استنتاجات الموجز:
الديمقراطية بتونس تواجه أزمة كبيرة بعد قرارات "سعيد" التي اعتُبرت "انقلابًا دستوريًا" على شرعية البلاد
لقاءات "بام" مع "العدالة والتنمية" في المغرب تدلل على "تطبيع سياسي" و"إدارة مشتركة" في المسار الانتخابي
حراكٌ دبلوماسي جزائري لتعزيز مقومات وجهود الحكومة الجديدة لإعادة دورها السياسي على الصعيد الدولي
بينما كانت بوادر الحل بدأت تلوح بشأن المعضلة السياسية المتواصلة منذ أشهر في تونس، لكن حدّة التأزم عادت لتتصاعد من جديد ضمن صراعات "الرئاسات الثلاث"، إذ اختُتمت التجاذبات السياسية والمخاطر الأمنية بإعلان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، "انقلابًا دستوريًا"، حيث عطّل عمل البرلمان والحكومة، مبرّرًا ذلك بتفعيل المادة 80 من الدستور، بدعوى أنها تدابير لوجود "حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد".
وفي مشهد يجسد الانقلاب الكامل، خرج "سعيد" مُحاطًا بقيادات أمنية وعسكرية في "قصر قرطاج"، ليُعلن "انقلابًا ناعمًا" تضمَّن تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، على أن يتولَّى الرئيس نفسه السلطة التشريعية والتنفيذية بالتعاون مع رئيس حكومة يُعيِّنه. كما أعلن "سعيد" إقالة وزير الدفاع، إبراهيم البرتاجي، والوزيرة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة، حسناء بن سليمان، فضلًا عن إعلان ترؤسه للنيابة العمومية بدعوى "متابعة ملفات تمس أمن البلاد"، مُلوِّحًا باستخدام القوة العسكرية ضد خصومه. وجاء ذلك تزامنًا مع تظاهرات طالبت بإسقاط الحكومة والبرلمان، تخللتها هجمات على مقرات "حركة النهضة".
بدوره، أعلن رئيس الحكومة، هشام المشيشي، أنه غير متمسك بمنصبه، متعهدًا بتسليم المسؤولية لمن يختاره "سعيد" لتجنيب البلاد مزيدًا من الاحتقان. بالمقابل، رفض رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، القرارات ووصفها بأنها انقلاب على الدستور، داعيًا الشعب إلى التظاهر لحماية المؤسسات المنتخَبة.
من جهته، أكَّد "الاتحاد العام للشغل" حرصه على ضرورة التمسك بالشرعية الدستورية، لاستمرار المسار الديمقراطي، وطالب بـ"وجوب مرافقة التدابير الاستثنائية التي اتّخذها الرئيس بجملة من الضمانات الدستورية". وتوالى انقسام الكتل والأحزاب بين مؤيد ومعارض؛ حيث انضم حزب "قلب تونس" لـ"حركة النهضة" لرفضه التام لقرارات "سعيد"، بينما رحّب "الحزب الدستوري الحر" و"التيار اليمقراطي" بالقرارات ووصفاها بالتاريخية.
ميدانيًا، كثّفت القوات الأمنية تواجدها أمام مقر البرلمان بعدما توافد المئات بين مؤيدين ومعارضين للقرارات، فيما فرضت حواجز حديدية لوقف عمليات الكر والفر ووقوع الاشتباكات. كما منعت القوات المعارضيين من دخول محيط البرلمان، فيما داهمت قوات الأمن مكاتب قناة "الجزيرة" الإعلامية ومنعت الصحفيين من العمل.
على الصعيد الإقليمي والدولي، وفي مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أعلن "سعيد" التزامه باحترام الشرعية والحقوق والحريات، فيما أعلن مواصلة انخراط بلاده في تطوير علاقات الشراكة بين البلدين، وتعزيز المبادئ المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية. كما أطلع "سعيد" نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، في مكالمة هاتفية أخرى على آخر التطورات، متطرقًا إلى سبل تعزيز العلاقات بين البلدين. من ناحيته، دعا الاتحاد الأوروبي إلى "احترام الحقوق الأساسية واستعادة الاستقرار المؤسسي واستئناف النشاط البرلماني، وتجنب العنف بكافة أشكاله”.
أمنيًا، أعلنت منظمة الهلال الأحمر للإغاثة عن انتشال 17 جثة، فيما أنقذت وحدات من البحرية 166 مهاجرًا عقب غرق مركب انطلق من سواحل ليبيا، أغلبهم من الجنسية البنغلادشية.
في الشأن المغربي، طرح اللقاء التشاوري بين قيادات حزبي "العدالة والتنمية" و"الأصالة والمعاصرة" (بام)، تساؤلات بعد القطيعة المستمرة، وذلك قبل ستة أسابيع من الانتخابات التشريعية، فيما أعلنت قيادتا الحزبين عن "الرغبة المشتركة لإنجاح الانتخابات، وتكريس المسار الديمقراطي". وقد بدا لافتًا أن اللقاء مؤشر على التقارب، بعدما أكد أمين عام "بام"، عبد اللطيف وهبي، أن اللقاء جاء لإنهاء الخطوط الحمراء، ولتوحيد الجهود لتنسيق العملية الانتخابية، خصوصًا الأساليب الساعية إلى "المساس بنزاهة الاقتراع، والاستعمال المريب للمال الانتخابي."
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن حزبه مرشح لتصدر الانتخابات لـ"مشروعه الإصلاحي"، رغم "القاسم الانتخابي" الذي اعتبره “مشوِّهًا للديمقراطية الوطنية".
في شأن أمني، أدانت السلطات الاتهامات بالتجسس على صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وسياسيين، بواسطة برنامج التجسّس "بيغاسوس" من شركة NSO الإسرائيليّة، معتبرةً إياها "حملة إعلامية متواصلة مضللة".
في هذا الإطار، طالبت كتلة "الأصالة والمعاصرة" النيابية بعقد اجتماع للجنة الداخلية والجماعات السياسة والمدينة بمجلس النواب، بحضور وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، "للتداول حول حقيقة ما يروج في بعض أوساط وفي الصحافة الدولية، من اتهامات بالتجسس على سياسيين وإعلاميين بواسطة برنامج بيغاسوس الإسرائيلي". بالمقابل، طالب وزير الخارجية كل هيئة وجهت اتهامات لبلاده "بتقديم الدليل أو تحمل تبعات افترائه أمام القضاء".
في شؤون خارجية متفرقة، تجري مفاوضات غير معلنة بين مدريد والرباط في محاولة لاستئناف العلاقات المجمدة بين الطرفين، وذلك للرغبة في تقييم شامل للعلاقات بهدف تفادي الأزمات مستقبلًا. هذا، بينما يستمر ملف الصحراء عائقًا أمام المصالحة، بحكم تشبث حكومة مدريد بموقفها الداعم للأمم المتحدة.
في الأثناء، أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المالاوي، أيزنهاور ندوا مكاكا، قرار بلاده فتح قنصلية في إقليم الصحراء، مؤكدًا عقب مباحثاته مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة، أن بلاده قررت أيضًا افتتاح سفارة في الرباط. إلى ذلك، وقّعت الرباط و"إسرائيل" اتفاقية للشروع في الترويج لوجهة المغرب السياحية، والتسويق المشترك لتعزيز حركة السياحة الوافدة.
جزائريًا،أصدر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عفوًا عن 14 ألف سجين من غير المتهمين بـ”جرائم إرهاب أو تخريب أو فساد أو تآمر ضد السلطة”، وذلك بعفو عن الأشخاص المحبوسين وغير المحبوسين المحكوم عليهم نهائيًا بأقل ن 12 شهرًا”.
دبلوماسيًا، استقبل وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، جوي هود، بهدف “تعزيز الحوار الاستراتيجي” بين البلدين، حيث تطرقا لآفاق الحلول السياسية لأزمات السلم والأمن في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ومحاربة الإرهاب في منطقة الساحل. وفي اتصال هاتفي، بحث رئيس البرلمان، إبراهيم بوغالي، مع نظيره التركي، مصطفى شنطوب، آفاق العلاقات الثنائية على المستوى البرلماني وسبل العمل المشترك.
على صعيد خارجي آخر، اعتبرت السلطات أن قرار منح "إسرائيل" "صفة عضو مراقب" من طرف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، دون مشاورات مسبقة مع باقي أعضاء الاتحاد لن يؤثر على “الدعم الثابت والفعال” للقضية الفلسطينية، معتبرةً أن إثارة العضوية إعلاميًا “اختراق ذو بعد استراتيجي".
في خبر أمني ذي تداعيات خارجية، ادعى سفير الجزائر في فرنسا، محمد عنتر داوود، باسم حكومة بلاده دعوى قضائية ضد “منظمة مراسلون بلا حدود”، لاتهامها باقتناء تطبيق التجسس “بيغاسوس” "الإسرائيلي"، مؤكدًا أن بلاده لم تقتن ولم تستعمل البرنامج، ولم تتعاون مع أي جهة بجوانب التجسس. بدورها، فتحت المحكمة الجزائية تحقيقًا بالتجسس على هواتف حوالي ستة آلاف شخصية سياسية وعسكرية وصحفية.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا