش الاحتلال، وما قد يواجهه من تحديات ميدانية عملياتية، مرورًا بما بات يواجه الجبهة "الإسرائيلية" الداخلية من تهديد الطائرات بدون طيار، وزيادة استخدام قوى المقاومة لها، وانتهاءً بتنامي قوة الحركة الإسلامية داخل "إسرائيل" رغم حظرها.
ففي ملف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع "حماس"، ظهرت مطالبات "إسرائيلية" بإجراء مناقشة عامة حول شروط الصفقة المرتقبة، وتتركز هذه المطالبات بإخضاع توصيات تقرير لجنة "شمغار" المكتوبة بعد صفقة "وفاء الأحرار"، وهدفها الأساسي صياغة سياسة واضحة حول الصفقات المقبلة، انطلاقًا من تقدم المفاوضات بين "إسرائيل" و"حماس" في القاهرة. وتزامنت هذه الدعوات الموجهة لرئيس الوزراء، نفتالي بينيت، والوزراء ذوي العلاقة لعقد جلسة استماع علنية حول توصيات تقرير لجنة "شمغار" حول الأسرى، الذي تم إعدادها عام 2012، بعد الثمن الباهظ الذي دفعته "إسرائيل" في صفقة استعادة الجندي الأسير لدى المقاومة، جلعاد شاليط.
من جهتهم، يعتقد أصحاب هذه المطالبات أن الحاجة باتت ماسة لصياغة القواعد والمبادئ، التي تشكل سياسة الحكومة في أي مفاوضات صفقة تبادل قادمة، على اعتبار أن "إسرائيل" سوف تدخل في مواقف مماثلة. ورغم أن الحكومة "الإسرائيلية" بادرت بالدعوة لعقد هيئة "شمغار" التي كتبت التقرير، إلا أن رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، امتنع في حينه عن مناقشته أو تبني نتائجه. وفي ضوء مفاوضات القاهرة بشأن إمكانية إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة مع "حماس"، فإن هناك تخوفات "إسرائيلية" أنه طالما لم تتم مناقشة استنتاجات تقرير "شمغار" قريبًا، فقد يصبح حبرًا على ورق، بينما لا تزال "حماس" تحتجز مستوطنين وجنودًا "إسرائيليين".
في الشأن ذاته، وبسبب حساسية الموضوع من الناحية الأمنية، فلم يتم نشر نتائج تقرير "شمغار" إطلاقًا، بزعم أنه طالما لم يتم اعتماده، أو على الأقل مناقشة المبادئ التوجيهية الأساسية الواردة فيه، فإن الحكومة "الإسرائيلية" ستبقى دون توجيهات ودون سياسة منظمة في هذه القضية الخطيرة، رغم أنها وقادتها يتعرضون لضغوط سياسية عامة وغير عادية، ونتيجة لذلك قد يتعرض الجمهور "الإسرائيلي" للأذى، من خلال إطلاق سراح أسرى فلسطينيين شاركوا في عمليات مسلحة.
في الوقت ذاته، تشهد الأوساط العسكرية "الإسرائيلية" نقاشات حية حول أفكار جديدة لتحقيق ما توصف بـ"صورة النصر"، التي فشل الجيش في الحصول عليها بسبب التحديات الماثلة أمامه؛ حيث ظهرت جملة تحديات "تحرم" جيش الاحتلال من الحصول على هذه الصورة، ما يتطلب تحديد قواعد عمل جديدة، أولها تقصير مدة الأعمال العدائية؛ فدولة الاحتلال لا تتحمل مواجهات طويلة الأمد ، وهناك حاجة لتقليل الأضرار التي لحقت بجمهورها وبنيتها التحتية نتيجة للقتال.
أما القاعدة الثانية فهي أن المقاومة ستتصرف بأكثر الطرق خطرًا بالنسبة لـ"إسرائيل"، وأي قدرة تبنيها المقاومة ضد الاحتلال ستمارسها في وقت يكسبها أكبر قدر من الفوائد، وتسبب للأولى أكبر قدر من الضرر، ما يعني أن أي افتراض بأن المقاومة تبني القدرات ليس لتشغيلها، أو أنها ستنفذ خطتها الحربية بطريقة تناسب الاحتلال، لا أساس له من الصحة، ومن ثم فهو خطر. والقاعدة الثالثة تتعلق ببناء الجيش وتجهيزه للحرب، ما يتطلب النظر في التعامل مع السيناريو الأسوأ؛ فـ"إسرائيل" ليس لديها القدرة، ولن تكون قادرة، على التنبؤ بما ستكون عليه الظروف التي ستتطور إليها الحرب القادمة.
في شأن ذي صلة، يواجه جيش الاحتلال من الآن فصاعدًا تهديدًا يتمثل بالطائرات بدون طيار، ويجب عليه أن يستعد للمرحلة التالية، حيث قد تتعرض "إسرائيل" لإطلاق طائرات أكثر تطورًا، وهو التهديد المستقبلي الحقيقي. وهذا الخطر يتضاعف في حال تزودت المقاومة بالمتفجرات، لإلحاق الضرر بالجيش والمستوطنين، ومنصات الغاز في البحر المتوسط. بدوره، يسعى جيش الاحتلال لإفشال المحاولات المعادية، رغم أن "حماس" تسعى لاستخدام غواصة لضرب أهداف بحرية، ومحاولات لإطلاق أسلحة جوية لمهاجمة الفرق والقاذفات على الأرض. ونظرًا لتزايد استخدام الطائرات دون طيار من "حماس"، فمن المهم تحليل محاولاتهم، ورصد اتجاهات الميدان ما سيساعد بالاستعدادات المستقبلية.
هذا، مع العلم أنه تم اعتراض ما لا يقل عن أربع طائرات دون طيار من قبل نظام الدفاع الجوي "الإسرائيلي"، خلال حرب غزة الأولى عبر القبة الحديدية، والثانية بواسطة صاروخ جو-جو من صنع "رافائيل"، تم تصميمه لاعتراض الطائرات المقاتلة، والثالثة والرابعة بوسائل سرية، وتم العثور على متفجرات على الأراضي "الإسرائيلية"، وتم تفكيكها من قبل المهندسين.
وتعود هذه المحاولات العديدة في الأساس إلى ما شهدته حرب غزة السابقة عام 2014، ثم بدأ إطلاقها بشكل روتيني، أو خلال جولات قصيرة من القتال بين حين وآخر، سواءً على الحدود الجنوبية أو الشمالية، لكن المعطيات الأخيرة أكدت أن الاتجاه نحو استخدام الطائرات غير المأهولة، التي كانت حتى سنوات قليلة مضت من أسلحة جيوش الدول المتقدمة، هو أنها باتت تستخدم على نطاق واسع لدى المنظمات المسلحة.
على الصعيد "الإسرائيلي" الداخلي، وبعد ست سنوات من حظر الجناح الشمالي من الحركة الإسلامية بزعامة الشيخ "رائد صلاح"، فإن المعلومات الأمنية المتوفرة تؤكد أنه عاد لنشاطه الجزئي، خاصة عقب المواجهات التي شهدتها المدن الفلسطينية بين العرب واليهود في أيار/ مايو الماضي. هذا، إضافةً إلى أن القيادات والنشطاء الذين اعتقلتهم أجهزة الأمن الإسرائيلية، أو استجوبتهم عقب تلك الأحداث التي ترافقت مع حرب غزة الأخيرة، يتلقون تعاطفًا من فلسطينيي 48، رغم أن أحد كبار أعضاء الفصيل الشمالي، الشيخ كمال الخطيب، اتُّهم بالمساهمة في انفجار تلك الأحداث، وأن مساعده، زياد طه، وُجّهت إليه اتهامات بحيازة أسلحة غير مشروعة.
في السياق ذاته، واجه اثنان من كبار علماء الحركة اتهامات أمنية بالتسبب باشتعال المدن العربية داخل "إسرائيل"، لأنهم عرّفوا "إسرائيل" كدولة معادية وأشادوا بـ"حماس"، وظهر كأنهم يتلقون توجيهات منها، بضرورة النضال من أجل المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، ونشروا أشرطة فيديو تحاكي طرد المصلين اليهود من المسجد الأقصى، وهتفوا أمام حشود عربية "بالروح والدم نفدي فلسطين"، وحملوا لافتات باللغة العبرية تحمل المضامين ذاتها، ورددوا شعار "الأقصى في خطر"، ووصفوا "الإسرائيليين" بأنهم "نازيون"، ودعوا لإقامة "خلافة إسلامية" وعاصمتها القدس.
لقراءة وتحميل الموجز/اضغط هنا