استنتاجات الموجز:
زيارة "هنية" و"مشعل" للأردن كسرت حالة التكلس في العلاقة ورغم تجنب الدولة حضور العزاء أو عقد لقاءات رسمية إلا أن الحدث قد يؤسس لفتح قنوات مستقبلية وإن بإطار ضيق
عمّان تتجه بصورة متوازية في أكثر من اتجاه لترطيب العلاقة مع دمشق والعين الأردنية على الاقتصاد أكثر من السياسة وعلى أمن الحدود أكثر من العلاقات الدبلوماسية
كان الحدث الأبرز في الأردن هذا الأسبوع الزيارة التي قام بها كل من رئيس حركة "حماس"، إسماعيل هنية، ورئيس إقليم الخارج بالحركة، خالد مشعل، إلى عمّان، لحضور مراسم دفن وعزاء القيادي الراحل في الحركة، إبراهيم غوشة؛ حيث الزيارة باب التساؤلات عن الخطوة التالية في العلاقة المتكلسة مع الدولة الأردنية. في هذا الإطار، برزت أسئلة عديدة وتحدثت مقالات كثيرة عن تداعيات السماح الأردني الرسمي بالزيارة، وهي الأولى لـ"هنية"، وإذا كانت ستؤسس لمقاربة سياسية تؤدي إلى أي نمط من التقارب على الأقل في هذه المرحلة، بعيدًا عن الموافقات "الإنسانية".
من جانبها، لم تفرض السلطات الأردنية قيودًا على "هنية" أو "مشعل" للحديث والإدلاء بخطابات، وسط تجمعات الأردنيين المعزّين وشخصيات وطنية وسياسية كبيرة حضرت الجنازة وبيت العزاء. وفي التفسير السياسي لذلك، اعتُبر السماح بكل ذلك نقطة إيجابية؛ لأن عمّان منعت في ظروف مماثلة حتى الجلسات السياسية سابقًا، وعليه يمكن القول إن الجانب الأردني لم يعد لديه أي نوع من "الفيتو" على إدلاء قادة "حماس" داخل الأردن بتصريحات ورسائل سياسية الطابع، لكن المطلوب، في رأي الإسلاميين وجمهور وطني واسع بالأردن، هو البناء على هذه الخطوة وإعادة تدشين خطوط الاتصال الرسمي، بين المقاومة بترميزها الحيوي والواقعي وتمثيلها للشعب الفلسطيني أو لجزء كبير منه اليوم، وبين الحكومة الأردنية.
في شأن خارجي، كان لافتًا تفاعل الأردنيين مع مستجدات الحالة الأفغانية بعد سيطرة حركة "طالبان" على العاصمة كابل، لكن حتى الآن لم تتخذ الدولة رسميًا أي موقف حيال الحالة المستجدة في أفغانستان؛ فالترقب سيد الموقف ويبدو أن الدولة تتجهز لإعداد رؤية رسمية متوازنة تنسجم مع مصالحها، خصوصًا أن قيام إمارة إسلامية في أفغانستان بضوء أخضر أمريكي يعتبر حدثًا من الصنف الذي يثير التأمل عند الرسميين في الدولة.
على الصعيد العربي وفي الملف السوري، لوحظ مؤخرًا قيام عمّان بما يشبه حملة علاقات عامة سياسية الطابع ومناورات بمختلف الاتجاهات، لكن هذه المرة من زاوية تشتبك بالتفاصيل وتستند إلى الدبلوماسية الوقائية كما تسمى لدى صانع القرار. فلأسباب مفهومة لجميع الأطراف، يمكن القول إن اهتمام الأردن الكبير بالملف السوري في طبيعته اليوم جزء حيوي من استراتيجية البحث عن مكاسب اقتصادية؛ فالأفق الاقتصادي مع الجار السوري مطلب ملح.
فبعد إعادة افتتاح معبر جابر الحدودي، تحدث الملك عن ضرورة عودة سوريا إلى حضنها العربي، وعليه يمكن القول إن عمّان فتحت قنوات التواصل مع دمشق، وتحدثت مع قادة في بيروت وشبكت الأيدي مجددًا بموسكو، وتقاربت مع تركيا لأغراض تفاهمات تطال مباشرة الملف السوري، أملًا في أن يطال الأردن حصة معتبرة من صفقات إعادة إعمار سوريا المستقبلية.
بالمقابل، برزت اهتمامات دبلوماسية أردنية في الملف اللبناني، دون معرفة التصورات الأردنية المرغوبة من هذا الملف المعقد، والذي برز بزيارة خاصة للرئيس اللبناني الأسبق، أمين الجميل، ستعقبها أخرى بتوقيع الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط. لكن الإطلالة على المشهد تخدم الاستراتيجية الأردنية المعلنة بحسب المراقبين؛ فالأردن مهتم بالانفتاح أكثر على الداخل اللبناني بدلالة أمر ملكي ثالث بإرسال طائرة عسكرية ثالثة تحمل مساعدات إلى لبنان، وإظهار مرونة لفكرة تزويده بالكهرباء الأردنية عبر سوريا.
في الإطار العربي أيضًا، عُقدت القمة الثلاثية الفلسطينية المصرية الأردنية في القاهرة الخميس الماضي، ضمن مساعي القيادة الفلسطينية للتنسيق لموقف عربي مشترك مع دول الجوار، لوضع استراتيجية شاملة لحل الصراع مع الاحتلال، قبل بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أسبوعين، فيما نفى الاحتلال مشاركته بها.
من جهة أخرى، نُشرت في الجريدة الرسمية، الأربعاء، اتفاقية تعاون في المجال الأمني بين الحكومة الأردنية وحكومة قطر. وتنص الاتفاقية على تبادل المعلومات والخبرات الأمنية والفنية والتقنية من أجل منع ومكافحة الجريمة، خصوصًا في مجالات الإرهاب وتمويله وتزوير وتزييف جوازات ووثائق السفر وأنظمة المعلومات وأمن الموانئ والجريمة السيبرانية.
في سياق العلاقة مع الاحتلال، يرى خبراء أن التعاون بين تل أبيب وعمّان في مجال استخدام الموارد المائية قد ينتعش تحت ضغط التغير المناخي. في التفاصيل، يقدّر الخبراء أن الوضع قد يحمل دولة الاحتلال والأردن إلى زيادة غير مسبوقة في التعاون في مجال المياه، في ظل التقدم التكنولوجي والضغوط المناخية وتعزيز العلاقات.
محليًا، حظي ملف مخرجات لجنة الإصلاح السياسي الملكية باهتمام الأردنيين، مع قرب الانتهاء من وصفة الإصلاح المتعلقة بقانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين. لكن الاحباط كان سيد الموقف في الأيام الاخيرة، خصوصًا أن الجدل والنقاش حول التشريعين المشار اليهما بدأ يخرج عن سكة المأمول والمتوقع؛ فقد انتهت عمليًا ملامح المسودة الأولى لقانون انتخاب جديد سيثير الجدل في كل الأحوال. كما انتهت أيضًا ملامح التعديلات التي تقترحها أضخم لجنة استشارية ملكية شُكّلت منذ عقود على صياغات قانون الأحزاب، فيما تدل النقاشات على نزع الدسم من كثير من الأفكار الجيدة، ما يعني توقعات بخيبة أمل لمخرجات اللجنة بانتظار حدوث مفاجآت قد تعيد للمتفائلين تفاؤلهم.
محليًا أيضًا، تسببت أنظمة وتعليمات مقترحة تتعلق بتنظيم مهنة الصحافة والأنشطة على شبكات التواصل، في موجة من الغضب ضد رئيس هيئة الإعلام، طارق أبو الراغب، الذي كان أحد النشطاء المعارضين والمشاركين في احتجاجات ضد الحكومة قبل أن يتولى منصبه الحكومي. وكان ممكن الرفض بعد إحالة "هيئة الإعلام المرئي والمسموع" ثلاثة أنظمة مقترحة، من أبرزها زيادة رسوم ترخيص المواقع الإلكترونية من 50 إلى 500 دينار (700 دولار أمريكي)، وفرض رسوم تبلغ 2500 دينار (3500 دولارًا) على منح رخص بث البرامج الإذاعية والتلفزيونية عبر الإنترنت، إضافةً إلى تعديل ثالث يفرض رسومًا على دور النشر.
في سياق منفصل، قضت محكمة أردنية بإطلاق سراح رجل الأعمال "الإسرائيلي"، يحيئيل شيفي، من السجن بعد اعتقاله بتهمة الاحتيال. وقررت المحكمة الإفراج عنه بكفالة قيمتها 800 ألف دينار أردني، مشيرة إلى أنه نجل القاضي السابق ورئيس بلدية عسقلان، أهارون شيفي.
في سياق مقاومة التطبيع، تصدرت قصة الطالبة "لينة الحوراني" اهتمام الأردنيين الأسبوع الماضي، حين رفضت المشاركة في مسابقة حضرتها منافسة "إسرائيلية". في التفاصيل، انسحبت الطالبة في كلية الهندسة المعمارية في الجامعة الأردنية من مشروع عالمي، اقترحته جامعة جون هوبكنز الأمريكية لإيجاد حلول لمدن العالم للتعافي من آثار جائحة "كورونا". وبررت "الحوراني" رفضها المنافسة على المسابقة التي تقدر جائزتها بمليون دولار، بسبب تمثيلها مع منافسة "إسرائيلية" عن الشرق الأوسط.
في الملف الصحي، ألغى الأردن قيود مكافحة "كورونا"؛ حيث ألغى كافة أشكال الحظر المفروضة منذ آذار/ مارس 2020، وسمح لغالبية القطاعات بالعمل في جميع الأوقات وبكامل طاقتها الاستيعابيّة شرط الالتزام بالإجراءات الوقائية.
عسكريًا، انطلقت في مصر عمليات تمرين النجم الساطع بمشاركة قوات مصرية ومن الأردن والولايات المتحدة الأمريكية واليونان وبريطانيا والسعودية والإمارات وقبرص وفرنسا، إلى جانب 12 دولة بصفة مراقب، وهذه المناورات دورية بدأت منذ عام 1980 وتقام في الخريف كل عامين.
اقتصاديًا، قال صندوق النقد الدولي إن الأردن أظهر أداءً قويًا في تنفيذ برنامجه الإصلاحي، ما دفع الصندوق في اجتماعه الأخير إلى زيادة استفادة الأردن من البرنامج، في إطار تسهيلات التمويل الدولية بحوالي 200 مليون دولار جديدة.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا