استنتاجات الموجز:
الرفض التركي لانقلاب "قيس سعيد" في تونس يهدد جهود تحسين العلاقات مع بعض الأنظمة العربية الداعمة لخطوات الانقلاب
حرائق الغابات في تركيا تسبب حالة إرباك غير مسبوقة للحكومة، والمعارضة تفجر جدلًا حول استعدادات الحكومة وضعف أسطول طائرات الإطفاء
تصدّر الموقف التركي (الرئاسة والخارجية والبرلمان) المواقف الدولية الرافضة لخطوة إعلان الرئيس التونسي، قيس سعيد، تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة، وفرضت على أنقرة مجددًا العودة إلى موقفها التقليدي، انطلاقًا مما تقول إنه موقفها "المبدئي" الرافض للانقلابات العسكرية في أي مكان بالعالم ووقوفها إلى جانب مطالب الشعوب، وإن كان ذلك على حساب علاقاتها التي تضررت كثيرًا مع بعض الأنظمة طوال السنوات الماضية.
وكالعادة، بدأ كبار المسؤولين الأتراك إبداء مواقف متتالية جاءت من الرئاسة والبرلمان والخارجية وبرلمانيين، وحتى زعماء أحزاب معارضة أجمعت على أن ما جرى “انقلاب على الدستور”، مشددةً على أهمية إعادة إرساء الشرعية الديمقراطية في تونس وحماية مكتسبات التجربة الديمقراطية، لتسجل أنقرة أول موقف دولي يعتبر ما جرى بتونس “انقلابًا”. ومن شأن هذه المواقف الجازمة أن تؤدي إلى تراجع متوقع في العلاقات بين أنقرة والرئاسة التونسية، في حال استمرار "سعيد" في تعطيل عمل البرلمان، وقد تتجه الأمور إلى تصعيد أكبر في حال لجوء الأمن التونسي للتضييق على نواب "حركة النهضة" وزعيمها، راشد الغنوشي، الصديق المقرب للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
لكن بالمقابل، ومع فرض واقع جديد في المنطقة العربية بدأت تركيا في الأشهر الأخيرة حملة دبلوماسية واسعة، في محاولة لتحسين العلاقات مع العديد من الأنظمة العربية، لا سيما في مصر والخليج، لتحسين موقفها في مواجهة التحديات السياسية والعسكرية والاستراتيجية المتعاظمة في المنطقة. إلا أن الموقف التركي الرافض لخطوة الرئيس التونسي المدعومة من العديد من الأنظمة العربية، سيشكل تحديًا جديدًا أمام فرص تحقيق خرق في تحسين العلاقات الثنائية، وقد يمتد لتصعيد جديد في الخطاب السياسي مع الدول العربية الأخرى، التي يتوقع أن تبدي دعمًا كبيرًا لخطوات "سعيد" لا سيما مصر والإمارات، وهو ما قد يؤدي إلى انتكاسة في مساعي تحسين العلاقات لتبدأ جولة جديدة من الخلافات التركية مع نظام عربي جديد، بعد أن كان الهدف تحسين العلاقات مع أنظمة أخرى.
دبلوماسيًا، بحث الرئيس "أردوغان" مع نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، العلاقات الثنائية والتطورات الأخيرة في تونس، إلى جانب القضايا الإقليمية وسبل التعاون بين البلدين وقضايا المنطقة. كما تناول مع أمير قطر، تميم بن حمد آل ثان، المستجدات الإقليمية وتطورات الأوضاع في المنطقة، واستعراض علاقات التعاون الاستراتيجية بين البلدين، وأوجه تعزيزها وتطويرها. وفي اتصال هاتفي، بحث "أردوغان" أيضًا مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، العلاقات الثنائية والتطورات الأخيرة في تونس، إلى جانب المستجدات الإقليمية.
داخليًا، وبعد أيام قليلة من السيول التي ضربت مناطق مختلفة شمال تركيا ومحاولة الحكومة التركية إزالة مخلفات السيول، اشتعلت حرائق واسعة في محافظات مختلفة، خصوصًا المحافظات السياحية الجنوبية، وخلفت قتلى وجرحى ودمارًا كبيرًا، وسط خشية من آثار كارثية أكبر على البيئة والسكان. بدورها، تكافح فرق الإطفاء للسيطرة على الحرائق التي أتت على مئات الهكتارات من الغابات والمناطق الزراعية، وامتدت لتطال قرى وأحياء سكنية، وتسببت في حالة إرباك غير مسبوقة، ما استدعى تدخل كافة أركان الدولة من فرق الإطفاء والإنقاذ والوزارات المختلفة إلى جانب الجيش والدرك والهيئات الإغاثية.
وفي أحدث إحصائية، أعلن وزير الزراعة والغابات التركي، بكر باكدميرلي، السيطرة على 107 حريقًا من أصل 112 اندلعت في غابات متفرقة بالبلاد، بين الـ28 تموز/ يوليو والأول من آب/ أغسطس. ولا تزال العمليات مستمرة دون انقطاع للسيطرة على الحرائق الخمسة الأخرى، فيما قامت كل من روسيا وأوكرانيا وأذربيجان بإرسال طائرات للمشاركة في عمليات إطفاء الحرائق، وأعلن "أردوغان" ولايات أنطاليا وموغلا ومرسين وأضنة وعثمانية “مناطق منكوبة".
على صعيد التداعيات السياسية، فجرت تلك الحرائق جدلًا واسعًا في تركيا حول مدى استعداد الحكومة لمواجهة الحرائق المستعرة، لا سيما افتقار البلاد لأسطول حديث من طائرات الإطفاء التي اضطرت الحكومة لاستئجارها من الخارج، وقبول طلبات المساعدة الخارجية، وهو ما دفع أحزابًا من المعارضة لمهاجمة الرئيس "أردوغان" والطلب منه بيع أسطول الطائرات الرئاسية لشراء طائرات إطفاء لمكافحة الحرائق. ورغم أن هذه الحرائق تأتي مع ارتفاع درجات الحرارة لمستويات عالية، إلا أن شبهات كبيرة تدور حول إمكانية أن تكون هذه الحرائق أو جزء منها مدبّر، لاسيما مع المؤشرات الأولية على اشتعالها في أكثر من نقطة في آن واحد، وعودة الحديث عن تكتيكات تنظيم “بي كى كى” الذي تبنى سابقًا عمليات حرق للغابات في إطار حربه مع الدولة التركية.
اقتصاديًا، اختتمت "مؤسسة البترول التركية" بنجاح أول اختبار لتدفق الغاز من بئر "توركالي2" في حقل صقاريا غرب البحر الأسود، حيث تدفق 0.75 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من مستوى الخزان الأول الذي تم اختباره. وأظهرت نتائج التحليل امتلاك البئر طاقة إنتاجية يومية تصل 1.2 مليون متر مكعب، فيما أضافت المؤسسة أن اختبارات ستجرى قريبًا على مستويين آخرين من البئر.
أمنيًا، وفي حادثة هزت الشارع التركي، قُتل سبعة أفراد (أربع نساء وثلاثة رجال من عائلة واحدة) على يد أحد الأشخاص، خلال هجومه على منزل عائلة "ديدي أوغوللاري" في منطقة مرام بولاية قونيا، كردية الأصل، حيث أشعل النار في منزلهم قبل أن يلوذ بالفرار. ودفعت الحادثة "حزب الشعوب الديمقراطي" الكردي المعارض لاتهام الحكومة بتغذية خطاب الكراهية ضد الأكراد، ما أدى لوقوع الجريمة. وعقب الحادثة هرعت قوى الأمن والإسعاف للمنطقة لإطفاء الحريق وإخلاء جثث القتلى، وأُطلقت حملة للقبض على الفاعل الذي تم التأكد من هويته، والاستماع لأقوال الجيران في المنطقة. بدوره، وصل لمكان الحادث الوالي، وحيد الدين أوزكان، وبقية المسؤولين، وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الحادثة، حيث تصدرت العناوين عبر "تويتر"، خاصةً مع الحديث عن أن الحادثة جاءت استهدافًا لعائلة كردية من قبل متطرفين.
عسكريًا، قُتل اثنان من أفراد الجيش التركي وجرح آخران شمال سوريا، بعد أن تم مهاجمة مركبة عسكرية أثناء توجهها إلى قاعدة تقع جنوب الحدود التركية السورية، في نطاق منطقة “درع الفرات”، فيما رد الجيش التركي بـ“تحديد مواقع الإرهابيين في المنطقة وقصفها بشكل فاعل على الفور إثر الهجوم”.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا