استنتاجات الموجز:
إحباطٌ "إسرائيلي" من تفوق "حماس" في الحرب الرقمية وسط تقديرات بأن المعركة المقبلة ستكون متعددة الجبهات
تهديدٌ جديد على "إسرائيل" بسبب تغير المناخ والصين تواصل جهودها في التجسس التكنولوجي على تل أبيب
تداولت المحافل العسكرية والأمنية "الإسرائيلية" خلال الأيام الماضية جملة من التطورات الميدانية والاستخبارية، بدأتها بإجراء ما وصفته استخلاصًا لحرب غزة الأخيرة على صعيد الفضاء الأزرق، وتفوق حركة "حماس" على "إسرائيل" في تسويق روايتها عبر شبكات التواصل، مرورًا بالمخاوف "الإسرائيلية" المتجددة من نشوب معركة متعددة الجبهات، وحجم التحضيرات لمواجهتها في حال نشوبها فجأة، وصولا إلى ظهور تهديد أمني جديد لم يكن في الحسابات "الإسرائيلية"، يتمثل في توافد ملايين اللاجئين إلى حدودها، بفعل التغيرات المناخية، وانتهاءً بتجدد المحاولات الصينية لاختراق المنظومة التقنية "الإسرائيلية" عبر عمليات التجسس.
فرغم الإمكانيات التكنولوجية الهائلة التي تحوزها دولة الاحتلال، لكن هناك قناعة آخذة في التزايد مع مرور الوقت، مفادها تفوق "حماس" في المعركة الرقمية، لأنه تزامنًا مع القتال العسكري الأخير في غزة، اندلعت ساحة معركة أخرى على وسائل التواصل، ومن آثار هذه المعركة التكنولوجية والرقمية، زيادة مشاعر الخوف من "حماس" لدى الجمهور "الإسرائيلي"، والتأثير على الرأي العام العالمي ضد "إسرائيل"، وإثارة مزيد من الانتقادات لها.
ومن الأمثلة على الحملات المؤيدة للفلسطينيين بهدف التأثير على الرأي العام العالمي، إنشاء مجموعة من حسابات على "تويتر" لمستخدمين مزيفين يحملون أسماء يهودية، نشروا تغريدات بالعبرية حول نيتهم مغادرة "إسرائيل"، وتضمنت تقارير حول الخسائر "الإسرائيلية"، وتم تحديد 300 حساب من هذا النوع، وصل تأثيرها إلى 100 مليون شخص.
كما شكلت منصة "Tiktok" جزءًا رئيسيًا من حملة التأثير الفلسطيني المصممة لخدمة "حماس" أمام الجماهير العالمية، ووصلت مقاطع الفيديو للجمهور "الإسرائيلي"، وتركز هدفها على إثارة المعنويات خلال أيام الحرب. وبلغة الأرقام، فإن مقاطع الفيديو التي حملت هاشتاغ "#غزة تحت الهجوم" وصلت لأكثر من 325 مليون مشاهدة خلال الحرب، مقارنةً بالفيديوهات التي حملت هاشتاغ "#إسرائيل تتعرض للهجوم" التي وصلت لعشرين مليون مشاهدة فقط.
بالمقابل، عملت "إسرائيل" في قنواتها الرسمية لقيادة القسم الرقمي في شبكات التواصل خلال الحرب، وحدثت زيادة ملحوظة في متابعتها، بما يصل نصف مليار متصفّح في الأيام العشرة للحرب وبجميع اللغات، مقارنةً بـ 1.3 مليار متصفّح في العام الكامل، وبلغ عدد مشاهدي قنوات الناطق بلسان الجيش 360 مليون مشاهدة، ونصف مليون متابع جديد خلال الحرب.
على الصعيد العسكري، تتزايد التقديرات "الإسرائيلية" بشأن تنامي التهديدات الأمنية حولها، وحاجة الجيش إلى حلول للتصدي لها، رغم أن مرور سبعة عقود على إنشائها على أنقاض فلسطين المحتلة، لم توقف تمدد هذه التهديدات، بل زادت من خطورتها. وذلك لأنه منذ حرب 48، جرت مياه كثيرة في النهر، وكشفت أن "إسرائيل" تجد نفسها مدفوعة لتقوية قدراتها التكنولوجية العسكرية، لأن صواريخ أعدائها الدقيقة وطائراتهم بدون طيار تشكل خطرًا فوريًا عليها.
كما يعمل "حزب الله" كموقع أمامي لإيران، ولديه ترسانة من 150 ألف صاروخ قادر على تغطية كل جزء من "إسرائيل". كما يثير توجه إيران بشأن الصواريخ الباليستية مخاوف من نجاح المقاومة الفلسطينية لمحاولة تحديد مخزون الصواريخ المتاح لها، ومحاولاتها تهريب أسلحة إيرانية الصنع إلى غزة.
صحيحٌ أن أنظمة الدفاع "الإسرائيلية" ستحاول صد الهجمات ضد مختلف المنشآت العسكرية والاستراتيجية كالموانئ والمطارات، لكن الجبهة الداخلية ستتلقى آلاف الصواريخ بمعدل لم تشهده حتى الآن، ما سيجعل حرب غزة الأخيرة نموذجًا مصغرًا لما ستكون عليه الحرب القادمة. كما إن هناك عددًا غير قليل من المستوطنات غير مستعدة، وليست مجهزة لتلك الهجمات الصاروخية، وبعضها يبعد كيلومترًا واحدًا عن حدود لبنان وغزة، وما زالت غير محمية بسبب إهمال الحكومات السابقة لسكان هذه المستوطنات.
من ناحية أخرى، وفي موضوع جديد من نوعه، يتحسب الاحتلال "الإسرائيلي" لتهديد غير مألوف خلال السنوات القليلة القادمة، يرتبط بالتغيرات المناخية وموجات الحر والجفاف التي تضرب المنطقة، قد تسفر عن توافد ملايين المهاجرين إلى "إسرائيل" من كل الجبهات، مع ازدياد موجات الحر والجفاف، ودخول الشرق الأوسط في تغيرات مناخية شديدة، قد تؤدي لانتفاضات شعبية وحروب أهلية مدمرة وهجرة ملايين اللاجئين بما يهدد أمنها.
ويرتبط ذلك بتزايد ظواهر عبور القوارب المحملة باللاجئين في البحر المتوسط، ما يجعل من "إسرائيل" وجهة جديدة، رغم أن عمليات التصحر الجارية ستمتد لها أيضًا، وسيكون لها تأثير كبير على ما يحدث لدى جيرانها في السنوات القادمة، مع زعم طإسرائيلي" بأن الطريقة التي يستعدون بها لتغير المناخ في حدود بلدانهم أصبحت تهديدًا رئيسيًا لأمنها، بسبب الارتفاع المتوقع في موجات الحر وتضاؤل مصادر المياه وارتفاع منسوب مياه البحر.
في هذه الحالة، يتساءل "الإسرائيليون" عما سيحدث لهم عندما يفد إليهم مليون لاجئ بسبب المناخ، بعد أن أظهرت أزمة "كورونا" أنها ليست مشكلة صحية فقط، بل قد تؤدي لأزمة عالمية لها عواقب وخيمة، وتدفع لاتخاذ خطوات لها آثار بعيدة المدى على الحاضر وأجيال المستقبل.
على الصعيد الدولي، ورغم تطور العلاقات الاقتصادية بين "إسرائيل" والصين بما يثير قلق الولايات المتحدة، لكن بكين تواصل جهودها الأمنية للحصول على التقنيات "الإسرائيلية" بالوسائل السرية؛ حيث لا زالت أصداء الهجوم الإلكتروني الصيني على "إسرائيلط تتردد في الأيام الأخيرة. مع العلم أن المهاجمين الصينيين استخدموا برامج تجسسية للتسلل لمجموعة متنوعة من الكيانات في "إسرائيل"، لجمع المعلومات التجارية والتقنية، كجزء من مسار "مبادرة الحزام والطريق" الصينية، وخدمةً لرغبتها في الحصول على التقنيات من "إسرائيل" بشكل خاص.
في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنه بين عامي 2007- 2020 استثمرت الصين 19 مليار دولار في "إسرائيل"، منها تسعة مليارات دولار في التكنولوجيا، وستة مليارات دولار في البنية التحتية، لكن منذ 2018 طرأ انخفاض في هذه الاستثمارات، مع أن الاهتمام الصيني بالتكنولوجيا "الإسرائيلية" تمثّل في إرسال أكاديمييها إليها، والاستحواذ على الشركات وإنشاء مراكز البحث والتطوير فيها.
ويبدو البعد السيبراني الصيني وسيلة نشطة للغاية لاختراق المنظومة التكنولوجية "الإسرائيلية"، حيث يتيح جمعًا واسعًا من المعلومات الاستخبارية التكنولوجية وذكاء الأعمال، فضلًا عن الاستخبارات العسكرية والاستراتيجية. وهو أمر أساسي لأمن الصين القومي، بينما وصلت تحذيرات من واشنطن إلى "إسرائيل" بشأن وصول بكين المتزايد لبنيتها التحتية والتكنولوجيا.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا