استنتاجات الموجز:
تخبطٌ واضح في السلطة حول قرار رفع الدعم وسط تخوفات من آثاره الكارثية على الأمن المجتمعي وكافة القطاعات
طبيعة رد "حزب الله" وتصريحات "نصر الله" تؤكد عدم الرغبة في الذهاب نحو تصعيد الأوضاع بجبهة الجنوب
أحداث شويّا وما تبعها مؤشر خطير على حالة الاحتقان الطائفي في البلاد وتصاعد وتيرة الأحداث الأمنية المجتمعية شمال لبنان ينذر بفوضى أمنية
وسط مشهد ضبابي في ملف التشكيل الحكومي، دخل لبنان في أتون مرحلة جديدة من الانهيار الشامل في كافة القطاعات عبر بوابة "رفع الدعم عن المحروقات"، حيث أصدر حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، قرارًا بوقف دعم المحروقات ليتم استيرادها وفق سعر صرف السوق السوداء، طالبًا سن قانون يخوّله من استخدام الاحتياطي الإلزامي ليواصل عملية الدعم.
بالمقابل، أثار قرار مصرف لبنان حفيظة رئاسة الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، اللذين أعلنا رفض القرار وضرورة استمرار الدعم ورفعه بشكل تدريجي توازيًا مع وضع البطاقة التمويلية موضع التنفيذ، محمّلين "سلامة" التبعات الكارثية لهذا القرار على المجتمع اللبناني، مع بلوغ سعر صفيحة البنزين 336 ألف ليرة وسعر صفيحة المازوت 278 ألف ليرة، وانعكاس ذلك ارتفاعًا جنونيًا في أسعار السلع والمواد الغذائية والدواء، وتكلفة النقل، وفاتورة المولّد الكهربائي، وتوقف عجلة الانتاج الصناعي وحركة السير، بل وشل القطاع العام والأجهزة الأمنية والعسكرية كون كلفة المحروقات باتت تستنزف كل الراتب.
بالتوازي مع ما أحدثه القرار على الصعيد الرسمي، تصاعدت عمليات قطع الطرق في مناطق عدة احتجاجًا على القرار والأوضاع المعيشية بشكل عام عبر توالي الأزمات، ابتداءً من توقف الشركات المستوردة للنفط عن تسليم المحروقات وعودة طوابير البنزين أمام محطات الوقود، وتوقف المطاحن عن تسليم الطحين للأفران وتهافت المواطنين لشراء الخبز، ونفاد الأدوية الأساسية التي تعالج الأمراض المزمنة والمستعصية بشكل شبه كامل في الصيدليات، وتوقف أكبر مصنع لصناعة وإنتاج الأمصال في لبنان مع توقف مولدات أربع مستشفيات عن العمل لنفاد مادة المازوت، وصولًا إلى انقطاع خدمة الإنترنت وتوقف سنترالات تابعة لوزارة التصالات في عدة مناطق بشمال لبنان.
من جانبها، أطلقت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية خطة "الاستجابة للطوارئ" بقيمة 378.5 مليون دولار، "لدعم الأشخاص الأكثر ضعفًا" في لبنان، حيث ستوفر هذه الخطة الدعم الإنساني لنحو 1.1 مليون من اللبنانيين الأكثر ضعفًا والمهاجرين المتأثرين بالأزمة المستمرة.
على صعيد آخر، لا تزال الأجواء الضبابية تتحكم بالمشهد الحكومي، وسط تسريبات عن استمرار تركّز العقدة الحكومية في توزيع الحقائب الأساسية والخدماتية. وقد تزامن ذلك مع فرض وزارة الخارجية الأمريكية عقوبات على "حزب الله" و"عصائب أهل الحق" العراقية، وتأكيد مجلس الوزراء السعودي أن أي مساعدة تقدم إلى الحكومة الحالية أو المستقبلية، ستعتمد على قيامها بإصلاحات جادة وملموسة، مع ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، وتجنب الآليات التي تمكّن الفاسدين من السيطرة على مصير لبنان.
في غضون ذلك، عادت أجواء الهدوء للجبهة الجنوبية بعد انقشاع غبار ما جرى وتبيان نوايا الأطراف؛ حيث لم يتأخر أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، في وضع عملية إطلاق الصواريخ في خانة الرد الموضعي على خرق "إسرائيل" قواعد الاشتباك، التي كانت سائدة منذ عام 2006 بقصفها عدة مناطق لبنانية بالطيران الحربي، ومؤكدًا عدم السعي نحو الحرب.
في الشأن ذاته،اعتبرت مصادر مطلعة أن عدم استخدام الحزب لصواريخ أدق أو أكثر تطورًا، وإطلاقها بطريقة بدائية يظهر نية الحزب في العمل ضمن القواعد السابقة. بدورها، أعلنت "إسرائيل" أن الحزب قد أطلق نحو 21 صاروخًا، اثنان سقطا في الأراضي اللبنانية، و12 تصدت لها القبة الحديد الإسرائيلية، واثنان سقطا في إحدى قرى الجولان، وثلاثة صواريخ سقطت في "مناطق مفتوحة بمزارع شبعا".
في الأثناء، ومع هدوء جبهة الجنوب تنفست عدة مناطق لبنانية الصعداء بعدما كادت أن تشتعل فتائل فتنة شيعية-درزية، على خلفية اعتراض راجمة صواريخ لـ"حزب الله" وتكسيرها خلال عودتها من الجرود ومرورها في قرية "شويّا" الدرزية (قضاء حاصبيا)، وما تلاها من تبعات تمثلت في طرد مزارعين من القرية من أسواق صيدا، والهجوم على حافلات نقل ركاب صغيرة في منطقة عاليه الدرزية كانت قادمة من مدينة "بعلبك" ذات الغالبية الشيعية.
في آخر تطورات ملف انفجار مرفأ بيروت، وفي ظل تحركات احتجاجية وسط بيروت لأهالي الشهداء، وتأجيل جلسة مجلس النواب للنظر في قرار الاتهام في تفجير المرفأ لعدم اكتمال نصاب الجلسة، صوب "نصر الله" سهامه مجددًا نحو المحقق العدلي، طارق بيطار، حيث طالبه بنشر التحقيق الفنّي والتقني قبل تحديد المتهمين من المسؤولين، مؤكدًا أنه لن يسمح بالتوظيف السياسي للقضية، ولافتًا إلى أنّ الأجهزة الأمنيّة والقضائية لا تتّهم الحزب باستقدام "نترات الأمونيوم" إلى مرفأ بيروت.
في الشأن الأمني، أطل الأمن الذاتي برأسه في "عكار"حيث تدرس عدة بلديات تأمين حراسة من الأهالي بكامل أعتدتهم العسكرية، لمرافقة صهاريج المازوت ومنع أي محتج من مصادرتها بعد تكرار هذه الحوادث، في حين أقدم شبان على نصب كمين مسلح لدورية تابعة للأمن الداخلي في بلدة "بينو" (عكار)، وتحرير موقوف من سيارة الدورية. وفي طرابلس، أُصيب ثلاثة أشخاص جراء إلقاء قنبلة داخل مقهى في "جبل محسن"، فيما قُتل ثلاثة شبان في "البداوي" وشاب آخر في "الضنية" على خلفية إشكالات مسلحة على تعبئة الوقود.
في آخر تطورات "كورونا"، أعلن مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، فراس أبيض،أنّ لبنان دخل المستوى الرابع من التفشي المجتمعي بعد بلوغ عدد الإصابات إلى نحو 2600 إصابة، محذرًا من خطورة الوضع وسط معاناة المشافي من نقص المازوت والأدوية. من جانبه،أكّد وزير الصحة، حمد حسن، أن البلاد ستكون أمام موجة إقفال نهاية شهر أيلول/ سبتمبر، في حال استمرار ارتفاع أرقام "كورونا"، والوصول إلى نسبة 75% من إشغال أسرّة العناية الفائقة.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا