استنتاجات الموجز:
الاحتلال يتجه إلى إعادة الأوضاع الاقتصادية إلى ما كانت عليه قبل معركة "سيف القدس" بفعل تهديدات المقاومة وضغوط الوسطاء
خلافات داخل "فتح" تؤجل إقرار التعديلات الوزارية وسط حديث عن زيادة نفوذ "ماجد فرج" و"حسين الشيخ"
زيادة وتيرة الاشتباكات في مدينة جنين تثير قلق ومخاوف الاحتلال من انفلات الأوضاع الأمنية
إثر حالة التوتر التي تصاعدت خلال الأيام الماضية في الضفة الغربية وقطاع غزة، قال مسؤول رفيع في جيش الاحتلال إن قواته تستعد لاحتمال تصعيد أمني في حال عدم تهدئة الموقف في الضفة، وعدم التوصل إلى تفاهمات مع الفصائل الفلسطينية في غزة. وحذر المسؤول "الإسرائيلي" من تصعيد متزامن في ظل "الغليان الميداني" الحالي، موضحًا أن "هناك نشاطًا إرهابيًا مقلقًا في جنين، ويمكننا العودة إلى حارس الأسوار" وهي التسمية التي أطلقها جيش الاحتلال على حربه الأخيرة على غزة.
وبينما أحجم الاحتلال عن الردّ على الصاروخ الذي أُطلق من غزة على مستوطنة "سيدروت" شمال القطاع، فقد قرّر إعادة الوضع على معابر غزة إلى ما كان عليه قبل العدوان الأخير، وذلك تزامنًا مع تهديدات المقاومة ورسائلها إلى الوسطاء بنيّتها تصعيد الأوضاع، لإرغام الاحتلال على العودة إلى تفاهمات التهدئة، حيث سمح الاحتلال رسميًا باستيراد السلع وتصديرها بشكل أوسع. ولأوّل مرّة، سيتمّ السماح بدخول مواد البناء للقطاع الخاص، على أن يقتصر استخدامها على المشاريع الإنسانية فقط، بحسب "لجنة إدخال البضائع" التي أوضحت أن الاحتلال رفع الحظر، أيضًا، عن دخول أجهزة الاتصالات للقطاع الخاص، باستثناء الأجهزة والمعدّات الخاصة بالبنية التحتية للاتصالات.
كما وافق الاحتلال رسميًا، على اتفاق لاستئناف المدفوعات النقدية القطرية للأسر المحتاجة في غزة، بعد توقفها لأكثر من شهرين. وصادق وزير الدفاع، بيني غانتس، على آلية جديدة لضخ الأموال القطرية، تقوم فيها الأمم المتحدة بدور الناقل للأموال إلى بنك في غزة.
في خضم ذلك، التقى رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، مع رئيس حكومة الاحتلال، نفتالي بينيت، لبحث جهود التسوية في غزة. وناقش "كامل" خلال زيارته إلى "إسرائيل" ملف إعادة إعمار غزة، وكيفية إدارته مع الحكومة الجديدة، وبحث إمكانية التوصل إلى هدنة طويلة الأمد مع حركة "حماس"، إضافةً إلى ملف الأسرى.
وتردد أنه جرى خلال الزيارة إحداث اختراق كبير في الملفات العالقة والتي كانت تهدد مستقبل الهدوء، من خلال نجاح المصريين في أخذ تعهد "إسرائيلي" بإعادة العمل على معابر غزة، بالآلية التي كانت قائمة قبل الحرب الأخيرة. وتناولت المحادثات اللاحقة بين "كامل" والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قضية المصالحة الفلسطينية وكيفية التقدم بها في الظروف الناشئة ما بعد إلغاء الانتخابات.
من جانبها، قررت الفصائل الفلسطينية إرسال رسالة حول نيتها التصعيد يوم السبت المقبل، عبر مهرجان جماهيري حاشد بمناسبة ذكرى إحراق المسجد الأقصى، قد يُنظم في موقع ملكة شرق غزة القريب من الحدود، والذي شهد سابقًا أعنف مواجهات خلال مسيرات العودة. ويأتى ذلك في إطار توجيه رسالة واضحة للاحتلال أن الفصائل ذاهبة باتجاه تصعيد متدرج، إذا لم تتقدم جهود التهدئة إلى الأمام.
من جانبه، استقبل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، رجل الأعمال الفلسطيني، منيب المصري، حيث عرض الأخير على الحركة مبادرة النوايا الحسنة المتعلقة بمقترحات استكمال الحوار الوطني وإنهاء الانقسام. وتسلمت الحركة نسخة من المبادرة، ووعدت بدراستها في مؤسساتها للرد رسميًا عليها، فيما اتفق الطرفان على عقد لقاء مشترك آخر بعد ذلك، لمناقشة الرد وبلورته والاستماع لرؤية القوى والأطراف الفلسطينية المختلفة.
من جانب آخر، قالت مصادر أمنية عبرية إن "بينت" ينوي تقديم "بادرة حسن نيّة" تجاه الفلسطينيين، قبل لقائه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، نهاية هذا الشهر، بهدف كسب ثقة الأخير وتحقيق مكاسب في الملفّ الإيراني. ولم يتم تحديد طبيعة "البادرة" "الإسرائيلية"، لكن يعتقد أنها تتمثل في الاستجابة لبعض طلبات الفلسطينيين التي تم تمريرها سلفًا للأمريكيين، بينما لم يستجب الاحتلال حتى الآن إلا لطلب واحد وهو زيادة حصة العمال الفلسطينيين في الداخل. من جانبه، وافق "بينت" على خطة "غانتس" لتعزيز وتقوية السلطة، لكنه منعه مؤخرًا من لقاء "عباس". وشعر "غانتس" بخيبة أمل، خصوصًا أنه شرح له الأهمية الكبيرة التي يعلقها، كوزير للأمن، على هذا الاجتماع لتعزيز وتقوية التعاون الأمني. كما أعلن مقرب من مكتب "غانتس" أنه وافق على طلب حلفائه من حزب "يمينا" وقرر إعادة النظر في المصادقة على أعمال بناء لصالح الفلسطينيين في مناطق C، التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي.
بدوره، وصل "عباس" إلى عمّان وكان في استقباله العاهل الأردني، عبد الله الثاني، حيث بحثا "عملية السلام" والمستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. واستمع "عباس" من الملك لتقييمه لزيارته الأخيرة للولايات المتحدة، فيما تحدث الطرفان عن الاتصالات مع "الإسرائيليين" والإدارة الأمريكية، وتبادلا معلومات حول المواقف في الفترة القادمة، حصوصًا التحضير لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبحث خطوات تنسيقية أخرى.
في الضفة الغربية، تصاعدت حدّة المواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، وباتت مواجهة الاقتحامات تجابه بقوة أشدّ وجرأة أكبر من مقاومين مسلحين أو شبان يافعين. وأثارت هذه الحالة قلق جيش الاحتلال والمراقبين العسكريين؛ فخلال اقتحام قوات الاحتلال مدينة جنين لاعتقال أحد المقاومين جُوبهت بنيران كثيفة.
ومنذ بداية معركة "سيف القدس"، اشتدت المواجهات مع قوات الاحتلال في جنين؛ حيث شهدت المدينة ومخيّمها عشرات الاشتباكات المسلحة وعمليات إطلاق النار تجاه جيش العدو وحواجزه، فيما ظهرت إلى الواجهة خلال الأشهر الماضية، مجموعات من المقاومين من جيل الشباب. وارتقى عشرة شهداء في جنين منذ بداية العام الجاري، آخرهم أربعة مقاومين استشهدوا خلال اشتباكات مسلّحة مع قوة خاصة "إسرائيلية".
وبحسب مصادر مطلعة، فإن المشهد الميداني متّجه إلى مزيد من التصعيد في جنين ومخيمها، رغم وجود قرار لدى السلطة والعدو بإنهاء ظاهرة الاشتباك المسلح التي برزت بشدة مؤخرًا. وما يعزّز سيناريو استمرار التصعيد وجود مجموعات من المطلوبين والمطارَدين، الذين يرفضون تسليم أنفسهم للاعتقال سواءً لدى أمن السلطة أو العدو.
وفي خطوة غير مسبوقة، أغلق الفلسطينيون جميع مساجد الخليل وتجمع المصلون لإقامة صلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي، احتجاجًا على أعمال الحفريات وغيرها من الإجراءات "الإسرائيلية" التي جاءت لخدمة المستوطنين اليهود. بدورها، اعتدت قوات الاحتلال على المصلين في الحرم الإبراهيمي، بمن فيهم المسنون والأطفال، وأصيب العشرات منهم بالاختناق.
محليًا، أجّلت حركة "فتح" التعديل الوزاري المرتقب لإجراء مزيد من المشاورات داخل أطر الحركة. وأعلنت الحركة أن "عباس" سيترأس اجتماعًا للجنة المركزية، لمناقشة أخر المستجدات الوطنية والشأن الداخلي. وسبق أن قال مسؤولون في الحكومة إن رئيس الوزراء، محمد اشتية، حصل على موافقة "عباس" على التعديل الحكومي المقترح.
وتشير المعطيات إلى أن التعديل الوزاري المرتقب لا يسير بسهولة، بسبب حالة الاستقطاب الحادة داخل أقطاب "فتح"، ما يجعل أسماء بعض الوزارات متغيرة وغير ثابتة حتى اللحظة الأخيرة. وبحسب مصادر، فإن محاولات تشكيل حكومة وحدة وطنية أو ضم فصائل للحكومة باءت بالفشل، نتيجة لإحجام واعتذار القوى عن المشاركة في هذه الحكومة، إضافةً لعديد الشخصيات بسبب التداعيات التي أعقبت حادثة اغتيال الناشط "نزار بنات".
وأكد مسؤول فتحاوي أن اللواء "زياد هب الريح" سيتولى منصب وزير الداخلية، في حين لا يعتبر منصب وزير الداخلية ذا أهمية في تركيبة السلطة، وتشير المصادر إلى أن هذا تهيئة لإزاحته عن المشهد، لأن منصبه الحالي (رئيس جهاز الوقائي) أقوى من منصب وزير الداخلية فعليًا. وتعزو المصادر سبب تولي "هب الريح" وزيرً للداخلية إلى خطة تستهدف إضعاف "جبريل الرجوب"، حيث يعتبر "هب الريح" رجله الأول، فيما يعتبر جهاز الأمن الوقائي مصدر القوة الرئيس لـ"الرجوب".
في مستجدات "كورونا"، قال مسؤول بوزارة الصحة إن الموجة الرابعة من الجائحة بدأت بالفعل في جميع المحافظات، محذرًا من تدهور الأوضاع الوبائية إذا لم يكن هناك التزام حقيقي بالإجراءات الوقائية والاحترازية. وأضاف المسؤول: "هناك ارتفاع ملحوظ بالحالات المسجلة، وبدأنا نسجل مئات الإصابات يوميًا، بعد أن كنا نسجل العشرات قبل أسبوعين فقط“، مبينًا أن المتحور "دلتا" هو الأكثر انتشارًا في فلسطين، وأن أكثر من 70% من الحالات المرصودة مصابة به.
في ملف الأسرى، أكّد نادي الأسير الفلسطيني أنّ مشاورات واسعة يجريها الأسرى الإداريون في سجون الاحتلال، والبالغ عددهم نحو 550 أسيرًا، لبلورة خطة لمواجهة سياسة الاعتقال الإداري المتصاعدة بحقّهم، والتي يرجّح أن تصل إلى إعلان إضراب جماعي خلال الفترة القادمة، وأن مقاطعة المحاكم العسكرية ستشكل جزءًا مركزيًا من المعركة.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا