استنتاجات الموجز:
استئناف الأعمال العسكرية وحصار درعا يقوّض الجهود الروسية ويؤكد هشاشة الاتفاق الأخير وإصرار إيران والنظام على التمدد عسكريًّا في درعا البلد
حراك سياسي هامشي للمعارضة المستقلة بالداخل والخارج لبحث الانتقال السلمي للسلطة والحل السياسي وتطبيق القرارات الدولية لن يؤثر على المشهد السياسي
لا يزال اتفاق درعا الأخير الذي جرى برعاية روسية بين النظام وأهالي درعا البلد وبعض المسلحين المعارضين هشًّا، في حين تتصاعد وتتسع دائرة العمليات العسكرية في المحافظة الجنوبية لسوريا، خصوصًا مع الخروقات المستمرة لقوات النظام للاتفاق وإصرارها على إخضاع درعا بالقوة، أو فرض شروط مذلّة بحق أهالي المنطقة والمعارضة المسحلة، مقابل رفض شريحة واسعة شروط النظام ودخوله درعا بالوسائل العسكريّة.
ورغم اتفاق الجانبين على إنهاء الأعمال العسكرية وتهجير بعض المقاتلين إلى الشمال السوري، إلّا أنّ الضغط الذي يمارسه النظام بمساعدة إيرانيّة وتزايد الفلتان الأمني والأعمال العسكرية، مؤشر على ذهاب المنطقة لأعمال عسكرية، وهذا ما يُقوّض مجددًا الجهود الروسيّة لاحتواء التوتر وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل أكثر من شهرين.
في السياق، عقد ممثلون عن اللجنة المركزية في درعا البلد وآخرون عن اللجنة الأمنية للنظام اجتماعًا برعاية روسية، ولم تتضح بعد معالم الاتفاق في ظلّ غموض يكتنف المشهد برمته، خصوصًا مع رفض مطلوبيْن اثنين متهمين من قبل النظام بالانتماء إلى تنظيم "داعش" الانتقال إلى الشمال السوري، لكن ما تمّ الإعلان عنه أنه اتفق على تهجير نحو 50 شخصًا قسريًّا من المناطق المحاصرة في درعا البلد، باتجاه مناطق الشمال التي تُسيطر عليها المعارضة، برفقة الشرطة الروسية، حيث وصل ثمانية أشخاص من المهجرين إلى شرق حلب.
كما تم الاتفاق على إلحاق بقية المقاتلين المتواجدين في الأحياء المحاصرة بدرعا البلد ضمن صفوف "اللواء الثامن"، وفتح معبر"السرايا"، وإنهاء الحصار، دون الإشارة لمصير السلاح الفردي الذي كان سببًا لعدم الاتفاق طوال الأيام الماضية. ورغم ذلك، واصلت قوات النظام والمجموعات الإيرانية استقدام المزيد من التعزيزات العسكرية للمنطقة، كما كثفا قصفيهما المدفعي والصاروخي على أحياء درعا البلد المحاصرة وبلدات وقرى بريف درعا الغربي، بهدف الضغط على اللجنة المركزية الموجودة داخل الأحياء المحاصرة لتهجير المطلوبين للنظام، ما أدى لسقوط قتلى وحركة نزوح كبيرة للعوائل.
وكانت قوات تابعة للشرطة العسكرية الروسية دخلت برفقة "الفيلق الخامس" إلى الأحياء المحاصرة في درعا البلد، لفض الاشتباك بين قوات النظام والمجموعات الإيرانية من جهة، وشبان وثوار درعا من جهة أخرى، إضافةً للعمل على إيقاف القصف على الأحياء المحاصرة وفق الاتفاق الذي جرى التوصل إليه.
بموازاة التطورات في الجنوب، يشهد الشمال الغربي من البلاد تصعيدًا من قبل قوات النظام والطيران الروسي، الذي جدد غاراته الجوية على قرى وبلدات بريف إدلب الغربي والجنوبي، إضافةً لغارات على محور الكابينة بريف اللاذقية الشمالي. كما كثّفت قوات النظام قصفها لمدن وبلدات بجبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وفي سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي.
إلى ذلك، شنّت الطائرات الحربية الروسية 14 طلعة جوية على البادية السورية، واستهدفت بنحو 30 ضربة جوية باديتي ريف حمص الشرقي وريف ديرالزور، إضافةً لباديتي الرصافة وحماة، تزامنًا مع قصف مدفعي لقوات النظام على سيارات لعناصر تنظيم "داعش" في بادية السخنة. بالمقابل، شنّ التنظيم هجمات على نقاط عسكرية لقوات النظام بريف ديرالزور الجنوبي، ما أسفر عن مقتل ضابط وإصابة خمسة عناصر من قوات النظام.
في الأثناء، تواصَل التصعيد العسكري والاشتباكات المتبادلة على خطوط التماس، بين "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) وفصائل سورية معارضة مرتبطة بالجيش التركي، حيث قصفت هذه الفصائل أهدافًا لـ"قسد" بريف مدينة منبج، فيما استهدف الجيش التركي مقرات ومواقع لـ"قسد" في مدينة الباب بريف حلب الشرقي ورأس العين بشرق سوريا. من جانبها، توعدت "قسد" الجانب التركي بالرد على هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت قياديين في منطقة نهر الفرات، وهو ما يفتح الباب في حال حدوثه لتصعيد عسكري واسع النطاق، ربما يفضي إلى عملية من قبل الجيش التركي في عمق الأراضي السورية.
في غضون ذلك، شهدت مدينة عفرين وبلدات الشيخ حديد والراعي بريف حلب، الخاضعة لسيطرة فصائل "الجيش الوطني" المعارض المدعوم تركيًّا، توترًا أمنيًا، وذلك عقب انشقاق فصائل "فرقة الحمزة قوات خاصة" و"لواء صقور الشمال" و"فرقة السلطان سليمان شاه"، العاملة ضمن صفوف "الجيش الوطني" من غرفة العمليات الموحدة للجيش "عزم"، وذلك إثر خلاف نشب أخيرًا بين فصائل الغرفة على التشكيلات العسكرية داخلها. وأشارت الفصائل الثلاثة إلى أنه "نظرًا لتجاهل مطالبنا المُحقة في التمثيل العادل، وعدم الاستجابة للمطالب بعد مضي مدة عليها"، أعلنت الفصائل خروجها من غرفة العمليات، وإنهاء عضويتها فيها.
توازيًّا، طوّقت أرتال عسكرية ضخمة تابعة لفصيل "الجبهة الشامية" و"الفيلق الثالث" المنضوين ضمن صفوف "الجيش الوطني"، منطقة المعسكرات التابعة للفصائل المنشقة بمحيط حور كلس بالقرب من الحدود السورية التركية شمال حلب، وقطعت جميع الطرقات المؤدية إليها، مهددين الفصائل الثلاثة بالتراجع عن قرارها بالانسحاب أو استهدافها عسكريًّا.
في خضم ذلك، وفي ظل حالة الركود السياسي وتعطيل النظام ودول داعمة له للحل السياسي للأزمة السورية، عقدت مجموعة من السوريين المستقلين يبلغ عددهم حوالي 400 شخص انتخبوا نحو 111 شخصًا من المشاركين ليمثلوا الأمانة العامة، مؤتمرًا في جنيف السويسرية، تحت عنوان "المؤتمر السوري لاستعادة السيادة والقرار"، لبحث عدد من المقترحات المقدمة، أبرزها كيفية الانتقال إلى "نظام ديمقراطي برلماني تعددي"، وبناء الجيش السوري. وأعلن المؤتمر في ختام أعماله "التمسك بخروج كافة الاحتلالات والقوات الأجنبية من البلاد، والتمسك بأهداف الشعب السوري بإسقاط الدكتاتورية وتحقيق العدالة، ومحاسبة القتلة المجرمين، والعمل على إخراج المعتقلين والمغيبين قسرًا في سجون النظام وسجون التنظيمات الأخرى".
وقرر أعضاء الهيئة العامة للمؤتمر التمسك بـ"السعي لاستعادة السيادة الوطنية والتمسك بوحدة وسلامة الأراضي السورية وحرية الشعب السوري بكافة مكوناته، وصياغة عقد وطني جامع معتمدين المحددات الأساسية لمفاوضات الحل السياسي بناءً على ما نص عليه مؤتمر جنيف واحد عام 2012، والقرارات الأممية ذات الصلة بما فيها القرار 2254، والتزام الأمانة العامة التي تم انتخابها بما تقدم من فقرات، مؤكدين أن هذه الوثيقة جزء لا يتجزأ من وثائق المؤتمر.
وفي ظل تعقد ملف الجنوب ودرعا، جراء توجه النظام إلى التصعيد وإعادة فرض هيمنته على المنطقة الجنوبية بالكامل، عُقد مؤتمر في السويداء من تنظيم حزب "اللواء السوري" و"تجمع بنا وطن" وعدد من السياسيين من أبناء المحافظة، تحت عنوان "الجنوب السوري ورؤية الحل السياسي القادم لسوريا"، ضم عددًا من الفاعلين السياسيين وممثلي الفصائل المحلية من أبناء المحافظة.
وناقش المؤتمر تردي الواقع المعيشي والفلتان الأمني في السويداء، وحمّل المشاركون النظام المسؤولية الكاملة عن الواقع التي تشهده السويداء وعموم المحافظات السورية من فلتان أمني وترد للأوضاع المعيشية والخدمية، معبرين عن رفضهم القصف المستمر وحصار النظام لدرعا. كما ناقشوا الحل السياسي السوري القادم، والانتقال السلمي للسلطة وتطبيق القرار 2254، وإنهاء الحرب.
في شأنٍ مفصل، أوعز النظام بتشكيل لجنة جديدة لدراسة النظام الضريبي ومراجعة التشريعات الضريبية، واقتراح تعديلات في السياسة الضريبية لدعم خزينة الدولة، إثر الاستنزاف الحاصل بالخزينة. وقال معاون وزير المالية، رياض عبدالرؤوف، إن اللجنة أنهت ما أوكل إليها، وتقدمت بمشروع قانون الضريبة على الدخل، مُشيرًا إلى أنّ مشروع القانون الجديد، الذي سيعرض على البرلمان، سيراعي أن تكون الضريبة على الأرباح الحقيقية هي القاعدة العامة، أما الضريبة على الدخل المقطوع، فستكون الاستثناء.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا