استنتاجات الموجز:
ملفات عديدة وثقيلة بانتظار الحسم يحملها الملك إلى لقائه مع "بايدن" على رأسها سقف الإصلاح الداخلي وحدود المسموح والممنوع في الملفات الخارجية
توقعات بذهاب ملف "الفتنة" إلى الإنهاء داخل أروقة المحاكم بالإدانة وصدور عفو ملكي ضمن سلة رسائل داخلية وخارجية تحديدًا للرياض و"الأمير حمزة"
يترقب كثيرون داخل وخارج الأردن نتائج لقاء العاهل الأردني، عبد الله الثاني، مع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، المقرر في الـ17 من الشهر الجاري. وقد تتضح تفاصيل إضافية بعد القمة بصورة تساعد بوصلة عمّان في ترسيم التموقع الإقليمي لخارطة التحالفات الجديدة، فيما تنشغل النخب المحلية بانتظار نتائج هذه القمة وتداعياتها، خصوصًا في ظل تكهنات بمدى سقف الإصلاح وملف الحريات وملفات أخرى عالقة بحاجة لتحريك.
في هذا الإطار، يسري انطباع كبير في عمّان بأن اللقاء المرتقب سيحسم عدة معطيات، لها علاقة بأولويات أي حراك إقليمي أو دبلوماسي أردني وسط المستجدات الإقليمية، وأبرزها التصدع الجديد في منظومة دول الخليج وتحديدًا بين الرياض وأبو ظبي. ومن بين الأوراق المستجدة على طاولة اللقاء، والتي لا يمكن إسقاطها من أي حساب في المسألة الإقليمية تحديدًا، وجود وانتقال قوات عسكرية أمريكية إلى الأردن ودورها المستقبلي المفترض، فضلًا عن الحالة السورية والانفتاح على نظام دمشق، ومستجدات الوضع في العراق، والمجاملة لطهران، ومرحلة "بينيت" وما بعد "نتنياهو"، والحالة شبه المتفجرة في لبنان.
من جانبهم، سيُطلِع الأمريكيون الملك على أجندتهم وتوجهاتهم ومسارهم في المنطقة، وهو ما سيدفع لترتيب الحالة الأردنية الداخلية والخارجية بناء على ذلك. في الأثناء، كان انشغال الأردنيين ونخبهم ملحوظًا طيلة الأسبوع الفائت، بعد نقل معدات وقوات أمريكية كاملة من دول مجاورة إلى الأراضي الأردنية بصيغة غير مفصلة، دفعت لتساؤلات عن التوقيت والمغزى ودستورية الخطوة، التي لم تعبر من بوابة البرلمان أو تعرض عليه كما ينص الدستور.
ففي أحاديث الصالونات السياسية كلام عن مكاسب اقتصادية وسياسية، جراء إقامة قاعدة عسكرية ضخمة للأمريكيين في الأردن، دون الاقتراب من التداعيات السلبية لهذا الوجود، حيث يرى خبراء في ذلك تصاعدًا للدور الإقليمي الأردني، فضلًا عن استفادة قطاعات محلية من متطلبات ذلك مثل قطاع المقاولات والإنشاءات واللوجستيات، إلى جانب أحاديث بأن التحالف السياسي العسكري يؤسس لضمان ضخ المساعدات الأمريكية المالية والاقتصادية والعسكرية للأردنيين، والتي يقدر حجمها بأكثر من مليار ونصف مليار دولار بصورة منتظمة وثابتة، حيث تم تثبيت المساعدات ومواعيد تسليمها السنوية لمدة خمس سنوات جديدة.
محليًا، كان لافتًا اهتمام الأردنيين بتداعيات محاكمة المتهمين في "ملف الفتنة"؛ حيث قضت محكمة أمن الدولة العسكرية بسجن المتهميْن، باسم عوض الله، رئيس الديوان الملكي السابق، وكذا الشريف حسن بن زيد، من أبناء عمومة الملك، 15 عامًا في الأشغال الشاقة. وكان اللافت في المحاكمة تغييب نص الحكم الذي تلاه رئيس المحكمة، والذي تجاهل تقديم أي تفصيلات تخص ما سمي "الجهات الخارجية"، التي قالت الحكومة في الرابع من نيسان/ إبريل الماضي في بيان سياسي، إنها تورطت مع المتهمين. وكانت هذه بحد ذاتها رسالة أعمق سياسيًا على الأقل من القضية ورموزها وتداعياتها؛ إذ فُهم منها سياسيًا أن المحكمة تركت انطباعًا وهامشًا للمناورة أمام الدولة، لتقدير وحسابات مصالحها.
في السياق ذاته، كان لافتًا أيضًا تضمين قرار الإدانة إشارةً مباشرة لصلة المتهم الثاني، الشريف حسن بن زيد، بولي العهد الأسبق، الأمير حمزة. ولم تمض ساعات على النطق بالحكم حتى أصدر أقارب الشريف "حسن بن زيد" وباسم أشراف "آل الهيمق" بيانًا، جددوا فيه البيعة للملك، عبد الله الثاني، وأكدوا رفض الافتراءات والتشويشات ممن سماهم البيان "المتطرفين والحاقدين".
رغم كل ذلك، يتوقع كثيرون أن ينتهي ملف القضة بصدور عفو ملكي عن المتهميْن، بعد إعلان محكمة التمييز رأيها البات والنهائي بالقضية، وهو احتمال وارد لضمان عدم القطيعة الكاملة مع الرياض التي طالبت كثيرًا بالإفراج عنهما. من جهة أخرى ذات صلة، قال المحرر الدبلوماسي في صحيفة "إندبندنت"، كيم سينغوبتا، إن ما سماها "المحاولة الانقلابية في الأردن" كشفت محدودية قوة السعودية، مضيفًا أن ما حدث في الأردن يُظهر تحولًا في الديناميات بالمنطقة؛ حيث كان الأردن مستعدًا للرد ومواجهة اللاعبين الكبار فيها. وأضاف الكاتب أن سجن رئيس الديوان الملكي السابق وقريب للملك والحكم عليهما بالسجن لمدة 15 عامًا بتهم الفتنة، هو حجر أساس وله تداعيات داخل وخارج البلد.
في سياق آخر، يزداد الدفء شيئًا فشيئًا بين تل أبيب وعمّان بعد حالة قطيعة كانت ملازمة لعهد "نتنياهو"؛ فقد كان لافتًا سيل اللقاءات المتتالية التي تمت بين الحكومة "الإسرائيلية" الجديدة وعمّان، حيث التقى العاهل الأردني مع رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، سرًا في عمّان، وتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس الاحتلال الجديد، إسحق هرتسوغ، بحث خلاله "عملية السلام، كما التقى أيضًا وزيرا خارجية الطرفين، أيمن الصفدي، ويائير لابيد، في لقاء كُشف عنه لاحقًا في الأردن .
وما يمكن قراءته في هذا الصدد هو استماع "بينيت" للناصحين داخل الاحتلال، بأهمية الانفتاح وعودة الحياة للعلاقة مع ملك الأردن، إلى جانب قراءة "بينيت" للعلاقة التي تربط عمّان بواشنطن واللقاء القريب للملك مع "بايدن"، وحاجة "بينيت" لأن تأخذ واشنطن انطباعًا إيجابيًا عنه قبل لقائه هو الآخر لاحقًا مع "بايدن ".
وبحسب المحلل السياسي "الإسرائيلي"، يوني بن مناحيم، فإن ثلاث قضايا هيمنت على الاجتماع بين "بينيت" والعاهل الأردني؛ هي الوضع في المسجد الأقصى وحل الدولتين والعلاقات الثنائية بين البلدين. بالمقابل، هاجم زعيم المعارضة، بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الحالي "بينيت"، بسبب قبوله وتوقيعه اتفاقًا لتوريد المياه للأردن، معتبرًا أن الأخير ضعيف ويمكن ابتزازه. كما اعتبر "نتنياهو" أن هذه الخطوة ستفيد إيران وبرنامجها النووي بشكل غير مباشر، دون أن يوضح طبيعة الرابط بين المياه المباعة للأردن من بحرية طبريا وبين مشروع إيران النووي.
في سياق التفاعلات المحلية، تبدو خطوط التبريد في العلاقة بين الحكومة ونقابة المعلمين في طريقها للتسوية؛ حيث قررت السلطات القضائية براءة نائب نقيب المعلمين، ناصر النواصرة، في قضية الفيديوهات المجتزأة. في التفاصيل، أعلن وكيل "النواصرة"، المحامي بسام فريحات، أن محكمة صلح جزاء عمّان قررت إعلان براءة موكله، في جنحة التدخل بإذاعة ونشر أنباء كاذبة ومبالغ فيها تنال من هيبة الدولة، وإعلان عدم مسؤوليته عن جنحة إساءة استخدام السلطة وجنحة التهديد بإلحاق الضرر غير المحق.
صحيًا، عادت الحكومة إلى ما كانت بدأت به قبل نحو عامين، حيث عاد مسؤول ملف "كورونا" في وزارة الصحة، عادل البلبيسي، للظهور مجددًا، محذرًا المواطنين من الدخول في موجة ثالثة من الوباء. ونصح "البلبيسي" الشعب الأردني بتجنب العناق وتبادل القبلات في العيد والاكتفاء بالسلام عن بعد، محذرًا أن الوضع الوبائي من الصعب أن يستقر تمامًا، ما دامت حملة التطعيم والتلقيح لم تصل بعد إلى ما مجموعه أربعة ملايين ونصف مليون مواطن ومقيم.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا