استنتاجات الموجز:
تقديرات "إسرائيلية" ترجّح عودة التصعيد في غزة، وقراء "إسرائيلية" لآثار انسحاب محتمل من الضفة الغربية
قلق "إسرائيلي" جدي من عودة المظاهرات إلى مدن الداخل والإعلان عن أهم مهام وتحديات رئيس الشاباك الجديد
حفلت الأوساط الأمنية "الإسرائيلية" بجملة تطورات ميدانية متلاحقة خلال هذا الأسبوع، بدأت باستمرار تصاعد التوتر في غزة، مع عودة القصف "الإسرائيلي" والإرباك الليلي، مرورًا بتجدد مخاوف "إسرائيلية" من انسحاب مفترض من الضفة على غرار أفغانستان، وصولًا إلى ظهور تقديرات "إسرائيلية" أخرى بشأن تجدد الاحتجاجات داخل المدن العربية في فلسطين المحتلة، وانتهاءً بالمهام المتوقعة أمام رئيس الشاباك الجديد خلفًا لرئيسه الحالي، أرغمان.
في التفاصيل، لم تتوان الأوساط العسكرية والأمنية "الإسرائيلية" من الإعراب عن خشيتها أن يؤدي التصعيد على حدود غزة إلى مواجهة جديدة، لأن التسهيلات التي قامت بها "إسرائيل" في الأيام الأخيرة لا تكفي، ما يزيد من التقديرات "الإسرائيلية" التي تتوقع أن يستمر التصعيد في الأيام المقبلة، لاسيما مع إعلان حركة "حماس" بالفعل عزمها استئناف إطلاق البالونات الحارقة.
ويمكن القول إن "الإسرائيليين" يقدّرون أن "حماس" جادة في إصدار مواقفها التي تفيد بالاستعداد لجولة أخرى من القتال، وتحاول في الوقت نفسه استنفاد خطتها للاحتجاج الشعبي على حدود غزة قبل إطلاق الصواريخ. وفي الوقت ذاته، يخشى الجيش من تصاعد المواجهات في الضفة الغربية مع تصاعد التوترات على حدود غزة، لأنه سيؤثر على الوضع الأمني خلال الأعياد اليهودية، تزامنًا مع ما تشهده نقطتان ساخنتان في الضفة من العنف المتصاعد ومنخفض الكثافة، لكنهما قد تؤديان لاشتعال المنطقة، وهما بلدة بيتا ومدينة جنين.
كما يزداد قلق الجيش لأن سكان بلدة بيت الذين يطالبون بإخلاء بؤرة إيفيتار الاستيطانية، تبنوا أسلوب "الإرباك الليلي" المتبع على حدود غزة، من حرق الإطارات وإلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف وعبوات ناسفة، وإحداث ضوضاء عبر مكبرات الصوت وغيرها. ورغم أن هذه الاحتكاكات مستمرة منذ أربعة أشهر وبشكل يومي، لكنها تتزامن مع جبهة جديدة ضد "إسرائيل" شمال الضفة عبر مدينة جنين، التي باتت تمثل تحديًا أمنيًا للجيش، بسبب وجود مئات المسلحين وآلاف من قطع الأسلحة.
في الضفة الغربية أيضًا، ما زال الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والاستيلاء السريع لحركة "طالبان" يثيران مخاوف "إسرائيلية"، بشأن سيناريو مماثل يحدث في الضفة، لأن الفلسطينيين قد يستخلصون العديد من الدروس مما حصل هناك. لأن هذا الانسحاب تعبير عن ضعف أمريكي وتراجع لقوتها الاستراتيجية، وفي الوقت ذاته تشكيل سردي لصمود العناصر الجهادية، ما يقلق "الإسرائيليين"، انطلاقًا من كونه يثبت أن هذه الرواية مصدر إلهام للمقاومة الفلسطينية.
في ظل هذه الخلفية، يبدو السؤال مطروحًا: هل ما حدث في أفغانستان يحمل سيناريو يتوقع حدوثه في الساحة الفلسطينية؟ خاصةً إذا أخلت "إسرائيل" مناطق في الضفة كجزء من اتفاق مع الفلسطينيين، مع أن الافتراض "الإسرائيلي" يرى أن إخلاء الضفة أو أجزاء كبيرة منها سيؤدي، على الأقل في المدى القريب، لعدم استقرار الساحة الفلسطينية، وسيحث "حماس" على محاولة توسيع نفوذها في أراضيها.
ويكمن التخوف "الإسرائيلي" في هذه الحالة من فقدان السلطة الفلسطينية سيطرتها المركزية لصالح "حماس"، وفي هذه الحالة قد تتطور الأحداث إلى عدد من السيناريوهات؛ أهمها امتداد الصراع في الضفة إلى داخل حدود فلسطين المحتلة 48، وإطلاق العنان لعناصر مسلحة ستسعى لتصعيد التوتر الأمني.
من جهتها، تأخذ "إسرائيل" بعين الاعتبار أن إحدى نتائج الانسحاب من الضفة، إذا تم، أن تنزلق إلى دولة واحدة، بكل المعاني السياسية والاجتماعية، رغم أن تنفيذ ذلك الانسحاب يعني انفصالًا عن الفلسطينيين، ووضع حدود دائمة لـ"إسرائيل"، وتعزيز مكانتها في المنطقة وتهدئة الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني على المدى الطويل.
على صعيد الداخل المحتل، تقدّر أوساط أجهزة الأمن "الإسرائيلية" أن تشهد المدن العربية انتفاضة جديدة كالتي اندلعت في أيار/ مايو، في حين أن الشرطة لا يمكنها إنقاذ الوضع بسرعة. وقد أثار هذا العجز انتقادات "إسرائيلية" كبيرة، لأنه لا يتوفر لديها استجابة فعالة لأي احتجاجات مستقبلية، وسيتم دفع "فاتورة" هذه الأحداث من قبل "الإسرائيليين"، لأن الموجة التالية من الاضطرابات، التي ستحدث بالتأكيد، ستكون أكثر عنفًا ضد المستوطنين والأمن والشرطة.
كما يعتبر "الإسرائيليون" أن حالة الشرطة المتراجعة هي نتيجة سنوات من الإهمال الحكومي، وعدم ضخ الميزانية المناسبة التي لا تلائم التحديات التي يتعين عليها التعامل معها على أرض الواقع. وقد طلبت الشرطة من وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، وضع معايير جديدة لتجنيد 5000 شرطي إضافي، لكن تم رفضها والاكتفاء بإضافة 1000 ضابط فقط، ما يضع عبئًا عليها في التعامل مع أي تغيير لقواعد اللعبة المستقبلية.
فخلال احتجاجات أيار/ مايو، تلقت الشرطة 153 ألف مكالمة من يهود، واكتفت بالتعامل مع 36500 حادثة فقط، لذلك فإن التقدير السائد اليوم أن أول 72 ساعة هي الأكثر خطورة في مثل هذه الحوادث، لأنه كان يمكن أن تنقذ استجابة أسرع من الشرطة في تلك الأحداث الكثير من الأضرار والجرحى وحتى القتلى اليهود. لكن توقع أحداث مشابهة في المستقبل مكتوب على الحائط، ويبقى الأمر منوطًا بإمكان أن يقرأها مسؤولو الشرطة والأمن، وحينها سيدفع "الإسرائيليون" ثمنًا باهظًا.
في الملف الأمني الداخلي، من المتوقع أن يجد الرئيس الجديد لجهاز الأمن العام"الشاباك"، "ر"، أمامه جملة من التحديات الأمنية والتهديدات الداخلية، ومن أبرزها قطاع غزة والضفة الغربية، وانتشار الجريمة بين فلسطينيي48، وبذل مزيد من التعاون مع الجيش والموساد.
يعتبر "ر"، نائب رئيس الشاباك الحالي، نداف أرغمان، وفور تعيينه رئيسًا للشاباك ستصبح عليه مهمة صياغة "حمضه النووي" بسرعة، وقيادة الجهاز من خلاله، مما لديه من بنية تحتية تنظيمية وبشرية، لخفض مستوى الهجمات المسلحة، وضبط الأمن بالضفة الغربية، والزيادة الكبيرة في القدرات السيبرانية الأمنية. لكن مهمته ستكون أكثر تعقيدًا بتصميم خليته الأمنية الضيقة بسرعة، وتعيين نائب جديد ورؤساء الأقسام، واتخاذ بعض القرارات التنظيمية.
كما سيكون "ر" مطالبًا باتخاذ قرار بشأن القضية الأكثر إثارة للانفجار على المحك أمام "الإسرائيليين"، وهي عمل "الشاباك" بين فلسطينيي48، عقب تزايد العنف في أوساطهم، خاصةً وأن معظم الأسلحة التي بحوزتهم سُرقت من الجيش، ويمكن استخدامها في أنشطة مسلحة معادية، ما يمثل تهديدًا على الدولة، وإعطاء تحذير استراتيجي لما سيأتي بعده.
كما قد يتجهز "ر" لاحتمال أن تحاول "حماس" السيطرة على السلطة الفلسطينية التي تضعف تدريجيًا، وسيتطلب منه توثيق العلاقات مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، والتحضر لمزيد من التصعيد في غزة، وتقديم معلومات استخبارية موثوقة ومتسقة من شأنها إحباط تسلح المنظمات العسكرية، وإذا لزم الأمر إلحاق الضرر بها في عملية مستقبلية، في ضوء خبرته الواسعة في العمليات داخل القطاع.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا