استنتاجات الموجز:
مخاوف "إسرائيلية" من تزايد نشاط "حزب الله" على الحدود وتمسك "أردوغان" بـ"حماس" يعيق المصالحة مع "إسرائيل"
انشغال "إسرائيلي" بمواجهة حركة المقاطعة العالمية وترميم العلاقة الأردنية "الإسرائيلية" لا ينفي قلق تل أبيب
شهدت الأيام الماضية انشغالًا أمنيًا "إسرائيليًا" بتطورات ميدانية أغلبها ذو طابع إقليمي، لعل أهمها المخاوف "الإسرائيلية" من تصدير "حزب الله" لأزمته الداخلية، بزيادة نشاطه العسكري على الحدود الشمالية مع فلسطين المحتلة، وتقييم "إسرائيلي" للرسائل الإيجابية التي أرسلها "أردوغان" إلى تل أبيب، ورهنها بإغلاق مكاتب "حماس"، ونقاشات "إسرائيلية" مختلفة لوضع خارطة طريق للتصدي لحركة المقاطعة التي حققت مؤخرًا نجاحًا متلاحقًا، فضلًا عن الترميم الحاصل في العلاقة مع الأردن، مع بقاء المخاوف بينهما على حالها.
فمع تزايد المخاوف "الإسرائيلية" من تدهور الوضع الأمني في لبنان، حذّرت الأوساط الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" من التخلي عن خط التماس مع "حزب الله"، في ضوء سهولة اختراقه للحدود، باعتبارها نقطة ضعف، إذ في غضون دقيقة واحدة يمكن لأي لبناني أن يكون داخل فلسطين المحتلة، ما دفع الجيش لإعداد خطة لتحصين الحدود، لكنها لا تزال على الورق.
كما تشهد الحدود اللبنانية الفلسطينية بين حين وآخر اقتراب نشطاء "الحزب" بهدوء من السياج الحدودي، قرب كيبوتس مالكية وغير بعيد عن مارون الراس. وتحت جنح الظلام يصلون إلى السياج ويقطعونه بالمناشير الكهربائية، وخلال دقائق يمزقونه ويدخلون عبر فتحة كبيرة نسبيًا طولها ثلاثة أمتار، ومن خلالها يمكنهم العبور بسهولة داخل فلسطين المحتلة.
بدورها، تبدي قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال تخوفها من أن يقدر "الحزب" على وصول خط التماس بسهولة، من خلال اختراق السياج القديم، وبالتالي لا يواجه صعوبة بضرب "إسرائيل" واختراقها، في ضوء أنه سرب أكثر من مرة في السنوات الأخيرة أن لديه خطة اقتحام كاملة، لمداهمة المستوطنات والقواعد العسكرية في الجليل بمئات المقاتلين في عمليات تسلل عليا.
ويعتمد "الحزب" في خطته هذه، وفق المزاعم "الإسرائيلية"، على كثافة الضباب والتضاريس الجبلية والسياج المنخفض منذ السبعينيات والثمانينيات، وهذا ضعف حقيقي لأنه في غضون دقيقة من الركض يمكن أن تكون داخل مستوطنة "إسرائيلية"، سواء في ظل تزايد حالات التسلل اللبنانية، أو وصول عشرات المتظاهرين في منطقة المطلة وتنامي حجم تهريب المخدرات والسلاح. والخلاصة أن دولة الاحتلال ترى نفسها محاطة بأعداء من كل حدودها، حيث أقامت "جدار الفصل العنصري" بالضفة، مرورًا بـ"الحدود القاتلة" مع غزة، وصولًا "للسياج الهائل" قرب سيناء، واليوم يجري الحديث عن إقامة جدار جديد مع لبنان خشية الخطر الداهم.
خارجيًا، وعلى صعيد العلاقة مع تركيا، أخضعت الدوائر السياسية "الإسرائيلية" التوجه التركي الجديد بترميم العلاقة مع "إسرائيل" لما تعتبره ميزان الاختبار، والمتمثل بالإغلاق الفوري لمقرات "حماس" هناك، بزعم أنها وجهت الكثير من العمليات المسلحة ضد "إسرائيل"، وفي ضوء ما أصدره جهاز الأمن العام "الشاباك" قبل نحو عامين حول علاقة الحركة مع تركيا. هذا، مع العلم أن تقرير "الشاباك" زعم أن تركيا تساهم بتكثيف "حماس" العسكري والاقتصادي على أراضيها دون انقطاع، عبر غض الطرف وأحيانًا بتشجيع من المسؤولين الأتراك، وبمساعدة المواطنين المقربين من الحكومة.
من جهتها، استغلت الدوائر "الإسرائيلية" ما اعتبرته إرسال بوادر حسن نية من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغا، باتجاه تل أبيب مؤخرًا، لتعيد الحديث مجددًا عما تشهده تركيا من أنشطة "حماس"، ليس فقط سياسية بل عسكرية، تقوم بتوجيه العمليات المسلحة ضد "إسرائيل" انطلاقًا من الأراضي التركية، من خلال عشرات من عناصر "حماس"، وكثير منهم من الأسرى المبعدين خلال صفقة تبادل الأسرى في 2011.
كما تزعم التقارير الأمنية "الإسرائيلية" أن الحديث يدور عن سجل طويل من أسماء كوادر الحركة المقيمين في تركيا، ممن أمضوا سنوات طويلة في السجون "الإسرائيلية" لانخراطهم في التخطيط لعمليات تفجيرية، ويقومون اليوم بتحويل مئات آلاف الدولارات إلى الضفة الغربية، لتوجيه وتمويل الأنشطة المسلحة فيها، ويشاركون في أنشطة سرية.
ويكمن القلق "الإسرائيلي" في أنه رغم تقاريرها الأمنية المرفوعة للأمن التركي حول أنشطة "حماس" لديهم، إلا أن "أردوغان" يرفض تعريف الحركة بأنها "إرهابية"، ويصر على أنها تدافع عن أرضها. وقد تحطمت آمال "إسرائيل" بوضع حد لنشاط الحركة هناك، بسبب موقفه هذا مرارًا وتكرارًا وارتباطه الوثيق بالحركة.
في شأن منفصل، وعشية مقاطعة شركة مثلجات أمريكية للمستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية، شهدت المحافل السياسية والإعلامية "الإسرائيلية" هجومًا كبيرًا على حركة المقاطعة "BDS"، باعتبارها معارضة لوجود "إسرائيل"، بغض النظر عن حدودها الجغرافية وتحرض ضدها، إلى الحد الذي دفع الرئيس "الإسرائيلي"، يتسحاق هرتسوغ، لوصفها بأنها حركة إرهابية. يذكر أن التخوف "الإسرائيلي" من حركة المقاطعة وفعاليتها يتعلق أساسًا بعملها داخل الجامعات الأوروبية والكندية والأمريكية، لأنها تتحدث بخطاب أيديولوجي ولا تعمل في الظلام، بل تعلن معارضتها لوجود "إسرائيل" من الأساس، ودأبت دائمًا على التلويح باللافتات التي تحمل الرموز النازية؛ وإشاعة المؤامرات "الإسرائيلية" على كل قضية مطروحة، ولوم "إسرائيل" في كل حدث، بدءًا بتفجيرات الـ11 من سبتمبر إلى وباء "كورونا" حول العالم.
والأهم من ذلك، وفق التصور "الإسرائيلي"، أن حركة المقاطعة خلقت حالة من الضغط في مقرات الحرم الجامعي حول العالم لرفض أي رواية تنسجم مع "إسرائيل"، وأي محاضر يجرؤ على تبني الرواية "الإسرائيلية"، فلن تكون ترقيته الأكاديمية في خطر فحسب، بل أيضًا قدرته على إلقاء ندوة في سلام، ما سيؤدي في النهاية لإقالته.
إقليميًا، عاد الدفء "الإسرائيلي" الأردني بعد سنوات من توتر العلاقات، لكن القلق "الإسرائيلي" ما زال قائمًا من إمكانية انتكاس هذه العلاقة مجددًا، بسبب القضية الفلسطينية وعدم حلها، باعتبار أن أكثر من نصف سكان الأردن فلسطينيون، وأنه يرفض أي حل لهذه القضية على حسابه، ما سيقوض استقراره الداخلي.
واليوم، يتزامن الانهيار الكامل لنموذج حل الدولتين مع حقيقة أن "إسرائيل" تحكمها حكومات يمينية، ارتبطت بفكرة جعل الأردن "الوطن البديل" للفلسطينيين، ما يزيد من مخاوف عمّان، ولعل ما زاد الأمر سوءًا في الآونة الأخيرة تنامي علاقات "إسرائيل" مع جيرانها من الدول الغنية والمتقدمة في الخليج، باعتبارها قوة نشطة وتكنولوجية واقتصادية. وبفضل ذلك، انخرطت إسرائيل في العديد من أوجه التعاون مع هذه الدول على حساب الأردن، ناهيك عن البعد الأمني على خلفية المصلحة المشتركة لمواجهة إيران، وإمكانية أن تمنحها "إسرائيل" موطئ قدم في القدس على حساب "الهاشميين".
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا