استنتاجات الموجز:
الدبلوماسية الأردنية ستتواصل في الانفتاح أكثر وبراحة سياسية أعلى في التعاطي مع محددات كانت تشكل في السابق معيقات أمام أخذ دور أكثر حيوية في المنطقة
قبول الأردن بوجود 2500 لاجىء أفغاني قيل إنهم عابرون إلى أمريكا سيفتح باب جدل كبير، ومساحة مفتوحة أمام المعارضة وقطاعات شعبية لاستمرار السؤال عن الثمن
تتواصل صور الانفتاح الأردني الإقليمي على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاه، وتحديدًا باتجاه مصر والعراق عربيًا، وتركيا، كدولة جارة وشقيقة وفقاً لسياسيين كبار. لكن التدحرج الأكثر بروزًا كان في شكل العلاقة مع قطر؛ من خلال وضع ضمانات لإنضاج العلاقة سياسيًا واقتصاديًا من زاوية الاستثمار حصرًا، فقطر، كما يفهم من سفيرها في عمّان، في طريقها لتعزيز بنيتها الاستثمارية في الأردن بصورة لافتة، وعمّان في طريقها لتوفير تسهيلات جديدة.
في الأثناء، لا يخفى الحديث عن جهد أردني في فتح قنوات بين القاهرة وأنقرة بضوء أخضر أمريكي، وهو ما عكسته الاتصالات الأردنية التركية التي بدأت قطع شوط كبير تجاوز الخلافات والتجاذبات. هذا، فيما تبدو هوامش المناورة السياسية للأردن إقليميًا أكثر اتساعًا وانفتاحًا خلال الأشهر المقبلة على خيارات جديدة، بعيدًا عن تعقيدات حسابات العديد من العواصم الخليجية التي شكلت سابقًا تكبيلًا لأي تحرك .
في السياق أيضًا، يتمثل المستجد اللافت في فتح نوافذ وما يمكن اعتباره "أنصاف أبواب" في اتجاه دول إقليمية مثل إيران، عبر السماح لنحو 50 تاجرًا إيرانيًا بإقامة معارض تجارية في عمّان، وقبل ذلك، فتح كل الأبواب في اتجاه مصر والعراق وسط حالة تفاعل ثلاثي مع القاهرة وبغداد.
داخليًا، أحدث قبول الأردن لـ2500 لاجىء أفغاني استقدمتهم واشنطن من مطار كابل، جدلًا كبيرًا ومخاوف لدى شرائح برلمانية وشعبية واسعة، في الوقت الذي ربط فيه رئيس "كتلة نواب الإصلاح" المحسوبة على "الإخوان"، صالح العرموطي، بين الاستقدام وبين ما سماه "بركات الاتفاقية الأمنية العسكرية الموقعة قبل أشهر قليلة مع الأمريكيين". فمن جانبه، يتحدث "العرموطي" عن استقبال عملاء للأمريكيين ساعدوهم في أفغانستان في عمّان، معتبرًا أن الخطوة التي أعلنت عنها الخارجية الأردنية "جزء من منظومة الاعتداء على السيادة الأردنية".
في هذا السياق، تحاول تصريحات "العرموطي" ترسيم الوقائع وانطلاقًا من موقف معارض، تحت عنوان كلفة وفاتورة اتفاقية أمنية وقعت مع الأمريكيين وأثارت ولاتزال تثير المزيد من الجدل، ثمة تجاهل للاستحقاق الدستوري وتوقيع اتفاقيات مخالفة للدستور تمس بالسيادة في منطق "العرموطي". كما يزداد النقاش تعقيدًا في الشارع بسبب سلسلة من الخذلان والخيبة التي تعرضت لها الدولة الأردنية طوال عقود، تحت بند التعاون مع المجتمع الدولي في ملف اللجوء.
وتحدث "العرموطي" أيضًا عن توزيع القوات الأمريكية في الأردن على 13 موقعًا داخل المملكة، وعن استقدام قوات من العراق وقطر والكويت بموجب تلك الاتفاقية المثيرة للجدل، لكن المسؤولين في موقع القرار يتحدثون فقط عن قدوم 1000 جندي زيادة على القوات التي كانت موجودة أصلًا.
محليًا، بدأ الحديث عن احتمال عودة تصدر الإسلاميين المشهد السياسي، من خلال تواصل التفاهمات حتى اللحظة داخل اللجنة الملكية للإصلاح السياسي، لكن أغلب المتفائلين ذهبوا لترجيح نظريتين حول فكرة عودة الإسلاميين للواجهة؛ الأولى بروز تيار يتحدث عن أهمية التوقف عن التحذير والخوف من عودة الإسلاميين للساحة، بوصفهم مكونًا وطنيًا حاضرًا، وصعوبة الحديث عن إصلاح حقيقي دون منح الإسلاميين وزنهم وحضورهم، وهذه النظرة بدأت بالتداول القوي داخل اللجنة الملكية.
أما النظرة الثانية فمفادها أن ما يجري هو مجرد تفاهمات وتفهم لدور الإسلاميين، وأن مستقبل حضورهم السياسي مقتصر فقط على تلك اللجنة، في حين تقف "الدولة العميقة" والتيار المحافظ على خط رفض التفاؤل الجديد، والبقاء ضمن النظرة القديمة التقليدية القائمة على تحجيم الإسلاميين. وبناءً على ذلك يتحدث أمين عام "حزب جبهة العمل الإسلامي"، مراد العضايلة، عن أن "المطلوب داخل اللجنة إصلاحًا وطنيًا للجميع وليس شأنًا أو كعكة يجري فيها إرضاء الإسلاميين فقط".
محليًا أيضًا، وضمن مستجدات ملف النائب المفصول، أسامة العجارمة، المعتقل حاليًا والموقوف على ذمة قضايا أمن دولة، جاء ضمن الاتهامات التي وجهت إليه تهمة "التهديد الواقع على حياة الملك"، وهنا لا يذكر الأردنيون على الأقل منذ عقود قراءة هذه العبارة في نص لائحة اتهام لأي شخص في الماضي القريب. وإن كانت التهمة موجودة في صفحات القوانين الجنائية، لكنها لم تستعمل سابقًا وفقًا للذاكرة المتوسطة، الأمر الذي يعني أن السلطات تريد أن توجه رسالة خشنة وصلبة لكل من يتجاوزن الخطوط الحمراء.
في الشأن ذاته، لا تقف الاتهامات المصادق عليها حديثًا ضد "العجارمة" عند حدود تهديد حياة الملك، فصاحب مبادرة الزحف العشائري على عمّان متهم أيضًا بإثارة عصيان مسلح. وآخر أنباء النائب الشاب بحسب أحد المحامين، أنه فقد القدرة على الحركة والوقوف والكلام بسبب إصراره على إضراب مفتوح عن الطعام، فيما يقف أنصار وأقارب له بعدد قليل أمام السجن، داعين لإطلاق سراحه بعد انفضاض الوفود العشائرية التي بايعته بإثارة في الماضي القريب، حيث اختفت تمامًا عن الساحة.
في الإطار المحلي أيضًا، تابع الأردنيون بحزن ومفاجأة قصة أربعيني أقدم على حرق نفسه والقفز من على أحد الجسور ليلقى حتفه، حيث تداول الأردنيون بكاميراتهم تلك الصورة المؤلمة أمام الشرطة والمارة، في مشهد بدأ يتكرر وترصده الكاميرات خلافًا لموروث الأردنيين، نتيجةً لواقع معيشي بدأ الكل يتحدث عن خطورته.
في شأن محلي آخر، وضمن سياق الحريات، أثار تنسيب هيئة الإعلام المرئي والمسموع بتعديل نظام الرسوم لترخيص المواقع الإلكترونية، ليصبح 500 دينار سنويًا ( نحو650 دولارًا) بعد أن كان 50 دينارًا، ردود فعل غاضبة لدى الصحفيين والإعلاميين. من جهته، علّل مدير الهيئة، طارق أبو الرغب، قرار تحويل الأنظمة بأن هناك "انفلاتًا في العمل الإعلامي الرقمي الإلكتروني"
في سياق الحريات أيضًا، أعادت ملكة الأردن السابقة، نور الحسين، نشر تقرير أمريكي يتحدث عن الحاجة لإصلاحات سياسية واقتصادية في المملكة. وخلال السنوات الماضية، دأبت الملكة على نشر تقارير وتغريدات، انتقدت فيها الأوضاع في المملكة، وكانت أكثر حدة بعد القضية التي دخل فيها ابنها "الأمير حمزة"، ما عرف لاحقًا بـ"قضية الفتنة".
عربيًا، وفي إطار العلاقة مع حركة "حماس"، سمح الأردن لرئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، ورئيسها بالخارج، خالد مشعل، بالمشاركة في تشييع جثمان القيادي "إبراهيم غوشة"، فيما شكر رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في الحركة، عزت الرشق، الملك عبد الله الثاني لموافقته على دخول قيادة الحركة للأردن للمشاركة في التشييع.
دوليًا، شكلت زيارة الملك إلى موسكو ولقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، منعرجًا جديدًا حيال التحرك الأردني لتطويق أحداث الجنوب السوري؛ ففي القراءة السياسية، للأردن هدفان: الأول يتعلق بإعادة إحياء الدور الروسي في غرفة العمليات والتنسيق المشتركة ميدانيًا وعسكريًا وحتى استخباراتيًا. والهدف الثاني بقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع نافذة موسكو والرئيس "بوتين"، بعد زيارة الملك الأخيرة إلى واشنطن.
وقد ركزت الزيارة على تطورات الأحداث الأمنية والعسكرية جنوب سوريا وعلى أكتاف الحدود الأردنية، وهنا يراد من موسكو الضغط والتدخل الفوري أملًا في احتواء عودة القصف والعمل المسلح في درعا حصريًا وتجنبًا لامتداد الصراع. لكن موسكو التي تقيم علاقاتها بالقطعة مع الأردن، تبقي الباب مفتوحًا أمام تطور هذه العلاقات، دون الإغراق في التفاؤل في انتقالها إلى مستويات استراتيجية.
أمنيًا، صرح مصدر عسكري بأن المنطقة العسكرية الشمالية أحبطت محاولة تسلل لشخص من الأراضي السورية إلى الأردن، مبينًا أنه تم تطبيق قواعد الاشتباك، ما أدى إلى إلقاء القبض عليه.
في هذا الإطار، قال الناطق باسم الحكومة، صخر دودين، إن قانون الدفاع باقٍ ولن يوقف حتى تنتهي جميع تداعيات فيروس "كورونا". وفي الإطار الصحي، أشار "دودين" إلى أن الوضع في المملكة سيكون أفضل من العام الماضي، وأن خطة الحكومة ستلغى جميع أنواع الحظر المفروضة بسبب الجائحة مع بداية أيلول/ سبتمبر المقبل، بما فيها المدارس باستثناءات قليلة.
اقتصاديًا، وافق صندوق النقد الدولي على تقديم تمويل فوري للأردن بقيمة 206 ملايين دولار، تشكل شريحة من قرض ممتد بقيمة 1.3 مليار دولار يصرف على أربع سنوات، وذلك بعد جملة إصلاحات قامت عليها المملكة.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا