استنتاجات الموجز:
إجراءات "سعيّد" الأخيرة تؤكد أنه متحكم بقواعد اللعبة السياسية وبرسم خريطة الطريق وسط ارتباك مكونات المشهد السياسي
قطع العلاقات الجزائرية مع الرباط و"ترسيم الحدود" في الجزائر مؤشر خطير على حالة الاحتقان السياسي وسط تصاعد وتيرة الأحداث الأمنية في الأقاليم الغربية
"العدالة والتنمية" يحاول إثبات وجوده السياسي بعد خسارة الانتخابات النقابية عبر اتهام وزارة الداخلية بمساعدة "التجمع الوطني للأحرار" لتصدر المشهد السياسي
لا يزال الانقسام سيد الموقف في تونس، ولا يزال اسم رئيس الحكومة الجديد وخريطة الطريق يحيطهما الغموض، وسط تعدد التكهنات؛ فعلى بُعد ساعات تفصل البلاد عن نهاية الفترة الاستثنائية التي أعلنها رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، بـ30 يومًا، أعلن الأخير تمديد التدابير الاستثنائية إلى أجل غير محدد، ناقضًا إعلانه عن تركيبة الحكومة الجديدة في الأيام القليلة.
ووسط انتظار داخلي وترقب خارجي للخطوات التي ينوي اتخاذها في إطار خارطة الطريق، انتقد "سعيّد" المطالبين بـ"خارطة طريق" ومن يتهمه بالانقلاب، مؤكدًا استمرار "الدولة ومرافقها العمومية"، ومتهمًا أطرافًا بأنها "تريد تغييب الدولة وتبقى الحكومة تنهب الشعب". كما اتهم "سعيّد" أطرافًا، لم يسمها، بالتدبير للاغتيال وبث الفوضى في البلاد، كاشفًا مخططهم الإرهابي. من جهتها، عبّرت "حركة النهضة" عن قلقها إزاء وجود "مؤامرات خطيرة" تهدد أمن البلاد، داعيةً الأجهزة الأمنية "لمنع انزلاق البلاد إلى العنف والفوضى".
على صعيدٍ متصل، أجرى "سعيّد" تغييرات جديدة في أقل من 24 ساعة من لقائه بـ"غرسلاوي"، وشملت التعيينات 11 تغييرًا في وزارة الداخلية، أهمها المراكز القيادية في المؤسسة الأمنية، وأبرزها تعيين "سامي اليحياوي"، مديرًا عامًا للمصالح المختصة خلفًا للضابط، لزهر لونغو، الموضوع قيد الإقامة الجبرية، إضافةً إلى تغييرات في سلكي الحرس والأمن الوطني.
في السياق أيضًا، تعيش "حركة النهضة" على وقع خلافات داخلية كبيرة بين مطالبين بالتغييرات وإجراء إصلاحات هيكلية، تشمل المكتب التنفيذي ومجلس الشورى. من جهتهم، وقّع أعضاء مجلس الشورى عريضة للمطالبة بسحب الثقة من رئيس المجلس، عبد الكريم الهاروني، ووصل عددهم إلى 49 شخصًا، بينما تحتاج 50 توقيعًا لعرضها على مجلس الشورى القادم. بدوره، قرر رئيس الحركة، راشد الغنوشي، حل المكتب التنفيذي للحركة، كما أكد مواصلة تكليف لجنة إدارة الأزمة السياسية برئاسة، محمد القوماني، للمساهمة في إخراج البلاد من الوضع الاستثنائي.
على الصعيد الأمني والقضائي، حاصرت وحدات الأمن مقر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وأخلته من العاملين، وذلك كـ"إجراء احترازي" خشية إتلاف عدد من الملفات والشكايات المتعلقة بالفساد. وأصدرت وزارة الداخلية قرارًا بوضع الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب، تحت الإقامة الجبرية.
في السياق ذاته، أعلن مجلس التأديب في هيئة القضاء العدلي عن إيقاف الرئيس الأول لمحكمة التعقيب ورئيس هيئة مراقبة دستورية القوانين، الطيب راشد، الموضوع قيد الإقامة الجبرية، عن مهامه وإحالته إلى النيابة العمومية، مع عدد من القضاة والشخصيات الحزبية وأصحاب أعمال في قضايا متشعبة.
دبلوماسيًا، استقبل "سعيّد" وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، في زيارته الثالثة، ناقلًا رسالة من الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، تتضمن معلومات وتحاليل دقيقة، بعدما أجرى "تبون" اتصالًا هاتفيًا مع "سعيّد" عبّر خلاله عن “تضامن الجزائر شعبًا وحكومة مع تونس".
في الشأن الجزائري، برزت أزمة دبلوماسية جديدة بين الجزائر والرباط، حيث أعلنت الخارجية الجزائرية قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، بسبب “الأعمال العدائية” للمملكة بعد أقل من أسبوع من إعلان إعادة النظر في علاقاتها المتوترة منذ عقود. وأعلن وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، القرار بصفة رسمية “باسم الرئاسة الجمهورية والحكومة”، مؤكدًا أن قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني أن يتضرر المواطنون، وأن القنصليات تباشر عملها بصفة طبيعية.
في الأثناء، أعلن "لعمامرة" أن بلاده أنهت ترسيم حدودها مع جميع البلدان المجاورة، بما في ذلك “مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، معلنًا أن لجنة خاصة وضعت اللمسات الأخيرة لعملية ترسيم الحدود مع البوليساريو، دون أن يوضح معالم الحدود.
ميدانيًا، ما زالت أحداث الحرائق وتداعياتها تهيمن على الشأن الداخلي في البلاد؛ حيث أعلنت إدارة الحماية المدنية التابعة لوزارة الداخلية سيطرتها الكاملة على كافة حرائق الغابات، بعد تمكنها من إخماد سبع حرائق أخيرة على مستوى ست ولايات. من جهتها، دعت "حركة استقلال منطقة القبائل" إلى إجراء تحقيق دولي في الحرائق، وجريمة قتل وإحراق شاب اتّهم خطأ بأنّه من مشعلي الحرائق في منطقة القبائل، معتبرةً أنّ هناك يدًا للسلطات في ما حصل. كما أكد الناطق باسم “حكومة القبائل”، كسل أمزيان، اتصاله بمجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وأن هناك اتصالات جارية مع منظمة العفو الدولية.
أمنيًا، كشفت وزارة الدفاع عن رسو سفن حربية روسية في ميناء الجزائر، برفقة ملحق الدفاع والملحق البحري والجوي لدى السفارة الروسية بالجزائر، خلال فترة التوقف بزيارة مجاملة لقائد الواجهة البحرية الوسطى للناحية العسكرية الأولى، كما “يهدف هذا التوقف إلى تعزيز علاقات التعاون العسكري الثنائي بين القوات البحرية بين البلدين". وفي خبر أمني آخر، سلمت السلطات الإسبانية الجزائر ناشطًا متهمًا بـ”الانتماء إلى جماعة إرهابية”، صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية مع ثلاثة ناشطين آخرين.
مغربيًا، وأمام الحصيلة الحكومية التي تعتبرها المعارضة هزيلة، يحاول "حزب العدالة والتنمية" رمي الكرة في اتجاه وزارة الداخلية و"حزب التجمع الوطني للأحرار”، بتصعيد حملته الإعلامية المناهضة لأمين عام الحزب، عزيز أخنوش. وفي هذا الصدد، كثف رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الهجمات ضد وزارة الداخلية، منتقدًا تعرض مرشحيه لـ"ضغوط لثنيهم عن الترشح باسم الحزب"، كما يتم استعمال المال لاستمالة الناخبين ضد مرشحين الحزب.
في سياقٍ متصل، أفرزت المشاورات التي جرت بين الفائزين في انتخابات الغرف المهنية عن هيمنة "حزب التجمع الوطني للأحرار” في انتخابات رؤساء المجالس المهنية، وهو ما اعتبرت الأوساط السياسية أنه يوفر مكانة متقدمة للحزب في الانتخابات المقبلة، حيث فاز الحزب بـ22 غرفة في انتخاب رؤسائها.
دبلوماسيًا، عبّرت وزارة الخارجية عن أسفها لقرار الجزائر قطع العلاقات "غير المبرر والأُحادي الجانب"، لكنه متوقع، رافضةً "المبررات الزائفة التي أدت لقطع العلاقات”، وموضحةً أنها تواصل العمل من أجل تطوير العلاقات. هذا، إضافةً إلى رغبتها في الحفاظ على خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي، الذي يربط الحقول الجزائرية بالقارة الأوروبية.
على صعيد خارجي آخر، نفى وزير العمل، محمد أمكراز، لقاءه بوزير خارجية "إسرائيل"، يائير لابيد، ردًا على تصريحات الناطق الرسمي بالعربية باسم وزارة الخارجية "الإسرائيلية"، حسن كعبية، بأن "يائير" التقى وزير السياحة والعمل، معلنًا عن تأجيل بعض الصفقات التعاونية السياحية بين البلدين.
أمنيًا، أعلنت السلطات إنقاذ 438 مهاجرًا غير نظامي في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وتسليمهم إلى وحدات الأمن لاتخاذ الإجراءات، كما أحبطت محاولات الهجرة الجديدة لأعمار مختلفة بين المغرب وسبته.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا