استنتاجات الموجز:
أحزاب كردية تسعى لإقامة تحالفات سياسية مع المعارضة بهدف الانخراط بالحراك السياسي وسط محاولات روسية لفتح باب الحوار بين النظام و"الإدارة الذاتية".
تمديد مجلس الأمن لآلية إدخال المساعد يدل على إبرام صفقة أمريكية روسيّة واعتماد سياسة جديدة لإدارة شؤون سوريا في خطوة لن تغير السياسات العامة بين البلدين تجاه سوريا.
تزامنًا مع الحراك الروسي لإجراء محادثات وتقريب وجهات النظر بين النظام السوري والأكراد، نشط حراك سياسي كردي داخلي من أحزاب "الإدارة الذاتية"، بقيادة "الاتحاد الديمقراطي" و"المجلس الوطني الكردي"، لإعادة إحياء ونسج خيوط تحالفات سياسية جديدة مع قوى المعارضة، بهدف الانخراط بشكل أكبر في الحراك السياسي القائم، والذي يسعى لتحريك المشهد السياسي، والبحث عن حلول سياسيّة للأزمة القائمة. وينشط "المجلس الوطني الكردي"، المنضوي في صفوف الائتلاف الوطني السوري المعارض، للتشبيك السياسي مع أكثر من هيئة وتيار داخل قوى الثورة والمعارضة.
ويأتي هذا الحراك مع محاولة الأحزاب الكردية الانفتاح على بقية هيئات المعارضة، بهدف تحقيق مكاسب سياسية، بينما يستمر الفشل في العودة إلى طاولة الحوار الكردي الكردي بين "المجلس الوطني" وحزب "الاتحاد الديمقراطي"، رغم الجهود الأمريكية لإحياء هذا الحوار. ولا يزال "الاتحاد" يرفض فك ارتباطه مع "العمال الكردستاني"، وهو ما يعرقل التوصل لاتفاق يمكن أن يؤسس لمرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين، تمثلهم في استحقاقات الحل النهائي للقضية.
وفي خطوة ربما تفتح الباب أمام مفاوضات برعاية روسية لحسم مصير منطقة شرق نهر الفرات، جدّد "مجلس سورية الديمقراطي" (مسد) و"الإدارة الذاتية" الرغبة في حوار سياسي مع النظام، "يفضي لنتائج حقيقية". وبعد اجتماع لـ"مسد" عبّر المجتمعون، في بيان، أنهم و"الإدارة الذاتية" "منفتحون للحوار إذا كانت لدى روسيا خطة عملية حقيقية للتعامل مع موضوع العلاقة بين الإدارة الذاتية والحكومة المركزية في دمشق". وأوضح البيان أنّ أمريكا لم تقف يومًا في وجه الحوار مع النظام، وأنها كانت دائمًا تسأل عن النتائج جراء جولات الحوار، لافتًا إلى أنّ واشنطن "لم تعترض سبيل هذا الحوار لأنه يأتي ضمن مسار جنيف".
بموازاة ذلك، انتخبت الهيئة العامة "للائتلاف الوطني السوري المعارض" خلال دورتها الـ57 التي عقدت في إسطنبول، هيئة رئاسية وسياسية جديدة، ضمت شخصيات تتصدر مشهد قوى الثورة والمعارضة السورية منذ سنوات. وانتخبت "الهيئة" "سالم المسلط" رئيسًا "للائتلاف"، و"عبد الأحد اسطيفو" و"ربا حبوش" نائبين للرئيس، و"هيثم رحمة" أمينًا عامًا. كما انتُخبت 19 عضوًا هم قوام الهيئة السياسية في "الائتلاف". ومن المنتظر أن يحاول "السلط" ردم الهوة التي ازدادت اتساعًا بين "الائتلاف" وبين الشارع السوري المعارض، والقيام بمراجعات لأداء الائتلاف منذ تأسيسه، ربما تمهد لمرحلة جديدة تستعيد فيها هذه المؤسسة المكانة التي كانت تحظى بها في المشهد السوري المعارض.
في الأثناء، كشفت "جبهة السلام والحرية" المعارضة عن نيتها تقديم مقترح حل في سوريا لكل من قطر والسعودية ومصر، للخروج من عنق الزجاجة و"انسجامًا مع أجواء المصالحة الخليجية والعربية". وقال رئيس "الجبهة"، أحمد الجربا، إنّ "الجبهة" ستتقدّم بالمقترح لهذه الدول الثلاث "لما لها من تأثير وثقل إقليمي ودولي لتكون مظلة عربية تتكامل مع الدور التركي"، داعيًّا أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، "لتحمل المسؤولية في إنهاء الأزمة السورية وفق القرار 2254، ووفق أهداف وتطلعات الشعب السوري للوصول للحل السياسي المنشود".
إلى ذلك، شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا ولادة حزب سياسي جديد من أبناء المحافظة، تحت اسم "حزب اللواء السوري"، يرتبط فيه فصيل عسكري جديد هو "قوة مكافحة الإرهاب"، ومن أهدافه التي أعلن عنها مؤسسوه "العمل على الانتقال من الحكم الاستبدادي إلى الحكم الديمقراطي الرشيد، وتعدد السلطات والانتقال السلمي للسلطات"، إضافةً إلى المحافظة على وحدة الأراضي السورية". وبعد الإعلان عن الحزب انقسمت الآراء بين حاجة المحافظة إلى قوى محلية تعمل على الحماية الذاتية، وبين المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى دفع مشروع تقسيمي لسوريا.
في غضون ذلك، وعلى غير ما كان منتظرًا، صوّت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار يقضي بتمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سوريا، عبر "معبر باب الهوى" على الحدود السورية التركية، ما يعني أنّ دبلوماسية الكواليس بين أمريكا وروسيا نجحت في إبرام صفقة لم تعرف بنودها حتى الآن، تم بمقتضاها سحب مشروعي القرارين، النرويجي - الأيرلندي والروسي، والاتفاق على مشروع قرار ثالث يمدد الآلية المعتمدة لمدة سنة، على أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، تقريرًا حول سير العملية بعد ستة أشهر.
وشكّل التوافق الروسي الأمريكي على تمديد دخول المساعدات خطوة مهمة، في اعتماد سياسة جديدة بين البلدين لإدارة شؤون سوريا، حيث قدم الطرفان تنازلات، ولهذا التفاهم ما يتبعه بين واشنطن وموسكو، وهذا ما عكسته تصريحات السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، ليندا غرينفيلد، ونظيرها الروسي، فاسيلي نيبينزيا. فمن جهتها، قالت "غرينفيلد" إن الاتفاق يظهر ما نستطيع إنجازه مع الروس إذا عملنا معهم دبلوماسيًّا، فيما كان "نيبينزيا" أكثر صراحة عندما قال "نأمل أن يكون ذلك نقطة تحوّل تتسق مع ما ناقشه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكي، جو بايدن، في جنيف. ورغم ذلك، لا تغيّر هذه الخطوة من السياسات العامة المتبعة لدى واشنطن وموسكو تجاه سوريا، ولا أي دعم الروس النظام، ولا تمسّك الأمريكيين بالقرارات الدولية المتعلقة بالوضع السوري.
في هذا الإطار، يذكر أن التقارب الروسي الأمريكي هذا يدعمه أن هناك نقاشات وتوافقات بين دبلوماسيي البلدين، وهذا يحقق المصالح الروسية بدرجةٍ ما. وتتجاوز التوافق أعلاه إلى الموافقة الأمريكية التركية على فتح خطوط للتجارة وحركة المواطنين، بين مناطق "قسد" وسيطرة "هيئة تحرير الشام" والمناطق التي تسيطر عليها تركيا، ما سيشكل متنفسًا للنظام ويوصل البضائع الصناعية وسواها إلى مناطقه.
في الشأن العسكري، لم تعطِ قوات النظام والقوات الروسية في إدلب أي اهتمام لمخرجات محادثات أستانة، التي شددت على ضرورة التهدئة والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار؛ حيث عاد التصعيد العسكري على معظم محاور الاشتباك بمنطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، كما شمل التصعيد مناطق كانت هادئة نسبيًا بريف حماة الشمالي الغربي وريف إدلب الغربي. وقصفت طائرات حربية روسية وقوات النظام مناطق عدة بريفي إدلب واللاذقية وحلب، ما أدى لوقوع عشرات القتلى والجرحى بصفوف المدنيين.
بالمقابل، قصفت "الجبهة الوطنية للتحرير" بالمدفعية الثقيلة والصواريخ مقر عمليات مشترك للقوات الروسية وقوات النظام، بسراقب قرب نقطة تقاطع الطريقين الدوليين "إم-4" و"إم-5"، كما استهدفت العديد من المعسكرات والثكنات العسكرية التابعة لقوات النظام والمجموعات المرتبطة بروسيا، وكذلك جرى استهداف مرابض مدفعية، ردًا على المجازر النظام بإدلب.
إلى ذلك، تزايدت الهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية المتواجدة بحقل "العمر النفطي"، حيث استُهدفت القاعدة أكثر من مرة بعدد من القذائف الصاروخية، وتصاعدت أعمدة الدخان من داخل الحقل مع سماع دويّ صفارات الإنذار. وأدى الاستهداف إلى وقوع أضرار مادية تزامنًا مع حالة استنفار قصوى في صفوف عناصر التحالف الدولي، كما تعرض حقل "كونيكو"، الذي يتخذه الجيش الأمريكي قاعدة له، لهجوم بقذائف الهاون.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا